محمد صدقى الابراشى
Moderator
حَاجَة الناس إلى العِلْم
قال الإمام أحمد : الناس مُحْتَاجُون إلى العِلْم أكثر مِن حاجتهم إلى الطعام والشراب ؛ لأن الطعام والشراب يُحْتَاج إليه في اليوم مرة أو مرتين ، والعِلْم يُحْتَاج إليه بِعَدَد الأنفاس .
وقال ابن القيم : حَاجة الناس إلى الشَّريعة ضَرورية فَوق حَاجتهم إلى كل شيء ، ولا نِسبة لحاجتهم إلى عِلْم الطِّبّ إليها . إلا تَرى أنّ أكثر العَالَم يَعيشون بِغير طَبيب ، ولا يكون الطبيب إلاَّ في بعض الْمُدُن الجامعة ... وقد فَطَر الله بني آدم على تَناول ما يَنفعهم ، واجْتناب ما يَضُرّهم ، وجَعَل لكل قَوم عَادة وعُرْفًا في اسْتِخْراج ما يَهْجُم عليهم مِن الأدواء ، حتى إنّ كَثيرا مِن أصُول الطِّب إنما أُخِذَت عن عوائد الناس وعُرْفهم وتجاربهم ، وأما الشريعة فَمَبْنَاها على تَعْرِيف مَوَاقع رِضَا الله وسَخَطه في حَرَكات العِباد الاختيارية ، فَمَبْنَاها على الوَحْي الْمَحْض .
والْحَاجَة إلى الشريعة أشدّ مِن الحاجة إلى الـتَّنَفُّس - فَضْلا عَن الطعام والشَّراب - لأن غاية ما يُقَدَّر في عدم الـتَّنَفُّس والطعام والشَّرَاب مَوْت البَدن وتَعَطُّل الرُّوح عنه ، وأما ما يُقَدَّر عند عَدَم الشَريعة فَفَسَاد الرُّوح والقَلب جُمْلة ، وهَلاك الأبدان .
وشتان بَين هذا وهلاك البَدن بالموت ، فليس الناس قط إلى شيء أحْوج منهم إلى مَعرفة مَا جَاء به الرَّسول صلى الله عليه وسلم ، والقيام به ، والدعوة إليه ، والصبر عليه ، وجِهاد مَن خَرَج عنه حتى يرجع إليه ، وليس للعالم صَلاح بِدون ذلك البتة ، ولا سَبيل إلى الوصول إلى السعادة والفوز الأكبر إلاَّ بِالعُبور على هذا الْجِسر . اهـ .
والعِلْم الذي يحتاجه الناس هو العِلْم الْمُوصِل إلى الله وإلى رِضوانه وإلى دار كرامته ..
ولَمَّا كان العِلْم الشَّرْعِيّ بهذه المثابة كان ولا بُدّ أن تكون العُلوم الأخرى خادِمة لهذا العِلْم ، وسالِكة طَرِيقَه ، ومُوصِلة إلى ما يُوصِل إليه .. فلا تكون علوما آلية جامدة ، بل تكون علوما تربط المسلم بِربِّـه ، وتُوصِله إليه ، وتَزيد في إيمانه ..
وعلى سبيل المثال :
عِلْم الطِّب الذي يَدْرس دقائق جسم الإنسان ، ويكشف عن خفاياه ، ويغوص في أنسجته ؛ ينبغي أن يُقْرَن ذلك العِلْم بإبْداع البَديع سبحانه وتعالى ، وإتقان الصانع جَلَّ جَلاله لِمَا خَلَق .. والْحَثّ على التَّدبُّـر في الأنْفُس (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) .
والـتَّذْكِير بِما يَمُرّ به الإنسان في مَراحِل خَلْقِه وأن ذلك مِن بَدِيع صُنْع الله (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ)
وهي دَعْوة للشُّكْر إذ جَعَل الله للإنسان مِن الْحَوَاسّ ما يَتَميَّز به ، وتَتَكوّن بِه معارِفه ، وتَزداد بِه مَدارِكه (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .
