رد: د. رفيق حبيب هل يريد الإخوان الوصول للسلطة في
نظام الحكم
ولو أنى أبغض كلمة الحكم والحاكم بعد ما رأيت من طغيان "الحكام" فى العالم وليس مصر فقط ، فقد وضعت هذا الإصطلاح المتعارف عليه والذى أتعشم أن يكون مؤقتا حتى يقرر الشعب الإسم الذى يطلق على من سيسيرون دفة الأمور مصر فى المستقبل. ولن أضع رأيى فى هذا الوقت حتى اسمع آراؤكم أولا.
ولتسهيل الأمور للقارئ المشغول بأعباء الدنيا الثقيلة جدا هذه الأيام فإننى أضع أمامكم عدة نماذج أخرى لإدارة مصر بجانب النماذج المعروفة للجميع وهى:
· نظام جمهورى شمولى : برئاسة رئيس مفروض ولمدد طويلة (لمدى الحياة أحيانا)
· نظام جمهورى وراثى – أو ملكية مقنعة
· نظام جمهورى ديمقراطى : برئاسة رئيس منتخب لمدة رئاسة محددة.
· نظام إسلامى : برئاسة مجلس شورى منتخب لمدة محددة
· نظام علمانى : برئاسة مجلس منتخب لمدة محددة من مفكرى وعلماء وخبراء ومثقفى البلد
ماذا لو غاب الرئيس عن حكم مصر؟
ما الذي سيحدث في مصر بحال صدقت الإشاعات وغاب رئيس الجمهورية؟ سؤال توجهنا به إلى مجموعة متعددة المشارب من الساسة والمثقفين والعسكريين ومسئولي الأحزاب السياسية.
اللواء طلعت مسلم ــ الخبير العسكري والمحلل الإستراتيجي ــ رأى : أن هناك الإجراءات التي يحددها الدستور في هذا الشأن. مستدركاً: لكن على أرض الواقع تكمن المشكلة في "البديل" الذي لابد أن يكون مستنداً إلى قوة.. وفي تصوري حالياً فإن القوة الموجودة هي "الحزب الوطني" الحاكم الذي لابد وأن يرشح واحداً عنه للمنصب، وهو هنا حتماً "جمال مبارك" نجل رئيس الجمهورية. وتابع اللواء مسلم : ولكن في حال طرأت ظروف أخرى فإن قيادة القوات المسلحة لابد وأن يكون لها دور، وربما تتولى هي حكماً عسكرياً في مصر.. لكن ما لذي قد يحصل بعد ذلك، هذا هو ما يصعب التنبؤ به.
وفي استفسارنا منه حول دور المخابرات ؟ رأى اللواء مسلم أن المخابرات العامة ليست قوة في مصر وليس لها يد على الجيش، أما المخابرات العسكرية فهي جزء من الجيش.
أما المستشار طارق البشري ــ الفقيه القانوني ونائب رئيس مجلس الدولة الأسبق ــ فقد رفض من جهته أن يدلو بدلوه حول هذه الجدلية، مكتفياً بالقول : "ليس لي رأي في هذه القضية".
ومن جهته، رأى الكاتب الناصري والدبلوماسي السابق السفير أمين يسري، أن رئيس مجلس الشعب سيتولى رئاسة الجمهورية مؤقتاً لمدة 60 يوما ً، على أن يجري سيناريو كان قد أعد له مسبقا..ً وفي حيثياته أنه سيتم ترشيح "جمال مبارك" من قبل الحزب الوطني، في انتخابات شكلية، ينافسه عليها رؤساء ونواب رؤساء في بعض الأحزاب الموجودة.
إذ سيترشح لهذه الانتخابات المحسومة سلفاً سامح عاشور ــ القيادي الناصري ونقيب المحامين ــ عن الحزب العربي الناصري، ورفعت السعيد عن حزب التجمع، وعن حزب الجبهة الديمقراطية أسامة الغزالي حرب. وتابع السفير: في ظل غياب القضاء فإن التزوير سيكون المهيمن على هذه العملية الانتخابية.
