محمد صدقى الابراشى
Moderator
جيل الغد و ازدواجية اللغة
نعيش في عصرنا الحالي عقدة اللغة، وخاصة عند الطبقة المثقفة حيث أصبحت الأمهات المتعلمات تفضلن استخدام اللغة الانجليزية مع أطفالهن ، بل ويتعمّدن تعليم أطفالهن المفردات المتداولة بشكل يومي باللغة الإنجليزية، والأدهى أنهن أخذن يتجاهلن تماماً مسألة تعليم أطفالهن مبادئ وأساسيات اللغة العربية،
وكيفية تهجئة الكلمات وتحليلها وتركيبها وتكوين الجمل ومراعاة قواعد النحو والصرف المتعلقة باللغة العربية التي من المفترض أن تكون هي اللغة الأم والتي يقول المنطق أنها أولى بالاهتمام والرعاية من غيرها، فهي التي تعكس ثقافتنا وهويتنا حتى لاننشئ طفلاً ضائعاً ، و هؤلاء الأمهات يتضايقن عندما يتحدث أطفالهن باللغة العربية
ويتفاخرن بأن الأطفال لا يجيدون العربية ويتباهين بمخاطبة الأطفال باللغة الإنجليزية فقط، على اعتبار أن هذا الأمر جزءٌ مهمٌ من "البرستيج" فمن يتحدث العربية لم يرق بعد بمستواه الثقافي ليتحدث باللغة الإنجليزية، حتى أسلوب التنشئة أصبح بعيدا ً عن ثقافتنا وعقيدتنا الذي تعتقد نساؤنا مخطئات ومتوهمات بأنه أسلوب تربية حديثة،
ويحتاج هذا الأسلوب الحديث و"الراقي" حسب مزاعمهن إلى التخلص من مواطن الضعف والتخلف والرجعية المتعلقة بالانتماء للهوية العربية والتمسك بمبادئ الدين سواء الإسلامي أو المسيحي والاعتزاز بالأصول والجذور، والالتزام بالأخلاق الفاضلة والتقيد بأعراف المجتمع وعاداته وتقاليده الطيبة والنبيلة، والشعور بالفخر والاعتزاز بالدين واللغة والتراث،
ويتناسين أو يتجاهلن حقاً أن هذا الانسلاخ الذي يغذين به أطفالهن سيؤثر سلباً على حياة ومستقبل أبنائنا بل وعلى مستقبل الوطن العربي ككل والذي يمثل الأطفال صلبه وقوامه وعماده المتين ، إن المساس بالتكوين الفكري والأخلاقي لهؤلاء الأطفال سيشوّه معتقداتهم وعواطفهم وسلوكاتهم وسيشتت أفكارهم ووولاءهم واتجاهاتهم؛
لأنهم سينشأون مفصومين فكرياً ونفسياً ومنقسمين ذهنياً ووجدانيا ما بين المجتمع المحلي والبيئة المحيطة والواقع الذي يعيشون بين جنباته وبين محاولات الهروب من والانسلاخ عن هذا المجتمع والواقع وهذه البيئة والحقيقة وهم في الوقت ذاته غير قادرين على التكيف مع واقعهم الحقيقي هذا وغير منسجمين مما ينشأعنه أمراض نفسية قد تؤثر على سلوكياتهم حيث الذوبان التام في الشخصيات الأجنبية و قولبتهم داخلها، فالانبهارات السطحية التي لم ترقَ إلى تفكير عميق وواع بكيفية انتقاء الأنسب والأصلح من الآخر والتحاور معه والأخذ عنه دون أن تعني طمس الشخصية الأصيلة بل وضياع الانتماء للوطن والأهل ووبسبب عقدة النقص وانعدام الثقة فينشأ لدينا جيل مستغرب وممزق وحائر ما بين حقيقة
أننا عرب ومحافظون ومتدينون وبين الصورة المزيفة التي نحاول تقمصها والثوب الضيق الذي نحاول أن نحشو الجسد العربي فيه والذي لا يناسب مقاسات وتفاصيل الجسد العربي بتركيبته الفكرية والنفسية والعقائدية والثقافية والاجتماعية ولا حتى الاقتصادية والتاريخية.
أن يتقن أطفالنا اللغة الإنجليزية شيء جميل من حيث أنها لغة دولية وعالمية، حيث العولمة التي تحتم علينا أن نكون ملمين بلغة ثانية وثالثة ولكن بدون المساس بعروبتنا ،
علينا أن نشجع أطفالنا على معرفة لغة الآخر وثقافته وعلمه،وخاصة في المجال العلمي،
ونتساءل متى سيدرك الآباء وخاصة الأمهات أن كل ما يتعرض له أبناؤنا من تشتيت وتغريب وضياع هو غير ناجم عن العولمة والغزو الثقافي الذي يرزح مجتمعنا تحت كلاكله فقط؟
إنما مرده أيضا للازدواجية التي يعيشها الآباء والأمهات أيضا، ومفاهيمهم الضبابية حول مبادئ الحداثة والتطور والتقدم والرقي، وضياعهم هم أنفسهم بين واقع عاشوه في قراهم وعلى ظهر الجمل وبين وهم زائف يحاولون تلفيقه لهم ورسمه في مخيلة أبنائهم وشما باهتا دميما.
إن غياب رقابة الآباء وتملص الأمهات من مسؤولياتهن تجاه أطفالهن وإلقاء مسؤولية تربيتهم وتنشئتهم على عاتق الخدم والقنوات الفضائية، وجهلهن بدورهن الرئيسي في تعليم أطفالهن معاني الانتماء والالتزام،سيدمر تلك الفئة المهمة من المجتمع والتي هي ثروة حقيقية سنندم على ضياعها يوم لا ينفع الندم ".