قال الإمام أحمد : الناس مُحْتَاجُون إلى العِلْم أكثر مِن حاجتهم إلى الطعام والشراب ؛ لأن الطعام والشراب يُحْتَاج إليه في اليوم مرة أو مرتين ، والعِلْم يُحْتَاج إليه بِعَدَد الأنفاس .
وقال ابن القيم : حَاجة الناس إلى الشَّريعة ضَرورية فَوق حَاجتهم إلى كل شيء ، ولا نِسبة لحاجتهم إلى عِلْم الطِّبّ إليها . إلا تَرى أنّ أكثر العَالَم يَعيشون بِغير طَبيب ، ولا يكون الطبيب إلاَّ في بعض الْمُدُن الجامعة ... وقد فَطَر الله بني آدم على تَناول ما يَنفعهم ، واجْتناب ما يَضُرّهم ، وجَعَل لكل قَوم عَادة وعُرْفًا في اسْتِخْراج ما يَهْجُم عليهم مِن الأدواء ، حتى إنّ كَثيرا مِن أصُول الطِّب إنما أُخِذَت عن عوائد الناس وعُرْفهم وتجاربهم ، وأما الشريعة فَمَبْنَاها على تَعْرِيف مَوَاقع رِضَا الله وسَخَطه في حَرَكات العِباد الاختيارية ، فَمَبْنَاها على الوَحْي الْمَحْض .
والْحَاجَة إلى الشريعة أشدّ مِن الحاجة إلى الـتَّنَفُّس - فَضْلا عَن الطعام والشَّراب - لأن غاية ما يُقَدَّر في عدم الـتَّنَفُّس والطعام والشَّرَاب مَوْت البَدن وتَعَطُّل الرُّوح عنه ، وأما ما يُقَدَّر عند عَدَم الشَريعة فَفَسَاد الرُّوح والقَلب جُمْلة ، وهَلاك الأبدان .
وشتان بَين هذا وهلاك البَدن بالموت ، فليس الناس قط إلى شيء أحْوج منهم إلى مَعرفة مَا جَاء به الرَّسول صلى الله عليه وسلم ، والقيام به ، والدعوة إليه ، والصبر عليه ، وجِهاد مَن خَرَج عنه حتى يرجع إليه ، وليس للعالم صَلاح بِدون ذلك البتة ، ولا سَبيل إلى الوصول إلى السعادة والفوز الأكبر إلاَّ بِالعُبور على هذا الْجِسر . اهـ .
والعِلْم الذي يحتاجه الناس هو العِلْم الْمُوصِل إلى الله وإلى رِضوانه وإلى دار كرامته ..
ولَمَّا كان العِلْم الشَّرْعِيّ بهذه المثابة كان ولا بُدّ أن تكون العُلوم الأخرى خادِمة لهذا العِلْم ، وسالِكة طَرِيقَه ، ومُوصِلة إلى ما يُوصِل إليه .. فلا تكون علوما آلية جامدة ، بل تكون علوما تربط المسلم بِربِّـه ، وتُوصِله إليه ، وتَزيد في إيمانه ..
وعلى سبيل المثال :
عِلْم الطِّب الذي يَدْرس دقائق جسم الإنسان ، ويكشف عن خفاياه ، ويغوص في أنسجته ؛ ينبغي أن يُقْرَن ذلك العِلْم بإبْداع البَديع سبحانه وتعالى ، وإتقان الصانع جَلَّ جَلاله لِمَا خَلَق .. والْحَثّ على التَّدبُّـر في الأنْفُس (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) .
والـتَّذْكِير بِما يَمُرّ به الإنسان في مَراحِل خَلْقِه وأن ذلك مِن بَدِيع صُنْع الله (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ)
وهي دَعْوة للشُّكْر إذ جَعَل الله للإنسان مِن الْحَوَاسّ ما يَتَميَّز به ، وتَتَكوّن بِه معارِفه ، وتَزداد بِه مَدارِكه (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .