• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

الصبر مفتاح الفرج

الصبر مفتاح الفرج
[justify]نعم الصبر مفتاح الفرج فى الدنيا والآخرة. وهو عملية خاصة وبالغة الأهمية فى حياة المؤمن متمايزة عن الإيمان, وإن كانت جزء لا يتجزأ منه، ومتمايزة عن التقوى, وإن كانت جزأ لا يتجزأ منها، فهى صفة خاصة تحتاج إلى الرعاية والتنمية، وهى كما ذكرت من قبل منتهى الإيجابية، وليست صفة سلبية - كما يردد البعض - مرتبطة بالهوان والذلة والمسكنة، بل هى مرتبطة بالدوام على العبادة والعمل الصالح والجهاد. فالصبر يماثل ما يقول الرياضيون عن قوة الأحمال، وزيادة الأحمال فى الرياضة تعنى ارتفاع اللياقة البدنية، والقدرة على تحمل العدو أو السباحة لفترات طويلة، وهو أمر يحتاج إلى تدريب، حتى لا تتقطع أنفاس الرياضى بعد عدة أمتار. والنفس البشرية لا تختلف عن الجسد من هذه الزاوية، فهى تحتاج إلى مران وتدريب وتربية وتقويم. الصبر يعنى التمسك بالحق والطريق المستقيم والثبات عليه رغم المصاعب والعقبات والحواجز التى تواجه المؤمن فى الحياة، يعنى قوة التحمل وعدم استعجال النتائج فى الدنيا والآخرة. فالتمكين لدين الله فى الأرض ليس طريقا مفروشا بالورود, فدونه الصخور والهضاب والجبال الوعرة، والتمكين لدين الله فى الأرض أشبه بالسفر البعيد, والمسافر فى حاجة إلى دابة لتوصله إلى هدفه، والصبر هو هذه الدابة (جمل أو سيارة أو أتوبيس أو قطار.. إلخ) فقد يقول البعض للداعية يا أخى كلنا مؤمنون بالله ونسعى للآخرة.. ولكن هذا السعى لا يتحقق لمنتهاه إلا باستخدام وسيلة مواصلات! فبين التصديق بالله والنطق بالشهادتين وبين نقطة الانتصار مسافة لابد من قطعها, أما الإيمان بالله والانكماش على العبادة والعزلة عن المجتمع فهى لا تحتاج لكثير من الصبر، أما الانتقال من المحطة الأولى (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله) وإقامة الدين فى المجتمع فهو الذى يحتاج إلى الصبر، وهو ليس مجرد تحمل مرور الوقت، بل لابد أن يكون هذا الوقت مشغولا بالعمل الصالح المؤدى إلى المحطة النهائية وإخلاص النية لله فى عملية إقامة الدين فى الدنيا (إقامة الدولة الإسلامية) هو فى ذات الوقت الطريق إلى الجنة، سواء لحق المؤمن بلحظة الانتصار أو مات أو استشهد قبلها، وبالتالى فإن الصبر هو وسيلة الانتقال إلى جنة الخلد. وقد قرنت آيات القرآن الكريم بين الصبر ودخول الجنة فى ثمانى آيات, أما الصبر كصفة أساسية للمؤمنين فقد وردت فى القرآن 90 مرة. بل إن المدد بالملائكة مرهون بالتحلى بالصبر: {بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ} (آل عمران: 125), بل لقد قدمت بعض الآيات الصبر على الصلاة! {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} (البقرة: 45), بل كانت من أوائل الآيات التى نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} (المدثر: 7), {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلا} (المزمل: 10).
[/justify]

[justify]ومن الآيات التى تمس شغاف القلوب: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}(الطور: 48), ما أجمل وما أروع أن يكون الصابر المحتسب بأعين الله، فهل توجد حماية وحفظ ورعاية أكبر من ذلك، وهل توجد لغة حميمة أكثر من ذلك، من الخالق للمخلوق, والذين يتخلون عن الجهاد مكتفين بأداء العبادات فما حاجتهم للصبر، هل لمجرد القيام مبكرا لأداء صلاة الفجر؟ هل لتحمل الصيام فى رمضان بينما يقوى الصبية عليه؟! إن المكتفى بالعبادات ما يزال فى المحطة الأولى لا يكاد يتحرك منها. وبالتالى لا يحتاج وسيلة مواصلات (الصبر) للمحطة النهائية. ولا شك أن المؤمن يحتاج للصبر لتحمل ما يتعرض له من كوارث شخصية كموت عزيز أو نكبة مالية, ولكن كل ذلك يظل على حواف المحطة الأولى, فهذه الكوارث يتعرض لها المؤمن والكافر على السواء. ولكن الابتلاء الخاص بالمؤمنين هو الذى يتعرضون له فى طريقهم لنصرة الدين: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ}(الصف: 14) وهذا هو اختبار الصبر الحقيقى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ} (الفرقان: 20), وقصة سيدنا يونس هى قصة الصبر: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ} (القلم: 48), حيث يوجه الله سيدنا محمد أن يصبر على قومه ولا يضيق بهم وأن يحتمل شكهم، وعنادهم، وكفرهم, وأن يصبر على مشاق الدعوة وعنائها وآلامها, ولا يتصرف كما تصرف يونس من قبل، إذ ضاق صدره بعناد قومه فخرج من بلده غاضبا على قومه هائما على وجهه، فعاقبه الله على تسرعه ثم تاب عليه ونجاه مما وقع فيه من ضيق. فالصبر مرتبط بشيئين:
[/justify]
[justify]1- أنه اختبار للإنسان على الابتلاء فى سبيل الله، فإذا لم يصبر فهو عمليا رفض البيعة مع الله، فكيف يحصل على سلعة الله الغالية (الجنة) ما الذى قدمه ثمنا لها؟!
[/justify]
[justify]2- أنه من سنن الله فى خلقه أن التغيير والإصلاح يحتاج إلى زمن، بل ينطبق ذلك حتى على قوانين الطبيعة: خلق السموات والأرض فى ستة أيام (أى ستة مراحل) وكل الظواهر الكونية مرتبطة بتفاعل يحتاج لزمن محدد. كذلك فإن إصلاح المجتمعات ليس نزهة قصيرة، بل يحتاج السنين والعقود من المعاناة والمكابدة.
[/justify]
[justify]المهم أولا أن تتأكد أنك على الطريق المستقيم, وإذا كان الأمر كذلك, فليس أمامك سوى الصبر أى المتابعة والإصرار وتثبيت الأقدام حتى تصل للنهاية أو تموت أو تستشهد دونها. أعلم أن الصبر يشمل الصبر على العبادة وعلى الاستقامة الشخصية والخلق الحميد والعمل الصالح عموما، ولكن ليس هذا كافيا بدون الجهاد لإعلاء كلمة الله، والرسول عليه الصلاة والسلام لم يكتف بافتتاح مدرسة للأخلاق الحميدة، ولكنه ربط ذلك بمحاربة الشرك، والظلم والطواغيت، ولقد عُذب الصحابة وعانوا ليسوا لأنهم على الأخلاق الحميدة، ولكن لأنهم حاربوا الطاغوت وسعوا لإقامة الدين، أى إقامة دولة إسلامية. والجهاد كما ذكرنا له ثلاث شعب: الجهاد بالكلمة وبالمال والقتال. والجهاد بالنفس يدخل تحت بندى جهاد الكلمة، وجهاد القتال.
[/justify]​
{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا}(الإنسان: 24).​
 
أعلى