• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

تركُ الاستخبارِ أيّامَ الفتنة

:bs:


تركُ الاستخبارِ أيّامَ الفتنة



إنّ تتبّع أخبار الفتن هو أوّل طريقٍ للتورّط فيها ؛ لأنّ الإعلام عموما أخطر سحر للتأثير في عقليّة المصغي إليه ، فكيف إذا كان الإعلام خاصّا بالفتن التي تهزّ كِيانَ الإنسان ؟! فكيف إذا كان الإعلام مأخوذا من مخبرين لا يُعرفون بعدالة ؟! فكيف إذا كانوا كفّارا أصلا ؟! إنّ من الخطورة بمكان أن يستسلم المبتلون بتتبّع الأخبار السّياسيّة للإعلام الكافرليطعن بعضهم على بعض و يتنكّر بعضهم لبعض ، وما هيّج بعضهم على بعض إلا تلك الأخبار التي ما جعلهم يصدّقونها إلا الانبهار بالغرب الكافر ! و إذا كان الله قال في فاسق المسلمين : { يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } ( الحجرات : 6 ) فكيف بخبر الكافر أو المنافق و قد قال فيهم : { يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ وَ فِيكُمْ سَمَّّاُعونَ لَهُمْ } ( التوبة : 47 ) .


إنّ في أخبار الفتن جاذبيةًّ لا تُجهل ، لما فيها من غرائب ، والإنسان نسيب كلّ غريب ، ولذلك كان السّلف يجتهدون في صمّ آذانهم عنها ، فيحفظون سمعهم من التّطلّع إليها كما يحفظون ألسنتهم من التكلّم فيها ، مع أنّهم كانوا ذوي قلوب قويّة ، وعلى خبرة واسعة بالفتن الغويّة ، لا سيما بعد مقتل عثمان رضي الله عنه ثمّ فتنة الجمل و صفّين ، روى ابن سعد ( 7/143 ) بسند جيّد أنّ مطرّف بن عبد الله قال : " لبثتُ في فتنة ابن الزّبير تسعًا أو سبعًا ما أَخبرتُ فيها بخبر و لا استخبرت فيها عن خبر " . (*و السّرّ في ذلك أنّه ما استخبرَ مستخبرٌ إلاّ كان له رأي في الخبر ، فإذا كان له رأي استفزّه ذلك إلى التحرّك معه ، و من تحرّك مع الفتن أصابه من شررها إن لم ينغمس في نارها ، روى حربٌ الكرماني في " مسائل الإمام أحمد ابن حنبل و إسحاق بن راهويه " ( ص395 ) عن شريح قال : " كانت الفتنة سبع سنين : ما خبرت فيها و لا استخبرت ، وما سلمت ! قيل كيف ذاك يا أبا أميّة ؟ قال : ما التقت فئتان إلا و هواي مع إحداهما ! " .



و لذلك قيل إذا كنت من أهل الفطن فلا تدر حول الفتن ، و قد كان من السّلف من عمي بصره قبل أن يرى الفتنة و يعلم من أخبارها ، فجعل يحمد الله على ذلك ، روى البخاري في " التاريخ الصغير " ( 1/442 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 29/482 ) بإسناد صحيح عن سليمان بن يسار " أنّ أبا أسيد كانت له صحبة فذهب بصره قبل قتل عثمان ، فلمّا قُتل عثمان قال : الحمد لله الذي منّ عليّ ببصري في حياة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أنظر بهما إليه ، فلمّا قبض الله نبيّه و أراد الفتنة بعباده كفّ بصري " .


و اعلم أن النّاس يخالفون هذا الباب بقولهم : من لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم ، وبعضهم يجعله حديثا نبويًّا ، ومن هنا يدخل عليهم الشيطان و الجواب : أنّ الحديث غير صحيح أوّلا ، انظر " السلسلة الضعيفة " للشيخ الألباني رحمه الله ( 310 ) ، ولو صحّ معناه ثانيا فإنّ حالة الفتنة مخصوصة من عموم معناه ، فيكون القول الصحيح أنّ المسلم يهتمّ بأمر المسلمين عموما ، فإذا وقعت الفتنة لزم خاصّة نفسه ؛ لأنّ الذي أمر بالسعي في حاجة الإخوان ، هو الذي أمر بلزوم خاصّة النفس و صمّ الآذان ، وهو رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ، فهذه في حالتها ، وهذه في حالتها ، بل يكون عند الفتنة ترك تتبّع الإعلام هو عين الاهتمام بأمر المسلمين ؛ لأنني لو سكتُّ عنها أنا و سكتَّ أنت لم يجد الشّيطان آذانا صاغية يسوّق من خلالها تحريضاته .



من كتاب" تمييزُ ذوي الفطنِ بين شرفِ الجهاد و سَرَف الفتنِ " للشيخ عبد المالك رمضاني حفظه الله

منقول
:k70:
 
أعلى