• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

ما تتميز به اللغة العربية عن غيرها من اللغات(1)

كتب الدكتور حسن فؤاد
مبينا أهم الخصائص والميزات التى تتمع بها اللغة العربية
عن غيرها من اللغات الاخرى

الميزة الأولي: التخفيف:

ونقصد هنا التخفيف في الحروف، فاللغة العربية تغلب عليها الأصول الثلاثيَّة ثم الرباعية فالخماسية، أمَّا اللغات الأخرى فلا نجد هذا الأمر فيها، فالكلمات الثلاثية قليلة في اللغات الأخرى بالمقارنة باللغة العربية.

يقول ابن فارس: "وممَّا اختصَّت بِهِ لغةُ العرب قلبهم الحروف عن جهاتها؛ ليكون الثاني أخفَّ من الأوَّل، نحو قولهم: (ميعاد) ولم يقولوا: (مِوْعاد)، وهما من (الوعد)، إلاَّ أنَّ اللفظ الثاني أخفُّ، ومن ذلك تركُهم الجمعَ بين السَّاكنين، وقد تجتمع فِي لغة العجم ثلاث سواكن".

يقول ابن جني: "إنَّ الأصول ثلاثة: ثلاثي ورباعي وخماسي، فأكثرها استعمالاً وأعدلها تركيبا الثلاثيُّ؛ وذلك لأنَّه حرف يُبتَدأ به، وحرف يُحشَى به، وحرف يُوقَف عليه".
ثم يقول مُبيِّنًا الحكمة من غلبة الثلاثي: "فتمكُّن الثلاثي إنما هو لقلَّة حروفه"؛ "الخصائص" 1/ 65.

وبمقارنة بعض الكلمات العربية ومقابلها في بعض اللغات الأوربيَّة سيتَّضح ما قرَّرناه:
الكلمة في العربية
الإنجليزية
الفرنسية
الألمانية
مبنى
building
Le batiment
Das gebaude
جامعة
university
L`universite
Die universitat
مكتبة
library
La bibliotheque
Die bucherei
تسلية
entertainment
Les divertissement
Die unterhaltung
أب
Father
Le pere
Der vater
أم
Mother
La mere
Die mutter
جد
Grand-father
Le grand-pere
Der Gross vater
جدة
Grand-mother
La grand-mere
Die Gross mutter
أخ
brother
Le frère
Der Bruder
أخت
Sister
La soeur
Die schwester

ففي هذا الجدول نلاحظ أنَّ الكلمات القصيرة في العربيَّة ذوات الحرفَيْن أو الثلاثة أو الأربعة تُقابِلها كلماتٌ طويلة في اللغات الأوربيَّة قد تصل إلى عشرة أحرف أو تَزِيد، ومن المعروف أنَّ أقصى ما تصل إليه الكلمات العربيَّة بالزيادة سبعة أحرف في الأسماء؛ كما في: (استِخراج، واستعمار)، وستَّة في الأفعال كما في: (استخرج، واستعمر)، في حين أنَّ الكلمات في اللغات الأوربية قد تصل إلى خمسة عشر حرفًا أو أكثر، كما في internationalism بمعنى الدولية، و incomprehensible بمعنى غامض في الإنجليزية، وenstschuldigung بمعنى معذرة في الألمانية.

ولا شكَّ أنَّ لهذه الخاصيَّة فوائد جمَّة في العربية؛ ففيها توفيرٌ للوقت والجهد والمال؛ فالنطق بالكلمات الصغيرة أخفُّ على اللسان، وأحبُّ للقلب، وأسرع في الوقت، وأخصر في الكتابة من الكلمات الطويلة.

وقد يقول قائل: إنَّ الجذور الثُّلاثية من سمات اللغات السامية عمومًا.
فنقول: أكثر الساميَّات اليوم غير مستعمل إلا نادرًا، وهذا القليل النادر غير مُطابِق في أكثره لقواعد الساميات القديمة، فصحَّ أن تُعَدَّ هذه سِمَة من سِمات العربية.

