رد: هل الميت يحس بالناس وهو في القبر؟
أخى أحمد جزاك الله خيرا على هذا السؤال
ونحن لا نفتى فى هذه المسائل ولا نخوض فيما لا نعلم
ودورنا هنا هو نقل كلام أهل العلم الاكابر
فإن المسائل المتعلقة بالميت وأحواله في قبره ، وهل يسمع ما يدور من حديث حوله ، ونحو ذلك ، تعتبر من الغيب الذي لا يجوز الخوض فيه إلا عند وجود الدليل الصريح من الكتاب أو صحيح السنة .
وقد اختلف العلماء في مسألة سماع الأموات لكلام الأحياء ، فمنهم من قال بأنهم يسمعون كلام الأحياء ، كالإمام ابن تيمية ، والحافظ ابن كثير ، والحافظ ابن رجب، ومنهم من نفى ذلك منهم عائشة رضي الله عنها ، وجمهور الحنفية ومنهم والإمام الألوسي في كتاب مستقل ، وغيرهم .
القول الأول : استدل المثبتون سماع الموتى بأدلة منها :
1 - ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الميت : ( إنه ليسمع خفق نعالهم إذا انصرفوا ) .
2 -حديث خطاب النبي صلى الله عليه وسلم قتلى بدر من المشركين بعد أن تركهم ثلاثة أيام ، ( يا أبا جهل بن هشام ، يا أمية بن خلف ) ، فسمع عمر رضي الله عنه ذلك فقال: يا رسول الله ! كيف يسمعوا وأنى يجيبوا ،وقد جيفوا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده ، ما أنت بأسمع لما أقول منهم ، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ) ، ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر. رواه البخاري ومسلم .
وقد سئل الإمام ابن تيمية رحمه الله هل الميت يسمع كلام زائره ؟ فأجاب: نعم يسمع في الجملة ، واستدل بما سبق .
3 - ما ثبت في الصحيحين من غير وجه أنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالسلام على أهل القبور فيقول : ( قولوا السلام عليكم دارقوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ) ، قالوا : فهذا خطاب لهم ،وإنما يخاطب من يسمع، إلى غير ذلك .
والقائلون بسماع الموتى ، على قولين فمنهم من قال بسماع الموتى مطلقاً ، ومنهم قيد ذلك بقوله : فهذه النصوص وأمثالها تبين أن الميت يسمع في الجملة كلام الحي ، ولا يجب أن يكون السمع له دائماً ، بل قد يسمع في حالٍ دون حال، وهذا السمع سمع إدراك ، لا يترتب عليه جزاء .
وأجابوا عن قوله تعالى : ( إنك لا تسمع الموتى ) ، فإن المراد بذلك : سمع القبول والامتثال ، وهذا اختيار الإمام ابن تيمية .
القول الثاني : وهم القائلون بعدم سماع الموتى ، وهو مذهب عائشة رضي الله عنها ، وجماعة من علماء الحنفية ، واستدلوا بعدم سماع الموتى لكلام الأحياء بقول الله تعالى : ( إنك لا تسمع الموتى ) ، وبقول الله تعالى : ( وما أنت بمسمع من في القبور) .
وقالوا : بأن سماع أهل القليب للنبي معجزة ، أو خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأما حديث : ( يسمع خفق نعالهمحين يولون عنه ) ، فقالوا : بأن ذلك خاص بأول الوضع في القبر مقدمة للسؤال جمعاً بينه وبين الآيتين .
ولعل الحق - والله أعلم - أن الميت يسمع في الجملة كلام الحي ، ولا يلزم أن يكون السمع له دائماً ، بل قد يسمع في حال دون حال ، كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية .
ورد أصحاب القول الأول على المانعين فقالوا : وأما دعوى الخصوصية للنبي صلى الله عليهوسلم فلا دليل عليها في هذه المسألة ، وأما قول القائل هل بمجرد دفن الميت يتحرك ويجلس لحسابه ؟ .
فيقال : فقد ثبت ذلك في حديث البراء الذي رواه أحمد ، وأبو داود ، وغيرهما وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( فتعاد روحه في جسده ، فيأتيه ملكان فيجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله . فيقولان له: ما دينك ؟ فيقول: ديني الإسلام ، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله ، فيقولان له: وما علمك ؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت ) .. الحديث .
راجع للفائدة : مجموع الفتاوى للإمام ابن تيمية ، وتفسير ابن كثير في تفسير سورة الروم ، وكتاب أهوال القبور للحافظ ابن رجب ، وانظر تكملة أضواءالبيان لمحمد عطية سالم ، وكتاب الآيات البينات في عدم سماع الأموات على مذهب الحنفية السادات للألوسي ، تحقيق العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني .