عمرو زكي .. "الفقري"! ـ فراج إسماعيل
فراج إسماعيل (المصريون) : بتاريخ 10 - 4 - 2009
ما معنى أن يلفت عمرو زكي الأنظار في خلال شهرين فقط من انضمامه لويجان، ويرتفع ثمنه بصورة خيالية، ويرى صوره في الصحافة الإنجليزية ومحطات المترو، ويكاد يكون أول لاعب مصري وعربي يبلغ العالمية، ثم يضحي بكل هذا، ويفضل البقاء في القاهرة، ومشاهدة مباراة انبي الأفريقية، لمجرد أن يراه أبناء المحروسة على التليفزيون؟!
تحدثت من قبل عن ثقافة الانتصار والبطولات، الغائبة عن الأندية المصرية المنافسة للأهلي والتي تعتقد دائما أن غاية ما يجب أن تفعله وتحتسبه لوجه الله، أن تكمل الديكور، وتجيد في دور "الكومبارس".
عمرو زكي تجسيد لغياب ثقافة التفوق واثبات الذات، ولغريزة مصرية صميمة، وهي الاكتفاء بطعام العشاء إذا وجدته، وأنه لا أحد يموت من الجوع، ومن ترك داره قل مقداره!
لا أدري أي مقدار يريده زكي وهو الذي كان على مقربة من ريال مدريد وتشيلسي، وينتظره مستقبل باهر في أوروبا، بل وصل إلى بقعة الضوء المركزة في انجلترا، بلد العلم والأضواء المبهرة والمال وكل الأحلام.
لا شك أنه "فقري" بلهجتنا العامية، وهذا ليس سبابا له، وإنما توصيف لثقافة لا تخصه وحده، بل تخصنا جميعا وتستشري في أعماقنا. الأب في الأرياف يقول لابنه "كفاية الدبلوم – شهادة فوق الاعدادية – كدة رضا.. وتعال لتسوق التكتك، نحن نحتاج المصاريف"!
فإذا أكرم الله الابن بالسفر إلى دولة خليجية مثلا، أول ما يفكر فيه هو المسجل والتليفزيون، وتحويل بيته من الطين للأسمنت. إذا تحقق له ذلك عاد على أول باخرة أو طائرة، حسب المتاح له، ممسكا بالمسجل في يديه، ينشد منه بأعلى صوت، الشيخ ياسين التهامي، أو عبدالباسط حمودة والضوي والعجوز!
فإذا ما استقر في بيته أعلن أنه وضع حدا للغربة ولن يترك قريته بعد اليوم، مقبلا يده شاكرا ربه، ومطلقا العنان لصوت حكيم في المسجل الذي يتصدر القعدة "ولا واحد ولا ميه ولا ألف وتلتمية ولا مليون"!
ومنذ سنوات بعيدة كتب الكاتب الكبير مصطفى أمين في عموده الشهير "فكرة" متحدثا عن هذه الظاهرة، وتحقق ما توقعه حينئذ.. تحولت قرانا من أراض خضراء تزرع القمح والقطن والفواكه، إلى حوائط من الأسمنت.
وصارت الفلاحة التي تستيقظ من "الفجرية" لتخبز وتصنع وقودها، إمرأة تسهر للفجر مع التليفزيون وتنام حتى العصر!
عمرو زكي خريج هذه الثقافة بامتياز. صورة للمصري الذي سبق العالم في مجالات كثيرة، ثم جلس في استراحة طويلة يتفرج على من سبقهم وهم يبنون دونه قواعد الرقي والمجد. إذا قلنا عنه "فقري" فمعظم المصريين مثله.
لقد صرح أخيرا بأنه يرغب في العودة للزمالك، لأنه يريد أن يعود منه إلى إنجلترا مرة ثانية ليحترف في أندية أقوى من "ويجان"!
زكي يجهل أنه لم يتعامل مع موهبته الكروية كما يتعامل الأذكياء والمحترفون، وأنه أهمل ما منحه الله له. لقد هبط سعره فلا يساوي الآن لتشيلسي ولا ريال مدريد ولا ويجان، بصلة في "الغيط" ببلدته المنصورة، لسبب رئيسي، أنه لا يحترم تعاقده ولا يؤدي عمله بما يرضي الله!
