دكتور أسامة
New Member
http://www.dostor.org/opinion/10/april/25/14367بصراحة شديدة أنا متعاطف جدًا مع النائب الطيب الغلبان «نشأت القصاص» اللي وقع ولاحدّش سمّي عليه، وكله نازل ضرب فيه، مع أن كل ما طالب به أن يطلق الأمن الرصاص علي المتظاهرين، وأن تكُفّ الداخلية عن «الحنّية» الزائدة معهم، لأن قانون «كعب الغزال» للفنان محمد رشدي يؤكد أن أسلوب المشي بحنية يؤدي إلي حدوث الزلزال، ونحن بالتأكيد في غني عن الزلازل والبراكين.. كل مافي الموضوع أن النائب الطيب المسالم عارف كويس إنه داخل علي انتخابات ولازم «يرمي بياضه» ليثبت الولاء التام، ويذبح أضحية تستاهل تحت رجلين السادة الكبار عشان ينول الرضا ويحظي بالاختيار.. لقد أراد القصاص وزملاؤه الذين يدركون جيدًا استحكام الخصومة بين الشعب والحكومة أن يكون لهم السبق في التضحية بالشعب ليصبح ذلك أهم ما يضاف إلي سيرتهم الذاتية الحزبية التي تضمن لهم مقاعدهم في المجلس الجديد، ولكن أتت الرياح بما لم تشته السفن فكانت السقطة التي ربما أطاحت بهم خارج البرلمان؛ فتبرأ منهم زملاؤهم وتنكر لهم زعماؤهم بعد أن حوّل الإعلام المغرض الأمر إلي أزمة وخرجت التصريحات الحكومية المتأخرة تعلن الشجب والاستنكار وربما تطالب النواب بالتوبة والاستغفار.
قبل أن نذبح القصاص ورفاقه يجب أولاً أن نعرف أنها ليست فقط زلة لسان كاشفة لما في الصدور، ولكنها نموذج لتوجهات الحزب الجاثم يتسابق معظم نوابه إلي تحقيقها، فالجاني الحقيقي هو البرلمان بمجلسيه ومن الصعب أن نطلق لفظ «مجلس الشعب» علي كيان لا يمثل الشعب، كيان يمرر تجديد حالة الطوارئ ويشرع لكل القوانين التي تكرّس احتكار السلطة، كيان أفرز نواب القمار وأكياس الدم الملوث والاستيلاء علي أملاك الدولة، فلا نلومنّ إلا أنفسنا فهؤلاء هم من أعطيناهم أصواتنا أو سكتنا عن منحهم بالتزوير أصواتنا، فانحازوا للسلطة بدلاً من الشعب بعد أن تصوروا أن أصوات الناخبين لا قيمة لها وأن بقاء عضويتهم البرلمانية والوجاهة الاجتماعية والمصالح «المستخبية» مرهون برضا السادة العظام قيادات الحزب الوطني ولجنة سياساته الذين لهم وحدهم دون غيرهم الحق في إعادة ترشيحهم وانتخابهم، وعلي السادة النواب أن يثبتوا ولاءهم أولاً للنظام والحكومة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
أرجو أن ينتبه العقلاء والمثقفون إلي خطورة ما يحدث، فقضية نواب الرصاص برغم كل ما أثير حولها من جدل واستنكار يمكن أن تصبح رسالة سلبية تحمل مفهوم التهديد المستتر لكل مواطن مطحون يفكر في الاحتجاج أو الصراخ ويحاول أن يقول: «آه»، وعلينا أن نبرز جيدا إيجابيات الأحداث الأخيرة وأن نركز علي استثمارها، فقد ساعد «إخوان القصاص» في انتزاع اعترافات حكومية واضحة بحق المواطن في الاحتجاج والتظاهر السلمي والمطالبة دون عنف بكل ما يراه من حقوق، وعلي أجهزة الأمن أن توفر له الحماية الكاملة، ولابد أن ندرك بداية أن هذا سيساعد في نزع ذلك الاعتقاد الخاطئ المتسلط علي عقول المصريين بأن الانتخابات البرلمانية القادمة ليست سوي تمثيلية هزلية خصوصًا بعد الاستبعاد الواقعي للإشراف القضائي عليها وهو مايجعل نتائجها محسومة سلفًا حسب إرادة الحزب الجاثم، دون أن يدرك الناس أنهم بذلك يساعدونه وييسرون له تزوير النتائج ويدفعون العديد من الحالمين بالمقعد الوثير للارتماء بين أحضانه مهما كلفهم ذلك من تضحيات أولاها بالشعب المسكين، فماذا تنتظر عزيزي المواطن من نائبك القادم إذا كنت تفترض مقدمًا أنك لن تختاره وأنه مفروض عليك وتبدو مستسلما لذلك راضيًا بقدرك معه؟!.
إنني أعتقد - واثقًا- أن من يبحث عن العقاب الأمثل لـ «القصّاص والغول وأبوعقرب» ومن يطالب بالقصاص من نواب الكيف والقمار والدم الفاسد عليه بالتحرك الشعبي والإصرار علي عدم عودة أمثال هؤلاء النواب إلي المجلس، وليثق الشعب بأنه قادر علي حماية اختياراته الصحيحة وصيانة أصواته مهما حاولوا التلاعب بها، فالبرلمان هو المدخل الحقيقي للإصلاح والتغيير.
