• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

احكام واداب العيد

أحكام وآداب العيد
أولاً: آداب وسنن العيد
1- الاغتسال:
من الآداب الاغتسال قبل الخروج للصلاة فقد صح في الموطأ وغيره "أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى". (الموطأ) وصح عن سعيد بن جبير أنه قال: "سنة العيد ثلاث المشي والاغتسال والأكل قبل الخروج"، وهذا من كلام "سعيد بن جبير" ولعله أخذه عن بعض الصحابة. وذكر النووي رحمه الله اتفاق العلماء على استحباب الاغتسال لصلاة العيد. والمعنى الذي يستحب بسببه الاغتسال للجمعة وغيرها من الاجتماعات العامة موجود في العيد بل لعله في العيد أبرز.

2- الأكل قبل الخروج:
من الآداب ألا يخرج في عيد الفطر إلى الصلاة حتى يأكل تمرات لما رواه البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ.. وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا" (رواه البخاري). وإنما استحب الأكل قبل الخروج مبالغةً في النهي عن الصوم في ذلك اليوم وإيذانًا بالإفطار وانتهاء الصيام. وعلل ابن حجر- رحمه الله- بأنّ في ذلك سدًّا لذريعة الزيادة في الصوم، وفيه مبادرة لامتثال أمر الله. فتح 2/446 ومن لم يجد تمرًا فليفطر على أي شيء مباح. وأما في عيد الأضحى فإن المستحب ألا يأكل إلا بعد الصلاة من أضحيته.

3- التكبير يوم العيد:
وهو من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى: ?وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ? (البقرة:185). وعن الوليد بن مسلم قال: سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين، قالا: نعم كان عبدالله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام. وصح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: "كانوا في الفطر أشد منهم في الأضحى"، قال وكيع يعني التكبير، وروى الدارقطني وغيره أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجتهد بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى الإمام. وروى ابن أبي شيبة بسندٍ صحيحٍ عن الزهري قال: كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون من منازلهم حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج الإمام فإذا خرج الإمام سكتوا فإذا كبَّر كبروا، ولقد كان التكبير من حين الخروج من البيت إلى المصلى وإلى دخول الإمام كان أمرًا مشهورًا جدًا عند السلف، وقد نقله جماعة من المصنفين كابن أبي شيبة وعبدالرزاق والفريابي في كتاب (أحكام العيدين) عن جماعةِ من السلف، ومن ذلك أن نافع بن جبير كان يُكبِّر ويتعجب من عدم تكبير الناس فيقول: "ألا تكبرون"، وكان ابن شهاب الزهري- رحمه الله- يقول: "كان الناس يكبرون منذ يخرجون من بيوتهم حتى يدخل الإمام". ووقت التكبير في عيد الفطر يُبتدئ من ليلة العيد إلى أن يدخل الإمام لصلاة العيد.

صفة التكبير: ورد في مصنف ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن مسعود- رضي الله عنه-: أنه كان يكبر أيام التشريق: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وروى المحاملي بسند صحيح أيضًا عن ابن مسعود: الله أكبر كبيرًا الله أكبر كبيرًا الله أكبر وأجلّ، الله أكبر ولله الحمد.

4- التهنئة:
ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أيًّا كان لفظها مثل قول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم أو عيد مبارك وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة، وعن جبير بن نفير، قال: كان أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض "تُقُبِّل منا ومنك"، فالتهنئة كانت معروفة عند الصحابة ورخَّص فيها أهل العلم كالإمام أحمد وغيره، وقد ورد ما يدل عليه من مشروعية التهنئة بالمناسبات وتهنئة الصحابة بعضهم بعضًا عند حصول ما يسر مثل أن يتوب الله تعالى على امرئ فيقومون بتهنئته بذلك إلى غير ذلك، ولا ريب أن هذه التهنئة من مكارم الأخلاق ومحاسن المظاهر الاجتماعية بين المسلمين. وأقل ما يُقال في موضوع التهنئة أن تُهنِّئ من هنَّأك بالعيد، وتسكت إن سكت كما قال الإمام أحمد رحمه الله: إنْ هنأني أحد أجبته وإلا لم أبتدئه.

