• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

الرأي العام المصري: إسرائيل تستجدي عداءنا

ابوشدى

Moderator
الرأي العام المصري: إسرائيل تستجدي عداءنا
صبحي عسيلة
طلاب مصريون يحرقون العلم الإسرائيليلم تنعكس نتائج اتفاقية كامب ديفيد وما تلاها من معاهدة للسلام بين مصر وإسرائيل والاستقرار أو حتى الجمود الذي ميز العلاقات بين الدولتين عبر ثلاثين عامًا بأي مؤشر إيجابي على المستوى الشعبي، خاصة أن هدف إسرائيل الأساسي لم يكن تطوير العلاقات بقدر ما كان الحرص على عدم تدهورها شعبيًّا، وقد كانت الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة على الحقوق العربية، ولاسيما في فلسطين عاملاً أساسيًّا في هذا الصدد. ولذا ربما أضحى السؤال، الذي كثر طرحه في أعقاب بدء مسيرة التسوية السلمية في مطلع التسعينيات، والمتعلق بمدى ما تتمتع به إسرائيل من قبول في الشرق الأوسط من جانب الدول العربية، وإمكانية التعايش معها - سؤالا في غير محله اليوم، فالكره والرفض العربي لإسرائيل قد بلغ أوجه مؤخرًا بعد العدوان الإسرائيلي على غزة، بل وبات من الصعب جدا، إن لم يكن من المستحيل، مجرد طرح الموضوع للنقاش.
فلسطين.. مقياس المصريين نحو إسرائيل
شاهد:
وإذا كان القبول العربي لإسرائيل منذ هذا الوقت، أي منذ بداية التسعينيات، قد ارتبط بمدى التقدم أو التعثر في عملية التسوية، والتي ما كان لها أن تنطلق لولا السلام المصري الإسرائيلي؛ فمن المؤكد أن نسبة الكره العربي لإسرائيل تبلغ أقصى معدلات الارتفاع الآن، خاصة على المستوى الشعبي، وبالنسبة للمصريين تحديدًا يمكن القول إن تطورات التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد قضت إلى حد بعيد على أي آمال في تغيير الموقف الشعبي المصري من إسرائيل، باعتبارها دولة عدوانية لا يمكن التعايش معها؛ فالقضية الفلسطينية تمثل همًّا مصريًّا جوهريا؛ إذ عبر أكثر من 60% من الرأي العام المصري في استطلاع أجراه مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بمؤسسة الأهرام في عام 2002 عن رأيهم بأن المشكلة الفلسطينية هي أهم مشكلة سياسية تواجه مصر.
وفي الواقع فإن غياب توجهات "سلامية" لدى الرأي المصري تجاه إسرائيل، ومن ثم محدودية القبول الشعبي لإسرائيل، يكمن تفسيره في المقام الأول في فشل إسرائيل ذاتها حتى الآن في الارتقاء بمنحنى قبولها في المنطقة، باعتبارها دولة يمكن -على الأقل- التعايش معها، نتيجة تعاملها المهين مع مقتضيات عملية التسوية.
كما فشلت إسرائيل في إدراك أن متطلبات رحلة البحث لاقتناص مكان لها في الشرق الأوسط التي بدأتها منذ بدايات القرن الماضي، تختلف جذريا عن متطلبات رحلة البحث عن القبول في المنطقة التي بدأتها منذ توجهها نحو السلام بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد مع مصر؛ فإذا كانت القوة قد اغتصبت المكان، فإنها لن تستطيع أن تدشن القبول لإسرائيل بين الدول العربية، وهي الحقيقة التي يبدو أن قسمًا كبيرًا من الإسرائيليين ما زال يرفض التسليم بها.