وحول موقف القوات المسلحة، رأى أمين يسري أن الجيش في قبضة الرئيس الحالي، وأن القيادات العليا فيه كلها موالية للرئيس، وبالتالي قد تنصاع القوات المسلحة لقبول نجل رئيس الجمهورية في المنصب. وأنهى الدبلوماسي السابق حديثه بالقول : لكن "عودتنا مصر على مفاجآت دائماً لا تكون في الحسبان".
وحول نفس القضية توجهنا إلى أحمد عبد الهادي ــ رئيس حزب شباب مصر ــ فنفى ما يردده "بعض السوداويين من أمثال إبراهيم عيسى ــ رئيس تحرير صحيفة "الدستور" الذي يحاكم أمام نيابة أمن الدولة العليا على خلفية شائعة مرض الرئيس ــ الذين يزعمون أن مصر ستتحول إلى الفوضى في حالة غياب الريس"، وقال عبد الهادي : إن مصر لا يمكن أن تتحول إلى الفوضى لأنها تختلف عن جميع بلاد العالم، وخاصة في ظل الوعي العام الذي نلحظه حتى لدى رجل الشارع العادي.
واستدعت نيابة أمن الدولة العليا إبراهيم عيسى للتحقيق معه بعد أن نشرت الصحيفة تقريراً يتساءل كاتبه عن السبب في أن المصريين "لا يصدقون أن مبارك حي يرزق". وقال عيسى لوكالة "رويترز" هذا الأسبوع "لماذا نجعل من صحة الرئيس سراً حربياً". في حين يعلق صحفيون بأن التحقيق مع عيسى هو بداية حملة على الصحف المستقلة التي توجه انتقادات شديدة للحكومة ولرئيس الدولة وأسرته.
وتابع أحمد عبد الهادي ــ المعروف بولائه للنظام وقربه من جمال مبارك وأعضاء لجنة السياسات ــ أن هناك آليات دستورية سوف يتم تفعيلها بشكل عادي.. إذ سيتولى رئيس مجلس الشعب المنصب لحين انتخاب رئيس بشكل ديمقراطي نزيه، نافياً أي تلاعب من الممكن أن يطال هذه العملية كما يروج الذين تتملكهم العقلية التآمرية. وأضاف أن الحزب الوطني "القوة الوحيدة في مصر التي تملك الآليات" سوف يطرح مرشحه للمنصب وهو لا شك سيكون السيد جمال مبارك "القوة التي لا بديل لها حتى الآن في مصر"، كما أن الأحزاب الأخرى سوف تطرح مرشحيها، ولا شك أن من سيطرحه الحزب الوطني سيكون هو الأقوى والأجدر بحكم مصر.
وبسؤالنا عن موقفه من طرح اسم نجل رئيس الجمهورية للحكم، قال عبد الهادي : "إذ جاء جمال مبارك فسوف أييده بشكل مباشر"، وسوف "أبصم له بالعشرة" لأنني تقربت منه بشدة ومعجب بحالة الحراك السياسي التي أحدثها في البلاد.. جمال شاب واعي ونحن في حزب "شباب مصر" ندعو إلى منح الفرصة للشباب.
وحول دور الشارع المصري المتوقع في هذه القضية، توجهنا إلى محمد السخاوي ــ أمين تنظيم حزب العمل والمتحدث بلسانه ــ لكي نستطلع منه الرأي في القضية، فرأى أن الشارع المصري أو ما يعرف بالأغلبية الصامتة مشغولة "بلقمة العيش" وقضاياها الحياتية، وهي بعيدة تماماً عن هذا الجدل غير المعنية به.
ولم يتوقع السخاوي أي حراك من قبل هذه الشريحة العظمى في مصر، مع الهيمنة الكاملة لأجهزة الدولة ومؤسساتها، لأن القضية إنما فقط تهم النخب السياسية، وخاصة في ظل الطبيعة المسيرة للنظام السياسي الحالي وغياب أي آلية من الممكن أن تحرك هذه الجموع الغفيرة من الجماهير.
