حفيدة عائشة
Moderator
خرج عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ليلة من الليالي يتفقد أحوال الرعية فمر برحبة من رحاب المدينة فإذا ببيت شعر ينبعث منه أنين امرأة وعلى بابه رجل قاعد، فسلم عليه عمر وسأله من هو؟ فأجابه بأنه رجل من البادية جاء يصيب من فضل أمير المؤمنين، فقال عمر: ما هذا الصوت الذي أسمعه في البيت؟
قال الرجل، وهو لا يدري أنه عمر أمير المؤمنين: انطلق رحمك الله لحاجتك ولا تسأل عما لا يعنيك، فألح عليه عمر يريد معرفة الأمر فأجابه: امرأة تمخض ـ أي على وشك الولادة ـ وليس عندها أحد، فعاد عمر إلى منزله وقال لامرأته أم كلثوم بنت علي -رضي الله عنه-: هل لك في أجر ساقه الله إليك؟ قالت: وما هو؟ فأخبرها الخبر وأمرها أن نأخذ معها ما يحتاج إليه الوليد الجديد من ثياب وما تحتاج إليه المرأة من دهن، وأن تأخذ معها قدرا وتضع فيه حبوبا وسمنا. فجاءت به فحمل القدر ومشت خلفه حتى انتهى إلى البيت وقال لامرأته ادخلي إلى المرأة وجلس هو مع الرجل وأوقد النار وطبخ ما جاء به والرجل جالس لا يعلم من هو! وولدت المرأة فقالت زوجة عمر من داخل البيت: بشر يا أمير المؤمنين صاحبك بغلام!! فلما سمع الأعرابي ذلك علم أنه مع أمير المؤمنين، فكأنه هابه، فأخذ يبتعد عنه! وعمر يقول له: مكانك كما أنت، ثم حمل القدر وأمر زوجته أن تأخذه لتطعم المرأة، فلما أكلت ناول الرجل القدر وقال: كل ويحك فإنك سهرت الليل كله… ثم خرجت زوجته وقال للرجل: إذا كان غدا فأتنا نأمر لك بما يصلحك، فلما أصبح أتاه ففرض لابنه في الذرية وأعطاه… !
النحوي في سطح الجامعيحكى أن ابن بابشاذ النحوي كان يوما في سطح جامع مصر، وهو يأكل شيئا وعنده ناس، فحضرهم قط، فرموا له لقمة، فأخذها في فيه، وغاب عنهم، ثم عاد إليهم، فرموا له شيئا آخر، ففعل كذلك، وتردد مرارا كثيرة، وهم يرمون له، وهو يأخذه ويغيب به، ثم يعود من فوره، حتى
عجبوا منه، وعملوا أن مثل هذا الطعام لا يأكله وحده لكثرته, فلما استرابوا حاله تبعوه فوجدوه يراقى إلى حائط في سطح الجامع، ثم ينزل إلى موضع خال صورة بيت خراب، وفيه قط آخر أعمى، وكل ما يأخذه من الطعام يحمله إلى ذلك القط ويضعه بين يديه، وهو يأكله، فعجبوا من تلك الحال، فقال ابن بابشاذ: إذا كان هذا حيوانا أخرس قد سخر الله ـ سبحانه وتعالى ـ له هذا القط، وهو يقوم بكفايته، ولم يحرمه الرزق، فكيف يضيع مثلي.
وعظ الخطاب بن المعلى المخزومي القرشي ابنه فقال:
يا بني، عليك بتقوى الله وطاعته، وتجنب محارمه باتباع سنته ومعالمه حتى تصح عيوبك، وتقر عينك، فإنها لا تخفى على الله خافية، إني قد وسمت لك وسمًا، ووضعت لك رسمًا، إن أنت حفظته ووعيته وعملت به ملأت أعين الملوك، وانقاد لك به الصعلوك، ولم تزل مرتجى مشرفًا
يحتاج إليك، ويرغب إلى ما في يديك، فأطع أباك، واقتصر على وصية أبيك، وفرغ لذلك ذهنك، واشغل به قلبك ولبك.
