• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

حرب البسوس

:bs:

حرب البسوس


أما قول الناس: أعز من كليب بن وائل؛ فان كليب بن ربيعة بن الحارث ابن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن عثم بن تغلب بن وائل كان سيد ربيعة في زمانه، فكان الناس إذا حضروا المياه لم يسق أحد منهم إلا من سقاه، وإن بدا فأصابهم مطر لم يتحوض إنسان منهم حوضاً إلا ما فضل عن كليب، وكان يقول: اني قد أجرت صيد كذا وكذا فلا يصاد منها شيء قال معبد بن سعنة الضبي - كذا رواه المفضل، وهو الأسود ابن سعنة أخو معبد: كفعل كليب كنت أخبرت أنه يخطط أكلاء المياه ويمنع يجير على أفناء بكر بن وائل أرانب ضاحٍ والظباء فترتع فقيل أعز من كليب بن وائل، فذهبت عزته مثلاً.

وكان لكليب أخ يقال له امرؤ القيس بن ربيعة - وهو مهلهل - وعدي بن ربيعة وكانت إبل كليب لا يسقى معها إبل حين ترد الماء حتى تصدر، وكان جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة، أمه الهالة من بني عمرو بن سعد ابن زيد مناة بن تميم، وكانت أمها غنوية فجاورت امرأة من غني مع جساس بن مرة للخؤولة، فوردت ناقة للغنوية مع إبل كليب وهي عطشى فشرعت في الحوض، فرآها فانكرها فقال: ما هذه الناقة؟ قالوا: ناقة لجساس بن مرة من غني، فرماها بسهم فأصاب ضرعها، فندت إلى بيت الغنوية، فرأتها تسيل دماً، فأتت جساساً فصرخت إليه، قال: من فعل هذا بناقتك؟ قالت؟ كليب، فخرج هو وعمرو بن الحارث بن ذهل بن شيبان إلى كليب، فطعنه طعنة أثقلته، وزعموا أن عمرو بن الحارث أجهز عليه فقال كليب حين غشيه الموت لجساس: اغثني بشربة فقال: تجاوزت شبيثاً والأحص فأرسلها مثلاً - شبيث والأحص ماءان له.

زعموا أن اسم ناقة الغنوية البسوس فصارت مثلاً وقال الناس: أشأم من ناقة البسوس كذا قال المفضل، وإنما اسم الغنوية البسوس، واسم ناقتها سراب.

ثم ان جساس بن مرة ركب فرسه فركض ليؤذن أصحابه، فمر على مهلهل وهو وهمام بن مرة يضربان بالقدح، وكانا متصافيين متوافقين لا يكتم واحد منهما صاحبه شيئاً أبداً، فلما رآه همام قال: هذا جساس وقد جاء لسوءة والله ما رأيت فخذه خارجةً قبل اليوم، فلما دنا من همام أخبره الخبر ثم مضى، وعاد همام إلى مهلهل وقد تغير لونه، قال: ما شأنك قد تغير لونك، ما أخبرك هذا؟ قال: لا شيء فذكره العهد والميثاق، قال: اخبرني أنه قتل كليباً قال له مهلهل:استه أضيق من ذاك فأرسلها مثلاً.

ووقعت الحرب وتمايز الحيان بكر وتغلب، فزعموا أن الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، وكان رجلاً حليماً شجاعاً لما رأى ما وقع من الشر قال: لا ناقة لي في هذا ولا جمل فأرسلها مثلاً واعتزل فلم يدخل في شيء من أمرهم.

ثم ان بني تغلب قالوا: لا تعجلوا على إخوتكم حتى تعذروا فيما بينكم وبينهم، فانطلق رهط من أشرافهم وذوي أسنانهم حتى أتوا مرة بن ذهل بن شيبان فعظموا ما بينهم وبينه وقالوا: اختر منا خصالاً: إما أن تدفع إلينا جساساً فنقتله بصاحبنا، فلم يظلم من قتل قاتله، وإما أن تدفع إلينا هماماً، أو تقيدنا من نفسك، فسكت وقد حضرته وجوه بكر بن وائل فقالوا: انك غير مخذول قال: أما جساس فانه غلام حديث السن ركب رأسه فهرب حين خاف ولا علم لي به، وأما همام فأبو عشرة وأخو عشرة وعم عشرة ولو دفعته إليكم صيح بنوه في وجهي وقالوا: دفعت أبانا للقتل بجريرة غيره فهل لكم إلى غير ذلك؟ هؤلاء بني فدونكم أحدهم فاقتلوه وأما أنا فما أتعجل من الموت، وهل تزيد الخيل على أن تجول جولةً فأكون أول قتيل، ولكن هل لكم إلى غير ذلك؟ قالوا: وما هو؟ قال: لكم ألف ناقة يضمنها لكم بكر بن وائل فغضبوا وقالوا: لم نأتك لترذل لنا - أي تعطينا رذال بنيك - ولا تسومنا اللبن.

