• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

ذكريااااات عضو فى المنتدى



فى لحظة صادقة مع النفس

وقد أزفت ساعة الغروب

واحمرت خدود الشمس خجلا تنوى الهروب


الصمت يحاصرنى

والسكوت يقتلنى

والهدوء يغازلنى

فأمسكت حبيبى إلى نفسى

والذى لا أخرجه من جيبى

إنه قلمى!

جلست هائما على وجهى

غارقا فى الفكر وسابحا فى بحر الذكريات

وبينما أقلب صفحات ذاكرتى المليئة بالآلام والامال والافراح والاتراح

جال فى خاطرى صورة أبى -رحمه الله-

الذى أرضعنا منذ الصغر حب الدين

وغرس فينا شجرة الرجولة والجد

وحطم فينا كل ميوعة وتكسر كانت تلوح فى الافق

لقد كان صوته يجلجل بالآذان

لقد كان صوته نديا عذبا سماويا

لقد كان هذا الصوت بمثابة كبسولة الحياة لى

لقد كنت أفتخر به فى كل الميادين

بل إن أصحابى كانوا يغبطونى على هذا الاب المثقف

الذى لم يكن من أبناء المدارس

وقد كان دائما يصدع بالحق ولا يخشى أحدا إلا الله



لقد غرس أبى شجرة من -ثلاثة عشر غصنا- وجذرين

تركهم جميعا وهم فى عمر الزهور

وكنت ثالث هذه الشجرة

وكنت الفتى المدلل نظرا لتفوق دراسى -حبانى الله به-

لم أبتعد يوما عن المركز الاول أو الثانى

ومرت الايام وتوالت الاعوام

وأبى دائما يربت على كتفى ويأخذ بمجامعى ويهزنى

(كُن رجلا رجله على الثرى وهامة رأسه فى الثريا)

ولازال يرى فى شخصى ذلك الفتى الذى يعيد البسمة لهذه الاسرة الكبيرة

لقد كانت هذه الاسرة الكبيرة تنعم بالهدوء ويرفرف عليها جناح المحبة والوداد

رغم أنها كانت تعيش فى شظف من العيش

بل أرى أن كلمة( شظف) لا توفى حق هذه الاسرة

ولم نكن نملك فى هذا الوقت إلا ثروة عظيمة من الخلق الحسن والثناء الجميل

ممن حولنا

بل صار كثير من الناس يتمنون أن يرزقوا بأولاد مثلنا

(فضل من الله ونعمه)

ولا زالت الفاقة تطاردنا فى كل مكان

حتى ظننت أنها تسكن معنا فى جنبات البيت العامر بالهدوء

(أسرة كبيرة وعائل واحد)

فجلسنا ننظر فى الامر

وكان لا بد من التضحية!!!

فقام الغصن الكبير معلنا بكل ثبات

أننى سأضحى بمستقلبى الدراسى

فى كلية العلوم بجامعة الازهر

وأطلق الدراسة طلقة بائنة لا رجعة فيها

ليبدأ صراعه مع الحياة

وتبدأ رحلة البحث عن عمل -ليحافظ على هذه الاسرة الهادئة-

وكنت يومها فى الثانوية

وأنا واقف مكتوف اليدين لا أستطيع أن أقدم شيئ

غير بضع كلمات أرددها فى نفسى بعد كل صلاة

ثم كانت صاعقة الثانوية التى لم أكن أتوقعها لا أنا ولا أساتذتى ولا أصدقائى

لقد تبدد حلم -سماعة الاذن وسماع نبضات المرضى-

وتحطم على صخرة الثمانينات

وقف الفتى ينظر حوله

حلمه الذى كان يحلم به ليرسم البسمة على ثغر هذه الاسرة أصبح سرابا

ودارت بى الدنيا!

وولت الايام ظهرها لى

وضاعت البسمة من على شفتى

أحاول أن اصطنعها !

ماذا أصنع لهذه الاسرة الجميلة لأعيد البسمة للشفاه !