الميزة الثانية: سعة المفردات:

لا توجد لغةٌ على وجه الأرض يحوي قاموسها ما يَحوِيه المعجم العربي من مفردات، وهذه حقيقة واقعة شهد بها المستشرقون، كما شهد بها المسلمون، فاللغة العربية هي لغة الغِنَى والثَّراء.

قال الإمام الشافعي: "لسان العرب أوسع الألسنة مذهبًا، وأكثرها ألفاظًا"؛ "الرسالة"؛ للإمام الشافعي: 1/ 45 - 46.

فلا يُمكِن لأحدٍ إحصاءُ جميع الألفاظ العربية إلا نبي، مهما بلَغ في اللغة شأوًا بعيدًا، وفي اللغة العربية كثيرٌ من الأسماء لمسمًّى واحد؛ كأسماء الأسد والحية والعسل، وممَّن ألف في المترادف العلامة مجد الدين الفيروزآبادي صاحب "القاموس"، ألَّف فيه كتابًا سماه: "الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف"، وأفرد خلقٌ من الأئمَّة كتبًا في أسماء أشياء مخصوصة، فألَّف ابن خالويه كتابًا في "أسماء الأسد"، وكتابًا في "أسماء الحية"، ذكر أمثلة من ذلك "العسل" له ثمانون اسمًا، أورَدَها صاحب "القاموس" في كتابه الذي سمَّاه: "ترقيق الأسل لتصفيق العسل".

يقول ابن فارس: "وممَّا لا يُمكِن نقله البتَّة أوصاف السيف والأسد والرمح وغير ذلك من الأسماء المترادفة، ومعروفٌ أنَّ العجم لا تَعرِف للأسد أسماء غير واحد، فأمَّا نحن فنخرج له خمسين ومائة اسم" ؛"الصاحبي" ص21.

ويقول أيضًا: "وحدثني أحمد بن محمد بن بندار قال: سمعت أبا عبدالله بن خالويه الهمذاني يقول: جمعت للأسد خمسمائة اسم، وللحية مائتين"؛ نفس المصدر.

وهذا الذي يُصرِّح به ابن فارس يُقرِّره علماء اللغة المُعاصِرون من الشرق والغرب؛ إذ يذكر الدكتور علي عبدالواحد وافي - وكان عضوًا بالمجمع اللغوي بالقاهرة - أنَّ الأستاذ دو هامر De Hammer جمَع المفردات العربية المتَّصِلة بالجمل وشؤونه، فوصَلَتْ إلى أكثر من خمسة آلاف وستمائة وأربع وأربعين".

ويقرِّر الدكتور وافي نفسُه أنَّ من أهمِّ ما تَمتاز به العربيَّة أنها أوسع أخواتها السامية ثروةً في أصول الكلمات والمفردات؛ فهي تشتَمِل على جميع الأصول التي تشتَمِل عليها أخواتها السامية أو على معظمها، وتزيد عليها بأصولٍ كثيرة احتَفظَتْ بها من اللسان السامي الأول، وأنَّه تجمع فيها من المفردات في مختلف أنواع الكلمة؛ اسمها وفعلها وحرفها، ومن المترادفات؛ في الأسماء والصفات والأفعال... ما لم يجتمع مثله للغة سامية أخرى؛ بل ما يندر وجود مثله في لُغة من لغات العالم"؛ "فقه اللغة" ص131.

ويقول المستشرق الألماني نولدكه: "إنَّه لا بُدَّ أن يزدادَ تعجُّب المرء من وفرة مفردات اللغة العربيَّة، عندما يعرِف أنَّ علاقات المعيشة لدى العرب بسيطة جدًّا؛ ولكنَّهم في داخل هذه الدائرة يرمزون للفرق الدقيق في المعنى بكلمة خاصَّة... والعربية الكلاسيكية ليست غنيَّة فقط بالمفردات؛ ولكنَّها غنيَّة أيضًا بالصِّيَغ النحوية)؛ نقلاً عن "اللغة العربية"؛ لنذير حمدان، ص133.