وترددت في الأسابيع القليلة الماضية شائعات كذبتها الحكومة عن إصابة مبارك بمرض شديد، الأمر الذي أثار مزيداً من المخاوف بشأن ما قد يحدث عندما يترك الحكم. وتعتقد قوى المعارضة والمثقفون المصريون أن الرئيس مبارك يهيء نجله لمنصب الرئاسة. غير أن البعض يقولون إن مثل هذه الخلافة لا يمكن أن تحدث إلا ومبارك على قيد الحياة، لمنع نشوب الصراع على السلطة أو تدخل الجيش بشكل سلبي بالنسبة لجمال لأنه سيكون أول مدني يحكم البلاد منذ عام 1952.
ونفى جمال (43 عاما) ــ الذي عمل في السابق ببنك استثماري ويتولى حاليا منصب أمين السياسات بالحزب الوطني الحاكم ــ مراراً أن تكون لديه أي طموحات لتولي الرئاسة. وزاد من الغموض حالة عدم اليقين بخصوص موقف الجيش من الخلافة، ورفض مبارك تعيين نائب للرئيس، وهو المنصب الذي كان طريق الرئاسة في مصر خلال عمليتي الخلافة على مدى أكثر من 50 عاماً.
وينص الدستور على أنه في حالة وفاة الرئيس أو فقده القدرة على العمل، يتولى رئيس مجلس الشعب المسؤولية لحين إجراء انتخابات بين أكثر من مرشح. والانتخابات القادمة متوقعة بحلول عام 2011. إلا أن الدستور يفرض قيوداً صارمة على جماعة "الإخوان المسلمين" أقوى جماعات المعارضة في البلاد ويمنعها من طرح مرشح للمنصب.
من سيحكم مصر المستقبل؟
5- بداية نهاية أحزاب "الأغلبية"
طرحت فى الجزء الرابع تصورا عاما لإدارة مصر بطريق الإئتلاف الفردى والذى يعنى الإستغناء عن الأحزاب برمتها – فهل يتفق ذلك مع مبادئ الديمقراطية؟
سمعت بعض مشاهير النخبة المثقفة فى مصر يتحدثون عن الأحزاب كالآت ضرورية لتفعيل ودفع وصيانة مسار الديمقراطية. لكنهم حتى ليلة أمس لم يستطيعوا تحديد كيفية عمل تلك الألات فى المقام الأول. كما أنهم عجزوا عن شرح معنى "حزب الأغلبية" وما إذا كان ذلك يعنى "حزب النظام" أو "حزب الدولة" أو حزب أغلبية المواطنين.
وسمعتهم يقولون أن معظم أعضاء الحزب الوطنى هم من "المرتزقة" وأن عددا منهم هم من المستقلين الذين غيروا جلدهم بعد الإنتخابات , وانضموا للحزب الوطنى للتمتع بمزايا العضوية.
وسمعت أيضا أن عدد المصريين الأعضاء فى الأحزاب المصرية "الشرعية" مجتمعة لا يزيد عن نصف مليون . كيف إذن يعتبر تمثيل تلك الأحزاب مجتمعة تمثيلا حقيقيا للشعب المصرى بينما هناك حوالى 11 مليون ينتمون لجماعة الإخوان "المحظورة" ومثلهم وربما أكثر يتعاطفون مع الجماعات الإسلامية؟
لكن ما ذكره د. محمد كمال عضو الأمانة العامة للحزب الوطنى فى برنامج "إختراق" مؤخرا كان غريبا كما أنه لا أساس له من الصحة. قال الدكتور أن الساحة السياسية فى مصر بها شيئ غريب اسمه "المستقلين" وأن الإنتخابات فى معظم دول العالم تتم بين الأحزاب. واستشهد د. محمد كمال بالولايات المتحدة وفرنسا والهند لكنه تناسى دول كثيرة أخرى مثل بريطانيا يتنافس فيها المستقلون ويشغلون مقاعد برلمانية لعقود طويلة.