واتساقا مع الوضع العام في الشرق الأوسط، حيث لا يجيد الساسة اغتنام الفرص التاريخية باستثناء ما فعله كل من السادات ثم رابين، فشلت إسرائيل أيضا في اغتنام الفرصة التاريخية التي سنحت لها منذ بداية مسيرة التسوية السلمية للصراع الإسرائيلي، وتحديدا منذ عام 1993 حينما وقعت اتفاقية أوسلو، في تسويق نفسها للدول العربية باعتبارها دولة شرق أوسطية يمكن أن تتمتع بعلاقات طبيعية مع جيرانها.
,اتساقًا أيضًا مع الوضع العام في الشرق الأوسط، ما زالت إسرائيل تتمادى في ارتكاب الخطأ تلو الآخر بما يبعدها عما يفترض أنه هدفها الأساسي في مرحلة ما بعد اقتناص المكان، ويبدو أن السبب في ذلك أيضًا إنما يعود إلى افتقاد إسرائيل -شأنها شأن بقية دول الشرق الأوسط- إلى دماء جديدة تضخ في نخبة قيادتها، حيث ما زالت بقايا الرعيل الأول لمرحلة اقتناص المكان هي المسيطرة في إسرائيل، وهو الرعيل الذي تسيطر أوهام القوة عليه.
والنموذج الكاشف لخطورة ما تقوم به النخبة الإسرائيلية هو ما حدث ويحدث مع مصر، فرغم أن السلام بين مصر وإسرائيل دخل عامه الثلاثين، فما زال السلام بينهما يوصف بـ "السلام البارد"، والذي بلغ شعبيًّا مرحلة السلام المتجمد بعد حربي لبنان وغزة، علاوة على التملص من التسوية مع الطرف الفلسطيني.
ومرة أخرى، وبسبب سياسات إسرائيل ضد أطراف غير مصرية، يبدو أن الإسرائيليين قد فشلوا في تعظيم والاستفادة من التوجهات السلامية لدى المصريين، وأكثر من ذلك فقد أجادوا العزف على أوتار الكره والعداء التي خلفها قرن من الصراع، فرغم هذا السلام البارد، فإن تقدير المصريين لأهميته وفائدته لهم تكشف عن درجة تفضيل عالية لخيار السلام مع إسرائيل لدى المصريين.
تفضيلات المصريين بين السلام والاقتصاد
ففي استطلاع للرأي العام أجراه مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام حول التعاون الإقليمي في المشرق العربي قبيل اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000، أفاد 85.1% من المصريين بأنهم يرون أن السلام مع إسرائيل كان له أثر إيجابي على الاقتصاد المصري خلال السنوات العشر الماضية، ورأى 74.4% منهم أن هذا الأثر الإيجابي سيمتد خلال العشر سنوات المقبلة، بيد أن تلك النسب قد انخفضت بشكل ملحوظ حينما أعيد تطبيق نفس الاستطلاع بعد حوالي أربعة أشهر من اندلاع الانتفاضة إلى حوالي 68.8%، و71.1% على التوالي.
وهنا أيضا يجب ملاحظة أن الانخفاض في نسبة تقدير المصريين لأثر السلام مع إسرائيل في المستقبل كانت أقل بكثير منها في حالة تقدير الأثر في الماضي، وهو ما يمكن اعتباره مؤشرا لتفضيل -وربما تفاؤل- الشعب المصري أن تعود عملية السلام إلى مسارها الطبيعي بما سوف ينعكس بالإيجاب على الاقتصاد المصري، إلا أن ذلك الانخفاض في تقديرات المصريين يشير بوضوح إلى تأثير ما تفعله إسرائيل على توجهات الشعب المصري بشأنها.
وتتضح تلك النتيجة أكثر بالنظر إلى تقييم المصريين لحالة العلاقات السياسية بين مصر وإسرائيل، ومدى الاستعداد لتقوية تلك العلاقات، فبينما يرى 49.2% من المصريين في الاستطلاع الذي أجري قبيل الانتفاضة أن العلاقات بين مصر وإسرائيل جيدة، انخفضت النسبة في الاستطلاع الثاني إلى 26.9% فقط، وانخفضت نسبة من يوافقون على العمل على تقوية تلك العلاقات من 33.8% في الاستطلاع الأول إلى 17% فقط في الاستطلاع الثاني.
