• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

كلام فى الايجابية (حب الدعوة والغيرة عليها )

حديثنا يتواصل حول الإيجابية وعوامل تحقيقها. وننوه إلى ما تعنيه الإيجابية، والعامل الأول من عوامل تحقيق الإيجابية، ألا، وهو الإيمان. وقد ذكرت بعض الأسباب التي لها دور بارز في تنمية الإيمان وزيادته. وكان منها: الذكر وقراءة القرآن، وذكر الموت، والإكثار من التفكير في خلق السماوات والأرض. ويتواصل الحديث حول السبب الرابع، ألا وهو:
4) حب الدعوة والغيرة عليها:
إن الحب عاطفة وفطرة ربانية، فطر الله الناس عليها. وحين يبلغ الحب مرتبة عليا في نفس الإنسان، تقوم الغيرة تحرس حماه، وتصون محارمه أن تستباح. وللغيرة علامات تعرف بها. منها: أن لا يطيق أن يرى رسالته معطلة، أو خاضعة لسلطان رسالة أخرى. ومن هنا فإن المؤمن الحق، والداعية المفطور، يلح في أن يجمع لرسالته كل سلطان روحي ومادي، يكفل لها الهيمنة على ما سواها.
إن حب الدعوة وحب العمل، لدليل على حب الله ورسوله، وثمرة من ثمراته، وإن لم يؤد حب الله ورسوله إلى هذه الثمرة، فإنه يكون ادعاء كاذبا، وعاطفة غامضة، ليس لها على النفس توجيه وسلطان.
إن الحب الصادق، دليله أن يكون الله ورسوله والعمل لدينه أحب إلى النفس من كل ما تحبه وتعتز به. قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} التوبة:24 . تلك هي بعض الأسباب التي تجعل الإيمان قويا، بحيث يدفع صاحبه إلى العمل، وإلى الطاعة، وبحيث يكون حاجزا بينه وبين ما حرم الله ورسوله.
يقول الأستاذ جاسم مهلهل في كتابه: ذاتية المؤمن طريق النماء: إن العقيدة، لتضع حوافز، وتحدد قيما لحركة الإنسان ونشاطه في الحياة، وتربط بكل حركة وكل نشاط ثمرة يجنيها صاحبها، ينال قسطا منها في هذه الدنيا، وينال القسط الأكبر في الآخرة. وقيم العقيدة وحوافزها هي الأشد أثرا، والأكثر عمقا في النفوس، لما للعقيدة من سلطان عليها، ولما لارتباط هذه الحوافز والقيم بمصير الإنسان ونهايته وبقائه.
ويقول: إن العقيدة مفتاح النفوس، فهي التي تملك أن تستنفذ طاقات الإنسان الكامنة فيه. تجمع منها ما تشتت، وتوحد منها ما تعارض، وتدفع بكليتها في اتجاه واحد، وفي خط مرسوم. لقد تلقى الصحابة هذا الدين كما ينبغي أن يتلقى، فكان أحدهم لا يتجاوز عشرا من الآيات، حتى يحفظها ويفهمها ويعمل بها، لما كان يشعر به من زيادة في التكليف يتحملها.
وكان من آثار هذا المنهج التربوي الفريد في حياتهم تلك المواقف الرائعة، التي لم يشهد التاريخ لها مثيلا في سرعة التنفيذ. فقد أخرج ابن جرير في تفسيره، عن أنس بن مالك قال: "بينما أنا أدير الكأس على أبي طلحة، وأبي عبيدة بن الجراح، وأبي دجانة، ومعاذ بن جبل، وسهيل بن بيضاء، حتى مالت رؤوسهم من الخمر، إذا سمعت مناديا ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت. قال: فما دخل علينا داخل، ولا خرج منا خارج حتى أهرقنا الشراب، وكسرنا القلال، وتوضأ بعضنا، واغتسل بعضنا، وأصبنا من طيب أم سليم، ثم خرجنا إلى المسجد." وفي رواية بريدة قال: "فجئت إلى أصحابي فقرأتها عليهم (يعني آية التحريم) وبعض القوم شربته في يده،، شرب بعضا منها وبقي بعض في الإناء، فأراقوا ما في كؤوسهم، ثم صبوا ما في باطينهم، وقالوا انتهينا ربنا، انتهينا ربنا."
وهكذا انتهت قصة الخمر من المدينة ببضع آيات تلاها عليهم رسولهم، بينما أنفقت بعض الحكومات الحاضرة كأمريكا ملايين الدولارات في الدعاية والتحريم، واستعملت كل وسائل إعلامها من جرائد ومجلات ومحاضرات وسينما وإذاعة وتلفاز في سبيل ذلك، وجندت كل طاقاتها من قوانين صارمة، وغرامات باهظة، فما زاد ذلك المجتمع الأمريكي إلا غراما بالخمر، فأما الذين لم يجدوها، فقد تحولوا عنها إلى المخدرات، مما حدا بالحكومة الأمريكية إلى إعادة إباحتها مرة أخرى.
روى ابن أبي حاتم عن عائشة أم المؤمنين، قالت: "حين ذكر نساء قريش وفضلهن: إن لنساء قريش لفضلا، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقا لكتاب الله، ولا إيمانا بالتنزيل، لما نزلت في سورة النور: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} انقلب إليهن رجالهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهن منها، يتلو الرجل على امرأته وبنته وأخته وكل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت على مرطها المرحل فاعتجزت به، تصديقا وإيمانا بما أنزل الله من كتاب، فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن على رؤوسهن الغربان" وبآية أخرى كذلك اختفى السفور من وجه المدينة، وتزينت المدينة بحلة الإيمان، كما تزينت نساؤها برداء الشرع، إنه مجتمع الإيمان والتقوى الذي تعيش فيه الفضيلة.