وعدد الألفاظ المُستَعمَلة من اللغة العربية خمسة ملايين وتسعة وتسعون ألفًا وأربعمائة لفظ، من جملة ستَّة ملايين وستمائة وتسعين ألفًا وأربعمائة لفظ، بينما نجد غيرها من اللغات الأوربية لا يبلغ عدد مفرداتها معشار ما بلغتْه مفردات العربية؛ "مجلة الفيصل" العدد 255/ رمضان 1418 هـ، "اللغة العربية بعض خصائصها، شهادات أجنبيَّة بأهميَّتها"؛ محمد نعمان الدين الندوي، الصفحة: 70.

الميزة الثالثة: الترادُف:

وهذه ميزة مُترتِّبة على سابقتها ونتيجة لها، فما هو الترادف؟
الترادف لغة: التتابُع.
الترادف اصطِلاحًا: دلالة عدد من الكلمات المختلفة على معنى واحد؛ مثل:
1- الحزن، الغم، الغمة، الأسى، والشجن، الترح، الوَجْد، الكآبة، الجزع، الأسف، اللهفة، الحسرة، الجوى، الحرقة، واللوعة.

وليس في اللغة العربية ترادف تامٌّ، إنما المترادفات تشتَرِك في معنى عام، ثم تختصُّ كلُّ مفردة عن الأخرى بزيادة معنى ليس في غيرها، وإن كان هذا المعنى دقيقًا قد لا يُؤَثِّر على المعنى العام.

وهنا تظهر فصاحة وبلاغة اللغة العربية؛ فهي لُغة دقيقة في تعبيراتها، لا تعبِّر بمعنى فضفاض مُتَّسِع الدلالة، ثم هي لا تحتاج إلى كلماتٍ كثيرة لإيصال المعنى؛ بل الكلمة الواحدة تحمل معاني كثيرة.

ومن باب الأمانة العلميَّة، فإنَّه قد وقَع خلافٌ قديمٌ في مسألة الترادف في اللغة، يَحسُن إيراده هنا، مع أنِّي أقرُّ ما أسلفته من وجود الترادف؛ لكنَّه ليس تامًّا، وإنما أُورِد هذا الخلاف؛ لأبيِّن اهتِمام أسلافنا بقضايا لغتهم، وأنَّ مَن قال بالترادف ومَن لم يقل إنما دفَعَه حبُّه للغة القرآن وحبُّه لإظهار الحق فيها لا غير.

المُثبِتون للترادف:
منهم: سيبويه، والأصمعي، وأبو الحسن الرماني، وابن خالويه، وحمزة بن حمزة الأصفهاني، والفيروزآبادي، والتهانوي، ومعظم المُحْدَثين من اللغويين العرب يعتَرِف بوقوع الترادف في اللغة، من هؤلاء: علي الجارم، وإبراهيم أنيس.

حُجَج المُثبِتين: يحتجُّ المُثبِتون للترادف بما يلي:
(1) لو كان لكلِّ لفظةٍ معنًى غير معنى الأخرى لَمَا أمكنَ أن نعبِّر عن شيءٍ بغَيْر عبارته، وذلك أنَّا نقول في ﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ [البقرة: 2]: "لا شكَّ فيه"، وأهل اللغة إذا أرادوا أن يفسِّروا (اللُّبَّ) قالوا: هو "العقل"، فلو كان الريبُ غير الشكِّ، والعقل غير اللُّب، لكانت العبارةُ عن معنى الريب بالشك خطأ، فلمَّا عُبِّرَ بهذا عن هذا، عُلِم أن المعنى واحد‏.

