• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

افكار عن الوجود

ان الشىء المنتفع بيه هو الشىء الموجود .. فأن لم ننتفع من الاشياء فهى غير موجوده .. فالبرتقالة على الشجرة ان لم ننتفع بها .. فهى غير موجوده ( من افكار سارتر عن الوجود )
 
موضوع رائع

يا نشأت الروينى

موضوعكم نال أعجابنا وشكرا لكم على الطرح

نأمل منكم المزيد

جزاكم الله خيرا



سعدنا بتواجدكم
لا تحرمونا من هذه المشاركات الجميلة
والمواضيع الهادفة

سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك


====================
ملحوظة : هذا رد آلي على الموضوع
 
رد: افكار عن الوجود

سارتر وآراؤه الفلسفية في الوجودية

( 1)

من هو سارتر ؟

هو « جان بول ساتر » يهودي فرنسي، فيلسوف وأديب. من فلاسفة القرن العشرين المعاصرين، ولد سنة (1905م) بباريس ومات سنة (1979م) بباريس. اقترنت باسمه الفلسفة الوجودية الإلحادية المعاصرة. اشتغل بالتدريس. ثم انخرط في الجيش، وسجنه الألمان سنة (1940م)، وبعد أن أطلق سراحه اشترك في حركة المقاومة. أنشأن سنة (1950م) مجلة «العصور الحديثة » التي تتضمن أبحاثًا وجودية في الأدب والسياسة. أطلق كلمة «وجودية » على فلسفته فقط، دون سائر فلسفات الوجودية، وأحرزت مؤلفاته نجاحًا جعله الممثل الأول للوجودية في فرنسا .

نشرت الصحف أنه اشترك في مظاهرات يهودية صهيونية في فرنسا، وحملات تبرع لإسرائيل في الستينات، كان من شعارها : ادفع فرنكًا فرنسيًا تقتل عربيًا (أي: مسلمًا)، فهو على ما يبدو يهودي وصهيوني .

حين حضره الموت سأله من كان عنده ([1]) : تُرى إلى أين قادك مذهبك؟. فأجاب في أسىً عميق ملؤه الندم: « إلى هزيمة كاملة ».

استخدم الأدب لنشر أفكاره الوجودية الملحدة المسرفة في «اللاّمعقول ». له عدة مؤلفات أهمها « الكينونة والعدم » أخرجه سنة (1943م) خاطب فيه المختصين بشؤون الفلسفة. وله روايات وقصص أدبية ومسرحيات ضمّنها آراءه، منها: 1- «الغثيان» 1938م. 2- «سبل الحرية » في ثلاث أجزاء. 4- مسرحية « الفاضلة » 1948م. 4- مسرحية «موتي بـــلا دفن » 1946م. 5- مسرحية «الذباب » 1943م وهي من أشهر مسرحياته. 6-مسرحية «الأيدي القذرة » 1948م .

( 2 )

دوافع آرائه في الفلسفة والأدب :

هو واحد من قافلة اليهود الذين حملوا رسالة تضليل الناس وإغوائهم على منهج إبليس، لتحقيق أهداف اليهود العالمية، التي رسمتها بروتوكولات مشيختهم الذين مردوا على كلّ إثم وشرّ وتضليل .

فأهدافه نظير أهداف « فرويد » و «دوركايم » و «برجسون ».

( 3 )

تعريف ما يسمى في الفلسفة بالوجودية قبل سارتر :

الوجودية : رأي فلسفي منتقد، عرف من عهد فلاسفة اليونان، وفي مقدمتهم سقراط.

ولم يكن هذا الرأي الفلسفي ملازمًا للإلحاد بالله، ولا قائمًا عليه، ولا دعامة من دعائمه، فقد كان مذهبًا لفلاسفة مؤمنين بالله، ومنهم دينيون مسيحيون .

يقول: « بول فولكييه » في كتابه: « هذه هي الوجودية »:

« إن الوجودية الدينية أقدم تاريخًا من سائر الوجوديات » ([2]) .

