• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

التقصير في تربية الأولاد(2)

:bs:



_تزويج البنات بغير الأكفاء: فمن الآباء من لا يقصِّر في المبادرة إلى تزوج ابنته، ولكنه يقصر في اختيار الزوج المناسب، فتراه لا يتحرى الكفؤ الذي يُرضى دينُه وخلقُه، إما لقلة اهتمامه بأمر ابنته، أو لرغبته في التخلص من تبعتها وبقائها بلا زوج، وإما لعجلته وخرقه، وإما لطمعه في المال إذا تقدم إليه غني، أو لرغبته في الوجاهة والمنصب والسمعة إذا تقدم له من هو كذلك، أو يزوجها للقريب الذي يستحيي من رد طلبه.
أما الدين القويم، والخلق الكريم فلا يخطر بباله، ولا يدور في خياله.
ولهذا قد تبتلى بتارك للصلاة، أو مدمن للمخدرات، أو شرس الأخلاق، جافيْ الطبع.
ولا حرج أن يسأل الإنسان عن المنصب، والحسب، والنسب، ونحو ذلك من الاعتبارات.
لكن الحرج أن تكون هي المحكَّمةَ في المفاضلة، والترجيح دون اعتبار للدين والخلق، وهذا من الخلل والتفريط ( ) .
41_ إرغام البنت على الزواج بمن لا تريده: فمن الآباء من إذا خطبت إليه ابنته، واقتنع بالخاطب_أيَّاً كانت دوافع الاقتناع_أعطى الموافقة التامة دون أن تعلم البنت بشيء; فإذا قرُبَ موعد الزفاف همس الولي في أذنها; كي تهيئ نفسها لزوجها.
وهذا من الخلل; فقد لا ترضى البنت بالزوج; فإذا أجبرت على الزواج منه كانت حياتهما ضرباً من النكد.
ولهذا جاء الشرع الحكيم بمنع الولي من إكراه موليته على الزواج; لأن ذلك ليس من حقه، جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة÷أن النبي"قال: =لا تُنْكَح الأيِّمُ حتى تستأمر، ولا تُنْكَح البكر حتى تستأذن+.
قالوا: يا رسول الله! وكيف إذنها? قال: =أن تسكت+ ( ) .
وعلى هذا فلا يجوز تزويج المولية بغير إذنها، ولا يعني اشتراط إذنها أن الولي غير لازم في نكاحها; فالصواب من القول أن تتفق إرادتها وإرادة وليها في التزويج.
نعم لوليها أن يحاول إقناعها بالزواج إذا كانت ترفضه، وله إقناعها بالزوج الصالح إذا كان ترده، ولكن ليس له إجبارها.
ولا يعني ذلك أن تتعنَّت المرأة بحجة أنها لا تجبر ( ) .
42_ دخول الوالد في كل صغيرة وكبيرة من أمر ولده إذا تزوج: فمن الوالدين _أباً كان أو أماً_من يفرض وصاية عامة، ويضع سياجًا محكماً على أولاده بنين وبناتٍ حتى بعد أن يتزوجوا; فتراه يتدخل في شؤونهم الخاصة، ويأتي بيوتهم على غِرَّة، ويفرض أراءه التي قد تكون مجانبة للصواب.
وهذا من الخلل في التعامل مع الأولاد; فاللائق بالوالد أن يترك أولاده يعيشون حياتهم الخاصة بهم، وألا يكون حجر عثرة في طريق سعادتهم.
ولا يعني ذلك أن يترك مناصحتهم، ودلالتهم على ما فيه صلاحهم وفلاحهم، وإنما المقصود من ذلك لزوم الاعتدال في شتى الأحوال.