وإياك وهَذْرَ الكلام، وكثرة الضحك والمزاح، مهازلة الإخوان، فإن ذلك يُذهب البهاء، ويوقع الشحناء.
وعليك بالرزانة والتوقر، من غير كِبر يوصف منك، ولا خُيلاء تحكى عنك، والقَ صديقك وعدوك بوجه الرضي، وكف الأذى من غير ذلة ولا هيبة منهم.
وكن في جميع أمورك في أوسطها، فإن خير الأمور أوساطها، وقلِّل الكلام، وأفش السلام، وامش متمكنًا قصدًا، ولا تخط برجلك، ولا تسحب ذيلك، ولا تلو عنقك، ولا رداءك، ولا تنظر في عطفك، ولا تكثر الالتفات، ولا تقف على ***ات، ولا تتخذ السوق مجلسًا، ولا الحوانيت متحدثًا.
ولا تكثر المراء، ولا تنازع السفهاء، فإن تكلمت فاختصر، وإن مزحت فاقتصر، وإذا جلست فتربع، وتحفظ من تشبيك أصابعك وتفقيعها، والعبث بلحيتك وخاتمك، وذؤابة سيفك وتخليل أسنانك، وإدخال يديك في أنفك، وكثرة طرد الذباب عنك، وكثرة التثاؤب والتمطي، وأشباه ذلك مما يستخفه الناس منك، ويغتمزون به فيك.
وليكن مجلسك هاديًا، وحديثك مقسومًا، واصغ إلى الكلام الحسن ممن حدثك، بغير إظهار عجب منك، ولا مسألة إعادة، وغُضَّ عن الفكاهات من المضاحك والحكايات، ولا تُحدث عن إعجابك بولدك ولا جاريتك، ولا عن فرسك، ولا عن سيفك.وإياك وأحاديث الرؤيا، فإنك إن أظهرت عجبًا بشيء منها طمع فيها
السفهاء، فولدوا لك الأحلام، واغتمزوا في عقلك، ولا تَصَنَّع تصنُّعَ المرأة، ولا تبذَّل تبَذَّل العبد، ولا تهلُب لحيتك ولا تبطنها، وتوق كثرة الحف، ونتف الشيب، وكثرة الكحل، والإسراف في الدهن، وليكن كحلك غبًّا.ولا تلح في الحاجات، ولا تخشع في الطلبات، ولا تعلم أهلك وولدك – فضلًا عن غيرهم – عدد مالك، فإنهم إن رأوه قليلًا هنت عليهم، وإن كان كثيرًا لم تبلغ به رضاهم، وأخفهم في غير عنف، ولن لهم في غير ضعف، ولا تهازل أمتك.
وإذا خاصمت فتوقَّر، وتحفظ من جهلك، وتجنب في عجلتك، وتفكر في حجتك، وأرى الحاكم شيئًا من حلمك، ولا تكثر الإشارة بيدك، ولا تحفَّز على ركبتيك، وتوقَّ حمرة الوجه، وعرق الجبين، وإن سفه عليك فاحلم، وإذا هدأ غضبك فتكلم، وأكرم عرضك، وألق الفضول عنك.
وإن قربك سلطان فكن منه على حد السنان، وإن استرسل إليك فلا تأمن من انقلابه عليك، وارفق به رفقك بالصبي، وكلمه بما يشتهي، ولا يحملنك ما ترى من إلطافه إياك، وخاصته بك: أن تدخل بينه وبين أحد من ولده وأهله وحشمه، وإن كان لذلك منك مستمعًا، وللقول منك مطيعًا، فإن سقطة الداخل بين الملك وأهله صرعة لا تنهض، وزَلَّة لا تقال وإذا وعدت فحقق، وإذا حدثت فاصدق، ولا تجهر بمنطقك كمنازع الأصم، ولا تخافت كتخافت الأخرس، وتخير محاسن القول بالحديث المقبول، وإذا حدثت بسماع فانسبه إلى أهله، وإياك لأحاديث العابرة المشنِّعة التي تنكرها القلوب، وتقف لها الجلود، وإياك ومضعَّف الكلام مثل: نعم، نعم، ولا، ولا، وعجل، عجل، وما أشبه ذلك.