ثم ظهر بعض الملحدين الذين رأوا في مذهب الوجودية أفكارًا يمكن أن تنسجم مع إلحادهم .

والوجودية المعاصرة مدرسة في الفلسفة ذات ثلاث شعب، والأساس المشترك بين الشعب الثلاث للوجودية، أن الوجود الإنساني هو المشكلة الكبرى، فالعقل وحده عاجز عن تفسير الكون ومشكلاته، وأن الإنسان يستبدّ به القلق عند مواجهته مشكلات الحياة. وأساس الأخلاق قيام الإنسان بفعل إيجابي، وبأفعاله تتحدد ماهيته، وإذن فوجوده الفعلي يسبق ماهيته .

الشعبة الأولى : الوجودية التي قال بها المسيحي « كير كجارد » ([3]) ومؤدّاها أن قلق الإنسان يزول بالإيمان بالله عز وجل .

ولا يعنينا بحث هذه الشعبة هنا .

الشعبة الثانية : الوجودية التي عبر عنها المسيحي «جاك مارتيان » ([4]) وأقامها على فلسفة «توما الأكويني » ([5]) .

وبناءً عليها يقول :

إن الإيمان بالله يحد من الرغبة في الوجود، ويحدُّ من الخوف من العدم .

وهذه الشعبة لا يعنينا بحثها هنا أيضًا .

الشعبة الثالثة : الوجودية الإلحادية .

ورائد هذه الوجودية الإلحادية: « مارتن هيدجر » ([6]) وهو فيلسوف ألماني من فلاسفة القرن العشرين، من مواليد (1889م) .

ثم تابعه اليهودي « جان بول سارتر » أكبر مروج للوجودية الإلحادية، حتى صارت الوجودية الإلحادية المعاصرة ملازمة لاسمه .

ووجودية « سارتر » هي الوجودية التي يعنينا بيان زيفها .

( 4 )
 
رد: افكار عن الوجود

وجودية سارتر :

خلاصة فلسفة سارتر في وجوديته أن ثمة نوعين من الوجود :

النوع الأول : وجود الأشياء الخارجية، وأطلق على هذا النوع من الوجود أنه وجود «في ذاته »، والشيء الموجود في الخارج هو موجود في ذاته .

قال: وكلُّ موجود خارجي، أي: في عالم الواقع لا في التصورات الذهنية وخطط الأفكار، هو كائن بالفعل لا بالقوة ([7])، وله ذاتية مستقلة كاملة، وليس فيه مجال للإمكان، أي: لا يحتمل غير الواقع الذي وجد فيه، فلا يمكن أن يكون خلاف ذلك، إذْ تمثلت فيه ماهيته كاملة .

فألغى سارتر بادعائه نفي الإمكانات، حقيقة كبرى من حقائق هذا الكون الحادث، الخاضع لإمكانات لا حصر لها، والواقع الموجود فيه هو صورة واحدة من الصور الممكنة عقلاً، بدليل أن ما نملك القدرة على التغيير فيه، نجده يتغير وفق الصور الممكنة التي نرسمها له ذهنًا، وبهذا يخترع المخترعون، ويبتكر المبتكرون، ويصنع الصانعون .

النوع الثاني : وجود الأشياء في الشعور، وهو ما يعبر عنه في الفلسفة القديمة «الوجود الذهني ».

وأطلق سارتر على هذا النوع من الوجود عنوان « الموجود لذاته ». أي: إنه موجود في الشعور ليحقق نفسه، ليحقق ذاته فقط، لا ليحقق ماهية خارجه عنه .

قال: وهذا الموجود لذاته هو أقرب إلى « مشروع وجود » منه إلى الوجود المكتمل الثابت، لأنه متغير، قوامه النزوع المستمر نحو المستقبل، والتنصل المستمر من الماضي. فهو موجود له في كل لحظة حالة غير حالة اللحظة السابقة، على خلاف الأشياء المادية ذوات الذاتية الثابتة .