ثم تفرقوا فوقعت الحرب بينهم، فاعتزل الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة.

ثم ان بني تغلب لقوا بجير بن الحارث بن عباد وهو غلام في إبله فأتوا به مهلهلاً، وكان رئيس بني تغلب بعد كليب، وكان كليب يضعفه ويقول: إنما أنت زير نساء، فلما أتى ببجير قال: من أنت يا غلام؟ قال: أنا بجير بن الحارث بن عباد، وقد عرفت أن أبي قد كره أمر هذه الحرب واعتزل الدخول فيها، قال: من أمك؟ قال، فلانة بنت فلان، فأمر به مهلهل فضربت عنقه وقال: بؤ بشسع نعل كليب، فبلغ الحارث بن عباد الخبر فقال: نعم القتيل قتيل أصلح بين ابني وائل وهدأت الحرب بينهم فيه، هو فداؤهم، فقيل له: إن مهلهلاً حين قتله قال: بؤ بشسع نعل كليب قال: وقد قال ذلك؟ قالوا نعم، قال: سوف يعلم، ثم قال الحارث بن عباد:
قربا مربط النعامة مني ... لقحت حرب وائلٍ عن حيال

لم أكن من جناتها علم الله ... وإني بحرها اليوم صال

لا بجير أغنى قتيلاً ولا ... رهط كليب تزاجروا عن ضلال


وقد كان رجل من بني تغلب يقال له امرؤ القيس بن أبان قال لمهلهل، حين أراد يقتل بجيراً: لا تقتل هذا الفتى فان أباه اعتزل هذا الأمر ولم يدخل فيه، فلما أبى مهلهل إلا قتله قال ذلك التغلبي: والله ليقتلن بهذا الفتى رجل لا يسأل عن أمه، يعني بشرفها هي أعرف من ذلك، فالتقى الحيان بكر وتغلب، وأبو بجير فيمن شهد القتال يومئذ، فرأى فارساً من أشد الناس فحمل عليه فأخذه أبو بجير فقال: ويلك دلني على أحد ابني ربيعة مهلهل أو عدي قال: فما لي إن دللتك على أحدهما؟ قال: أخلي عنك؟ قال: فالله لي عليك بذلك؟ قال: نعم فلما استوثق منه قال: فاني عدي بن ربيعة، قال أبو بجير: فأحلني على امرىء شريف كريم الدم، قال: فأحاله على عمرو بن أبان بن كعب بن زهير، فحمل عليه أبو بجير فقتله، فقال أبو بجير في ذلك.
لهف نفسي على عدي وقد ... أشعب للموت واحتوته اليدان

طل من طل في الحروب ولم ... أوتر بجيراً أباته ابن آبان

فارس يضرب الكتيبة بالسيف ... وتسمو أمامه العينان


ثم إنه أتى على ذلك ما شاء الله أن يأتي.

ثم أغار كثيف بن زهير التغلبي على بكر بن وائل فهزموه، فلحق به مالك وعمرو ابنا الصامت من بني عامر بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة، فلما رآهما كثيف - وكان رجلاً شديد الخلق - ألقى سيفه فتقلده مالك بن الصامت، وهو ابن كومة، فهاب مالك كثيفاً أن يتقدم عليه فيأسره، فأدركهم عمرو بن الزبان بن مجالد الذهلي، فوثب على كثيف فأسره، فقال مالك ابن كومة: أسيري، وقال عمرو بن الزبان: أسيري، فحكما كثيفاً في ذلك فقال: لولا مالك ألفيت في أهلي ولولا عمرو لم أوسر، فغضب عمرو فلطم وجه كثيف، فلما رأى ذلك مالك - وكان حليما تركه في يدي عمرو وكره أن يقع في شر، فانطلق عمرو بكثيف إلى أهله فكان أسيراً عنده حتى اشترى نفسه، وقال كثيف: اللهم أن لم تصب بني زبان بقارعةٍ قبل الحول لا أصلي لك صلاة أبداً.

فمكثوا غير كثير، ثم إن بني الزبان خرجوا، وهم سبعة نفر فيما يزعمون، في طلب إبل لهم، ومعهم رجل من غفيلة بن قاسط يقال له خوتعة، فلما وقعوا قريباً من بني تغلب انطلق خوتعة حتى أتى كثيف بن زهير فقال له: هل لك إلى بني الزبان بمكان كذا وكذا، وقد نحروا جزوراً وهم في إبلهم، قال: نعم، فجمع لهم ثم أتاهم، فقال له عمرو بن الزبان: يا كثيف إن في وجهي وفاءً من وجهك، فخذ لطمتك مني أو من إخوتي إن شئت، ولا تنشئن الحرب وقد أطفأها الله، ذلك فداؤنا، فأبى كثيف، فضرب أعناقهم وجعل رؤوسهم في الجوالق فعلقه في عنق ناقة لهم يقال لها الدهيم، وهي ناقة عمرو بن الزبان، ثم خلاها في الإبل، فراحت حتى أتت بيت الزبان بن مجالد، فقال لما رأى الجوالق: أظن بني أصابوا بيض نعام، ثم أهوى بيده في الجوالق فاخرج رأساً، فلما رآه قال: آخر البز على القلوص فذهبت مثلاً، وقال الناس: أشأم من خوتعة فذهبت مثلاً - أي هم آخر المتاع، أي هذا آخر آثارهم؛ وقال الناس: أثقل من حمل الدهيم فذهبت مثلاً. قال: ثم إن الزبان دعا في بكر بن وائل فخذلوه فقال في ذلك:
بلغا مالك بن كومة ألا ... يأتي الليل دونه والنهار