(2) إنَّ المتكلِّم يأتي بالاسمين المختلفين للمعنى الواحد في مكانٍ واحد تأكيدًا ومبالغةً كقوله‏:
..........................
وَهِنْدٌ أَتَى مِنْ دُونِهَا النَّأْيُ وَالْبُعْدُ
قالوا‏: فالنَّأْيُ هو البُعد‏.‏

(3) الترادُف لا يعني التشابه التامَّ، إنما أن يُقام لفظٌ مقام لفظٍ؛ لمعانٍ متقاربة يجمعُها معنًى واحد؛ كما يُقال‏:‏ أصلحَ الفاسد ولمَّ الشَّعث، ورتَقَ الفَتْق، وشَعَبَ الصَّدع‏.‏

(4) وقال الطاهر بن عاشور: إذا أصبحت عدد من المفردات تدلُّ على شيءٍ واحد فهي من الترادف، ولا يهمُّنا ما إذا كانت في الماضي تدلُّ عليه أو على صفةٍ فيه؛ مثل (الحسام)، و(الهندي)، التي أصبحت الآن تدلُّ على السيف، ولا يلحظ معنى القطع أو الأصل الهندي فيها.

المُنكِرون للترادف:
منهم: ثعلب، وابن درستويه، وابن فارس: وأبو علي الفارسي، وأبو هلال العسكري، والبيضاوي.

حجج المُنكِرين للترادف:
(1) لا يجوز أن يختلفَ اللفظ والمعنى واحد؛ لأنَّ في كلِّ لفظةٍ زيادة معنى ليستْ في الأخرى، ففي (ذهب) معنى ليس في (مضى).

(2) الشاهد على أنَّ اختِلاف الأسماء يُوجِب اختلافَ المعاني أنَّ الاسمَ يدلُّ كالإشارة، فإذا أُشِير إلى الشيء مرَّة واحدة فعُرِف فالإشارة إليه ثانية وثالثة غير مفيدة، وواضِع اللغة حكيمٌ لا يأتي فيها بما لا يفيد.

يبدو أنَّ الاختِلاف عائدٌ إلى معنى الترادف، هل يعني التَّشابُه التَّامَّ في كل الأحوال؟ أم هل يعني التشابُه النسبي الذي يُمكِن فيه أن تستعمل لفظة مكان أخرى؟ إذا كان الأول، فالتشابُه مستحيل بين كلمتين؛ بل إنَّ بعض علماء اللغة يستبعد أن تشبه الكلمة نفسَها في موضعَيْن مختلفين، أمَّا إذا قبلنا بالتعريف الثاني، فإنَّنا لن نُعدَم عددًا من الألفاظ التي يُمكِن أن تحلَّ محلَّ أخرى في سِياقات مُعيَّنة؛ فنعدها من الترادف.

ومع أنَّ الترادُف موجودٌ في معظم اللغات، إلا أنَّه أظهر في اللغة العربية، وقد كُتِبت فيه المؤلفات والرسائل؛ منها ما قدمناه في سعة المفردات، ومنها كتاب "الفروق اللغوية"؛ لأبي هلال العسكري، وهذا نموذج من كتاب أبي هلال:
"الفرْق بين (المدح) و(التقريظ): أنَّ المدح يكون للحيِّ والميِّت، والتَّقرِيظ لا يكون إلا للحيِّ، وخلافُه (التأبين) ولا يكون إلا للميت.

والفرق بين (المدح) و(الثناء): أنَّ الثناء مدحٌ مكرَّر.
والفرق بين (المدح) و(الإطراء): أنَّ الإطراء هو المدح في الوجه.
والفرق بين (العهد) و(الميثاق): أنَّ الميثاق توكيدُ العهد.
والفرق بين (الوعد) و(العهد): أنَّ العهد ما كان من الوعد مقرونًا بشروط"؛ "الفروق في اللغة" 421 بتصرف.

الميزة الرابعة: الإيجاز:

يحسن بعد الكلام عن سَعَة المفردات والترادف أن نتحدَّث عن الإيجاز في اللغة العربية؛ لئلاَّ يتوهمنَّ مُتَوهِّمٌ أنَّ هذا الغِنَى في المفردات والمترادفات هو مجرَّد كمٌّ يُحشَى به الكلام دون حاجةٍ إليه، وكانوا يقولون: البلاغة الإيجاز.