هذه بعض مظاهر التقصير في تربية الأولاد، فماذا نؤمل بعد هذا الإهمال? وماذا سنحصد من جراء ذلك التقصير?
أَوَبعد هذا نطمع في استقامة الأولاد? نحيطهم بكل ما يؤدي إلى الانحراف، ثم نرجو بعد ذلك صلاحهم وفلاحهم?
ومن هنا نعلم أية جناية نجنيها على الأولاد حين نقذف بهم إلى معترك الحياة في جو هذه التربية الخاطئة، ثم ما أسرعنا إلى الشكوى منهم حين نراهم منحرفين أو عاقين أو متمردين; ونحن قد غرسنا بأيدينا بذور هذا الانحراف، أو العقوق، أو التمرد ( ) .
أين تربيتنا_في هذه الأعصار المتأخرة_من تربية سلفنا الصالح الذين خروجوا لنا أكرم جيل، وأفضل رعيل لا يدانيهم أحد من بعدهم، ولا يبلغ شَأْوَهَمْ مَنْ لحق بهم.
فمن كان وراء هؤلاء الأبطال? ومن الذي صنع أولئك الرجال?
إننا لو سبرنا أحوالهم، وتتبعنا سيرهم_لوجدنا أن وراء كل واحد منهم_بعد توفيق الله_أباً عظيمًا أو أمَّاً عظيمة يربون أولادهم على تطلاب الكمال، ونشدان المعالي.
ولنأخذ نماذج لبعض الأمهات ممن كن وراء الخدور، يربين الأولاد، ويغرسن الفضيلة في جوانحهم، ويثبتن دعائمها في مسارب دمائهم.



