• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

الحكم على الشئ فرع عن تصوره

:bs:

أنه إذا برزت الفتن وتغيرت الأحوال , فلا تحكم على شئ من تلك الفتن أو من تغير الحال إلا بعد تصوُّره ؛ رعاية للقاعدة: « الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره».

وهذه القاعدة رعاها العقلاء جميعاً قبل الإسلام وبعد الإسلام , ودليلها الشرعي عندنا في كتاب الله جل وعلا : قال الله جل وعلا : (ولا تقف ما ليس لك به علم .) ؛ يعني : أن الأمر الذي لا تعلمه ولا تتصوره ولا تكون على بينه منه؛ فإياك أن تتكلم فيه , وأبلغ منه أن تكون فيه قائداً , أو أن تكون فيه متبعاً , أو تكون فيه حكماً .

« الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره »

وهذه القاعدة أنتم تستعملونها في أموركم العادية , وفي أحوالكم المختلفة , العقل لا بدَّ له من رعاية تلك القاعدة , ولا يصلح تصرفٌ ما ؛ إلا بأن يرعى تلك القاعدة ؛ لأنه إن لم يرع تلك القاعدة ؛ فإنه سيخطئ ولاشك , والشرع قرَّرها أيما تقرير , وبين تلك القاعدة أيما بيان .

أضرب أمثلة لكي تتضح تلك القاعدة :

- فمثلاً : لو سألت واحداً منكم , وقلت له: ما حكم الإسلام في بيع المرابحة ؟

قد يأتي قائل ويقول : الربح مطلوب , الربح لا شئ فيه في الشرع ؛ فلا بأس في بيع المرابحة .

فيكون حكمه على هذه المسألة غلط صرف ؛ لأنه لم يتصور المراد بقول القائل : ما حكم الإسلام في بيع المرابحة ؟ وظن أن معنى المرابحة : هو الربح في البيع , ولأجل تصوره الذي غلط فيه أخطأ في الحكم الشرعي.

والحكم في الشرع لا بدَّ أن يُبنى على تصور صحيح , والمرابحة نوع من أنواع البيع الذي لا يجوز , تستعمله بعض البنوك الإسلامية تحايلاً على الربا , وصورته أنه مبنيُّ على توكيل للغير, وبعد التوكيل يكون هناك إلزام بالوفاء بالوعد ؛ فالوعد الذي وعده الموكل لوكيله هو ملزم بالوفاء فيه , وهذا لا يجوز في الشرع , فكان بيع المرابحة غير جائز.

- مثالاً أخر يبين لك قاعدة « الحكم على الشيء فرع عن تصوره » : لو سألت واحداً منكم : ما حكمناً على جماعة « شهود يهوه » ؟ ماذا سيقول أحدكم ؟

إن كان مطلعاً ؛ فسيقول : هذه جماعة كيت وكيت , وحكم الإسلام فيها كذا وكذا .

وقد يكون قائل يقول : لا أعلم ما هذه الجماعة جماعة شهود يهوه ؟ ولم أسمع بها قبل ؛ فهنا لا تستطيع أن تحكم عليها , ولا تبين حكما شرعياً فيها ؛ لأنك لم تتصور هذه الجماعة ؛ ماهي ؟ وما مبادئها ؟ وهل هي إسلامية أو نصرانية أو يهودية ؟ فلن تحكم عليها إلا بعد تصورها .

إذا تبين لك ذلك ؛ فإن الحاكم أو المفتي أو المتكلم في المسائل الشرعية لا يجوز له أن يتكلم – رعاية لحق نفسه , ورعاية لخلاص نفسه من الإثم , ثم رعاية لحق المسلمين جميعاً , وتبرياً من القول على الله بلا علم - ؛ إلا إذا حصل له أمران :

* الأمر الأول : أن يتصور القضية المطروحة تماماً ؛ بحيث لا تلتبس عليه في قضية أخرى , ولا تشترك في تصوره وفهمه بمسألة أخرى , لأنه أحياناً تشترك بعض المسائل , وتقترب صورة مسألة من صورة مسألة أخرى , فينتقل ذهنك إلى مسألة مشابهة ؛ فعند ذلك تقع في ذلك الخطأ.

* الأمر الثاني : أن تعلم حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة بعينها , لا في المسألة التي تشبهها.

وإذا ثبت ذلك ؛ فها هنا سؤال مهمُّ : يقول أحدكم : كيف يحدث لي هذا التصور ؟! كيف أتصور هذه المسألة ؟! وممَّن أتصورها ؟! فإن المسائل مشتبه ومتشابهة , وبعضها يشكل وبعضها قد لا أجد مَن يبيِّنه لي ويصوِّره لي التصور الصحيح .

فنقول : التصور الذي ينبني عليه الحكم الشرعي هو ما كان :

أولاً : من المستفتي : فإن المستفتي هو الواقع في المسألة ؛ فإذا سأل وإذا شرح مسألة ؛ حصل التصور ؛ فالمفتي يبيُّن له ذلك الحكم وفق استفتائه.

ثانياً يكون التصور بنقل العدول الثقاة المسلمين , الذين لا يشوب نقلهم شائبة تجعلهم يخطئون في النقل ومن ثم نخطئ في الحكم على الشيء , لا بد من نقل عدلٍ ثقة في المسألة .

فعند ظهور الفتن , واختلاف الأحوال ؛ لا يجوز أن نعتمد على كلام كافر مثلاً ؛ ذكر تصوره أو ذكر تحليله في إذاعة ما , أو ذكر تصوره وتحليله في مجلة ما , أو في تقريرٍ ما ,

هذا لا يجوز شرعاً أن يبني عليه حكماً شرعيّاً , وإنما الحكم الشرعي يبني على نقل المسلم العدل الثقة .

فأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقبل ممَّن يأتي بها ؛ إلا إذا كان الإسناد بنقل عدول ضابطين عن مثلهم إلى منتهاه , إذا كان في الإسناد فاسق ؛ فإنه قد انخرمت مروءته , وإذا كان في الإسناد مَن ليس بضابط , من يأتي بشيء ويخلطه مع شئ أخر ؛ فإنه لا يقبل , ولا ينبني على ذلك الحديث حكم شرعي .

ولهذا ؛ فإنه لا بدَّ من رعاية هذه المسألة .

تلخَّص من هذا : أن هذه القاعدة : « الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره » : أساسها التصور , ولا يمكن أن يكون صحيحاً في الشرع إلا إذ كان من مسلم عدلٍ ثقة , أو كان من المستفتي نفسه , ولو كان فاسقاً.

:k08:
 
أعلى