وقضية الإيجاز واسعة متشعِّبة جدًّا؛ لذا سنقسمها أقسامًا؛ ليسهل تناوُل كلِّ قسمٍ على حِدَةٍ مع شيءٍ من الإيجاز، وإلا فالموضوع يحتاج إلى رسائل جامعيَّة لتوفِّيه حقَّه؛ لكن حسبنا الإشارة مع المقارنة باللغات الأخرى ليتَّضِح الفارق.

بدايةً نذكر القاعدة الجليلة التي ذكَرَها ابن مالك في ألفيَّته، هذه القاعدة المطَّردة في اللغة العربية حيث يقول:
وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ ...
................
ونستطيع أن نعرف الإيجاز المقصود في بحثِنا هنا بأنه: "ما يستغني عن زوائد الكلام، ويحتفظ بالمعنى المُراد".

وهذه القاعدة تبيِّن لنا بجلاءٍ إلى أيِّ حدٍّ هذه اللغة رقيقة وحسَّاسة، لا تتحمَّل الزيادات غير المُفِيدة ولا تقبل حشوًا، فالحرف في اللغة العربيَّة يُغيِّر المعنى.

وسنقسم الإيجاز إلى ثلاثة أقسام:
1 - إيجاز في الحروف.
2 - إيجاز في الكلمات.
3 - إيجاز في التراكيب والجُمَل.

أولاً: في الحروف:
أ - تُكتَب الحركات في العربية فوق الحرف أو تحته، فلا تأخذ حيِّزًا في الكتابة، بينما في اللغات الأجنبية تأخذ حجمًا يُساوِي حجم الحرف أو يَزِيد عليه، وقد نحتاج في اللغة الأجنبية إلى حرفين مقابل حرف واحد في العربية لأداء صوت مُعَيَّن؛ كالخاء (KH) مثلاً، ولا نكتب من الحروف العربية إلا ما نحتاج إليه.

ب - وفي العربيَّة إشارات وعلامات تُعَزِّز هذا الإيجاز؛ منها: إشارة نُسمِّيها (الشدة)، نضعها فوق الحرف لندلَّ على أنَّ الحرف مكرَّر أو مشدَّد؛ أي: إنَّه في النطق حرفان، وبذلك نستَغنِي عن كتابته مكرَّرًا، في حين أنَّ الحرف المكرَّر في النُّطق في اللغة الأجنبية مكرَّر أيضًا في الكتابة على نحو (flapper) و(recommendation)، ونحن في العربيَّة قد نستَغنِي كذلك بالإدْغام عن كتابة حروف بكاملها، وقد نلجأ إلى حذف حروف، فنقول ونكتب: (عَمَّ) عِوَضًا عن (عن ما)، و(مِمَّ) عِوَضًا عن (من ما)، و(بِمَ) عِوَضًا عن (بما)، ومثلها (لِمَ) عِوَضًا عن (لِما).

ج - أداة التعريف التي نستَعمِلها هي (أل)، وتكتب متَّصِلة بالكلمة، والاتِّصال في الكتابة أسهل وأوْفر وقتًا، أمَّا التنكير فيكون بعدم وجود (أل)، وفيه مزيد اختصار، فاللغة العربيَّة تستَثمِر انعِدام الأداة كما تستَثمِر وجودها.

ثانيًا: الإيجاز في الكلمات:
أ - ليس في العربية أفعالٌ مُساعِدة نتوسَّل بها لإقامة المعاني، فنقول: (أنا سعيد، وهو يكتب) مباشرة، والفعل قد يستَتِر فاعله فلا يُكتَب، وقد يتَّصِل بالفعل نفسه فيكون ضميرًا.

ب - الحرف الواحد في بعض الأحيان يُشكِّل جُملةً واحدةً، نفهَم منها الفعل والفاعل والمفعول؛ مثال ذلك قولنا: (فِ)، فإنَّ هذا الحرف إنما هو جُملة، فيها أمرٌ مُوجَّه للمُخاطَب وهو الفاعل هنا، ليفعل هذا العمل وهو الوفاء.