قال: ولما كان «الشعور » بطبيعته غير مستقر، كان محالاً أن تتحدد ماهيته، كما تتحدد ماهيات الأشياء الخارجية. ومن هنا كانت حرية الإنسان هي صميم وجوده الشعوري القلق، فهو حرٌّ لأنه يخلق نفسه بنفسه كل لحظة .

ويرى «سارتر » أن قوله: « إن الإنسان حر » مرادف لقوله: «إن الله غير موجود ». لأن وجود الإنسان لا يخضع لماهية أو طبيعة محددة، بل هو إمكان مستمر على الإنسان أن يحققه، فليس هناك «طبيعة بشرية » فرضت من الأزل، وليس هناك «تعريف » ثابت للإنسان كيف ينبغي أن يكون. بل إن الإنسان يوجد أولاً، ثم يظل يخلق ماهيته، بما يختار لنفسه من شعور، فليس الإنسان إلا ما يختاره لنفسه أن يكون .

والمدقق في هذه الآراء الفلسفية لسارتر يلاحظ أنها تقع وراء دوائر ما تقبله العقول، وما يستقيم مع موازينها، وفي فقرات كشف الزيف الآتية أحاول قدر الإمكان تعريف القارئ، بمنازع ومزالق ادعاءاته غير المعقولة، والتي ألغى فيها من دون أي دليل الأصول والموازين الكبرى التي فطرت عقول الناس على التسليم بها، والتحاكم إليها .

جولة في آراء سارتر التي قدمها في كتبه :

1 – عرض «سارتر » الوجودية مذهبًا إلحاديًا، في كتابه «الكينونة والعدم » أي: الوجود والعدم. وقد خاطب في هذا الكتاب المختصين في شؤون الفلسفة .

إلا أن هؤلاء المختصين يعترفون بأنهم لم يفهموا كل ما جاء في كتابه هذا، كما أفصح عن هذه الحقيقة «بول فولكييه » في كتابه: « هذه هي الوجودية ».

2 – زعم «سارتر » أن الإنسان بحريته الاختيارية هو الذي يخلق ماهيته، وقال: «إن الإنسان كائن أولاً، ثم يصير أخيرًا هذا أو ذاك » أي: بحسب أفكاره الحرة التي تصنع ماهيته.

قال «بول فولكييه » ([8]) :

« وأفضى البحث سارتر إلى نتائج تتناقض حتى تبلغ درجة المحال، واللامعقول ».

3 – وزعم « سارتر » أن الإنسان هو الذي يضع مقاييس الحق والخير والجمال.

وخالف في ذلك الفلاسفة المؤمنين بالله، ومنهم الفيلسوف «ديكارت » ([9]) فهذا الفيلسوف يرى أن الله هو الذي متى أراد شيئًا وخلقه كان خيرًا، وأنه لا يمكن أن ينتج عن قراره إلاّ الخير المطلق .

فردّ سارتر بقوله: «إنّ ديكارت بوصفه حرية ألهه المطلقة، لم يقم، إلا بوصف المحتوى الضمني لفكرة الحرية، فأعطى لله ما للناس بخاصة ».

هكذا عكس «سارتر » الحقيقة ([10])، لينسجم مع فكرته الإلحادية، التي أراد أن يضع لها فلسفة، فأعطى الإنسان ما هو لله وحده، تحت شبهة أن الإنسان له في حياته قسط من الحرية، وفق المنحة التي منحه الله إياها .

وخالف « سارتر » برأيه هذا الذي رآه حقًا، أو أراد أن يريه للناس ليضلهم، خالف منطق الواقع والحقيقة .

ولما جعل «سارتر » الإنسان هو الذي يضع مقاييس الحق والخير والجمال، لزمه أن يسقط المسؤولية، أو يقع في التناقض، وذلك لأن المسؤولية إما أن تكون أمام الله، أو أمام المجتمع، أو أمام ضمير ذاتي مثالي يحكم على أعمال الذات .