1_ هذا الزبير بن العوام÷تربى في حجر أمه صفية بنت عبد المطلب_رضي الله عنها_ونشأ على طبعها وسجيتها، تلك المرأة الشجاعة الكريمة.
ومن صور شجاعتها ما كان منها في معركة أحد، عندما أغرت هند بنت عتبة_رضي الله عنها_بحمزة بن عبد المطلب÷مَنْ خالسه فصرعه، وكان قد قَتَل آلها يوم بدر_فنفذت إليه، فبقرت بطنَه، ونزعت كبدَه، وجدعت أنفه، وصَلَمَتْ أذنيه، وعندما انقضت المعركةُ كادت جثمان حمزة تحيل من فرط ما مُثِّل به، فلما وقف به رسول الله"اشتد حزنه لما أصاب عمّه البطل الكريمَ، ووقف بنجوة منه، ثم أبصر فوجد عمَّته صفية بنت عبد المطلب مقبلةً، لتنظر ما فعل القوم بأخيها، فقال رسول الله"لابنها الزبير بن العوام: =دونك أمك فامنعها+ وأكبر همه ألا يجدَّ بها الجزع لما ترى، فلما وقف ابنها يعترضها قالت: =دونك لا أرض لك لا أم لك+.
وهنالك ارتجفت أحناء بطل قريش، وزلزلت قدماه، واعتقل لسانه، وكر راجعاً إلى رسول الله"فحدثه حديث أمِّه فقال: =خلِّ سبيلها+.
ثم انفرجت صفوف الناس لعمة رسول الله"فسارت حتى أتت أخاها فنظرت إليه، فصلت واسترجعت، واستغفرت له، وقالت لابنها: =قل لرسول الله ما أرضانا بما كان في سبيل الله، لأحتسبن، ولأصبرن إن شاء الله+.
2_ وهذا أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب÷تَنَقَّل في تربيته بين صدرين من أملأ صدور العالمين حكمةً، وأحفلها بجلال الخلال وكريم الخصال، فكان مغذاه على أمه فاطمة بنت أسد، ومراحه على أم المؤمنين خديجة بنت خويلد_رضي الله عنها_.
3_ وهذا أمير المؤمنين، أريب العرب، وألمْعِيُّها معاوية بن أبي سفيان _رضي الله عنهما_ من كان وراءه? لقد كان وراءه أمٌّ عظيمة هي هند بنت عتبة_رضي الله عنها_وهي القائلة وقد قيل لها ومعاوية وليد بين يديها: إن عاش ساد قومه. قالت: ثكلته إن لم يسد إلا قومه.
وكان معاوية إذا نوزع الفخر بالمقدرة، وجوذب بالمباهاة بالرأي_انتسب إلى أمه، فصدع أسماع خصمه بقوله: أنا ابن هند.
4_ وهذا عبد الله بن الزبير÷كان وراءه أم كريمة شجاعة هي أسماء بنت أبي بكر الصديق_رضي الله عنهما_وهي القائلة وقد نعي ابنها عبد الله: =ما يمنعني وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل+.
وهي القائلة_أيضاً_قبل ذلك عندما استشارها ابنها عبد الله بن الزبير في قتال الحجاج: =اذهب والله لضربة بالسيف على عزٍّ أفضل من ضربة بالسوط على ذل+.
5_ وهذا أمير المؤمنين أعدل الملوك وأورعهم، وأزهدهم أبو حفص عمر بن عبد العزيز_رحمه الله تعالى_من كان وراءه? إنها أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب أكملُ أهل دهرها كمالاً، وأكرمهم خلالاً.
6_ وهذا عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز، ذلك الفتى الذي كملت مروءته، وتناهى سؤدده فكان مضرب المثل في العلم والشجاعة، والزهد والعبادة بالرغم من أنه توفي وهو في التاسعة عشرة من عمره.
فمن كان وراءه? لقد كان وراءه والده الزاهد عمر بن عبد العزيز، وأمه فاطمة بنت عبد الملك بن مروان ( ) .
7_ وهذا سفيان الثوري، وما أدراك ما سفيان الثوري?
إنه فقيه العرب، ومحدثهم، وأحد أصحاب المذاهب الستة المتبوعة، إنه أمير المؤمنين في الحديث.
وما كان ذلك العلم الشامخ، والإمام الجليل إلا ثمرةَ أم صالحةٍ، حفظ لنا التاريخ مآثرها وفضائلها ومكانتها، وإن كان ضنَّ علينا باسمها.
روى الإمام أحمد بسنده عن وكيع قال: =قالت أم سفيان لسفيان: يا بني: اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي+.
فكانت_رحمها الله_تعمل وتقدم له; ليتفرغ للعلم، وكانت تتخوله بالموعظة والنصيحة; قالت له ذات مرة_فيما يرويه الإمام أحمد_: =يا بني إن كتبت عشرة أحرفٍ فانظر هل ترى في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك، فإن لم ترَ ذلك فاعلم أنها تضرك ولا تنفعك+.
8_ وهذا الإمام الحبر، الفقيه البحر، العالم النحرير; الذي دَنَتْ له قطوف الحكمة، ودانت له نواصي البلاغة، إنه محمد بن إدريس الشافعي الذي ملأ أقطار الأرض علمًا وفقهًا وفضلاً_كان ثمرة الأمِّ العظيمة، فقد مات والده وهو جنين أو رضيع، فتولته أمه بعنايتها، وأشرقت عليه بحكمتها،وكانت امرأة من فضليات عقائل الأزد.
9_وهذا أمير المؤمنين عبد الرحمن الناصر: الذي ولي الأندلس، وهي ولاية تميد بالفتن، وتشرق بالدماء، فما لبث أن قرَّتْ له، وسكنت لهيبته، ثم خرج في طليعة من جنده، فافتتح سبعين حصنًا في غزوة واحدة، ثم أمعن بعد ذلك في قلب فرنسا، وتغلغل في أحشاء سويسرا، وضم أطراف إيطاليا، حتى ريَّض كل أولئك له.
وبعد أن كانت قرطبة دار إمارة يُذْكر فيها الخليفة العباسي على منابرها، وتمضي باسمه أحكامها_أصبحت مقر خلافته، يحتكم إليها عواهل أوروبا وملوكها، ويختلف إلى معاهدها علماء الأمم، وفلاسفتها.
أتدري ما سر هذه العظمة? وما مهبط وحيها? إنها المرأة وحدها; فقد نشأ عبد الرحمن يتيمًا قتل عمُّه أباه، فتفردت أمه بتربيته، وإيداع سر الكمال وروح السمو في نفسه، فكان من أمره ما علمت.
10_وربما تقول_أيها القارئ الكريم هؤلاء هم السلف الأوائل، فـ:
لا تَعْرِضَنَّ بذكرهم مع ذكرنا
ليس الصحيح إذا مشى كالمقعدِ

