• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

من لطائف الصحابة وعلماء السلف

خرج عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ليلة من الليالي يتفقد أحوال الرعية فمر برحبة من رحاب المدينة فإذا ببيت شعر ينبعث منه أنين امرأة وعلى بابه رجل قاعد، فسلم عليه عمر وسأله من هو؟ فأجابه بأنه رجل من البادية جاء يصيب من فضل أمير المؤمنين، فقال عمر: ما هذا الصوت الذي أسمعه في البيت؟

قال الرجل، وهو لا يدري أنه عمر أمير المؤمنين: انطلق رحمك الله لحاجتك ولا تسأل عما لا يعنيك، فألح عليه عمر يريد معرفة الأمر فأجابه: امرأة تمخض ـ أي على وشك الولادة ـ وليس عندها أحد، فعاد عمر إلى منزله وقال لامرأته أم كلثوم بنت علي -رضي الله عنه-: هل لك في أجر ساقه الله إليك؟ قالت: وما هو؟ فأخبرها الخبر وأمرها أن نأخذ معها ما يحتاج إليه الوليد الجديد من ثياب وما تحتاج إليه المرأة من دهن، وأن تأخذ معها قدرا وتضع فيه حبوبا وسمنا. فجاءت به فحمل القدر ومشت خلفه حتى انتهى إلى البيت وقال لامرأته ادخلي إلى المرأة وجلس هو مع الرجل وأوقد النار وطبخ ما جاء به والرجل جالس لا يعلم من هو! وولدت المرأة فقالت زوجة عمر من داخل البيت: بشر يا أمير المؤمنين صاحبك بغلام!! فلما سمع الأعرابي ذلك علم أنه مع أمير المؤمنين، فكأنه هابه، فأخذ يبتعد عنه! وعمر يقول له: مكانك كما أنت، ثم حمل القدر وأمر زوجته أن تأخذه لتطعم المرأة، فلما أكلت ناول الرجل القدر وقال: كل ويحك فإنك سهرت الليل كله… ثم خرجت زوجته وقال للرجل: إذا كان غدا فأتنا نأمر لك بما يصلحك، فلما أصبح أتاه ففرض لابنه في الذرية وأعطاه… !

النحوي في سطح الجامعيحكى أن ابن بابشاذ النحوي كان يوما في سطح جامع مصر، وهو يأكل شيئا وعنده ناس، فحضرهم قط، فرموا له لقمة، فأخذها في فيه، وغاب عنهم، ثم عاد إليهم، فرموا له شيئا آخر، ففعل كذلك، وتردد مرارا كثيرة، وهم يرمون له، وهو يأخذه ويغيب به، ثم يعود من فوره، حتى

عجبوا منه، وعملوا أن مثل هذا الطعام لا يأكله وحده لكثرته, فلما استرابوا حاله تبعوه فوجدوه يراقى إلى حائط في سطح الجامع، ثم ينزل إلى موضع خال صورة بيت خراب، وفيه قط آخر أعمى، وكل ما يأخذه من الطعام يحمله إلى ذلك القط ويضعه بين يديه، وهو يأكله، فعجبوا من تلك الحال، فقال ابن بابشاذ: إذا كان هذا حيوانا أخرس قد سخر الله ـ سبحانه وتعالى ـ له هذا القط، وهو يقوم بكفايته، ولم يحرمه الرزق، فكيف يضيع مثلي.

وعظ الخطاب بن المعلى المخزومي القرشي ابنه فقال:

يا بني، عليك بتقوى الله وطاعته، وتجنب محارمه باتباع سنته ومعالمه حتى تصح عيوبك، وتقر عينك، فإنها لا تخفى على الله خافية، إني قد وسمت لك وسمًا، ووضعت لك رسمًا، إن أنت حفظته ووعيته وعملت به ملأت أعين الملوك، وانقاد لك به الصعلوك، ولم تزل مرتجى مشرفًا

يحتاج إليك، ويرغب إلى ما في يديك، فأطع أباك، واقتصر على وصية أبيك، وفرغ لذلك ذهنك، واشغل به قلبك ولبك.

وإياك وهَذْرَ الكلام، وكثرة الضحك والمزاح، مهازلة الإخوان، فإن ذلك يُذهب البهاء، ويوقع الشحناء.