وإذا توضأت فأجد عرك كفيك، وليكن وضعك الحُرُض من الأشنان في فيك كفعلك بالسواك، ولا تنخَّع في الطست، وليكن طرحك الماء من فيك مترسلًا، ولا تمج فتنضح على أقرب جلسائك، ولا تعض نصف اللقمة، ثم تعيد ما بقي منها منصبغًا، فإن ذلك مكروه، ولا تكثر الاستقساء على مائدة الملك، ولا تعبث بالمشاش، ولا تُعب شيئًا مما يقرب إليك على مائدة بقلة خل أو تابل أو عسل، فإن السحابة قد صيرت لنفسها مهابة.لا تمسك إمساك المثبور، ولا تبذر تبذير السفيه المغرور، واعرف في مالك واجب الحقوق، وحرمة الصديق، واستغن عن الناس يحتاجوا إليك، واعلم أن الجشع يدعو إلى الطمع، والرغبة كما قيل تدق الرقبة، ورب أكلة تمنع أكلات، والتعفف مال جسيم، وخلق كريم.
ومعرفة الرجل قدره تشرف ذكره، ومن تعدى القدر هوى في بعيد القعر، والصدق زين، والكذب شين، والصدق يسرع عطب صاحبه أحسن عاقبة من كذب يسلم عليه قائله، ومعاداة الحليم خير من مصادقة الأحمق، ولزوم الكريم على الهوان خير من صحبة اللئيم على الإحسان، ولقرب ملك جواد خير من مجاورة بحر طرَّاد، وزوجة السوء الداء العضال، ونكاح العجوز يذهب بماء الوجه، وطاعة النساء تزري بالعقلاء، تشبه بأهل العقل تكن منهم، وتصنع للشرف تدركه.
واعلم أن كل امرئ حيث وضع نفسه، وإنما ينسب الصانع إلى صناعته، والمرء يعرف بقرينه، وإياك وإخوان السوء فإنهم يخونون من رافقهم، ويحزنون من صادقهم، وقربهم أعدى من الجرب، ورفضهم من استكمال الأدب، واستخفار المستجير لؤم، والعجلة شؤم، وسوء التدبير وهن يتبع
قال الرجل، وهو لا يدري أنه عمر أمير المؤمنين: انطلق رحمك الله لحاجتك ولا تسأل عما لا يعنيك، فألح عليه عمر يريد معرفة الأمر فأجابه: امرأة تمخض ـ أي على وشك الولادة ـ وليس عندها أحد، فعاد عمر إلى منزله وقال لامرأته أم كلثوم بنت علي -رضي الله عنه-: هل لك في أجر ساقه الله إليك؟ قالت: وما هو؟ فأخبرها الخبر وأمرها أن نأخذ معها ما يحتاج إليه الوليد الجديد من ثياب وما تحتاج إليه المرأة من دهن، وأن تأخذ معها قدرا وتضع فيه حبوبا وسمنا. فجاءت به فحمل القدر ومشت خلفه حتى انتهى إلى البيت وقال لامرأته ادخلي إلى المرأة وجلس هو مع الرجل وأوقد النار وطبخ ما جاء به والرجل جالس لا يعلم من هو! وولدت المرأة فقالت زوجة عمر من داخل البيت: بشر يا أمير المؤمنين صاحبك بغلام!! فلما سمع الأعرابي ذلك علم أنه مع أمير المؤمنين، فكأنه هابه، فأخذ يبتعد عنه! وعمر يقول له: مكانك كما أنت، ثم حمل القدر وأمر زوجته أن تأخذه لتطعم المرأة، فلما أكلت ناول الرجل القدر وقال: كل ويحك فإنك سهرت الليل كله… ثم خرجت زوجته وقال للرجل: إذا كان غدا فأتنا نأمر لك بما يصلحك، فلما أصبح أتاه ففرض لابنه في الذرية وأعطاه… !