لكن «سارتر » أنكر الخالق فلا مسؤولية تجاهه. وأنكر أيضًا الضمير الذاتي المثالي، لأن وجوديته تقرر أن الواقع يكون أولاً، ثم تكون الفكرة عنه، لا أن الفكر يكون أولاً بالحكم على ما يمكن أن يكون، ثم يكون الواقع، إذْ هو لا يعترف بشيء من الفرضيات الذهنية السابقة للوجود على أنها ذات تأثير في الوجود. وأما المجتمع فلا دخل له، ما دام الإنسان بمفرده هو الذي يضع مقاييس الحق والخير والجمال .

إذن لم يبق شيء يعتبر الإنسان مسؤولاً عنه في فلسفته الخرافية .

لكن الإنسان هو مع ذلك في نظره مسؤول، فوقع «سارتر » في التناقض المفضوح، فقال:

« نحن لا نعمل ما نريد، ونحن مع ذلك مسؤولون عما نحن كائنون، هذا هو الواقع»([11]).

قال «بول فولكييه » ([12]) :

« وهذا واقع متناقض، محال، لا هو مفهوم، ولا هو معقول ».

لقد وقع «سارتر » برأيه هذا في الجبرية الخرافية، إذْ فر من قضية الإيمان بالخالق وحكمته، وخلقه الإنسان حرًا مكلفًا، ليكون مسؤولاً عن أعماله تجاهه .

ولو أنه آمن بالله حقًا، لأدرك أن الإنسان خُلق مختارًا، ليمتحن في حدود اختياره، ثم ليحاسب ويجازى يوم الدين .

وإذْ زعم «سارتر » أن الإنسان هو الذي يخلق الخير والشر بنفسه، وذلك بحسب أفكاره الخاصة، وأنه ليس لأحد أن يوجه النصح له، قال يخاطب «ماتيور »:

«إنّك تستطيع أن تفعل ما تريد، وليس ثمة من له الحق في توجيه النصح إليك، وليس في نظرك شر وخير إلا إذا خلقتهما ... ».

إذن: فليفعل الإنسان أية جريمة، وليرتكب أي عمل قبيح، وله بعد ذلك أن يعتبر ما فعل خيرًا لا شرّ فيه، وليس من حق أي أحد أن يحاكمه، أو يؤاخذه على ما فعل .

هل يحتاج قول «سارت » هذا إلى تفكير عميق، أو إلى تحليل دقيق، لمعرفة دعوته إلى ارتكاب أية جريمة، وفعل أي شر، دون أن يشعر مرتكب ذلك بأي تأنيب من ضميره ووجدانه؟

إنه يلغي بأقواله المدمرة فكرتي الخير والشر مطلقًا، إذ يجعلهما من خلق الإنسان نفسه.

وظاهر أن كل إنسان يملك وفق هذا التضليل أن يعتبر بحسب مزاجه ومصلحته الخاصة أي أمر قبيح خيرًا، وأي أمر حسن شرًا، في حقن قد يعكس غيره الأمر، لأن مزاجه ومصلحته الخاصة قد تلاءما مع العكس .

إذن: فلا مفهوم للخير يمكن أن يحصل اتفاقٌ عليه، ولا مفهوم للشر يمكن أن يحصل اتفاق عليه .

إذن: فلا شيء اسمه خير أو شر مطلقًا .

هكذا يريد «سارتر ». يريد إبطال الحقائق من جذورها بعبثه الفكري، الذي زعمه مذهبًا فلسفيًا .

4 – ونمت الفردية الأنانية لدى «سارتر » انسجامًا مع وجوديته الملحدة، حتى جعل الحب نوعًا من أنواع سلب الناس بعضهم لبعض .

فالفرد في رأيه بحاجة إلى الحب في سبيل رفع قيمة ذاته عن طريق الآخر، وفي سبيل رفع قيمة لأنه يوجد إنسان آخر يقدره .