وعليك بالرزانة والتوقر، من غير كِبر يوصف منك، ولا خُيلاء تحكى عنك، والقَ صديقك وعدوك بوجه الرضي، وكف الأذى من غير ذلة ولا هيبة منهم.

وكن في جميع أمورك في أوسطها، فإن خير الأمور أوساطها، وقلِّل الكلام، وأفش السلام، وامش متمكنًا قصدًا، ولا تخط برجلك، ولا تسحب ذيلك، ولا تلو عنقك، ولا رداءك، ولا تنظر في عطفك، ولا تكثر الالتفات، ولا تقف على ***ات، ولا تتخذ السوق مجلسًا، ولا الحوانيت متحدثًا.

ولا تكثر المراء، ولا تنازع السفهاء، فإن تكلمت فاختصر، وإن مزحت فاقتصر، وإذا جلست فتربع، وتحفظ من تشبيك أصابعك وتفقيعها، والعبث بلحيتك وخاتمك، وذؤابة سيفك وتخليل أسنانك، وإدخال يديك في أنفك، وكثرة طرد الذباب عنك، وكثرة التثاؤب والتمطي، وأشباه ذلك مما يستخفه الناس منك، ويغتمزون به فيك.

وليكن مجلسك هاديًا، وحديثك مقسومًا، واصغ إلى الكلام الحسن ممن حدثك، بغير إظهار عجب منك، ولا مسألة إعادة، وغُضَّ عن الفكاهات من المضاحك والحكايات، ولا تُحدث عن إعجابك بولدك ولا جاريتك، ولا عن فرسك، ولا عن سيفك.وإياك وأحاديث الرؤيا، فإنك إن أظهرت عجبًا بشيء منها طمع فيها

السفهاء، فولدوا لك الأحلام، واغتمزوا في عقلك، ولا تَصَنَّع تصنُّعَ المرأة، ولا تبذَّل تبَذَّل العبد، ولا تهلُب لحيتك ولا تبطنها، وتوق كثرة الحف، ونتف الشيب، وكثرة الكحل، والإسراف في الدهن، وليكن كحلك غبًّا.ولا تلح في الحاجات، ولا تخشع في الطلبات، ولا تعلم أهلك وولدك – فضلًا عن غيرهم – عدد مالك، فإنهم إن رأوه قليلًا هنت عليهم، وإن كان كثيرًا لم تبلغ به رضاهم، وأخفهم في غير عنف، ولن لهم في غير ضعف، ولا تهازل أمتك.

وإذا خاصمت فتوقَّر، وتحفظ من جهلك، وتجنب في عجلتك، وتفكر في حجتك، وأرى الحاكم شيئًا من حلمك، ولا تكثر الإشارة بيدك، ولا تحفَّز على ركبتيك، وتوقَّ حمرة الوجه، وعرق الجبين، وإن سفه عليك فاحلم، وإذا هدأ غضبك فتكلم، وأكرم عرضك، وألق الفضول عنك.

وإن قربك سلطان فكن منه على حد السنان، وإن استرسل إليك فلا تأمن من انقلابه عليك، وارفق به رفقك بالصبي، وكلمه بما يشتهي، ولا يحملنك ما ترى من إلطافه إياك، وخاصته بك: أن تدخل بينه وبين أحد من ولده وأهله وحشمه، وإن كان لذلك منك مستمعًا، وللقول منك مطيعًا، فإن سقطة الداخل بين الملك وأهله صرعة لا تنهض، وزَلَّة لا تقال وإذا وعدت فحقق، وإذا حدثت فاصدق، ولا تجهر بمنطقك كمنازع الأصم، ولا تخافت كتخافت الأخرس، وتخير محاسن القول بالحديث المقبول، وإذا حدثت بسماع فانسبه إلى أهله، وإياك لأحاديث العابرة المشنِّعة التي تنكرها القلوب، وتقف لها الجلود، وإياك ومضعَّف الكلام مثل: نعم، نعم، ولا، ولا، وعجل، عجل، وما أشبه ذلك.