والسؤال هنا : لماذا إذن يصر هؤلاء المثقفين والسياسيون على ضرورة وجود الأحزاب وعلى منع المستقلين من دخول الإنتخابات؟
و مع أن كلمة "الديمقراطية" ، التى تعنى "حكم الشعب" ، قديمة قدم الأزل إلا أنه لا أثر حقيقى لها فى معظم دول العالم. وحتى فى معظم دول أوروبا وأمريكا وبعض دول آسيا وأمريكا الجنوبية التى يشاع عنها أنها ديمقراطية ، فإن تطبيق الديمقراطية بمعناها الصحيح مازال يتعثر بعد عقود من إدعاء ممارستها وأصبحت كالسراب فى الصحراء بالنسبة لشعوب تلك الدول.
تدعى كثير من تلك الدول أنها تمارس الديمقراطية بشكل لا غبار عليه ولم أكن أتوقع أن يقولوا غير ذلك كما لا يتوقع أحد أن تصف أى امرأة ابنتها القبيحة بأنها ليست جميلة. فهل السبب فى ذلك ان "القرد فى عين أمه غزال" كما يقول المثل المصرى؟
قطعا لا ، فالأم تعرف إبنتها وتراها كما ترى الشمس فى منتصف النهار لكنها تأمل فى ألا يرى الخطاب قبحها وربما يكون بعضهم سذج و يقع أحدهم فى الفخ ويتزوج الإبنة القبيحة. هذه هى حكاية الديمقراطية القبيحة أو المزيفة فى عالمنا- وهى لا تحتاج فى اكتشاف قبحها لثقافة أو علم أوشهادات لإنها ببساطة لم تحقق الحياة الحرة الكريمة أو العدالة للشعوب فى أى مكان.
لماذا إذن يشكك البعض فى مناداتى بمنظومة جديدة تماما لحكم مصر بعد مبارك؟
أليس "التغيير" هو أغنية العصر؟
لماذا يحتضن آخرون أنظمة بالية جربت لقرون فى كل مكان وفشلت؟
ولماذا يثرثر البعض بأنه بدون الرؤساء ستتوقف الحياة فى الدول؟
ولماذا ينكر هؤلاء نجاح التجربة السويسرية ؟
كانت تلك بعض الأسئلة التى طرحتها خلال مناقشاتى مع القلة من المصريين الذين إلتقيت بهم فى بعض منتديات الإنترنت المصرية ، ومازلت أحاول استخلاص المفيد من مئات الإجابات التى تلقيتها. و بالإضافة إلى الإنترنت فإن مشاهداتى لقلة أخرى يطلقون عليها إسم "النخبة المثقفة" على القنوات الفضائية المختلفة اضافت أجابات أخرى عديدة لنفس الأسئلة. وبدلا من الحصول على إجابات محددة وواضحة لتساؤلاتى عن شكل النظام الذى يريده شعبنا بعد مبارك ، وجدت نفسى أمام أسئلة أكثر ومتاهات أعدها النظام الحالى بكل دقة لتمييع المواقف وتشتيت الأفكار.
كل ما يسعى اليه النظام الآن هو أن يبقى الحال على ماهو عليه حتى يتم:
1- تقنين التعديلات الدستورية بحيث تقتصر الإنتخابات على الأحزاب.
2- القضاء الكامل على جماعة الإخوان المسلمين - الخصم الوحيد الذى يمكن له منازلة حزب النظام بل الفوز عليه فى إنتخابات المستقبل.
3- تحقيق الهدف الأكبر وهو تولى جمال حسنى الرئاسة – وبلاش كلمة مبارك عشان تبدو العملية "جديدة لنج" وليست توريث.
هذه الخطة ستكون هى نفسها "بداية النهاية لحزب الأغلبية" أو حزب النظام. أقول ذلك إستشهادا بالإضطرابات التى تسود العالم نتيجة للمحاولات المستميته للشركات العالمية ورؤوس الأموال العظمى لإخضاع الشعوب من خلال إرساء ودعم "ديمقراطيات مزيفة" تقوم على أكتاف "أحزاب أغلبية" موالية لها. ففى معظم دول العالم الآن حالة رفض شديد لإحتكار أى حزب حاكم للسلطة لمجرد أنه حزب "أغلبية" ولو جاء عن طريق الإنتخاب. والسبب فى ذلك يرجع إلى أن الشعوب تأكدت أن أى حزب يمكنه الحصول علي "الأغلبية" "رسميا" و"قانونيا" إذا تفوق على خصومه بالإمكانيات وخاصة المالية. ولقد رأينا كيف أمكن لحزب العمال البريطانى صرف 6 ملايين جنيه إسترلينى على "الدعاية والإعلان" فقط خلال الإنتخابات الماضية. من أين جاءت تلك الملايين لحزب العمال؟ من الشركات الكبرى والمليارديرات الذين يريدون حكومة تعمل لصالحهم فى المقام الأول.