فجال فى خاطرى إعتزال الحياة الدراسية

وألحق بالغصن الكبير

فجاءت أمى بصوتها الحنون وقلبها الرؤف

وصوتها الدافئ ويدها الحانية

وقالت يابنى لا تقتل فرحتى مرتين

امض فى طريقك والله معنا

ثم ذهبت إلى أسوار جامعة القاهرة

لأكون( درعمى )-هكذا قال لى محدثى-

ويوم أن رأيت مافى الجامعة وسمعت عن التكاليف الباهظة

والمصروفات الزائدة

فقلت لتكن الزقازيق بأى وسيلة

فوقعت فى شراك القانون دون ما أدرى

وبدأت المكافآت التشجيعية تأتينى من كل مكان

يا صاحب الثمانينات أقبل ولا تخف لقد شرفتنا فى هذه الكلية

ولكن هذا الشاب ليس مقتنعا بهذا

لم يكن هذا حلمى ولم أتخيل يوما نفسى فى هذا المكان

ورغم عدم الاقتناع كنت ثالث عشرة فى السنة الاولى

فتعجبت من نفسى ولم أسعد بهذا يوما من الايام

وظل الفتى فى حيرة من أمره

حتى أنار الله بصيرتى بثلة من الشباب المباركين الذين طرقوا باب قلبى

وسمعت لأول مرة ماذا قدمت لدين الله؟

ومن هنا كانت البداية إلى الله

فأحسست لأول مرة أن قيمة الانسان فى دينه وليس فى تعليمه

وبدأت أطوى الليل النهار فى قراءة كتب التراث وأعكف على حفظ القرآن

وكتب السنة وبدأت علامات الخير تلوح فى الافق

وهاهو الصبى يبدأ التغيير مع إخوته وجيرانه وأصحابه

وبدأت رائحة السُنة تهب على هذه العزبة النائية فى وقت كانت السنة غريبة

وبدأ ذلك الشاب يتقدم فى طلب العلم الشرعى

ولم يكن يقلل من هذه الهمة إلا فاقة هذه الاسرة- الضاربة بجذورها فى الارض-

فكتبت إلى صاحبى فى- ديار نجد -بيتين من الشعر لا يمكن أن أنساهم

(أأذكر حاجتى أم قد كفانى حياؤك....إن شيمتك الحيااااااء
إذا أثنى عليك المرء يوما ...كفاه من تعرضه الثنااااء)

وجاءنى الخبر الذى كنت أخشاه

أننى قُبلت فى ديار نجد

فظللت حائرا

ووقعت بين شقى الرحى

وكان علىّ أن أختار أحلى المرين

هل أترك طلب العلم الشرعى الذى كان أمنية حياتى....

أم السفر الذى سيسعد هذه الاسرة الهادئة ويعيد لها البسمة)

وكان الاختيار صعب فاخترت الثانية رغما عنى
فالوضع لا يستلزم المفاضلة

ثم بدأت رحلة مريرة من التفات الدنيا بظهرها إليّ

وبدأت تتقاذفنى أمواج الحياة العاتية

وخضت غمار معركة ضارية لأثبت فيها نفسى

والايام أراها كل يوم تؤلمنى بسياطها

وأنا أحاول التماسك لأجل هذه الاسرة المجاهدة

حتى جاء الفرج بفضل الله ودعاء الصالحين لى
ولأعيد البسمة إلى هذه الاسرة الجميلة
كما كنت أتمنى وأنا صغير
ولا زالت البسمة والحمد لله ينعم بها الجميع
بل تزداد كل يوم

 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
موضوع رائع

يا محمد صدقى الابراشى

موضوعكم نال أعجابنا وشكرا لكم على الطرح

نأمل منكم المزيد

جزاكم الله خيرا



سعدنا بتواجدكم
لا تحرمونا من هذه المشاركات الجميلة
والمواضيع الهادفة

سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك


====================
ملحوظة : هذا رد آلي على الموضوع
 
رد: ذكريااااات عضو فى المنتدى

أستاذ / محمد
للرجال العظماء مواقف
وما اراه منك 0 مواقف ينحنى امامها عظماء الرجال
 
رد: ذكريااااات عضو فى المنتدى

شكرا أخى محمد

على مشاعرك الصادقة

حرّكت الدموع من مكانها

وذكرتنا بالايام الماضية

بارك الله فى أولادك
 
رد: ذكريااااات عضو فى المنتدى

وانا اشارك الأخ حسام الجميزه نفس المشاعر لقد حرك بما كتب
كل الكيان والمشاعر دائما تفوق التوقعات وتبهر من حولك
وتجذب من يقراء لك وتشاركه معك كل الأحاسيس مهما ذكرت
فلن أوصف مدى سعادتي بمشاركاتك
 