وإذا توضأت فأجد عرك كفيك، وليكن وضعك الحُرُض من الأشنان في فيك كفعلك بالسواك، ولا تنخَّع في الطست، وليكن طرحك الماء من فيك مترسلًا، ولا تمج فتنضح على أقرب جلسائك، ولا تعض نصف اللقمة، ثم تعيد ما بقي منها منصبغًا، فإن ذلك مكروه، ولا تكثر الاستقساء على مائدة الملك، ولا تعبث بالمشاش، ولا تُعب شيئًا مما يقرب إليك على مائدة بقلة خل أو تابل أو عسل، فإن السحابة قد صيرت لنفسها مهابة.لا تمسك إمساك المثبور، ولا تبذر تبذير السفيه المغرور، واعرف في مالك واجب الحقوق، وحرمة الصديق، واستغن عن الناس يحتاجوا إليك، واعلم أن الجشع يدعو إلى الطمع، والرغبة كما قيل تدق الرقبة، ورب أكلة تمنع أكلات، والتعفف مال جسيم، وخلق كريم.

ومعرفة الرجل قدره تشرف ذكره، ومن تعدى القدر هوى في بعيد القعر، والصدق زين، والكذب شين، والصدق يسرع عطب صاحبه أحسن عاقبة من كذب يسلم عليه قائله، ومعاداة الحليم خير من مصادقة الأحمق، ولزوم الكريم على الهوان خير من صحبة اللئيم على الإحسان، ولقرب ملك جواد خير من مجاورة بحر طرَّاد، وزوجة السوء الداء العضال، ونكاح العجوز يذهب بماء الوجه، وطاعة النساء تزري بالعقلاء، تشبه بأهل العقل تكن منهم، وتصنع للشرف تدركه.

واعلم أن كل امرئ حيث وضع نفسه، وإنما ينسب الصانع إلى صناعته، والمرء يعرف بقرينه، وإياك وإخوان السوء فإنهم يخونون من رافقهم، ويحزنون من صادقهم، وقربهم أعدى من الجرب، ورفضهم من استكمال الأدب، واستخفار المستجير لؤم، والعجلة شؤم، وسوء التدبير وهن
يتبع
 
رد: من لطائف الصحابة وعلماء السلف

والإخوان اثنان: فمحافظ عليك عند البلاء، وصديق لك في الرخاء،فاحفظ صديق البلاء، وتجنب صديق العافية، فإنهم أعدى الأعداء.

ومن اتبع الهوى ما به الردى، ولا يعجبنك الجهم من الرجال، ولا تحقر ضئيلًا كالخلال فإنما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه، ولا ينتفع به بأكثر من أصغريه.

وتوقَّ الفساد، وإن كنت في بلاد الأعادي، ولا تفرش عرضك لمن دونك، ولا تجعل مالك أكرم عليك من عرضك، ولا تكثر الكلام فتثقل على الأقوام، وامنح البشر جليسك، والقبول ممن لاقاك.

وإياك وكثرة التبريق والتزليق، فإن ظاهر ذلك ينسب إلى التأنيث، وإياك والتصنع لمغازلة النساء، وكن متقربًا، متعززًا، منتهزًا في فرصتك، رفيقًا في حاجتك، متثبتًا في حملتك، والبس لكل دهر ثيابه، ومع كل قوم شكلهم.

واحذر ما يلزمك اللائمة في آخرتك، ولا تعجل في أمر حتى تنظر في عاقبته، ولا تَرِدْ حتى ترى وجه المصدر.
وعليك بالنورة في كل شهر مرة، وإياك وحلاق الإبط بالنورة، وليكن السواك من طبيعتك، وإذا أسكت فعرضًا، وعليك بالعمارة، فإنها أنفع التجارة، وعلاج الزرع خير من اقتناء الضرع، ومنازعتك اللئيم تطمعه فيك، ومن أكرم عرضه أكرمه الناس، وذم الجاهل إياك أفضل من ثنائه عليك، ومعرفة الحق من أخلاق الصدق، والرفيق الصالح ابن عم، ومن أيسر أكْبِرَ، ومن افتقر احتُقِر، قَصَّر في المقالة، مخافة الإجابة، والساعي إليك غالب عليك، وطول السفر ملالة، وكثرة المنى ضلالة، وليس للغائب صديق، ولا على الميت شفيق.وأدب الشيخ عناء، وتأديب الغلام شقاء، والفاحش أمير، والوقاح