5- التجمل للعيدين:
عن عبد الله بن عُمَرَ- رضي الله عنه- قَالَ أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ".. (رواه البخاري) وقد أقرَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- عمر على التجمل لكنه أنكر عليه شراء هذه الجبة؛ لأنها من حرير.

وعن جابر- رضي الله عنه- قال: كان للنبي- صلى الله عليه وسلم- جبة يلبسها للعيدين ويوم الجمعة. صحيح ابن خزيمة، وروى البيهقي بسند صحيح أن ابن عمر كان يلبس للعيد أجمل ثيابه فينبغي للرجل أن يلبس أجمل ما عنده من الثياب عند الخروج للعيد. أما النساء فيبتعدن عن الزينة إذا خرجن لأنهن منهيات عن إظهار الزينة للرجال الأجانب وكذلك يحرم على مَن أرادت الخروج أن تمس الطيب أو تتعرض للرجال بالفتنة فإنها ما خرجت إلا لعبادة وطاعة أفتراه يصح من مؤمنةٍ أن تعصي من خرجت لطاعته وتخالف أمره بلبس الضيق والثوب الملون الجذاب اللافت للنظر أو مس الطيب ونحوه.

6- حكم الاستماع لخطبة العيد:

قال ابن قدامة- رحمه الله- في كتابه الكافي ص 234. فإذا سلَّم خطب خطبتين كخطبة الجمعة؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك، ويفارق خطبتي الجمعة في أربعة أشياء.. ثم قال:- الرابع: أنهما سنة لا يجب استماعهما ولا الإنصات لهما، لما روى عبد الله بن السائب قال: شهدت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- العيد، فلما قضى الصلاة قال: "إنا نخطب من أراد أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب".

وقال النووي- رحمه الله- في كتابه المجموع شرح المهذب ص 23: ويستحب للناس استماع الخطبة، وليست الخطبة ولا استماعها شرطًا لصحة صلاة العيد، لكن قال الشافعي: لو ترك استماع خطبة العيد أو الكسوف أو الاستسقاء أو خطب الحج أو تكلم فيها أو انصرف وتركها كرهته ولا إعادة عليه.

وفي الشرح الممتع على زاد المستنقع للشيخ ابن عثيمين 5/192: قول المؤلف: (كخطبتي الجمعة) أي يخطب خطبتين على الخلاف الذي أشرنا إليه سابقًا، كخطبتي الجمعة في الأحكام حتى في تحريم الكلام، لا في وجوب الحضور، فخطبة الجمعة يجب الحضور إليها لقوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ? (الجمعة:9)، وخطبتا العيد لا يجب الحضور إليهما، بل للإنسان أن ينصرف، لكن إذا بقي يجب عليه أن لا يكلم أحدًا، وهذا ما يشير إليه قول المؤلف: "كخطبتي الجمعة"، وقال بعض أهل العلم، لا يجب الإنصات لخطبتي العيدين، لأنه لو وجب الإنصات لوجوب الحضور، ولحرم الإنصراف، فكما كان الانصراف جائزًا.. فالاستماع ليس بواجب. ولكن على هذا القول لو كان يلزم من الكلام التشويش على الحاضرين حَرُم الكلام من أجل التشويش، لا من أجل الاستماع؛ بناءً على هذا لو كان مع الإنسان كتاب أثناء خطبة الإمام خطبة العيد فإنه يجوز أن يراجعه، لأنه لا يشوش على أحد. أما على المذهب الذي مشى عليه المؤلف، فالاستماع واجبٌ ما دام حاضرًا.

7- الذهاب من طريق والعودة من آخر:
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ" (رواه البخاري)، وورد عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه كان يخرج ماشيًا يصلي بغير أذان ولا إقامة ثم يرجع ماشيًا من طريق آخر. قيل ليشهد له الطريقان عند الله يوم القيامة، والأرض تحدّث يوم القيامة بما عُمل عليها من الخير والشرّ، وقيل لإظهار شعائر الإسلام في الطريقين. وقيل لإظهار ذكر الله، وقيل لإغاظة المنافقين واليهود وليرهبهم بكثرة من معه. وقيل ليقضي حوائج الناس من الاستفتاء والتعليم والاقتداء أو الصدقة على المحاويج أو ليزور أقاربه وليصل رحمه.