لذلك يرى أن من ينظر إليه بحب فإنه يحاول أن يسلبه عالمه الخاص به، وفي هذا يقول:

« إننا منذ الآونة التي نشعر فيها بأن إنسانًا آخر ينظر إلينا، إنما نشعر أيضًا بأن الآخر يسلبنا عالمنا على نحو من الأنحاء، هذا العالم الذي كنا نمتلكه وحدنا حتى هذه اللحظة » ([13]).

ويقول :

« إنني ابتداءً من الآونة التي أشعر فيها أن أحدًا ينظر إليّ، أشعر أنني سلبت عن طريق نظر الآخر الموجه إليّ وإلى العالم .

إنّ العلاقة بيننا وبين الآخرين هي التي تخلق شقاءنا » ([14]) .

ويقول :

« إن الآخرين هم الجحيم » ([15]) .
 
رد: افكار عن الوجود

وجودية سارتر :

خلاصة فلسفة سارتر في وجوديته أن ثمة نوعين من الوجود :

النوع الأول : وجود الأشياء الخارجية، وأطلق على هذا النوع من الوجود أنه وجود «في ذاته »، والشيء الموجود في الخارج هو موجود في ذاته .

قال: وكلُّ موجود خارجي، أي: في عالم الواقع لا في التصورات الذهنية وخطط الأفكار، هو كائن بالفعل لا بالقوة ([7])، وله ذاتية مستقلة كاملة، وليس فيه مجال للإمكان، أي: لا يحتمل غير الواقع الذي وجد فيه، فلا يمكن أن يكون خلاف ذلك، إذْ تمثلت فيه ماهيته كاملة .

فألغى سارتر بادعائه نفي الإمكانات، حقيقة كبرى من حقائق هذا الكون الحادث، الخاضع لإمكانات لا حصر لها، والواقع الموجود فيه هو صورة واحدة من الصور الممكنة عقلاً، بدليل أن ما نملك القدرة على التغيير فيه، نجده يتغير وفق الصور الممكنة التي نرسمها له ذهنًا، وبهذا يخترع المخترعون، ويبتكر المبتكرون، ويصنع الصانعون .

النوع الثاني : وجود الأشياء في الشعور، وهو ما يعبر عنه في الفلسفة القديمة «الوجود الذهني ».

وأطلق سارتر على هذا النوع من الوجود عنوان « الموجود لذاته ». أي: إنه موجود في الشعور ليحقق نفسه، ليحقق ذاته فقط، لا ليحقق ماهية خارجه عنه .

قال: وهذا الموجود لذاته هو أقرب إلى « مشروع وجود » منه إلى الوجود المكتمل الثابت، لأنه متغير، قوامه النزوع المستمر نحو المستقبل، والتنصل المستمر من الماضي. فهو موجود له في كل لحظة حالة غير حالة اللحظة السابقة، على خلاف الأشياء المادية ذوات الذاتية الثابتة .

قال: ولما كان «الشعور » بطبيعته غير مستقر، كان محالاً أن تتحدد ماهيته، كما تتحدد ماهيات الأشياء الخارجية. ومن هنا كانت حرية الإنسان هي صميم وجوده الشعوري القلق، فهو حرٌّ لأنه يخلق نفسه بنفسه كل لحظة .

ويرى «سارتر » أن قوله: « إن الإنسان حر » مرادف لقوله: «إن الله غير موجود ». لأن وجود الإنسان لا يخضع لماهية أو طبيعة محددة، بل هو إمكان مستمر على الإنسان أن يحققه، فليس هناك «طبيعة بشرية » فرضت من الأزل، وليس هناك «تعريف » ثابت للإنسان كيف ينبغي أن يكون. بل إن الإنسان يوجد أولاً، ثم يظل يخلق ماهيته، بما يختار لنفسه من شعور، فليس الإنسان إلا ما يختاره لنفسه أن يكون .