ج - الحركات أيضًا هي نوعٌ من أنواع الإيجاز؛ إذ بالحركة نستَطِيع التفريق بين الكلمات المختلفة؛ كـ"فرَح" الاسم، و"فَرِحَ" الفعل، وبين نوعين من أنواع الاسم؛ كـ"فرِح" صيغة المبالغة، و"فَرَح" المصدر، وبين فعلٍ معلوم الفاعل "كَتَب" وآخَر مجهول الفاعل "كُتِب"، وإذا ترجمنا هذه الكلمات إلى أيَّة لغةٍ من لغات العالَم سنجد أنَّنا نحتاج إلى أكثر من كلمةٍ لا كلمة واحدة، أو إلى كلمةٍ وبها لواحق أو سوابق لتُعطِي نفس المعنى الذي أفادَتْه الكلمة العربية الواحدة التي لا تحتاج إضافة كلمات ولا سوابق أو لواحق، إنما هي الحركة على الحرف وحسب.

د - في اللغة العربية قد نستَغنِي بحرفَيْن عن كلمات كاملة؛ ففي حالة (التثنية)، فالعربية ليست كاللغات التي تُهمِل حالة التثنية لتنتقل من المفرد إلى الجمع، وتكون التثنية بإضافة حرفَيْن إلى المفرد ليصبح مثنى (الباب - البابان - البابين)، على حين أنَّه لا بُدَّ في الفرنسية والإنجليزية من ذكر العدد مع ذكر الكلمة وذكر علامة الجمع بعد الكلمة، فنقول في الفرنسية: (Les deux portes)، ونقول في الإنجليزية (the tow doors).

وفي (إضافة الضمائر) نكتفي في العربية بإضافة الضمير إلى الكلمة، وكأنَّه جزء منها، فنقول: (كتابه) و(منزلهم)، على حين تقول في الفرنسية مثلاً: (son livre) و(leur maison).

أمَّا في (إضافة الشيء إلى غيره) فيَكفِي في العربية أن نُضِيف حركة إعرابية؛ أي: صوتًا بسيطًا إلى آخِر المضاف إليه، فنقول: (كتاب التلميذِ)، و(مدرسة التلاميذِ)، على حين تستعمل في الفرنسية أدوات خاصَّة لذلك، فنقول: (le livre de leleve) و(des eleves lecole).

وفي (الإسناد) يكْفي في العربيَّة أن تذكر المسند والمسند إليه، وتترك لعلاقة الإسناد العقلية والمنطقية أن تصلَ بينهما بلا رابطة ملفوظة أو مكتوبة، فتقول مثلاً: (أنا سعيدٌ)، على حين أنَّ ذلك لا يتحقَّق في اللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية، ولا بُدَّ لك فيهما ممَّا يُساعِد على الربط، فتقول: (je sui heureux) و(I am happy)، وتستعمل هاتان اللغتان لذلك طائفة من الأفعال المساعدة؛ مثل: (etre وavoir) في الفرنسية، و(to have وto be) في الإنجليزية.

هـ - الفعل في اللغة العربية يمتاز باستِتار الفاعل فيه حينًا، وكونه جزءًا منه حينًا آخَر؛ تقول: (أكتب، وتكتب) مقدِّرًا الفاعل المستتر، وتقول: (كتبت، وكتبا، وكتبوا)، فتَصِل الفاعل بالفعل وكأنَّه حرفٌ من حروفه، فلا نحتاج إلى البدْء به منفصلاً مقدمًا على الفعل كما هو الأمر في الفرنسية: (nous - tu - il- je)، وفي الإنجليزية (I - you - they).

وكذلك عند (البناء للمجهول) يكفي في العربيَّة أن تُغيِّر حركة بعض حروفه، فتقول: (كُتِبَ، قُرِئَ)، في حين تقول في الفرنسية مثلاً: (a ete ecrit)، وفي الإنجليزية (it was read).