منقول
نعيش في عصرنا الحالي عقدة اللغة، وخاصة عند الطبقة المثقفة حيث أصبحت الأمهات المتعلمات تفضلن استخدام اللغة الانجليزية مع أطفالهن ، بل ويتعمّدن تعليم أطفالهن المفردات المتداولة بشكل يومي باللغة الإنجليزية، والأدهى أنهن أخذن يتجاهلن تماماً مسألة تعليم أطفالهن مبادئ وأساسيات اللغة العربية،
وكيفية تهجئة الكلمات وتحليلها وتركيبها وتكوين الجمل ومراعاة قواعد النحو والصرف المتعلقة باللغة العربية التي من المفترض أن تكون هي اللغة الأم والتي يقول المنطق أنها أولى بالاهتمام والرعاية من غيرها، فهي التي تعكس ثقافتنا وهويتنا حتى لاننشئ طفلاً ضائعاً ، و هؤلاء الأمهات يتضايقن عندما يتحدث أطفالهن باللغة العربية
ويتفاخرن بأن الأطفال لا يجيدون العربية ويتباهين بمخاطبة الأطفال باللغة الإنجليزية فقط، على اعتبار أن هذا الأمر جزءٌ مهمٌ من "البرستيج" فمن يتحدث العربية لم يرق بعد بمستواه الثقافي ليتحدث باللغة الإنجليزية، حتى أسلوب التنشئة أصبح بعيدا ً عن ثقافتنا وعقيدتنا الذي تعتقد نساؤنا مخطئات ومتوهمات بأنه أسلوب تربية حديثة،
ويحتاج هذا الأسلوب الحديث و"الراقي" حسب مزاعمهن إلى التخلص من مواطن الضعف والتخلف والرجعية المتعلقة بالانتماء للهوية العربية والتمسك بمبادئ الدين سواء الإسلامي أو المسيحي والاعتزاز بالأصول والجذور، والالتزام بالأخلاق الفاضلة والتقيد بأعراف المجتمع وعاداته وتقاليده الطيبة والنبيلة، والشعور بالفخر والاعتزاز بالدين واللغة والتراث،
ويتناسين أو يتجاهلن حقاً أن هذا الانسلاخ الذي يغذين به أطفالهن سيؤثر سلباً على حياة ومستقبل أبنائنا بل وعلى مستقبل الوطن العربي ككل والذي يمثل الأطفال صلبه وقوامه وعماده المتين ، إن المساس بالتكوين الفكري والأخلاقي لهؤلاء الأطفال سيشوّه معتقداتهم وعواطفهم وسلوكاتهم وسيشتت أفكارهم ووولاءهم واتجاهاتهم؛
لأنهم سينشأون مفصومين فكرياً ونفسياً ومنقسمين ذهنياً ووجدانيا ما بين المجتمع المحلي والبيئة المحيطة والواقع الذي يعيشون بين جنباته وبين محاولات الهروب من والانسلاخ عن هذا المجتمع والواقع وهذه البيئة والحقيقة وهم في الوقت ذاته غير قادرين على التكيف مع واقعهم الحقيقي هذا وغير منسجمين مما ينشأعنه أمراض نفسية قد تؤثر على سلوكياتهم حيث الذوبان التام في الشخصيات الأجنبية و قولبتهم داخلها، فالانبهارات السطحية التي لم ترقَ إلى تفكير عميق وواع بكيفية انتقاء الأنسب والأصلح من الآخر والتحاور معه والأخذ عنه دون أن تعني طمس الشخصية الأصيلة بل وضياع الانتماء للوطن والأهل ووبسبب عقدة النقص وانعدام الثقة فينشأ لدينا جيل مستغرب وممزق وحائر ما بين حقيقة
أننا عرب ومحافظون ومتدينون وبين الصورة المزيفة التي نحاول تقمصها والثوب الضيق الذي نحاول أن نحشو الجسد العربي فيه والذي لا يناسب مقاسات وتفاصيل الجسد العربي بتركيبته الفكرية والنفسية والعقائدية والثقافية والاجتماعية ولا حتى الاقتصادية والتاريخية.
أن يتقن أطفالنا اللغة الإنجليزية شيء جميل من حيث أنها لغة دولية وعالمية، حيث العولمة التي تحتم علينا أن نكون ملمين بلغة ثانية وثالثة ولكن بدون المساس بعروبتنا ،
علينا أن نشجع أطفالنا على معرفة لغة الآخر وثقافته وعلمه،وخاصة في المجال العلمي،
ونتساءل متى سيدرك الآباء وخاصة الأمهات أن كل ما يتعرض له أبناؤنا من تشتيت وتغريب وضياع هو غير ناجم عن العولمة والغزو الثقافي الذي يرزح مجتمعنا تحت كلاكله فقط؟
إنما مرده أيضا للازدواجية التي يعيشها الآباء والأمهات أيضا، ومفاهيمهم الضبابية حول مبادئ الحداثة والتطور والتقدم والرقي، وضياعهم هم أنفسهم بين واقع عاشوه في قراهم وعلى ظهر الجمل وبين وهم زائف يحاولون تلفيقه لهم ورسمه في مخيلة أبنائهم وشما باهتا دميما.
إن غياب رقابة الآباء وتملص الأمهات من مسؤولياتهن تجاه أطفالهن وإلقاء مسؤولية تربيتهم وتنشئتهم على عاتق الخدم والقنوات الفضائية، وجهلهن بدورهن الرئيسي في تعليم أطفالهن معاني الانتماء والالتزام،سيدمر تلك الفئة المهمة من المجتمع والتي هي ثروة حقيقية سنندم على ضياعها يوم لا ينفع الندم ".
منقول