وزير، والحليم مطية الأحمق، والحمق داء لا شفاء له، والحلم خير وزير، والدين أزين الأمور، والسماحة سفاهة، والسكران شيطان، وكلامه هذيان، والشعر من السحر، والتهدد هجر، والشح شقاء، والشجاعة بقاء.
والهدية من الأخلاق، السَّرية، وهي تورث المحبة، ومن ابتدأ المعروف صار دينًا، ومن المعروف ابتداء من غير مسألة، وصاحب الرياء يرجع إلى السخاء، ولرياء بخير خير من معالنة بشر، والعرق نزاع، والعادة طبيعة لازمة: إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، ومن حل عقدًا احتمل حقدًا، ومراجعة السلطان خُرق بالإنسان، والفرار عار، ولتقدم مخاطرة، أعجل منفعة إيسار في دعة، وكثرة العلل من البخل، وشر الرجال الكثير الاعتلال، وحسن اللقاء يذهب بالشحناء، ولين الكلام من أخلاق الكرام.

يا بني، إن زوجة الرجل سكنه، ولا عيش له مع خلافها، فإذا هممت بنكاح امرأة فسل عن أهلها، فإن العروق الطيبة تنبت الثمار الحلوة.واعلم أن النساء أشد اختلافًا من أصابع الكف، فتوق منهن كل ذات بذا مجبولة على الأذى، فمنهن المعجبة بنفسها، المزرية ببعلها، إن أكرمها رأته لفضلها عليه، لا تشكر على جميل، ولا ترضى منه بقليل، لسانها عليه سيف صقيل، قد كشفت القِحَةُ ستر الحياء عن وجهها، فلا تستحي من أعوارها، ولا تستحي من جارها، كلبة هرارة، مهارشة عقارة، فوجه زوجها مكلوم، وعرضه مشتوم، ولا ترعى عليه لدين ولا لدنيا، ولا تحفظه لصحبة ولا لكثرة بنين، حجابه مهتوك مر، وستره منشور، وخيره مدفون، يصبح كئيبًا، ويُمسي عاتبًا، شرابه وطعامه غيظ وولده ضياع، وبيته مستهلك، وثوبه وسخ، ورأسه شعت، إن ضحك فواهن، وإن تكلم

فمتكاره، نهاره ليل، وليله ويل، تلدغه مثل الحية العقارة، وتلسعه مثل العقرب الجرارة.

ومنهن شفشليق شعشع سلفع، وذات سم منقع، وإبراق واختلاق تهب مع الرياح، وتطير مع كل ذي جناح، إن قال: لا، قالت: نعم، وإن قال: نعم، قالت: لا، مولدة لمخازيه، محتقرة لما في يديه، تضرب له الأمثال، وتقصر به دون الرجال، وتنقله من حال إلى حال، حتى قلا بيته، ومل ولده وغث عيشه، وهانت عله نفسه، حتى أنكره إخوانه، ورحمه جيرانه.ومنهن الورهاء الحمقاء: ذات الدَّل في غير موضعه، الماضغة للسانها، الآخذة في غير شأنها، قد قنعت بحبه، ورضيت بكسبه، تأكل كالحمار الراتع، تنتشر الشمس ولما يسمع لها صوت، ولم يكنس لها بيت، طعامها بائت، وإناؤها وَضَر وعجينها حامض، وماؤها فاتر، ومتاعها مزروع، وماعونها ممنوع، وخادمها مضروب وجارها محروب.

ومنهن العطوف الودود، المباركة الولود، المأمونة على غيبها، المحبوبة في جريانها المحمودة في سرها وإعلانها، الكريمة للتبعل، الكثيرة التفضل، الخافضة صوتًا، النظيفة بيتًا، خادمها مسمن، وابنها مزين، وخيرها دائم، وزوجها ناعم، مرموقة مألوفة، وبالعفاف والخيرات موصوفة.جعلك الله يا بني ممن يقتدي بالهدي، ويأتم بالتقى، ويجتنب السخط، ويحب الرضا، والله خليفتي عليك، والمتولي لأمرك.
 
رد: من لطائف الصحابة وعلماء السلف

الأحمق والمالروى الأصمعي أنه لقي غلامًا حدثًا – صغيرًا، ناشئًا – من أولاد العرب، قال له: أيسرك أن يكون لك مائة ألف درهم، وأنت أحمق؟

فقال الغلام: لا.