والمدقق في هذه الآراء الفلسفية لسارتر يلاحظ أنها تقع وراء دوائر ما تقبله العقول، وما يستقيم مع موازينها، وفي فقرات كشف الزيف الآتية أحاول قدر الإمكان تعريف القارئ، بمنازع ومزالق ادعاءاته غير المعقولة، والتي ألغى فيها من دون أي دليل الأصول والموازين الكبرى التي فطرت عقول الناس على التسليم بها، والتحاكم إليها .

جولة في آراء سارتر التي قدمها في كتبه :

1 – عرض «سارتر » الوجودية مذهبًا إلحاديًا، في كتابه «الكينونة والعدم » أي: الوجود والعدم. وقد خاطب في هذا الكتاب المختصين في شؤون الفلسفة .

إلا أن هؤلاء المختصين يعترفون بأنهم لم يفهموا كل ما جاء في كتابه هذا، كما أفصح عن هذه الحقيقة «بول فولكييه » في كتابه: « هذه هي الوجودية ».

2 – زعم «سارتر » أن الإنسان بحريته الاختيارية هو الذي يخلق ماهيته، وقال: «إن الإنسان كائن أولاً، ثم يصير أخيرًا هذا أو ذاك » أي: بحسب أفكاره الحرة التي تصنع ماهيته.

قال «بول فولكييه » ([8]) :

« وأفضى البحث سارتر إلى نتائج تتناقض حتى تبلغ درجة المحال، واللامعقول ».

3 – وزعم « سارتر » أن الإنسان هو الذي يضع مقاييس الحق والخير والجمال.

وخالف في ذلك الفلاسفة المؤمنين بالله، ومنهم الفيلسوف «ديكارت » ([9]) فهذا الفيلسوف يرى أن الله هو الذي متى أراد شيئًا وخلقه كان خيرًا، وأنه لا يمكن أن ينتج عن قراره إلاّ الخير المطلق .

فردّ سارتر بقوله: «إنّ ديكارت بوصفه حرية ألهه المطلقة، لم يقم، إلا بوصف المحتوى الضمني لفكرة الحرية، فأعطى لله ما للناس بخاصة ».

هكذا عكس «سارتر » الحقيقة ([10])، لينسجم مع فكرته الإلحادية، التي أراد أن يضع لها فلسفة، فأعطى الإنسان ما هو لله وحده، تحت شبهة أن الإنسان له في حياته قسط من الحرية، وفق المنحة التي منحه الله إياها .

وخالف « سارتر » برأيه هذا الذي رآه حقًا، أو أراد أن يريه للناس ليضلهم، خالف منطق الواقع والحقيقة .

ولما جعل «سارتر » الإنسان هو الذي يضع مقاييس الحق والخير والجمال، لزمه أن يسقط المسؤولية، أو يقع في التناقض، وذلك لأن المسؤولية إما أن تكون أمام الله، أو أمام المجتمع، أو أمام ضمير ذاتي مثالي يحكم على أعمال الذات .

لكن «سارتر » أنكر الخالق فلا مسؤولية تجاهه. وأنكر أيضًا الضمير الذاتي المثالي، لأن وجوديته تقرر أن الواقع يكون أولاً، ثم تكون الفكرة عنه، لا أن الفكر يكون أولاً بالحكم على ما يمكن أن يكون، ثم يكون الواقع، إذْ هو لا يعترف بشيء من الفرضيات الذهنية السابقة للوجود على أنها ذات تأثير في الوجود. وأما المجتمع فلا دخل له، ما دام الإنسان بمفرده هو الذي يضع مقاييس الحق والخير والجمال .

إذن لم يبق شيء يعتبر الإنسان مسؤولاً عنه في فلسفته الخرافية .

لكن الإنسان هو مع ذلك في نظره مسؤول، فوقع «سارتر » في التناقض المفضوح، فقال:

« نحن لا نعمل ما نريد، ونحن مع ذلك مسؤولون عما نحن كائنون، هذا هو الواقع»([11]).