النحوي في سطح الجامعيحكى أن ابن بابشاذ النحوي كان يوما في سطح جامع مصر، وهو يأكل شيئا وعنده ناس، فحضرهم قط، فرموا له لقمة، فأخذها في فيه، وغاب عنهم، ثم عاد إليهم، فرموا له شيئا آخر، ففعل كذلك، وتردد مرارا كثيرة، وهم يرمون له، وهو يأخذه ويغيب به، ثم يعود من فوره، حتى
عجبوا منه، وعملوا أن مثل هذا الطعام لا يأكله وحده لكثرته, فلما استرابوا حاله تبعوه فوجدوه يراقى إلى حائط في سطح الجامع، ثم ينزل إلى موضع خال صورة بيت خراب، وفيه قط آخر أعمى، وكل ما يأخذه من الطعام يحمله إلى ذلك القط ويضعه بين يديه، وهو يأكله، فعجبوا من تلك الحال، فقال ابن بابشاذ: إذا كان هذا حيوانا أخرس قد سخر الله ـ سبحانه وتعالى ـ له هذا القط، وهو يقوم بكفايته، ولم يحرمه الرزق، فكيف يضيع مثلي.
وعظ الخطاب بن المعلى المخزومي القرشي ابنه فقال:
يا بني، عليك بتقوى الله وطاعته، وتجنب محارمه باتباع سنته ومعالمه حتى تصح عيوبك، وتقر عينك، فإنها لا تخفى على الله خافية، إني قد وسمت لك وسمًا، ووضعت لك رسمًا، إن أنت حفظته ووعيته وعملت به ملأت أعين الملوك، وانقاد لك به الصعلوك، ولم تزل مرتجى مشرفًا
يحتاج إليك، ويرغب إلى ما في يديك، فأطع أباك، واقتصر على وصية أبيك، وفرغ لذلك ذهنك، واشغل به قلبك ولبك.
وإياك وهَذْرَ الكلام، وكثرة الضحك والمزاح، مهازلة الإخوان، فإن ذلك يُذهب البهاء، ويوقع الشحناء.
وعليك بالرزانة والتوقر، من غير كِبر يوصف منك، ولا خُيلاء تحكى عنك، والقَ صديقك وعدوك بوجه الرضي، وكف الأذى من غير ذلة ولا هيبة منهم.
وكن في جميع أمورك في أوسطها، فإن خير الأمور أوساطها، وقلِّل الكلام، وأفش السلام، وامش متمكنًا قصدًا، ولا تخط برجلك، ولا تسحب ذيلك، ولا تلو عنقك، ولا رداءك، ولا تنظر في عطفك، ولا تكثر الالتفات، ولا تقف على ***ات، ولا تتخذ السوق مجلسًا، ولا الحوانيت متحدثًا.
ولا تكثر المراء، ولا تنازع السفهاء، فإن تكلمت فاختصر، وإن مزحت فاقتصر، وإذا جلست فتربع، وتحفظ من تشبيك أصابعك وتفقيعها، والعبث بلحيتك وخاتمك، وذؤابة سيفك وتخليل أسنانك، وإدخال يديك في أنفك، وكثرة طرد الذباب عنك، وكثرة التثاؤب والتمطي، وأشباه ذلك مما يستخفه الناس منك، ويغتمزون به فيك.
وليكن مجلسك هاديًا، وحديثك مقسومًا، واصغ إلى الكلام الحسن ممن حدثك، بغير إظهار عجب منك، ولا مسألة إعادة، وغُضَّ عن الفكاهات من المضاحك والحكايات، ولا تُحدث عن إعجابك بولدك ولا جاريتك، ولا عن فرسك، ولا عن سيفك.وإياك وأحاديث الرؤيا، فإنك إن أظهرت عجبًا بشيء منها طمع فيها
السفهاء، فولدوا لك الأحلام، واغتمزوا في عقلك، ولا تَصَنَّع تصنُّعَ المرأة، ولا تبذَّل تبَذَّل العبد، ولا تهلُب لحيتك ولا تبطنها، وتوق كثرة الحف، ونتف الشيب، وكثرة الكحل، والإسراف في الدهن، وليكن كحلك غبًّا.ولا تلح في الحاجات، ولا تخشع في الطلبات، ولا تعلم أهلك وولدك – فضلًا عن غيرهم – عدد مالك، فإنهم إن رأوه قليلًا هنت عليهم، وإن كان كثيرًا لم تبلغ به رضاهم، وأخفهم في غير عنف، ولن لهم في غير ضعف، ولا تهازل أمتك.