و - في العربية كلمات يصعب ترجمتها أو التعبير عن معناها إلا في جُمَل كاملة؛ مثل:هيهات It is too far
شتَّان There is a great difference
هو قوي كالأسد He is as strong as a lion
سأذهب I shall go
سيذهب He will go

وبمقارنة كتابة بعض الكلمات بين العربية والفرنسية والإنكليزية نجد الفرْق واضحًا:
العربية
وحروفها
الفرنسية
وحروفها
الإنكليزية
وحروفها
أم
2
mère
4
mother
6
أب
2
père
4
father
6
أخ
2
brother
7
frère
5

ومن الإيجاز حالي التثنية والجمع:
الباب البابان - البابين
es deux portes the two doors
الباب البابان - البابين
es deux portes the two doors

ثالثًا: الإيجاز في التراكيب والجمل:
الإيجاز في التراكيب:
والإيجاز أيضًا في التراكيب، فالجملة والتركيب في العربية قائمان أصلاً على الدمج أو الإيجاز؛ ففي الإضافة يَكفِي أن تُضِيف الضمير إلى الكلمة، وكأنَّه جزءٌ منها:
كتابه son livre كتابهم leur livre

وأمَّا في الإسناد فيَكفِي في العربية أن تذكر المسند والمسند إليه بلا رابطة ملفوظة أو مكتوبة، فنقول مثلاً: (أنا سعيد)، على حين أن ذلك لا يتحقَّق في اللغة الفرنسية أو الإنكليزية، ولا بُدَّ لك فيهما ممَّا يُساعِد على الربط فتقول:
je suis heureux)، (I am happy.

فمثلاً سورة (الفاتحة) المؤلَّفة في القرآن من 31 كلمة استغرقت ترجمتها إلى الإنكليزية 70 كلمة.

والنفي أسلوبٌ في العربية يدلُّ على الإيجاز:
العربية: (لم أقابله)، الإنكليزية: (I did not meet him)
الفرنسية: (Je ne l’ai pas rencontré)

الميزة الخامسة: الإعراب ودلالته على المعنى:

اللغات قسمان: مبنيَّة ومُعربة، واللغات السامية كلها معربة، فلم تنفرد اللغة العربية بذلك، وفي بعض اللغات السامية آثارٌ من الإعراب مثل اللغة الأمهرية، وإن كان بينها وبين الإعراب في العربية فرق غير يسير.

ولا شكَّ أن في الإعراب شيئًا من الصعوبة، فيحتاج المتكلِّم إلى معرفة حالات الإعراب، مثل:
رأيت خالدًا Khalid I saw
حضر خالدٌ Khalid came
ذهبتُ مع خالد I went with Khalid
فيجب معرفة المرفوع من المنصوب من المجرور، على عكس الإنجليزية، لكن هل السهولة مزية دائمًا؟ وهل الإعراب عيبٌ في اللغة العربية؟

ليس دائمًا؛ فالأجهزة الحديثة أكثر تعقيدًا من مثيلاتها القديمة؛ فالحاسبات والماكينات وغيرها إذا كانت حديثة ومتطوِّرة، فنراها معقَّدة عن مَثِيلاتها القديمة، ومع ذلك هي مُفضَّلة ومُقدَّمة؛ لما فيها من خصائص ليست في غيرها.

كذلك في اللغة العربية نجد الإعراب يؤدِّي ما لا تُؤدِّيه اللغات المبنيَّة في دقَّة التعبير والإيجاز وتنوُّع المعاني بأقلِّ قدرٍ من الكلمات.
 
موضوع رائع

يا محمد صدقى الابراشى

موضوعكم نال أعجابنا وشكرا لكم على الطرح

نأمل منكم المزيد

جزاكم الله خيرا



سعدنا بتواجدكم
لا تحرمونا من هذه المشاركات الجميلة
والمواضيع الهادفة

سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك


====================
ملحوظة : هذا رد آلي على الموضوع
 
رد: ما تتميز به اللغة العربية عن غيرها من اللغات(1)

أتمنى ان لو أتقنى اللغة العربية

وفعلا هي لغة متميزة


والحمد لله أن جعلها لغة القرآن الكريم
 
أعلى