قال الأصمعي: ولم؟

قال: أخاف أن يجني علي حمقي جنابة تذهب بمالي، ويبقى لي حمقي.

خصلتان…

قال حكيم:

* من كانت فيه خصلتان أحبه الله: التقوى، وحسن الخلق.

* من كانت فيه خصلتان أحبه الناس: السخاء، وبذل المعروف.

* من كانت فيه خصلتان أحبه جيرانه: البشاشة، وكرم المعاملة.

* من كانت فيه خصلتان أحبه إخوانه، تذكر معروفهم، ونسيان إساءتهم.

* من كانت فيه خصلتان أحبه تلامذته: بذل الجهد في إفهامهم، ولين الجانب لهم.

* من كانت فيه خصلتان أحبه أساتذته: سرعة الفهم، وتوفير الاحترام لهم.

* من كانت فيه خصلتان أحبه أهله: لطف معاملتهم، وتفهم مشكلاتهم.

* من كانت فيه خصلتان أحبه رؤساؤه: جميل طاعته لهم، وإتقان عمله عندهم.

* من كانت فيه خصلتان أحبه الناس: فعل الخير، واجتناب الأذى.

كرم الصحبة:حدث من حضر مجلس المأمون وقد أمر بإحضار العباس صاحب الشرطة ببغداد وبين يديه رجل مكبل بالحديد، فلما حضر قال: يا عباس خذ هذا إليك واستوثق منه ولا يفوتنك وبكر به واحذر كل الحذر.

قال العباس: فدعوت جماعة حملوه ولم يقدر أن يتحرك، فقلت في نفسي مع هذه الوصية التي أوصاني بها أمير المؤمنين من الاحتفاظ به ما يجب أن يكون معي إلا في بيتي، ثم سألته عن قصته وحاله من أين هو، فقال: من دمشق، فقلت: جزى الله دمشق وأهلها خيرًا، فمن أنت من أهلها؟ قال: لا تزيد أن تسألني، فقلت له: أتعرف فلانا؟ فقال: ومن أين عرفت ذلك الرجل؟ فقلت: كانت لي قصة معه، فقال: ما أنا بمعرفك خبره أو تعرفني قصتك، فقلت: ويحك! كنت مع بعض الولاة بها فخرج علينا أهلها حتى أراد الوالي أن يدلى في زنبيل من قصر الحجاج وهرب هو وجميع أصحابه وهربت فيمن هرب، فإني لفي بعض الطريق إذا جماعة يعدون خلفي، فما زلت أغالبهم وأجالدهم حتى مررت على هذا الرجل الذي ذكرته لك وهو جالس على باب داره فقلت: أغثني أغاثك الله! فقال: لا باس عليك ادخل الدار، فدخلت، فقالت لي امرأته: ادخل الحجلة فدخلتها، ـ الحجلة: غرفة تعد للعروس في جوف البيت ـ وأتت الرجال خلفي فما شعرت إلا به وهم معه يقولون: هو والله عندك! فقال: دونكم الدار، ففتشوها حتى لم يبق إلا البيت الذي كنت فيه، فقالوا: ها هنا، فصاحت المرأة وانتهرتهم، فانصرفوا وخرج الرجل فجلس على باب داره ساعة وأنا قائم في الحجلة خائفا، فقالت المرأة: اجلس لا بأس عليك، فجلست، فلم ألبث أن دخل الرجل وقال: لا تخف فقد صرت
إلى الأمن والدعة إن شاء الله تعالى، فقلت له: جزاك الله عني خيرا! ثم ما زال يعاشرني في أحسن المعاشرة وأجملها ولا يفتر من القصف والأكل والشرب والفرح أربعة أشهر عليَّ أن سكنت الفتنة وهدأت، فقلت له: أتأذن لي في الخروج لأتعرف خبر غلماني ومنزلي فلعلي أن أقف لهم على أثر أو خبر، فأخذ عليَّ المواثيق بالرجوع إليه، فخرجت وطلبت غلماني فلم أر لهم أثرًا فرجعت إليه وأعلمته الخبر وهو مع هذا لا يعرفني ولا يعرف اسمي ولا مخاطبتي بغير الكنية، ثم قال لي: ما تعزم؟ فقلت: قد عزمت على الشخوص إلى بغداد فإن قافلة تخرج بعد ثلاثة أيام وقد تفضلت عليَّ هذه المدة فأسألك أن تعطيني ما أنفقه في طريقي وما ألبسه، فقال: بصنع الله ـ عز وجل ـ ثم قال لغلام له أسود: انعل الفرس الفلاني، وتقدم إلى من في منزله بإعداد السفر، فقلت في نفسي: ما أشك إلا أنه يخرج إلى ضيعة له أو ناحية من النواحي، فوقعوا يومهم ذلك في تعب وكد، فلما كان يوم خروج القافلة جاءني في السحر، وقال: يا أبا فلان قم فإن القافلة تخرج الساعة وأكره أن تنفرد عنها فقلت في نفسي: ما أعطاني شيئًا مما سألته، ثم قمت فإذا هو وامرأته يحملان إليَّ حفاتين – ثياب- مقطوعة جُددًا ورانات – حذاء- وآلة السفر ثم جاءني بسيف ومنطقة فشدهما في وسطي ثم قدم البغل فحمل عليه الصناديق وفوقها مفرشان ودفع إلي نسخة بما في الصناديق وفيها خمسة آلاف درهم وقدم إلي الفرس الذي كان أنعله بسرجه ولجامه وقال لي: اركب وهذا الغلام الأسود يخدمك ويسوس دوابك، وأقبل هو وامرأته يعتذران من تقصيرهما في أمري، وركب معي فشيعني، وانصرفت إلى بغداد وأنا على مكافأته ومجازاته فعاقنا عن ذلك ما نحن فيه من الشغل بالأسفار واتصالها والتنقل من مكان إلى مكان. فلما سمع الرجل الحديث