وإذا خاصمت فتوقَّر، وتحفظ من جهلك، وتجنب في عجلتك، وتفكر في حجتك، وأرى الحاكم شيئًا من حلمك، ولا تكثر الإشارة بيدك، ولا تحفَّز على ركبتيك، وتوقَّ حمرة الوجه، وعرق الجبين، وإن سفه عليك فاحلم، وإذا هدأ غضبك فتكلم، وأكرم عرضك، وألق الفضول عنك.
وإن قربك سلطان فكن منه على حد السنان، وإن استرسل إليك فلا تأمن من انقلابه عليك، وارفق به رفقك بالصبي، وكلمه بما يشتهي، ولا يحملنك ما ترى من إلطافه إياك، وخاصته بك: أن تدخل بينه وبين أحد من ولده وأهله وحشمه، وإن كان لذلك منك مستمعًا، وللقول منك مطيعًا، فإن سقطة الداخل بين الملك وأهله صرعة لا تنهض، وزَلَّة لا تقال وإذا وعدت فحقق، وإذا حدثت فاصدق، ولا تجهر بمنطقك كمنازع الأصم، ولا تخافت كتخافت الأخرس، وتخير محاسن القول بالحديث المقبول، وإذا حدثت بسماع فانسبه إلى أهله، وإياك لأحاديث العابرة المشنِّعة التي تنكرها القلوب، وتقف لها الجلود، وإياك ومضعَّف الكلام مثل: نعم، نعم، ولا، ولا، وعجل، عجل، وما أشبه ذلك.
وإذا توضأت فأجد عرك كفيك، وليكن وضعك الحُرُض من الأشنان في فيك كفعلك بالسواك، ولا تنخَّع في الطست، وليكن طرحك الماء من فيك مترسلًا، ولا تمج فتنضح على أقرب جلسائك، ولا تعض نصف اللقمة، ثم تعيد ما بقي منها منصبغًا، فإن ذلك مكروه، ولا تكثر الاستقساء على مائدة الملك، ولا تعبث بالمشاش، ولا تُعب شيئًا مما يقرب إليك على مائدة بقلة خل أو تابل أو عسل، فإن السحابة قد صيرت لنفسها مهابة.لا تمسك إمساك المثبور، ولا تبذر تبذير السفيه المغرور، واعرف في مالك واجب الحقوق، وحرمة الصديق، واستغن عن الناس يحتاجوا إليك، واعلم أن الجشع يدعو إلى الطمع، والرغبة كما قيل تدق الرقبة، ورب أكلة تمنع أكلات، والتعفف مال جسيم، وخلق كريم.
ومعرفة الرجل قدره تشرف ذكره، ومن تعدى القدر هوى في بعيد القعر، والصدق زين، والكذب شين، والصدق يسرع عطب صاحبه أحسن عاقبة من كذب يسلم عليه قائله، ومعاداة الحليم خير من مصادقة الأحمق، ولزوم الكريم على الهوان خير من صحبة اللئيم على الإحسان، ولقرب ملك جواد خير من مجاورة بحر طرَّاد، وزوجة السوء الداء العضال، ونكاح العجوز يذهب بماء الوجه، وطاعة النساء تزري بالعقلاء، تشبه بأهل العقل تكن منهم، وتصنع للشرف تدركه.
واعلم أن كل امرئ حيث وضع نفسه، وإنما ينسب الصانع إلى صناعته، والمرء يعرف بقرينه، وإياك وإخوان السوء فإنهم يخونون من رافقهم، ويحزنون من صادقهم، وقربهم أعدى من الجرب، ورفضهم من استكمال الأدب، واستخفار المستجير لؤم، والعجلة شؤم، وسوء التدبير وهن يتبع