رد: ذكريااااات عضو فى المنتدى

ماهذا ؟ لا أستطيع مجاراة اسلوبك المسطر بالذهب حقيقة كتابة فريدة ممزوجة بعبارات شيقة مكبلهة
مفادها وبصوت عال أقول هذا هو صبر العظماء وتضحياتهم لتكون دروسا للأجيال

تحياتي لكم ولقلمكم السيال​
 

AHMED

مدير
طاقم الإدارة
رد: ذكريااااات عضو فى المنتدى

في البدايه اقدم شكري وتقديري لهذا القلم الرائع والاسلوب العذب

جزاكم الله خيرا يا ابو معاذ

واقدم شكر وتقدير لكل من

1- لربان السفينه لوالد هذه الاسرة الشيخ المؤذن اللهم ارحمه

2- للام الفاضلة شريكة نجاح هذه الاسرة



3- الاخ الاكبر من ترك كلية العلوم من أجل الاخرين فشكرا له


 
رد: ذكريااااات عضو فى المنتدى

بداية القصه ... قدر الله وما شاء فعل

وسط القصه ...قدر الله وما شاء فعل

آخر القصة ...الحمد لله ان سارت الامور على هذا القدر

فالحمد لله .. ان كان هناك أخ أكبر .. في قلبه الرحمة والتضحيه

والحمد لله ... على المجموع القليل نسبيا .. وعدم وجود الكفائه الماديه للالتحاق بجامعه القاهره

فيكون الناتج ..الكليه الغاليه .. دار علوم .. ليلتقي هناك بالصحبه الصالحه

وطلب العلم الشرعي ... ثم يتوفر عمل !

فالحمد لله ان سارت الامور على هذا القدر

الحمد لله .. الحمد لله ... الحمد لله

شكرا حبيبي في الله الاستاذ محمد ... بارك الله فيك وفي جميع عائلتك

وفي المسلمين
 
رد: ذكريااااات عضو فى المنتدى

:k013::k013::k013::k013::k013:
 
رد: ذكريااااات عضو فى المنتدى

بالصبر والايمان تتحقق المعجزات

لانملك الا ان نقف تعظيماَ لكل فرد داخل

هذه الاسره التي تأسست علي حب الله وطاعته

بارك الله فيكم جميعاَ ورزققكم من فضله

وجمع بينكم في الفردوس الاعلي

اسره واحده علي حب الله
 
رد: ذكريااااات عضو فى المنتدى

والله يا أخ محمد أنا في حيرة من أمري لا أدري أشكرك على إيه ولا إيه
على الأسلوب المميز ولا على الكلمات الحساسة ولا على التعبير السهل الممتنع ولا على وفاءك وتضحيتك
ولا على أدبك وعلمك ولا على قلمك الذي لا يفارق جيبك ولا على مضمون الحكاية التي يجب أن تدرس
ولا على وجود مثلك في هذا المنتدى وإمتاعك لنا حقا فبأمثالك يشرف المنتدى
أقولك ..... أنا سأدعو لك
{ اللهم وفق أخي محمد بن صدقي لما تحبه وترضاه وعلمه وزده علما وانفع به الإسلام والمسلمين } آمين
 
رد: ذكريااااات عضو فى المنتدى

بارك الله فيك
انها قصة فى غاية الروعة
من حيث الاسلوب
وانتقاء الكلمات
وفيض المشاعر والاحاسيس
انها قصة مؤثرة
رجاء ان تكمل لنا
القصة وتذكر لنا ماذا فعلوا بقية الاغصان
وجزاك الله خيرا
على احساسك المرهف
ومشاعرك الصادقة
وان يجعل كل ما تفعله من عمل صالح فى ميزان أبويك
اللهم ..........أمين
 
أعلى