قال «بول فولكييه » ([12]) :

« وهذا واقع متناقض، محال، لا هو مفهوم، ولا هو معقول ».

لقد وقع «سارتر » برأيه هذا في الجبرية الخرافية، إذْ فر من قضية الإيمان بالخالق وحكمته، وخلقه الإنسان حرًا مكلفًا، ليكون مسؤولاً عن أعماله تجاهه .

ولو أنه آمن بالله حقًا، لأدرك أن الإنسان خُلق مختارًا، ليمتحن في حدود اختياره، ثم ليحاسب ويجازى يوم الدين .

وإذْ زعم «سارتر » أن الإنسان هو الذي يخلق الخير والشر بنفسه، وذلك بحسب أفكاره الخاصة، وأنه ليس لأحد أن يوجه النصح له، قال يخاطب «ماتيور »:

«إنّك تستطيع أن تفعل ما تريد، وليس ثمة من له الحق في توجيه النصح إليك، وليس في نظرك شر وخير إلا إذا خلقتهما ... ».

إذن: فليفعل الإنسان أية جريمة، وليرتكب أي عمل قبيح، وله بعد ذلك أن يعتبر ما فعل خيرًا لا شرّ فيه، وليس من حق أي أحد أن يحاكمه، أو يؤاخذه على ما فعل .

هل يحتاج قول «سارت » هذا إلى تفكير عميق، أو إلى تحليل دقيق، لمعرفة دعوته إلى ارتكاب أية جريمة، وفعل أي شر، دون أن يشعر مرتكب ذلك بأي تأنيب من ضميره ووجدانه؟

إنه يلغي بأقواله المدمرة فكرتي الخير والشر مطلقًا، إذ يجعلهما من خلق الإنسان نفسه.

وظاهر أن كل إنسان يملك وفق هذا التضليل أن يعتبر بحسب مزاجه ومصلحته الخاصة أي أمر قبيح خيرًا، وأي أمر حسن شرًا، في حقن قد يعكس غيره الأمر، لأن مزاجه ومصلحته الخاصة قد تلاءما مع العكس .

إذن: فلا مفهوم للخير يمكن أن يحصل اتفاقٌ عليه، ولا مفهوم للشر يمكن أن يحصل اتفاق عليه .

إذن: فلا شيء اسمه خير أو شر مطلقًا .

هكذا يريد «سارتر ». يريد إبطال الحقائق من جذورها بعبثه الفكري، الذي زعمه مذهبًا فلسفيًا .

4 – ونمت الفردية الأنانية لدى «سارتر » انسجامًا مع وجوديته الملحدة، حتى جعل الحب نوعًا من أنواع سلب الناس بعضهم لبعض .

فالفرد في رأيه بحاجة إلى الحب في سبيل رفع قيمة ذاته عن طريق الآخر، وفي سبيل رفع قيمة لأنه يوجد إنسان آخر يقدره .

لذلك يرى أن من ينظر إليه بحب فإنه يحاول أن يسلبه عالمه الخاص به، وفي هذا يقول:

« إننا منذ الآونة التي نشعر فيها بأن إنسانًا آخر ينظر إلينا، إنما نشعر أيضًا بأن الآخر يسلبنا عالمنا على نحو من الأنحاء، هذا العالم الذي كنا نمتلكه وحدنا حتى هذه اللحظة » ([13]).

ويقول :

« إنني ابتداءً من الآونة التي أشعر فيها أن أحدًا ينظر إليّ، أشعر أنني سلبت عن طريق نظر الآخر الموجه إليّ وإلى العالم .

إنّ العلاقة بيننا وبين الآخرين هي التي تخلق شقاءنا » ([14]) .

ويقول :

« إن الآخرين هم الجحيم » ([15]) .
 
رد: افكار عن الوجود

الموضوع ام الرد احترت كيف اضع ردي
فالموضوع اختار الحكمه
ام الرد فاشتمل علي الد المكنون من مشرفنا الغالي
 
أعلى