ثانيًا: أحكام وفتاوى العيد
إن العيد اسم لكل ما يُعتاد ويعود ويتكرر، والأعياد شعاراتٌ توجد لدى كل الأمم، سواءٌ أكانت كتابيةً أم وثنيةً أم غير ذلك؛ وذلك لأن إقامة الأعياد ترتبط بغريزة وجبلَّة طُبع الناس عليها فكل الناس يحبون أن تكون لهم مناسباتٌ يحتفلون فيها ويتجمَّعون ويُظهرون الفرح والسرور فيها.

تميز المسلمين بأعيادهم
لقد دلَّ قوله صلى الله عليه وسلم: "إن لكل قوم عيدًا وهذا عيدنا" على اختصاص المسلمين بهذَين العيدين لا غيرَ، وأنه لا يحل للمسلمين أن يتشبَّهوا بالكفار والمشركين في شيء مما يختص بأعيادهم، لا من طعامٍ ولا من لباسٍ، ولا إيقاد نيران ولا عبادة ولا يمكَّن الصبيان من اللعب في أعيادهم، ولا إظهار الزينة، ولا يُسمح لصبيان المسلمين بمشاركة الكفار في أعيادهم، وكل الأعياد الكفرية والبدعية محرمةٌ، كعيد رأس السنة، وعيد الجلاء، وعيد الثورة، وعيد الشجرة، وعيد الجلوس، وعيد الميلاد، وعيد الأم، وعيد العمال، وعيد النيل، وعيد شم النسيم، وعيد المعلم، وعيد المولد النبوي.

المسلمون ليس لهم إلا عيدان.. عيد الفطر وعيد الأضحى؛ لما جاء عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَال:َ "قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْر"ِ (سنن أبي داود).

وهذان العيدان هما من شعائر الله، التي ينبغي إحياؤها وإدراك مقاصدها واستشعار معانيها، وفيما يلي نتعرَّض لطائفة من أحكام العيدين وآدابهما في الشريعة الإسلامية، ومن أحكام العيد:
1- صومه: يحرُم صوم يومي العيد؛ لحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ" (رواه مسلم).

2- حكم صلاة العيدين: ذهب بعض العلماء إلى وجوبها، وهذا مذهب الأحناف واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم واظَب عليها ولم يتركها ولا مرة واحدة، واحتجُّوا بقوله تعالى ?فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر? (الكوثرْ: 2) أي صلاة العيد والنحر بعده، وهذا أمرٌ، وأن النبي- صلى الله عليه وسلم- "أمر بإخراج النساء من البيوت لشهودها، والتي ليس عندها جلباب تستعير من أختها".

وذهب بعض العلماء إلى أنها فرضُ كفاية، وهذا مذهب الحنابلة، وذهب فريق ثالث إلى أن صلاة العيد سنة مؤكدة، وهذا مذهب المالكية والشافعية، واحتجُّوا بحديث الأعرابي في أن الله لم يوجب على العباد إلا خمس صلوات، فينبغي على المسلم أن يحرص على حضورها وشهودها، خصوصًا أنَّ القول بوجوبها قول قويٌّ، ويكفي ما في شهودها من الخير والبركة والأجر العظيم والاقتداء بالنبي الكريم.

شروط الصحة والوجوب والوقت: اشترط بعض العلماء (وهم الحنفية والحنابلة) لوجوب صلاة العيدين الإقامة والجماعة، وقال بعضهم إنَّ شروطها هي شروط صلاة الجمعة ما عدا الخطبة فإنَّ حضورها ليس بواجب وجمهور العلماء على أن وقت العيدين يبتدئ عند ارتفاع الشمس قدرَ رُمحٍ بحسب الرؤية المجردة، ويمتد وقتُها إلى ابتداء الزوال.

صفة صلاة العيد: قال عمر رضي الله عنه: "صلاة العيد والأضحى ركعتان ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم وقد خاب من افترى"، وعن أبي سعيد قال: "كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، والتكبير سبعًا في الركعة الأولى وخمسًا في الآخرة والقراءة بعدهما كلتيهما".