ومن ناحية أخرى يجب ملاحظة أن نسبة الموافقين على تقوية العلاقات السياسية بين مصر وإسرائيل تقترب من نصف من يرون أن العلاقات السياسية بين مصر وإسرائيل جيدة، وهو ما يشير إلى عدم ثقة المصريين في إسرائيل مستقبلاً استنادًا لما تفعله حاليًّا، وتكرر نفس الوضع مع تقييمهم للعلاقات الاقتصادية حيث انخفض من 36.5% في الاستطلاع الأول إلى 22.9% في الاستطلاع الثاني، وانخفضت نسبة الموافقين على تقوية العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل من 31.7% إلى 10.9%.
باختصار.. فإن إسرائيل لم تستطع الحفاظ حتى على المستوى المنخفض من التأييد والقبول لدى الشعب المصري، خاصة فيما يتعلق بتقوية كل من العلاقات السياسية والاقتصادية معها.
رفض مصري لاندماج إسرائيل إقليميًّا
ومما يشير بوضوح إلى استجداء الإسرائيليين عداء المصريين، أنه على الرغم من أن مشروع الشرق أوسطية، الذي يمثل -حال تحققه- ذروة القبول العربي لإسرائيل في المنطقة، يحظى بنسبة تأييد متدنية في الشارع المصري مقارنة ببقية المشروعات المطروحة لترتيب العلاقات في المنطقة، وخاصة المشروعات ذات الطابع العربي؛ إذ يرى 2.3% فقط من المصريين أن البديل الشرق أوسطي هو بديل مفيد للاقتصاد المصري.
وبدلاً من أن تحاول إسرائيل عبر السلام أن تدعم التيار الداعي للشرق أوسطية، فإنها وبسبب غلبة الطابع العدائي عليها، لم تتمكن برغم كل المحاولات المختلفة إلى تثبيت وضعيتها كدولة شبه مقبولة في المنطقة، ومرة أخرى، يثبت استطلاع الرأي العام بعد الانتفاضة أن ثمة علاقة طردية بين ما تفعله إسرائيل ومدى ترحيب الشعب المصري لأي إطار للعلاقة تكون إسرائيل طرفا فيها، حيث انخفضت نسبة من يرون فائدة للبديل الشرق أوسطي إلى حوالي 0.7% فقط، أي أن نسبة قبول هذا البديل قد انخفضت بنسبة حوالي 70%، كما انخفضت نسبة تقييم المصريين لإمكانية تنفيذ بديل الشرق أوسطية من 1.9% في الاستطلاع الأول إلى 0.4% في الاستطلاع الثاني، أي بنسبة 79% تقريبا.
وإذا كانت جميع هذه الأرقام تشير إلى مرحلة الانتفاضة وما بعدها مباشرة، فإنه لو قدر قياس توجهات الشعوب العربية نحو إسرائيل وعملية التسوية، وبشكل خاص بعد الحرب على غزة، لاتضح جليًّا أن إسرائيل قد استكملت عداء الشعوب بشكل كامل، وحتى بالعودة لثماني سنوات للوراء، يلاحظ أن توجهات المصريين إزاء إمكانية تحقق السلام بين الإسرائيليين وكل من الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين، تتسق مع التوجهات السابقة، حيث زادت نسبة تشاؤم المصريين بشأن إمكانية تحقق السلام بعد الانتفاضة الثانية، فبينما كان حوالي 45.3% من المصريين في الاستطلاع الأول يرون أن السلام لن يحدث بين الإسرائيليين والفلسطينيين، رأى 54.5% منهم في الاستطلاع الثاني أن السلام لن يحدث، ومع السوريين ارتفعت نسبة التشاؤم من 19.5% إلى 36.3%، ومع اللبنانيين ارتفعت من 15.1% إلى 35.6%.