وأقول لك: إن الأمثلة في هذا السياق لا تكاد تنقضي; فالخير_ولله الحمد_موجود في هذه الأمة، وإليك هذا المثال لإمام من أئمة العلم، والفضل، والزهد، والتقى ولد عام 1330هـ وتوفي عام 1420هـ_بعد أن خلَّف سيرة غرّاء، وذكرًا أطيب من ريح المسك، بعد أن ملأ الدنيا علماً وفضلاً، وإصلاحاً; إنه سماحة الإمام العلامة الحبر البحر الشيخ عبد العزيز بن باز_رحمه الله رحمة واسعة_لقد مات والده وهو صغير; حيث إنه لا يذكر والده، وكان ضعيف البنية في صغره; حيث لم يستطع المشي إلا بعد أن بلغ الثالثة من عمره; فمن كان وراءه حتى صار إلى ما صار إليه?
لقد تعهدته والدته بالتربية، والعناية; فكان_منذ نعومة أظفاره_سبّاقاً للخير، مواظباً على الطاعات، مبكراً للصلوات، وكان معروفاً بالكرم منذ صغره، ومنذ أن كان يطلب العلم على المشايخ; فكان إذا سلم عليه أحد دعاه إلى غدائه أو عشائه، وكان يأخذ زملاءه في الضحى; ليطعمهم التمر وما تيسر، مع قلة ذات اليد، وشظف العيش آنذاك.
ألف المروَّة مذْ نشا فكأنما
رضع اللبانَ بها صبيَّاً مُرْضعاً

ولقد كانت أمه_بعد توفيق الله_نعم المعين والمربي والموجه له.
وإلا كيف يبلغ هذه الإمامة وذلك التفرد مع يُتمه، ومع مرض العيون الذي أصابه في سن السادسة عشرة، وذَهَب ببصره وعمره تسع عشرة سنة; وما زالت أمه وراءه حتى توفيت وعمره خمس وعشرون سنة ( ) .




هذه نماذج عطرة، وصور مشرقة من سيرة السلف في التربية، تأخذ بالألباب، وتثير في النفس دواعي الإعجاب.
وإن الإنسان إذا رأى ما عليه الأولاد في هذه الأزمنة من التمرد والانحراف، ورأى ما عليه الآباء من الغفلة والإعراض، وقارن حالنا بحال السلف الصالح، إن الإنسان إزاء هذا ليكاد اليأس يدِبُّ إلى قلبه، وينفث آثاره في روعه.
ولكن مهما يكن من شيء فالمسلم لا ييأس، ولا ينبغي له، فالذي أصلح السلف قادر على إصلاح الخلف، وهذه الأمة كالمطر; الخير في أولها وآخرها.
فالأمر_بعد توفيق الله_بأيدينا، وذلك إذا أخذنا بالأسباب، ودخلنا البيوت من الأبواب، وسعينا في البحث عن العلاج، وأصحلنا الخطأ وقومنا الاعوجاج.
فيا معشر الآباء والأمهات: شمروا عن ساعد الجد، واقدحوا لتربية الأولاد الزند، واستفرغوا لذلك الطاقةَ والجهد; فوالله لو لم يأتكم من تربية الأولاد إلا أن تكفوا شرهم، وتسلموا من تبعتهم.


:k08:
 
موضوع رائع

يا عبدالوهاب محمد

موضوعكم نال أعجابنا وشكرا لكم على الطرح

نأمل منكم المزيد

جزاكم الله خيرا



سعدنا بتواجدكم
لا تحرمونا من هذه المشاركات الجميلة
والمواضيع الهادفة

سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك


====================
ملحوظة : هذا رد آلي على الموضوع
 
أعلى