واليوم رأينا "أغلبية" مجلس العموم البريطانى ، ومعظمهم من العمال والمحافظين ، يوافقون على إمتداد مشرع الصواريخ النووية البحرية على متن غواصات تريدنت التى ستكلف دافع الضريبة البريطانى المليارات – تنفيذا لرغبة أمريكا ، أو على الأصح لمصلحة شركات السلاح الأمريكية. هذا فى الوقت الذى تقلص فيه حكومة "الأغلبية" البريطانية (حكومة العمال) المعاشات والرعاية الصحية وميزانية التعليم والخدمات عامة وغيرها- مما يرفضه 99% من عامة الشعب البريطانى.
إن "الأغلبية الملفقة" فى طريقها إلى الزوال ومعها الحكومات والأنظمة التى تقوم على أكتافها. وسوف يتم ذلك فى بعض الدول بإنشقاقات حزبية كما حدث ويحدث الآن فى بريطانيا وأوروبا . لكن التغيير لن يتم فى دول كثيرة أخرى وخصوصا فى أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا إلا بالقوة سواء عن طريق الإنقلابات العسكرية أو الإنتفاضات الشعبية وربما الحروب الأهلية.
لا تسألونى هل سينتهى حزب الأغلبية فى مصر؟ بل كيف سينتهى حزب الأغلبية فى مصر؟
وأقول أنه نظرا لحالة السخط الشديد بين كوادر الجيش المصرى المتوسطة ، ورغم قبضة المخابرات الحديدية على الجيش ورشوة العديد من ضباطه ، فإن النهاية ستكون على يد الجيش. لكن ذلك لن يوقف الزحف الإسلامى فى مصر الذى سيكتسب مزيدا من التأيد مع كل حملة إعتقالات للإخوان أو الإسلاميين.
على أى حال فإننى لا أعتقد أن امبراطورية حسنى ستشهد عام 2008.
د. السيد عمر سليم 15 مارس 2007
4- كيف نفعل الإئتلاف ونبقى عليه؟
إنتهيت فى مقالى الأخير فى هذه السلسلة إلى وضع تصور عام لإدارة مصر بعد زوال النظام الحالى يقوم على منصة إئتلاف بين نواب مستقلين يمثلون كافة طوائف الشعب.
ينتخب هؤلاء النواب من بين مرشحين "محليين" يمثلون القرى و أحياء المدن التى "عاشوا" فيها أكثر من عشرة سنوات من خلال إنتخابات فرعية تسبق الإنتخابات العامة. ويحدد عدد المرشحين لكل قرية و حى حسب عدد سكانهما وقت الإنتخابات ، وتتم كل مستويات الإنتخابات بطريقة ’صوت واحد لكل مواطن’.
ينتخب مجلس تنفيذى محلى من 11 إلى 21 عضوا فى كل محافظة من بين نوابها ليتولى الإدارة التنفيذية لمدة ستة سنوات غير قابلة للتجديد. ويتناوب رئاسة ذلك المجلس أكبر ستة أعضاء سنا. وتتخذ القرارات المحلية فى إطار السياسة العامة للدولة بالتصويت فى المجلس العام للمحافظة.
يشارك كل نواب المحافظات أوتوماتيكيا فى انتخابات شعبية عامة على مستوى الدولة كل ست سنوات لإختيار مجلسا للشعب تمثل فيه المحافظات تمثيلا نسبيا بحسب تعداد سكانها. كما ينتخب الشعب فى نفس الوقت ، من بين النواب الذين يزبد سنهم عن 50 سنة ، مجلسا للشورى ليعمل بالتعاون مع مجلس الشعب على ضمان نزاهة ادارة الدولة.