قال: قد أتاك الله ـ عز وجل ـ بمن تريد مكافأته بلا مؤونة عليك، فقلت: وكيف ذلك؟ قال: أنا والله ذلك الرجل! ثم قال لي: ما أثبتك! فتعرف إلي وأقبل يذكرني بأشياء يتعرف بها إلي حتى أثبته وعرفته فما تمالكت أن قمت إليه فقبلت رأسه! وقلت له: ما الذي أصارك إلى هذا؟ فقال: هاجت فتنة بدمشق مثل الفتنة التي كانت في أيامك فنسبت إليَّ وبعث أمير المؤمنين بجيوش فأصلحوا البلد وحملت إليه وأمري عنده غليظ جدا وهو قاتلي لا محالة، وقد خرجت من عند أهلي بلا وصية وقد تبعني من عبيدي من ينصرف إلى منزلي بخبري وهو نازل عند فلان، فإن رأيت أن تنعم وتبعث إليه حتى يحضر فأتقدم إليه بما أريد، فإذا أنت فعلت ذلك فقد جاوزت حد المكافأة لي. قال فقال العباس: بصنع الله، ثم قال: علي بحدادين، فأتوا بهم، فحل قيوده وما كان عليه من أنواع الأنكال، ودعا بالحجام فأحضر وخذ من شعره ثم قال: علي بمولاه، فأنفذ في طلبه من يحضره. قال الرجل: فلما أن أخذ شعري أدخلني إلى الحمام فطرح علي من ثيابه ما اكتفيت به ثم حضر مولاي وقعد يبكي، فقال العباس: علي بفرسي الفلاني والبغل الفلاني، حتى عد عشرا، ثم قال: علي من الصناديق والكسوة بكذا ومن صناديق الطعام بكذا، ثم أمر لي ببدرة فيها عشرة آلاف درهم وكيس فيه خمسة آلاف دينار وقال لصاحب شرطته: خذه واعبر به إلى جسر الأنبار، فقلت له: إن أمري غليظ وإن أنت احتججت بأني هربت بعث أمير المؤمنين في طلبي كل من على بابه فأرد وأقتل، فقال: انج بنفسك ودعني أدبر أمري، فقلت: والله لا أبرح من بغداد أو أعلم ما يكون من خبرك، فإن احتجت إلى حضوري حضرت!! فقال لصاحب الشرطة: إن كان الأمر على هذا فليكن في موضع كذا وكذا فإن سلمت في غداة غد فسبيل المحبة