ولعل ذلك يطرح قضية لا تزال تسيطر على مخيلة الإسرائيليين، وهي الازدواجية التي ترقى لحد التناقض بين كون إسرائيل تريد الانتماء للمنطقة فعليا بحيث يمكن التعايش معها، وبين هدفها الآخر متمثلاً في تحقيق الأمن المطلق بصرف النظر عن أمن الآخرين؟.
والنتيجة أن مسيرة التردد الإسرائيلي بين تحقيق السلام العادل واستخدامها للقوة لفرض واقع تزعم أنه السبيل الوحيد لتحقيق أمنها المطلق سيجعلها دائما دولة منبوذة في المنطقة على الأقل من وجهة النظر العربية، أما عن زعم تحقيق الأمن المطلق، فلعل ما حدث بشأن محاولة الولايات المتحدة أن تحقق أمنها المطلق بواسطة النظام الدفاعي الصاروخي دون الأخذ في الاعتبار بقية القوى الكبرى مثل روسيا والصين، يؤكد لإسرائيل أنه لا يمكن لأي دولة بصفة عامة -وفي الشرق الأوسط بصفة خاصة- أن تحقق أمنها المطلق بصرف النظر عن الاعتبارات والهواجس الأمنية للقوى المعنية الأخرى.
ولعل عقدا كاملا من محاولات تحقيق السلام المرصع باستخدام واستعراض مظاهر القوة، لكي لا ينسى العرب التفوق العسكري لإسرائيل، دون تحقيق أي من السلام أو الأمن للإسرائيليين، يؤكد لها أيضا خطأ تعامل قادة إسرائيل مع الوضع في الشرق الأوسط.
وبالطبع، فإن ما تقوم به إسرائيل تجاه عملية السلام لا يعني سوى إصابة الأطراف العربية في دائرة الطوق ومن خلفها الشعوب العربية بالإحباط الذي ربما يؤدي إلى انفجارات لن تكون بالتأكيد في صالح إسرائيل، أو على الأقل إلى شيوع توجهات غير ملائمة لمحاولات إسرائيل للاندماج في المنطقة، على نحو ما أدت إليه سياساتها العدوانية في الأراضي المحتلة، على نحو ما يحدث في السنوات الأخيرة.
علاوة على ذلك، فإن موقف الولايات المتحدة المنحاز بشكل سافر لإسرائيل يستعدي هو الآخر الرأي العام المصري تجاه إسرائيل ذاتها، خاصة في ظل ما كشف عنه استطلاع مركز دراسات الأهرام في عام 2005 من أن حوالي 90% من المصريين غير راضين عن الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع الصراع العربي الإسرائيلي، وهو أمر لا يمكن له أن يبعث أي قدر من الدفء في العلاقات الشعبية بين المصريين والإسرائيليين، أو على الأقل يكسر الحاجز النفسي لدى المصريين تجاه الإسرائيليين.
والغريب أن الإسرائيليين، والمتعاطفين معهم دوليا، يتعجبون لماذا يكره العرب إسرائيل ولماذا لم يتحقق سلام دافئ بين إسرائيل ومصر... لعل الإجابة قد جاءت من إسرائيل مباشرة في أواخر ديسمبر العام الماضي، حينما بدأت حربا ارتكبت خلالها أبشع المجازر ضد الفلسطينيين، ووصلت إلى ذروتها في عملية الإبادة الجماعية في غزة، التي شهدت سقوط 1400 شهيد فلسطيني نصفهم من الأطفال والنساء.
باحث متخصص في الشئون الإسرائيلية، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام

 

ابوشدى

Moderator
رد: الرأي العام المصري: إسرائيل تستجدي عداءنا

ومرة أخرى، وبسبب سياسات إسرائيل ضد أطراف غير مصرية، يبدو أن الإسرائيليين قد فشلوا في تعظيم والاستفادة من التوجهات السلامية لدى المصريين، وأكثر من ذلك فقد أجادوا العزف على أوتار الكره والعداء التي خلفها قرن من الصراع، فرغم هذا السلام البارد، فإن تقدير المصريين لأهميته وفائدته لهم تكشف عن درجة تفضيل عالية لخيار السلام مع إسرائيل لدى المصريين.
 
أعلى