وعن عائشة رضي الله عنها: التكبير في الفطر والأضحى، الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرات الركوع (رواه أبو داود، وهو صحيح بمجموع طرقه) ولو أدرك المأموم إمامَه أثناء التكبيرات الزوائد يكبر مع الإمام ويتابعه ولا يلزمه قضاء التكبيرات الزوائد؛ لأنها سنَّة وليست بواجبة.

وأما ما يُقال بين التكبيرات فقد جاء عن حماد بن سلمة عن إبراهيم أن الوليد بن عقبة دخل المسجد وابن مسعود وحذيفة وأبو موسى في المسجد فقال الوليد: إن العيد قد حضر فكيف أصنع، فقال ابن مسعود: يقول الله أكبر ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي- صلى الله عليه وسلم- ويدعو الله، ثم يكبر ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.. إلخ (رواه الطبراني)، وهو حديث صحيح مخرَّج في الإرواء وغيره.

القراءة في صلاة العيد: يُستحب أن يقرأ الإمام في صلاة العيد بـ (ق) و(اقتربت الساعة) كما في صحيح مسلم أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الأَضْحَى وَالْفِطْرِ فَقَالَ "كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِـ(ق* وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) وَاقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ" (صحيح مسلم 891)، وأكثر ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بـ"سبح" و"الغاشية"، كما كان يقرأ بهما في الجمعة، فقد جاء عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) وَ(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَة)ِ" (صحيح مسلم).

وقال سمرة رضي الله عنه: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين (سبح اسم ربك الأعلى)، (وهل أتاك حديث الغاشية)" (رواه أحمد).

الصلاة قبل الخطبة: من أحكام العيد أن الصلاة قبل الخطبة، كما ثبت في مسند أحمد من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَشْهَدُ أن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدِ ثُمَّ خَطَبَ" (مسند أحمد والحديث في الصحيحين) ومما يدلّ على أن الخطبة بعد الصلاة حديث أبي سعيد- رضي الله عنه-:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فإذا كان يريد أن يقطع بعثًا قطعه، أو يأمر بشيء أمر به" قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجْتُ مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي فجبذت بثوبه فجبذني فارتفع فخطب قبل الصلاة، فقلت له: غيَّرتم والله، فقال: يا أبا سعيد قد ذهب ما تعلم، فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم، فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلنها قبل الصلاة (رواه البخاري).

الرخصة في الانصراف أثناء الخطبة لمَن أراد: عن عبد الله بن السائب قال: شهدت العيد مع النبي- صلى الله عليه وسلم- فلما قضى الصلاة قال: "إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب".

عدم المبالغة في تأخيرها: خرج عبد الله بن بُشر صاحب النبي- صلى الله عليه وسلم- مع الناس في يوم الفطر عيد الفطر أو الأضحى فأنكر إبطاء الإمام، وقال إنا كنا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- قد فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين التسبيح (رواه البخاري معلقًا مجزومًا به).

النافلة في المصلى: لا نافلة قبل صلاة العيد ولا بعدها كما جاء عن ابن عباس أن النبي- صلى الله عليه وسلم- خرج يوم العيد فصلى ركعتين لم يصلِّ قبلهما ولا بعدهما (سنن أبي داود) وهذا إذا كانت الصلاة في المصلى أو في مكان عام، وأما إن صلى الناس العيد في المسجد فإنه يصلي تحية المسجد إذا دخله قبل أن يجلس.

إذا لم يعلموا بالعيد إلا من الغد: عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قالوا: غُمَّ علينا هلال شوال فأصبحنا صيامًا، فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمر الناس أن يفطروا من يومهم وأن يخرجوا لعيدهم من الغد (رواه الخمسة- صحيح)، ومن فاتته صلاة العيد فالراجح أنه يجوز له قضاؤها ركعتين.

