• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

حفظ اللّسان في الفتنة

:bs:


حفظ اللّسان في الفتنة




للّسان عند الفتن أثر خطير في إذكاء نارها ، و تمزيق شمل أهلها ؛ فإنّه يفري في النّاس أشدَّ من فري السّيفِ هاماتِ الرّجال ، حتّى قال ابن عبّاس رضي الله عنهما : " إنّما الفتنة باللّسان و ليست باليد " رواه الدّاني في " السنن الواردة في الفتن " ( 171 ) ، لذلك قيل : كم إنسانٍ ، أهلكه لسان ! و ربّ حرفٍ أدّى إلى حتفٍ !و قد كان الصّحابة عند الفتنة لا يحذرون شيئا أشدّ من حذرهم من لسان الخطيب المؤثّر و سعي النّشيط المتحرّك فيها ؛ روى نعيم ابن حمّاد في " الفتن " ( 505 ) عن ابن مسعود قال : " خير النّاس في الفتنة أهل شاءٍ سودٍ يُرعين في شعف الجبال و مواقع القطر ، وشرّ النّاس فيها كلّ راكب موضِعٍ (1) ، و كلّ خطيب مِصْقَعٍ " ، و هذا من رسوخه ؛ فأيّ خطيب في هذا الزّمان أمسك لسانه عند الفتن وتجنّبها ؟! إنّهم لا يكادون يوجدون إلا كعنقاء مغرب ! بل قضت العادة أنّهم أوّل من يحيي الفتن ؛ لأنّهم لا يفرّقون بين الجهاد والفتنة ، كما لا يفرّقون بين الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر و الفتنة ، لا سيّما إذا غرّهم العامّة بوصفهم بالخطباء المجاهدين الشّجعان ، ولذلك كان الموفّقون المخلصون يلزمون الخمول عند حلول الفتن أو قربها ، فقد روى نعيم بن حمّاد في " الفتن " ( 729 ) عن مسلم بن حامد الخولاني قال : " كان يقال : من أدركته الفتنة فعليه فيها بذكرٍ خامل " ، ما هو يا أبا سَريحَة ؟ قال : فتن كأنّها قطع اللّيل المظلم ، قال : فقلو على هذا يفسّر قول حذيفة بن أسيد رضي الله عنه و قد ذكر الدّجال : "أنا لغير الدّجال أخوف عليّ و عليكم ، قال : فقلنا : نا : أيّ النّاس فيها شرّ ؟ قال : كلّ خطيب مِصْقَع ، و كلّ راكب موضِع ، قال : فقلنا : أيّ النّاس فيها خير ؟ قال : كلّ غنيّ خفيّ ، قال : فقلت : ما أنا بالغنيّ و لا بالخفيّ ، قال : فكن كابن اللّبون لا ظهر فيُركبَ و لا ضرعٌ فيُحلَب " أخرجه الحاكم ( 4/530 ) و قال : " هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرّجاه " و وافقه الذهبي ، ومعناه : كن عند الفتن بعيدا فلا يستفيد منك أحد يريدها ، مَثَلك كمثَل ابن اللّبون من الإبل ، فلا ظهره للرّاكب ينفع ، و لا الجائع بضرعه يشبع .


و قد صرّح عبد الله بن عكيم – و هو رحمه الله مخضرم – بأنّ ذكر مساوئ وليّ الأمر مفتاح لإراقة دمه ، فقال : " لا أعين على دم خليفة أبدا بعد عثمان ، فقيل له : يا أبا مَعْبَدٍ ! أَوَ أعنتَ عليه ؟ قال كنت أعدّ ذكر مساويه عونًا على دمه " رواه ابن سعد ( 6/115 ) والفسويّ في " المعرفة و التاريخ " ( 1/213 ) بسند صحيح .


فلينتبه لهذا الخطباء الذين ليس لهم من همّ عند الفتنة سوى استعراض عضلاتهم أمام الجماهير التي تصفّق لشجاعتهم المصطنعة ، فإنّه ها هنا يظهر الإخلاص لله عزّ وجلّ والغَيرة الحقيقية على حرماته و الاتّباع الصّادق للسّلف ، و من الصّدق في الاتّباع الاستجابة لتلك النّصوص السّابقة و عدم التعرّض لها بتفلسف يضعف العمل بها ، و كلّ فلسفة لا قيمة لها إذا أشرقت شمس النّبوّة .
تمييزُ ذوي الفطنِ بين شرفِ الجهاد و سَرَف الفتنِ المؤلّف الشّيخ عبد الملك رمضاني


:k70:
 
أعلى