وإن قتلت كنت قد وقيته بنفسي كما وقاني بنفسه، وأنشدك الله أن تذهب من ماله شيئا قيمته درهم وتخلصه حتى تخرجه من بغداد. قال الرجل: فأخذني صاحب الشرطة فصيرني في مكان يثق به وتفرغ العباس لنفسه واغتسل وتحنط وتكفن. قال العباس: فلم أفرغ من ذلك حتى وافتني رسل المأمون في السحر وقالوا: أمير المؤمنين يقول هات الرجل، فسكت وأتيت الدار وإذا أمير المؤمنين جالس عليه ثيابه أمام فراشه، فقال: الرجل! فسكت، فقال: ويحك الرجل! فقلت: يا أمير المؤمنين اسمع مني، فقال: أعطي الله عهدًا لئن ذكرت أنه هرب لأضربن عنقك! فقلت: لا والله ما هرب، فاسمع مني حديثي وحديثه ثم أنت أعلم بما تفعله في أمرنا، قال: قل، فقلت: يا أمير المؤمنين كان من حديثي معه كذا وكذا، وقصصت عليه القصة وعرفته أني كنت أريد مكافأته فشغلت عن ذلك حتى إذا كان البارحة عرفته وعبرت به جسر الأنبار وقلت: أنا من سيدي أمير المؤمنين بين أمرين، إما يصفح عني وإما قتلني وأكون قد كافيته ووقيته بنفسي كما وقاني بنفسه!! فلما سمع المأمون الحديث قال: ويحك! لا جزاك الله خيرا عن نفسك وعنا وعن هذا الفتى الحر، إنه فعل بك ما فعل من غير معرفة وتكافيه بعد المعرفة بهذا! لم لا عرفتني خبره فكنت أكافيه عنك؟ فقلت: يا أمير المؤمنين إنه والله ها هنا قد حلف أنه لا يبرح حتى يعرف سلامتي فإن احتيج إلى حضوره حضر، قال: وهذه والله منه أعظم من الأولى، فاذهب إليه الآن وطيب نفسه وسكن روعه وتعبر به إليَّ حتى أتولى مكافأته عنك، فصرت إليه وقلت: ليسكن روعك إن أمير المؤمنين قال: كيت وكيت، فقال: الحمد لله الذي لا يحمد على السراء والضراء غيره، ثم تهيأ للصلاة فصلى ركعتين ثم جئنا فلما مثل بين يدي المأمون أدناه حتى أجلسه إلى جانبه

وآنسه وحدثه حتى حضر الغداء، ثم قال: الطعام، فأكل معه وخلع عليه وعرض عليه أعمال دمشق فاستعفاه، ثم قال المأمون علي بعشرة أفراس بسروجها ولجمها وعشرة بغال بجميع آلتها وبعشر بدر وبعشرة تخوت وعشرة مماليك بذواتهم وجميع آلتهم، فدفع ذلك إليه، وكتب إلى عامله بالوصاية عليه وأوغر ـ وضع الخراج عن أرضه ـ خراجه وكتب إلى صاحب البريد أن تنفذ كتبه وصرفه إلى بلده. قال العباس: فكان إذا ورد له كتاب في خريطة يقول لي المأمون: يا عباس هذا كتاب صديقك!!.

اذا سألت فسأل الله
قال القاضي حسين: كنت عند القفال، فأتاه رجل قروي، وشكا إليه أن حماره أخذه بعض أصحاب السلطان، فقال له القفال:

اذهب فاغتسل، وادخل المسجد، وصل ركعتين، واسأل الله ـ تعالى ـ : أن يرد عليك حمارك.

فأعاد عليه القروي كلامه، فأعاد القفال، فذهب القروي، ففعل ما أمره به، وكان القفال قد بعث من يرد حماره، فلما فرغ من صلاته، رد الحمار، فلما رآه على باب المسجد؛ خرج، وقال: الحمد لله الذي رد علي حماري فلما انصرف؛ سئل القفال عن ذلك، فقال: أردت أن أحفظ عليه دينه كي يحمد الله تعالى
 
موضوع رائع

يا حفيدة عائشة

موضوعكم نال أعجابنا وشكرا لكم على الطرح

نأمل منكم المزيد

جزاكم الله خيرا



سعدنا بتواجدكم
لا تحرمونا من هذه المشاركات الجميلة
والمواضيع الهادفة

سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك


====================
ملحوظة : هذا رد آلي على الموضوع
 
أعلى