رد: تعلم التنمية البشرية من الأنبياء
يجب أن تبقى الباب مفتوحا بينك و بين الآخرين
[align=center]
وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ
(58)) [/align]فدخلوا عليه دون انتظار, ويفهم ذلك من الفاء الدالة على
الفورية, فعرفهم بعد أن دخلوا عليه, وليس قبل ذلك, كما أنهم لم يدخلوا عليه
بسبب سابق معرفتهم به, ولكنهم دخلوا وهم له منكرون.
مما يدل على إرسائه عليه السلام قواعد العمل بين الوزراء المسئولين وبين الناس
حتى الآتين منهم من خارج البلاد, فكل صاحب حق له أن يصل إلى المسئول,
الذي يقوم على خدمته فيوفي له الكيل ويكون خير المنزلين.
أستخدم علمك و معرفتك فى خدمة الناس[/b]
يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ
عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46)
قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47)
ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ (48)
ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)
ويضع ما علمه الله من تأويل الأحاديث في خدمة الحضارة الإنسانية كلها حين بدأ في
تنفيذ ما أوّله من رؤيا الملك على شكل خطة اقتصادية طويلة المدى لمدة خمس
عشرة سنة, ترشّد تصرفات الناس وسلوكياتهم الاقتصادية والعملية, تشمل كيفية
التصرف في السنين التي يفتح الله فيها للناس من رحمته, فيوصي فيها بالعمل دأبا
رغم سهولة الحياة ويسرها. وبعد الحصول على الرزق فإن على الإنسان ألا يأخذ
منه إلا بالقدر الذي يكفي لطعامه وشرابه وضرورياته, دون إسراف ولا تبذير, رغم
الوفرة والكثرة في الرزق, فيعودهم على الادخار..
أما الإنسان الذي كسل وقت الوفرة, فإنه سيجد نفسه مضطرا للعمل حتى يحصل
على حاجاته الضرورية, ولكنه في هذا الوقت لن تكون لديه خبرات للعمل بسبب
كسله وتقصيره السابق, إلا إنه سيبدأ في اكتساب الخبرة واكتساب المعيشة, ولكنه
يأتي ببضاعة مزجاة بسبب قلة خبرته.
وأما الإنسان الذي أسرف وبذّر في وقت الوفرة, فإنه لن يجد مدخرات ينفق منها
ويتقوت منها في السنين الشداد, فيدرك سوء تصرفه, ويتعلم الاقتصاد والترشيد
والادخار, ويترك الإسراف, ويتحسّر على ما فرط, وتكسبه الأزمة حكمة التصرف
والرشد.
يخرج الإنسان من زمن الكساد أكثر تدريبا وتأهيلا, ويخرج أكثر رشدا وحكمة
في التصرف في نواتج عمله وفوائض رزقه.
فكما أن فترات الرواج والخير تثمر مكاسب مادية وتطوُّر في الأحوال الاجتماعية
والاقتصادية, فإن فترات الركود بخطة يوسف التي علمها الله له, تتحول إلى مكاسب
لقدرات الناس, واستثمار لطاقاتهم, وارتفاع لمستوياتهم الفنية والإدارية, وترشيد
لسلوكياتهم الاستهلاكية.
[U]
الله هو صاحب الفضل فاشكره و أدعوه[/u]
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101))
ثم يضرب المثل للقيادات العليا والرؤساء والوزراء, فيتوجه في نهاية القصة إلى ربه
(فيجعل الهدف الأسمى للمسئول هو أن يتوفاه الله مسلما, وأن يلحقه بالصالحين
, مهما آتاه الله من الملك, وعلمه من تأويل الأحاديث.
يتبع إن شاء الله