وأورد ابن كثير في تفسيره كذلك حديث عمارة بن أوس قال: "بينما نحن في الصلاة نحو بيت المقدس، ونحن ركوع، إذ نادى مناد بالباب: إن القبلة قد حولت إلى الكعبة. قال: فأشهد على إمامنا أنه انحرف فتحول هو والرجال والصبيان وهم ركوع نحو الكعبة."
هذه نماذج قليلة لحال الجيل الأول مع القرآن وموقفهم من أوامر دينهم ونواهيه. إنها نماذج قليلة، ولكنها تدل بشكل واضح على ما كان عليه تعامل ذلك الجيل مع هذا الدين وكيفية تلقيهم له، إذ كان قوله فيهم هو الفصل، وحكمه بينهم هو العدل، وعلى هذا قام مجتمع المدينة، وبهذا كان منطلق الدعوة.
إن هذه النماذج الفريدة، لتؤكد الدور العظيم للإيمان في تعديل مسار هؤلاء الصفوة، وجعلهم إيجابيين متفاعلين مع الحدث، ومع النصوص القرآنية والنبوية. فلولا أن الإيمان قوي في قلوبهم، لصاروا متبلدين الحس، منعزلين عن الناس، سلبيين، هم في واد، والناس في واد آخر، لكنه الإيمان الذي يحرك الجبال الرواسي، فكيف لا يحرك القلوب والأجسام.؟؟؟
إن الإيمان يحيي النفوس، فتصير حارسا يقظا على أصحابها، فإذا أخطأ صاحبه، ساقه إيمانه إلى أن يعترف بخطئه، حتى ولو كلفه ذلك الاعتراف نفسه وحياته. وقل لي بربك أيها الحبيب: من ذا الذي قبض على ماعز والغامدية، حين زنيا؟ ومن ذا الذي جعل الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك يثبتون على صدقهم ومبدئهم، ولم يتلونوا كما تلون غيرهم من المنافقين؟ ومن ذا الذي جعل أبا لبابة يربط نفسه في سارية – عمود- المسجد، حين حاصر النبي صلى الله عليه وسلم بني قريظة. وذلك أن بني قريظة أرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف، وكانوا حلفاء الأوس، لنستشيره في أمرنا، فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه، قام إليه الرجال، وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه، فرق لهم، وقالوا له: يا أبا لبابة، أترى أن ننزل على حكم محمد؟ قال: نعم، وأشار إلى حلقه، أنه الذبح. قال أبو لبابة: فو الله ما زالت قدماي من مكانهما، حتى عرفت أنني خنت الله ورسوله، ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده، وقال: لا أبرح مكاني حتى يتوب الله علي مما صنعت، وعاهد الله تعالى: أن لا أطأ بني قريظة أبدا، ولا أرى في بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا.
وأقام أبو لبابة، مرتبطا بالجذع ست ليال، تأتيه امرأته في كل وقت صلاة فتحله للصلاة، ثم يعود فيرتبط بالجذع، حتى نزلت فيه هذه الآية: قول الله عز وجل: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (سورة التوبة: 102)
لذلك، فإنني أؤكد على أهمية الإيمان، كعامل أساسي في جعل صاحبه إنسانا إيجابيا، يتفاعل مع قضايا الأمة، ويتحرك نحو الناس، لتوعيتهم وتبصيرهم بحقوقهم والوقوف معهم في محنهم وشدائدهم، والتصدي للظالمين والمفسدين، الذين يتاجرون بأقواتهم، ويمتصون دماءهم، ويحرمونهم من خيرات بلادهم. فالإيمان يجعلك توقن بأن ما قدره الله تعالى سوف يكون، وأن الذي يملك أجلك ورزقك هو الله وحده، وأن البشر مهما أوتوا من قوة ومن سلطان، فلن يستطيعوا جلب الخير لأنفسهم، أو دفع الضر عنهم.
ومن هنا كان لا بد من تنمية الإيمان حتى يكون عندنا الزاد، الذي يشحذ الهمم، ويقوي العزائم، ويجعلنا قادرين على العطاء في كل مجال نسلكه، وبين كل أناس ولانا الله أمرهم. لا بد من تنمية الإيمان، حتى نظل حاملين الراية، لترفرف على ربوع الدنيا، تنشر عليهم الأمن والأمان والسلام. لا بد من تنمية الإيمان، حتى تكون عندنا الحركة الدائبة بين أفراد المجتمع، لنتفقد ضعيفهم ويتيمهم ومحرومهم وأراملهم وذوي الحاجات فيهم. لابد من تنمية الإيمان، حتى تكون عندنا الشجاعة على أن نأخذ الحق للضعيف من القوي، وأن نأخذ على يد القوي ، لنمنعه من ظلمه، ولنحميه من نفسه، خوفا عليه من عذاب يوم القيامة، تطبيقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالما، أو مظلوما. قالوا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال ما معناه: أن تأخذ على يديه، فذلك نصرك له."
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
رد: كلام فى الايجابية (حب الدعوة والغيرة عليها )

مشكوووووووووووووووور الله يعطيك العافية
جزاك الله خيرا
 
أعلى