• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

في زمنِ الانحطاط السياسيّ

لم يكن تطور الفكر العربى منذ الحرب العالمية الثانية وليد الصدفة والعفوية ، بل كان نتاجاً وانعكاساً لواقع سياسى اقتصادى عسكرى استعمارى على الارض من جهة ، ومن جهة اخرى واقعاً ثقافياً وعادات وتقاليد ومنظومة من الأخلاق التى يتمتّع بها شعوب تلك الدول ومستوى تطورها الصناعى والتكنولوجى، و تفاعل كل ذلك مع واقع الحرب وحاجة المجتمعات بغض النظر عن المجرم والمُستَعمِر والنتائج التى شاهدنا ارقامها من قتل لملايين الجنود وهدم مبانى و تدمير مقدّرات شعوب .

تلك الحروب لم تمنع استنهاض حالات تعبئة للجبهات الداخلية لتلك البلدان للدفاع عن تراثها و أوطانها التى تم غزوها، ولم تمنع بروز قيادات العمل الوطنى الثورى السريّة والعلنية التى تتصدى للأعداء ، ولم توقف عجلة التطوير والانتاج الحربى العسكرى اولا و الانتاجى ثانيا ؛ لمصلحة تحقيق الانتصار وطرد المستعمرين، بل تم تحويل كل امكانيات وطاقات وموارد تلك الدول لمواجهة المُحتَل وتحقيق الانتصار عليه.

في المقابل، حين يقف رئيس عربى فى المحافل الدولية نتوقّع كغيرنا مواقف رسمية تم الإعداد لها مسبقاً ووُضِعت لها آليات متابعة وتنفيذ واضحة حتى لأدق التفاصيل و أغرب الإحتمالات، وقد اعتدنا كشعوب عربية على حالة إلقاء الخُطب الرنانة فى مؤتمرات لا تتمتّع بالنفوذ ولا بسلطة اتخاذ القرارات المصيرية الواجبة التنفيذ دوليا .
هذه الحالة إمتدّت لسنوات عِجاف عاشها المواطنون على امتداد الوطن العربى ، جوهرها الإعلام الذى يتغذى من الماضى السحيق و الإنتصارات الوهمية التى لم تكتمل فصولها بعد أو التى ل اوجود لها أصلاً ؛ لأنها ببساطة كانت حروباً للغرب والامريكان ضد دول عربية وانظمة شارك فيها أنظمة أخرى عربية بأمر من الادارة الامريكية ،التى تمتلك "جميع الاوراق" كما يقول هؤلاء القادة لشعوبهم إقناعاً وتخويفاً وتحقيقاً ؛ لأهداف دنيئة تُهدر المال العام والعنصر البشرى وحتى مصالح الدولة.

لم يقتصر هذا الواقع على تنمية "فيروس" اللامبالاة عند المواطن العربى ، وجعل الخلفية السياسية لديه معدومة الوجهة والجوهر ، بل أصبح الكثيرون ينظرون الى انفسهم وماضيهم المُشرّف نظرة استهزاء و ألم و مُعاناه تدفع بصاحبها الى الانحراف بزوايا معينّة تُخالف قناعاته الأصلية والتى أصبحت تفتقد المناعة الوطنية والثورية او حتى حصانة الأفكار الحميدة التى كثيراً ما نرفضها؛ لأنها تمس بعاداتنا و تقاليدنا و إسلامنا و منهجنا وفكرنا.

الكثير من حالات الارتداد الفكرى مصدرها الفراغ السياسى الناتج عن حالة الضياع الفكرى والاستسلام للأفكار السطحية والاخبار السريعة و الأعمال غير المُرهقة والتى تؤدى للكسب السريع بغض النظر عن أهدافها أو مادتها او وجهتها ايضا، وكل ذلك تطبيقاً لتشكيل أهداف مترابطة مُعقّدة تطال الانسان الفلسطينى والعربى تحقيقاً لاستراتيجيات الاستعمار و الاستحمار السياسى الأخلاقى.
ويدعم ذلك تطبيع العقلية العربية طوال سنين ؛ بإعلام هابط مرّة و بوسائل القمع والاعتقال مرّات عديدة وصولاً الى القتل وتصفية المعارضين وإفراغ الساحة من المخلصين لخدمة الوطن والشعب والأمّة الإسلامية .

وحين نختزل ستون عاما من النضال الفلسطينى وتعدد اشكاله والتضحيات التى قدّمها شعبنا فى مواجهة الاستعمار الصهيونى الاستيطانى نقف أمام حالة الاحباط والبلادة السياسية والتى أصابت القيادات قبل الافراد فى السنوات العشر الأخيرة التى أضاعت فيها قيادات المفاوضات واللعب على حبل اللذبذبة الانتصارات المتراكمة التى حققها الشعب الفلسطينى ليتم تحويلها الى هزائم سياسية على الارض وانتصارات وهمية فى الاعلام ذي القطب الواحد.
وقد ساهم في ذلك، غياب الوازع الديني تحت عباءة العَلمانية.


ماذا نريد بعد؟​

وحتى نتخلص من حالة الركود والإحباط السائدة الناشئة في جزء منها عن انهيار الثقة بزعاماتٍ فضّلت الأنا الذاتية على مصلحة الشعب وخدمته؛ فإننا بحاجة لعملٍ منظم غير عفويّ في مجمله، قائم على مواجهة الواقع؛ بوسائل أخلاقية وقادة مخلصين و عقيدة راسخة بعيداً وبقرارات ممنهجة مدروسة، مع وضوح للأهداف وتكتيكات مرحلية سليمة؛ ضمن مبدأ التحصين الثقافي الأخلاقي المرتكز على الدين.

ولا يأتي ذلك إلا بعملٍ شاملٍ متكامل، يشمل المنظومات التربوية والإعلامية والأمنية العسكرية والميدانية الجماهيرية والمؤسسية، وسواء كانت هذه المؤسسات اقتصادية أو فكرية ثقافية أو اجتماعية خدماتية.
وحتى يتحقق ذلك فإنه لا بُدَّ من وجود قيادةٍ حكيمة دؤوبة تعمل لتغيِّر، وتسهر لترتب، وتفكر لتوفر حاضراً أفضل ومستقبلٍ يضمن دفع شرور المحتل وأعوانه.





___________________________________
"ما رأينا التاريخ يسجل بين دفتي حوادثه خيبة للمجاهد، إنما رأيناه يسجل خيبة المستجدي...الحرية لا تُعطى ولا تُوهب، بل سجل التاريخ أنها تُؤخذ وتُنتزع"

.. الإخــلاص يُتَمِّم كُــل غَيْـر مُتَمَّم ..




 
أعلى