إنني أدعوكم أن تطرحوا سؤالاً واحدًا علي كل من يقدم نفسه مرشحا للبرلمان، وهو السؤال نفسه الذي أتصور أن الحزب الوطني يطرحه علي نوابه - مع اختلاف المنطوق- أثناء عرضهم علي جهاز كشف الكذب، السؤال الذي أجاب عنه القصاص الإجابة النموذجية فلم تشفع له، لأن صوت الرصاص استفز المعارضة وأحرج الحزب الحاكم، يقول السؤال: سيادة نائب الحزب الوطني المحترم.. بما أنك عضو في مجلس الشعب.. هل أنت معنا أم مع الشعب؟!!!!
جريدة الدستور
الاثنين 26/4/2010
قبل أن نذبح القصاص ورفاقه يجب أولاً أن نعرف أنها ليست فقط زلة لسان كاشفة لما في الصدور، ولكنها نموذج لتوجهات الحزب الجاثم يتسابق معظم نوابه إلي تحقيقها، فالجاني الحقيقي هو البرلمان بمجلسيه ومن الصعب أن نطلق لفظ «مجلس الشعب» علي كيان لا يمثل الشعب، كيان يمرر تجديد حالة الطوارئ ويشرع لكل القوانين التي تكرّس احتكار السلطة، كيان أفرز نواب القمار وأكياس الدم الملوث والاستيلاء علي أملاك الدولة، فلا نلومنّ إلا أنفسنا فهؤلاء هم من أعطيناهم أصواتنا أو سكتنا عن منحهم بالتزوير أصواتنا، فانحازوا للسلطة بدلاً من الشعب بعد أن تصوروا أن أصوات الناخبين لا قيمة لها وأن بقاء عضويتهم البرلمانية والوجاهة الاجتماعية والمصالح «المستخبية» مرهون برضا السادة العظام قيادات الحزب الوطني ولجنة سياساته الذين لهم وحدهم دون غيرهم الحق في إعادة ترشيحهم وانتخابهم، وعلي السادة النواب أن يثبتوا ولاءهم أولاً للنظام والحكومة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
أرجو أن ينتبه العقلاء والمثقفون إلي خطورة ما يحدث، فقضية نواب الرصاص برغم كل ما أثير حولها من جدل واستنكار يمكن أن تصبح رسالة سلبية تحمل مفهوم التهديد المستتر لكل مواطن مطحون يفكر في الاحتجاج أو الصراخ ويحاول أن يقول: «آه»، وعلينا أن نبرز جيدا إيجابيات الأحداث الأخيرة وأن نركز علي استثمارها، فقد ساعد «إخوان القصاص» في انتزاع اعترافات حكومية واضحة بحق المواطن في الاحتجاج والتظاهر السلمي والمطالبة دون عنف بكل ما يراه من حقوق، وعلي أجهزة الأمن أن توفر له الحماية الكاملة، ولابد أن ندرك بداية أن هذا سيساعد في نزع ذلك الاعتقاد الخاطئ المتسلط علي عقول المصريين بأن الانتخابات البرلمانية القادمة ليست سوي تمثيلية هزلية خصوصًا بعد الاستبعاد الواقعي للإشراف القضائي عليها وهو مايجعل نتائجها محسومة سلفًا حسب إرادة الحزب الجاثم، دون أن يدرك الناس أنهم بذلك يساعدونه وييسرون له تزوير النتائج ويدفعون العديد من الحالمين بالمقعد الوثير للارتماء بين أحضانه مهما كلفهم ذلك من تضحيات أولاها بالشعب المسكين، فماذا تنتظر عزيزي المواطن من نائبك القادم إذا كنت تفترض مقدمًا أنك لن تختاره وأنه مفروض عليك وتبدو مستسلما لذلك راضيًا بقدرك معه؟!.
إنني أعتقد - واثقًا- أن من يبحث عن العقاب الأمثل لـ «القصّاص والغول وأبوعقرب» ومن يطالب بالقصاص من نواب الكيف والقمار والدم الفاسد عليه بالتحرك الشعبي والإصرار علي عدم عودة أمثال هؤلاء النواب إلي المجلس، وليثق الشعب بأنه قادر علي حماية اختياراته الصحيحة وصيانة أصواته مهما حاولوا التلاعب بها، فالبرلمان هو المدخل الحقيقي للإصلاح والتغيير.
إنني أدعوكم أن تطرحوا سؤالاً واحدًا علي كل من يقدم نفسه مرشحا للبرلمان، وهو السؤال نفسه الذي أتصور أن الحزب الوطني يطرحه علي نوابه - مع اختلاف المنطوق- أثناء عرضهم علي جهاز كشف الكذب، السؤال الذي أجاب عنه القصاص الإجابة النموذجية فلم تشفع له، لأن صوت الرصاص استفز المعارضة وأحرج الحزب الحاكم، يقول السؤال: سيادة نائب الحزب الوطني المحترم.. بما أنك عضو في مجلس الشعب.. هل أنت معنا أم مع الشعب؟!!!!
جريدة الدستور
الاثنين 26/4/2010