شهود النساء صلاة العيد: عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: "كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدَيْنِ فَقَدِمَتْ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِهَا وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثِنْتَيْ عَشَرَةَ غَزْوَةً وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتٍّ قَالَتْ كُنَّا نُدَاوِي الْكَلْمَى وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى فَسَأَلَتْ أُخْتِي النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لا تَخْرُجَ؟ قَالَ لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا وَلْتَشْهَد الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ سَأَلْتُهَا أَسَمِعْتِ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ بِأَبِي نَعَمْ- وَكَانَتْ لا تَذْكُرُهُ إِلا قَالَتْ بِأَبِي سَمِعْتُهُ- يَقُولُ يَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ أَوْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى" (صحيح البخاري).


سلوكياتنا في العيد من منظور قرآني
إعداد: ربيع عبد الباقي
يحدثنا القرآن الكريم في إشارةٍ مهمة إلى بعض معاني العيد، وأنه مبعثٌ للسرور والفرح والاحتفاء، وذلك في الحوارِ بين سيدنا عيسى عليه السلام وأصحابه من الحواريين عن المائدة التي منحها الله لهم؛ ليسعدوا بها ويفرَحوا، وتكونَ لهم رخاءً ورزقًا حسنًا وتكرمةً من الله لهم، ولتكون تذكارًا لهم ولأجيالهم عبر العصور والأزمان؛ لذلك طلبوا من الله تبارك وتعالى أن ينزِّلَ عليهم مائدةً من السماء.. قال جلَّ في علاه ?إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115)? (المائدة).

لهو مباح
فعندما يرى الإسلام أن العيد مرح ولهو مباح فهذا إنما يكون في نطاق ما أحله الله، فهو لهوٌ للصغار وبهجةٌ للكبار بلهوِ الصغار، وفي الأعياد يكون اللهوُ المباحُ الذي فيه إسعاد للعبد وإرضاءٌ للرب، فلا يجوز للمسلم أن يفرح ويمرح بشرب المسكرات أو لعب القمار كما يفعل البعض.. يقول تبارك وتعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)? (المائدة).

وقد أحلَّ الله لنا اللهوَ المباحَ كما ورد عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في قوله لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: "دعهما يا أبا بكر؛ فإنَّ لكل قوم عيدًا وإن هذا عيدنا".. فأعيادنا أعياد طاعة لا معصية، أعياد شكر لله على نعمة الإسلام لا أعياد كفر، أعياد مرح وفرح ولهو مباح لا أعياد مجون وفجور وعصيان.. يقول الحسن البصري رحمه الله: "كل يوم لا يُعصَى اللهُ فيه فهو عيدٌ، وكل يوم يقطعه المؤمن في طاعةِ مولاه وذكرِه وشكرِه فهو له عيدٌ".

لا تقتير ولا إسراف
والعيد في الإسلام يوم إنفاقٍ وتجمُّل وتزيُّن؛ حيث يرتدي الناس كل جديد وكل جميل، فيلبسون أفضل ما لديهم من ملابس، ويتطيَّبون بأجمل ما لديهم من طيب في هذا اليوم المبارك؛ احتفاءً واحتفالاً بهذا اليوم المبارك، وأيضًا يتناول الناس أطيب الطعام وأفضله.. يقول تبارك وتعالى: ?يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ* قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ? (الأعراف: آية 31،32).

أحل الله تبارك وتعالى الطيبات من الطعام واللباس في ذلك اليوم، ولكنه تبارك وتعالى وضع ضوابط لذلك، وإن كان من معاني ومظاهر العيد الزيادة في الإنفاق على الطعام والشراب وغيرها من الملذات فقد أباح لنا تبارك وتعالى ذلك، لكن بضوابط وضعها الإسلام لهذه الأمة، فلا تقتير ولا إسراف ولا تبذير، فالمال مال الله، والإنسان إنما هو مستخلَف فيه، سيحاسَب على ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه!!

ومن هنا يتجلَّى المعنَى الحقيقي للعيد، وهو شكر الله على ما أنعم به علينا من نعم، وإذا نظرنا إلى قيد عدم الإسراف في قوله تعالى: ?وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ? لوجدنا:
1- فيه رفع للمشقة والكلفة عن الأُسَر محدودة الدخل.. فإذا دقَّقنا النظر وأمعنَّا الفكر في الحكمة من قوله تعالى ?وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ? لو تأملنا في الحكمة من هذا القيد لوجدناه إنما هو رفعٌ للمشقة والكلفة عن أولئك الذين ليس لهم دخول تتناسب ومظاهر الإسراف في الأعياد، فيسود الأسرة المسلمة الاستقرارُ والقناعةُ والرضا.

