• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

نفرح لفوز مصر ولكن . !!!!

فراج إسماعيل | 15-11-2009 01:21


يبدو من قراءة الحدث الكروي الطاغي حاليا على العرب والسياسة أن دقيقة واحدة كانت كافية لترجيح كرامة مصر على كرامة الجزائر برأس عماد متعب، مع أنه ينبغي أن تكون درسا للتفرقة بين الجد والهزل وعودة الوعي النفسي والذهني المفقود منذ أسابيع، مرتفعين مصريين وجزائريين وكل العرب فوق الصغائر، فضربة جلد منفوخ ليست دليل حضارة بازغة، ولا دليل أمة متقزمة، ولا يجب أن نكره أنفسنا بسببها، حتى تخيلنا أن الجيوش ستخرج والمدافع ستصب جام غضبها والطائرات ستزأر في السماء!
أرجو أن يكون الأمر أضحى بنا إلى هذه النتيجة لا أن يكون مجرد فاصل ونواصل...!
لو مضت الثواني الأخيرة دون تسجيل مصر لهدف الفاصلة، فهل كان الجزائريون سيخرجون بالملايين رافعين أعلام الكرامة؟!.. ولعلنا نتخيل هنا رد الفعل الجماهيري كنتيجة للشحن المعنوي الحربي، والأناشيد الحماسية التي تتحدث عن الوطنية والرجولة في معظم القنوات الرسمية والخاصة.. ما هذا التغييب الذي نحن فيه لدرجة أن البعض أصيب باغماءات بعد هدف متعب، وخرجت الشوارع في معظم العواصم العربية في احتفالات صاخبة!
الفرحة التي أظهرها المصريون كانت ستحدث بنفس الشكل للجزائريين لو خرجوا مهزومين بهدف واحد، والحزن الذي غطى سماء الجزائر وأرضه في الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع، لم نر مثله مع سقوط عشرات الآلاف من الأبرياء ضحايا للعنف والعنف المضاد.
أنفقت مصر والجزائر على مباراة الأمس نحو 300 مليون دولار ما بين معسكرات ومكافآت، وهناك مثلها ستخصص لمباراة السودان، يعني أكثر من نصف مليار.. عليك أن تقرأ الرقم جيدا وتقرأ معه أحوال ملايين البشر في البلدين، ولا فرق بينهما في ذلك.. فقراء مصر موجود مثلهم في الجزائر، وكذلك المرضى الذين لا يجدون دواء، ومصابو انفلونزا الخنازير الذين ينتظرهم الموت لأن الدولة ليست مستعدة بصورة كافية!
لا أنكر على أنصار كرة القدم في الدولتين فرحتهم وتطلعاتهم، لكني أنكر على أولي الأمر فيهم أن ينزلوا بالجد إلى هذا الانحطاط من الهزل، وتكريس وسائل الاعلام الحكومية في البلدين للتحضير للمباراة منذ أكثر من عشرين يوما كأنهم في الطريق لغزوة في سبيل الله والوطن!
هل نعود إلى أنفسنا ونتسامي فوق الخزعبلات، فلاعبي البلدين يمارسون رياضة وليسوا علماء ولا جنودا حقيقيين في الميدان. لقد بنى الشحن والتعبئة العسكرية المتبادلة جبالا من الكراهية بين الشعبين لا ندري كيف يمكن تجريفها؟!
والحق أن هذا الهوس امتد للنخبة، فقد فوجئ كثيرون بمقال الدكتور عبدالمنعم سعيد في الصفحة الرئيسة بالأهرام أمس، كأن الكرة أصبحت من علوم الاستراتيجية والسياسة والبحث العلمي.
ربط الدكتور سعيد بين الانتصارات الكروية التي يحققها هذا الجيل من اللاعبين، وبين التقدم الذي يعتقد أن مصر قفزت إليه في عهد الحزب الوطني في كافة المجالات، هذا استنتاج غريب من الدكتور الذي قدم لنا تحليلا يوحي بوعيه الكامل ومعرفته الوثيقة بما يجري في المجال الرياضي، خصوصا عند ذكره مشاهير الكرة المصرية من الأجيال المختلفة مثل الفناجيلي وعبده نصحي وفاروق جعفر وشحاتة والخطيب ومصطفى عبده وغيرهم الذين بزغوا في عهد آخر ولم يحققوا بطولا تذكر.
لم يقل لنا أحد أن الكاميرون وساحل العاج وغانا ونيجيريا وهي القوى الكروية ذات الصولات والجولات والبطولات والمشاركة في نهائيات كأس العالم، دول تعيش فوق أنهار من الرخاء والثروات والرفاهية والتقدم الصحي والاقتصادي، فالكاميرون مثلا لم تعرف التلفزيون إلا مؤخرا وبعد أن احرزت أكثر من بطولة أفريقية، ويعيش أكثر من ثمانين في المائة تحت خط الفقر!
وحين كان لاعبها الشهير ميلا يصول ويجول في نهائيات كأس العالم لم تكن هنا محطة وطنية للتلفزيون. كذلك فان نيجيريا التي صالت وجالت في بطولات عالمية، تعاني من الأمراض والناموس والفيروسات والفقر الغذائي والفساد.
الكرة عندنا هي أيضا أحد أبواب الفساد بدليل أن تذاكر المباراة بيعت لصالح "مافيا" من الكبار في السوق السوداء، وأضافت إلى رصيدهم مئات الملايين!
لا أريد أن أضرب “كرسي في الكلوب” ولا افساد فرحة الناس.. ولكنها نقطة نظام لابد منها.. فلنفرح باعتدال ونفرق بين اللعب والحقيقة. قوة وحضارة مصر والجزائر لا يرتفعان فوق جلد منفوخ!​
 
أعلى