ينتخب كل من المجلسين مجلسا للإدارة من 11 عضوا يقومون بادارة المجلس المعنى بالتناوب بموافقة أغلبية أعضاء المجلس. ويقوم ذلك المجلس أيضا بالعمل كوسيط مع مجلس الشورى للوصول إلى وإتخاذ القرارات التى تحدد سياسات الدولة العادية منها والمصيرية.
يختار مجلس الشعب ، بموافقة مجلس الشورى ، جهازا وزاريا تنفيذيا متخصصا من بين النواب المنتخبين من قبل الشعب للقيام بالإدارة اليومية للدولة فى إطار الدستور ولتنفيذ القوانين المنبثقة منه. ذلك الجهاز يعمل أيضا من أجل تنفيذ قرارات وتوجيهات مجلس الشعب بعد موافقة مجلس الشورى. كما يكون من سلطة مجلس الشعب ، بعد موافقة مجلس الشورى ، أن يقوم بحل الجهاز الوزارى وفصل أى وزير يعمل به من منصبه الوزارى.
قد تبدوا منظومة الحكم الإئتلافية التى أقترحها معقدة وبيروقراطية. لكننى تعمدت وضعها بحيث تشمل عدة مستويات وضوابط وموازين أفقية ورأسية حتى يتحقق أكبر قدر من الشفافية وحتى تتضاءل فرص الفساد. لكن كل ذلك وحده لا يضمن بقاء المنظومة الديمقراطية دون وجود جهات تحكيم وضبط مستقلة خارج حدود مجالس الشعب والشورى والمحليات- وهنا يأتى دور منظمات المجتمع المدنى
والإعلام المستقل ( حيث أنه لن يكون هناك إعلام دولة ).
فمنظمات مثل منظمات حقوق الإنسان ورعاية الطفولة والشباب والحفاظ على البيئة وغيرها ، والتى يجب أن تمارس أنشطتها بكل إستقلالية وحرية ، وكذا الإعلام الحر والغير موجه هم صمام الأمان الذى يضمن حسن الممارسة والشفافية وبالتالى تحجيم الفساد على كل المستويات.
وسوف يلاحظ القارئ أن لم أشر من قريب أوبعيد للدين أو الجنس أو العرق فى طرحى. والسبب فى ذلك أنى أتعامل مع كل حى أو قرية أو مدينة كمجموعة من البشر تتعايش فى مكان جغرافى واحد لأسباب قد تختلف فى ظاهرها لكنه غالبا ما تجمعها مصالح وحاجات إنسانية معروفة. فأنا لم أرى فى حياتى مدينة نشأت على أساس تجمع دينى أو عنصرى وذلك ينطبق حتى على إسرائيل التى يظن الكثيرون أنها تجمع يهودى. إسرائيل هى تجمع إقتصادى مثله مثل أمريكا وغيرها.
لكنه لابد لكل إدارة من فكر ومرجعية تبنى عليهما سياساتها وتضعهما نصبا أمام أعينها من أجل تحقيق حاجات وطموحات شعبها. ومن ثم فإنه من الطبيعى ، وحتى تتطبق ديمقراطية حقة ، أن تكون مرجعية الإدارة فى مصر إسلامية حيث أن أغلبية تشكل 91% من سكانها هم مسلمون. هذه المرجعية لا يجب أن تقف حائلا فى طريق مشاركة أى فكر شعبى آخر فى تشكيل منظومة إدارة البلاد. تلك هى الحرية بأكمل معانيها ويالتالى فلست أرى أى مشكلة فى مشاركة الفكر الإشتراكى والرأسمالى وغيرهما بل أرى فى وجودهما دعما للمنظومة الإدارية فى مصر وتقوية لإقتصادها وتعليمها وصحتها وكل نواحى الحياة فيها.
الإئتلاف الذى أقترحته ليس إلا محاولة للإقتراب من الكمال فى إدارة مصر بتفادى كل أشكال فساد الحكم الحالى. ومع ذلك فهو فى رأيى أقرب ما يمكن لديمقراطية حقيقية تمثل كل طوائف الشعب تمثيلا حقيقيا تراعى فيه مصالح الشعب ورغباته وطموحاته أولا وأخيرا.