2- فيه دفع للحسد والتباغض.. أيضًا لو أمعنَّا النظر لوجدنا في هذا القيد حكمةً أخرى وفائدةً عظيمةً للمجتمع، وهي دفع الحسد، حسد من لا يملك لمن يملك، حسد غير القادر على الإنفاق ببزخ لذلك القادر على الإسراف المسرِف المبذِّر، الذي ينفق بلا حساب، والذي لا ينظر إلى ظروف الآخرين من حوله من المعدمين والمحتاجين.

3- تأسيس وتأصيل لمبدأ التكافل بين فئات المجتمع.. أيضًا لو أمعنَّا النظرَ في هذا القيد لوجدنا فيه حكمةً أخرى، فهو دعامةٌ من دعائم إقامة المجتمع العادل الذي ينظر إلى فئات المجتمع فيه بمنظورٍ واحدٍ، فيجعل للمسكين حقًّا في عنقِ الغنيِّ، ويتحقق التكافل الاجتماعي في أسمى صورِه، ولربما دفع هذا القيد أولئك القادرين- الذين إذا ما التزموا بهذا الضابط فلم يسرفوا ولم يقتروا- أن يبذلوا بعض أموالهم في أوجه الخير والنفع في المجتمع، وذلك من فوائض أموالهم فيسدُّوا حاجةَ المحتاجين والفقراء في المجتمع، فيكون عدم الإسراف دافعًا إلى بذل المال في أوجه الخير التي تعمُّ المجتمع وتساهم في استقرار البلاد وراحة العباد، في زمن تزايدت فيه أعباء وكلفة المعيشة، وانتشر الفقر.

4- حصن للمسلم من فتنة المال.. بالتأكيد فالمال وزيادته أحد عوامل اغترار الإنسان، والمال قد يقود الإنسان إلى الكبر والتعالي على الآخرين، فيصبح المال فنتةً ونقمةً عليه، نعوذ بالله من فتنة المال.

والمال أحد وسائل التفاخر والتباهي والخيلاء، ينظر إليه الضعيف على أنه وسيلةُ قوةٍ، وينظر إليه الوضيع على أنه وسيلة رِفعة وسموّ، أما المسلم التقي النقي فينظر إليه على أنه مالُ الله وهو مستخلفٌ فيه، يلتزم في اكتسابه بضوابط في تحرِّي مصدر اكتسابه، وفي إنفاقه بضوابط أن ينفقه في أوجه الحلال، ويؤدي حق الله فيه وحق العباد من الزكاة والإنفاق وخلافه.

ومظهر الإسراف في الإنفاق هو وسيلة من وسائل تحقيق الغايات المذمومة التي ذكرناها في البشر ضعاف النفس الذين يتخذون الإسراف في الإنفاق وسيلةً للتباهي والتفاخر والاغترار بالمال، وهؤلاء تجدهم ينفقون المال فيما حرَّم الله بالسهر والمجون وخلافه.

فإذا ما التزم المسلم بضابط عدم الإسراف في الإنفاق فإنه يخرج بنفسه من دائرة استخدام ماله في تحقيق مآرب ومصالح دنيوية، ويشكر الله على ما أعطاه من مال فينفقه في أوجهه وفي موضعه بلا تقتير أو إسراف؛ مما يعود بالنفع على الصالح العام وصالح الفرد نفسه في الدنيا والآخرة.

هذه بعض الضوابط التي وضعها الإسلام لاستقامة الأمة، وتهذيب النفس البشرية، وتربيتها على الوسطية، وفي ذلك الكثير من الخير للأمة، لو طُبِّقت هذه القيم والتُزِم بها لعمَّ الرخاء وزاد الرزق وما وجدنا محتاج.
 
موضوع رائع

يا السعيد فتحي

موضوعك نال أعجابنا وشكرا لك على الطرح

نأمل منك المزيد

جزاك الله خيرا

سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك


====================
ملحوظة : هذا رد آلي على الموضوع
 
رد: احكام واداب العيد

مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه
 
أعلى