كل شيء خلا دماء بني... ذهلٍ من الحرب ما بقيت جبار

أنسيتم قتلى كثيف وأنتم ... ببلادٍ بها تكون العشار


وكان أشد بكر بن وائل له خذلاناً بنو لجيم، فقال الزبان في ذلك:
من مبلغ عني الأفاكل مالكاً ... وبنى القدارفأين حلفي الأقدم

أبني لجيم من يرجى بعدكم ... والحي قد حربوا وقد سفك الدم


أبني لجيمٍ لو جمحن عليكم ... جمح الكعاب لقد غضبنا نرعم

الجمح: التتابع بعض في أثر بعض، يريد الكعبين اللذين يلعب بهما النرد وغيره. فجعل الزبان لله عليه نذراً ألا يحرم دم غفيلي أبداً أو يدلوه كما دلوا عليه، فمكث فيما يزعمون عشر سنين، فبينا هو جالس بفناء بيته إذ هو براكب قال له: من أنت قال: رجل من غفيلة قال: إيت فقد أنى لك، فأرسلها مثلاً، قال الغفيلي: هل لك في أربعين بيتاً من بني زهير متبدين بالأقطانتين؟ قال: نعم، فنادى في أولاد ثعلبة فاجتمعوا، ثم سار بهم حتى إذا كان قريباً من القوم بعث مالك ابن كومة طليعةً ينظر القوم وما حالهم، قال مالك: فنمت وأنا على فرسي فما شعرت حتى عبت فرسي في مقراة بين البيوت، فكبحتها فتأخرت على عقبها، فسمعت جارية تقول لأبيها: يا أبت أتمشي الخيل على أعقابها؟ قال: وما ذاك يا بنية؟ قالت: لقد رأيت فرساً تمشي على عقبها، قال: يا بنية نامي، أبغض الفتاة تكون كلوء العين بالليل - ورجع مالك إلى الزبان فاخبره الخبر، فأغار عليهم فقتل منهم فيما يذكر نيفاً على أربعين رجلا، منهم أبو محياة بن زهير بن تميم، وأصاب فيهم جيراناً لهم من بني يشكر ثم من بني غبر بن غنم، فقال في ذلك مرقش أخو بني قيس بن ثعلبة:

أتاني لسان بني عامر........ فجلت أحاديثهم عن بصر

بان بني الوخم ساروا معاً........ بجيشٍ كضوء نجوم السحر

فلم يشعر القوم حتى رأوا........ بريق القوانس فوق الغرر

ففرقتهم ثم جمعنهم ........ واصدرنهم قبل غب الصدر

فيارب شلوٍ تخطرفنه........ كريمٍ لدى مزحفٍ أو مكر

أي أخذته باقتدار في سرعة، والشلو بقية البدن، وقد جعلوه البدن.

وآخر شاصٍ ترى جلده........كقشر القتادة غب المطر

فكائن بحمران من مزعفٍ........ ومن خاضعٍ خده منعفر

المزعف: المذرأ عن فرسه، الشاصي: الرافع رجله.

فكأن الزبان قذف جيفهم في الاقطانتين، وهي ركية، فقال السفاح التغلبي:

أبني أبي سعد وأنتم إخوة........وعتاب بعد اليوم شيء افقم

هلا خشيتم أن يصادف مثلها........منكم فيترككم كمن لا يعلم

ملأوا من الاقطانتين ركيةً ....... منا وآبوا سالمين وغنموا

وقال الزبان يعتذر إلى بني غبر اليشكريين فيمن أصيب منهم:

ألا أبلغ بني غبر بن غنم…….. ولما يأت دونكم حبيب

فلم نقتلكم بدمٍ ولكنز..........رماح الحرب تخطىء أو تصيب

ولو أمي علقت بحيث كانوا لبل ثيابها علق صبيب

قال: وكان السفاح قد قال في شأن بني الزبان لعمرو بن لأي التيمي:

ألا من مبلغ عمرو بن لأيٍ ... فان بيان غلمتهم لدينا

فلم نقتلهم بدمٍ ولكن ... للؤمهم وهونهم علينا

واني لن يفارقني نباك ... يرى التعداء والتقريب دينا

وقال عمرو بن لأي:

قفا ضبعٍ تعالج خرج راعٍ ... أجرنا في العقاب أم أهتدينا

:k08:
 
أعلى