• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

مفهوم التغيير كما يطرحه الأنبياء

ابوشدى

Moderator
كم هو صعبٌ الوصول إلى عمق التوحيد، وهو إلا يستبه علينا الخالق بالمخلوق، لأننا مهما حَلَّقنا فإن القياس الذي يقوم به ذهننا يخذلنا.
إن سؤال إبراهيم عليه السلام: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى) البقرة: 2/260، وسؤال موسى عليه السلام: (رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ) الأعراف: 7/143، هذان السؤالان، والجوابان اللذان ردَّ بهما الله تعالى عليهما؛ يقولان لنا: انظروا إلى الواقع الذي خلقه الله، ولا تحاولوا أن تنظروا إلى الله فتقعوا في الخطأ والّلبس والقياس، فالله خارج القياس، خارج المثلية.
لقد جاء الأنبياء بفهم جديد للإنسان، جاؤوا بشيء قلب فهم الإنسان، فالإنسان غدا عَلَماً جديداً له قوانينه الخاصة، وتغييره يكون بتغيير ما بنفسه، وتغير نفسه صار ممكناً دون قتل للنفس، ودون سفك للدماء.
لقد صار ممكناً أخذ العسل دجون قتل النَّحل، وإن مجرد الإيمان بإمكان تغيير ما بالأنفس صار موقفاً يفتح لصاحبه طريقاً إلى تغيير وإزالة ما بنفس الإنسان من غير إزالة نفسه.
هذه النقلة هي ما جاء به الأنبياء حين فصلوا إزالة ما بالنفس عن إزالة النفس، فزال بذلك النزاع والخلط بين الأمرين.
هل يمكن أن يكون هذا هو الفرقان الذي آتاه الله تعالى لأنبيائه؟، وأنه لأنهم جميعاً جاؤوا به فنحن: (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) البقرة: 2/136.
هل يساعدنا هذا الفهم على إدراك أن النفس صارت محرومة لأنه صار بالإمكان إزالة ما بالنفس دون إزالة النفس؟ نعم صار بالإمكان إزالة المرض دون إزالة المريض بقتله.
إن هذا الفهم خبر عجيب ونبأ عظيم لم يتوضح إلى الآن، وإن كنت في ريب من ذلك فارجع إلى نفسك: هل تشعر أن هذا المفهوم صار واضحاً لديك، وأنك قادر على أن تفكر به جيداً وتتأمله؟
هل نستطيع أن نكشف أنفسنا، وأن نغير ما بها في هذا الموضوع؟
هل ما تزال فكرة إزالة النفس بدل إزالة ما بها هي المسيطرة علينا؟
تحدثتُ إليك سابقاً عن ذلك الطبيب الذي لا يجد علاجاً لمرض المريض إلا بإزالة الجسد لا المرض، فهو دائم التفكير في الكيفية التي يتخلص بها من المريض، لا الكيفية التي يتخلص بها من المرض.
هل تشعر معي أن الأفكار المسيطرة علينا وعلى ثقافتنا، والأحقاد والأغلال التي في قلوبنا؛ إنما نتجت عن عدم فهمنا لهذا الموضوع، وهو إمكان معالجة النفس وإزالة ما بها من مرض دون إزالتها؟
إننا حين نكشف المرض، ونكشف إمكانية إزالته دون قتل المريض، وبدون قتل المخطئ، فسيصبح هذا العلم كبيراً ونبأ عظيماً: (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، عَنْ النَّبَأ الْعَظِيمِ، الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ، كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ) النبأ: 78/1-5.
إن ما جاء به الأنبياء لم يتحقق بعد في حياة الناس، ولم يصر مفهوماً متداولاً فيما بينهم، بل (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون) يس: 36/30. هل نستطيع أن نفهم أننا لا نزال نستهزئ بالأنبياء وبما جاؤوا به، وأن ما جاؤوا من اجله لم يأت عهده في حياة الناس بعد؟
إن القرآن لَيُلحُّ على هذا المفهوم، وقد جاءنا نبؤه، ولكننا لم نفهمه، ولم يحصل لنا علم بما جاؤوا به: (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) ص: 38/88.
إننا لا نزال نعرض عنه، ولا نستطيع أن نتفكر فيه: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ: أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى، ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) سبأ: 34/46.
هل تساءل الناس عن النبأ العظيم فعلاً؟ لماذا يقول الله تعالى: (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ، أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) ص: 38/67-68؟
ما هذا الشيء الموحّد، والنبأ العظيم الذي جاء به الأنبياء جميعاً؟
ما هذا الفرقان الذي أنوله الله ونزّله على عبده ليكون للعالمين نذيراً: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) الفرقان: 25/1، (إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً) الأنفال: 8/29.
اللهم اجعل لنا فرقاناً!!..
واجعل لنا ميزاناً!!.. نميز به بين الخطأ والصواب، بين الغي والرشد، بين الضلال والهدى، بين الفساد والصلاح.
اللهم لا تجعله ملتبساً علينا فنضل، واجعل لنا نوراً وفرقاناً نخرج به مما نحن فيه من الفساد والأحقاد وسفك الدماء.
إنني أخاف، ولا أجرؤ على أن أقول: إنني بصرت شيئاً لم يره الراؤون، ومحمد إقبال رحمه الله كان يشعر بهذا، وقد صرت أفهم عليه انه كان يرى أشياء لم يرها الناس، ومن يقرأ ديوان الأسرار والرموز يشعر أن إقبالاً كان يتأجج حرقة وتوقداً، لقد كان يرى في الرماد شعلة، وفي عروق البدر دورات الدم، ويقول:
ما فَشَى ذا السِّرَّ غيري في البشر لم يثقِّب ناظم مثلي الدُّرَر
صيد أفكاري ظباء لم ترم لم تسيب بعد من قيد العدم
أنا في يأس من الصحب القديم مشعل طُوري ليغشاه كليم
وكان يشكو أن أفكاره لا تروج في هذه الأسواق، لأن هذه الأسواق ليس فيها من يشتري يوسفه ويقول:
أنا لحنٌ ضرب صَعَدا أنا صوتٌ شاعري يأتي غداً
دون عصري كلُّ قد خفي ما بهذا السوق يُشْرى يوسفي
لقد عشت مع إقبال وأفكاره زماناً طويلاً، كنت أدور معه في الصحارى والبراري والأفلاك، فعن أي شيء كان يبحث إقبال؟
إنه كان يبحث عن قوة الذات وأسرار إثباتها، وعن مواطن الضعف في الذات ورموز نفيها، لقد كان يبحث في معاني (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) الشمس: 91/9-10، في: (أسرار إثبات، ورموز نفي الذات).
إن الذي تعب في البحث يقّر قيمة التعب في البحث، ويعرف أن انشراح الصدر يسبقه ألم.
حين كان إقبال يريد أن يوجز فكرته؛ كان يقول:
نكتة خذها كسيف مخزم وانصرف عني إذا لم تفهم
 
موضوع رائع

يا ابوشدى

موضوعك نال أعجابنا وشكرا لك على الطرح

نأمل منك المزيد

جزاك الله خيرا

سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك


====================
ملحوظة : هذا رد آلي على الموضوع
 
أعلى