• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

التنمية لابد ان تكون علىمنهج الله

:bs:


الحمد لله العليم الحكيم؛ أباح لعباده الطيبات، وحرم عليهم الخبائث، وأمرهم بما ينفعهم، ونهاهم عما يضرهم (وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى الله وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة:275]، نحمده على شريعته التي شرعها لنا، وعلمنا إياها، وهدانا إليها، ونشكره على رزقه الوافر، وعطائه الواسع، فهو سبحانه مسدي النعم ومتممها، وشكره يزيدها، وكفره يزيلها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ يكفره الناس فيمهلهم، وإذا أخذهم لم يفلتهم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ خطب الناس في حجة الوداع خطبة بليغة عظيمة المعاني قال فيها: " وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بن عبد الْمُطَّلِبِ فإنه مَوْضُوعٌ كُلُّهُ "، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله ربكم -عباد الله- واستمسكوا بدينكم؛ فإنه الخير والرشاد في الحال والمآل (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) [الزُّخرف:44].


أيها الناس: تنزلت شرائع الله تعالى على عباده؛ هاديةً لهم؛ رافعةً لجهلهم؛ مهذبة لأخلاقهم؛ تضبط حياتهم، وتُقوِّم سلوكهم، وتنظم علاقاتهم بغيرهم؛ فلا يُفني قويُهم ضعيفَهم ولا يستغل قادرُهم عاجزَهم، ولا يتخذ أغنياؤهم فقراءَهم سخرةً لهم، ولا يبغي بعضهم على بعض، ويعرف كل واحد منهم ما له من الحقوق، وما عليه من الواجبات.


والبشر من قديم الزمان إلى يومنا هذا في الأمم التي انحرفت عن شريعة الله تعالى بسبب الجهل أو الهوى كانت -ولا زالت- تبحث عن أفضل التشريعات والتنظيمات التي تعتمدها لأفرادها في ترتيب حياتهم وعيشهم، وتنظيم علاقاتهم بغيرهم، فكثرت النظريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية وغيرها، واللاحق يستفيد مما عند السابقين، ويضيف إليه من نظرياته وتجاربه ومعارفه ما قضاه العمر كله في البحث والاستقراء والتجربة، ثم يأتي بعد ذلك من يثبت خطأ ما توصل إليه؛ ليقود الأمة التي دانت لنظرية الأول بنظرية جديدة، وهكذا تسير الأمم التي اعتمدت القوانين الوضعية، تقوم أمة في إثر أمة إلى أن تضمحل الأخرى، ويقوم على رفاتها أمة ثالثة وهكذا دواليك ...


ولا كمال لا نقص فيه إلا في شرائع الله تعالى التي أنزلها، ولا حق لا باطل فيه إلا فيما جاءت به هذه الشرائع المنزلة، ولا عدل لا ظلم فيه إلا بالاحتكام إليها، والانصياع لها (صِبْغَةَ الله وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله صِبْغَةً) [البقرة:138] وفي آية أخرى (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50].


إن دين الله تعالى هو الحق والعدل لجميع البشر، مؤمنهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، وشرائعه المنزلة سبب لأمن الأمم وتقدمها وبنائها في كافة المجالات؛ لأن الله تعالى هو خالق البشر ومهبطهم إلى الأرض، وهو سبحانه أعلم بما يَصْلُحُ لهم وما يُصْلِحُهم، مع إحاطته سبحانه بالزمان كله، والمكان كله، وعلمه للغيب، وقدرته على الخلق (أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) [فصِّلت:54] وفي الآية الأخرى (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا) [الطَّلاق:12].


وكل منهج يعارض شريعة الله تعالى فمحكوم عليه بالفشل طال الزمن أو قصر، وكل أمة تنتهجه فمحكوم عليها بالسقوط والانهيار، مهما كانت قوتها، أو كثر جمعها.


والحضارة الوثنية اليونانية كانت تملك من مقومات القوة والثراء والعمران والازدهار ما بهر العقول، وأنتجت من الأفكار والمعارف، والنظريات السياسية والاقتصادية والحضارية ما لا يحصى، حتى قرر المنتسبون إليها أنهم سادة العالم وما سواهم عبيده، وأنهم العقل البشري الذي يفكر نيابة عن الناس كلهم، ولكنها سقطت وبادت، وخلفها غيرها، ولم تكن الأمتان الرومانية والفارسية أقلَّ من الأمة اليونانية ثراء وجمعا وقوة وكان مصيرهما كمصيرها.


وخلال القرن الميلادي الماضي كان التنافس على أشده بين نظريتين اقتصاديتين انقسم البشر بسببهما إلى معسكرين: شرقي اشتراكي، وغربي رأسمالي، ولكل نظرية منهما دولة عظمى تسندها، وتزعم أن نظريتها في صالح البشر، وكانت دول العالم الأخرى تابعة لأحد المعسكرين، حتى انقسمت القارة الواحدة إلى فريقين كما في أوربة الشرقية الاشتراكية، وأوربة الغربية الرأسمالية، بل انقسمت الدولة الواحدة إلى شطرين كما في ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، بل طال الانقسام البيت الواحد؛ فبعض أفراده اشتراكيون، وبعضهم رأسماليون، وما أقبح الأفكار الضالة حين تقتحم على الناس بيوتهم فتفرق أبناءهم.


لقد كانت النظرية الاشتراكية تزعم أنها حريصة على الجماعة؛ ولذلك صادرت حق الفرد في التملك، وجعلت الدولة كشركة يعمل أفرادها فيها مقابل ملء بطونهم، وستر أجسادهم، وتوفير الضروري من مقومات حياتهم، وليس لهم حق في فيما زاد على ذلك، فساوى هذا الفكر المنحرف بين العامل والعاطل، والجاد والكسول، وكان فكرا يحمل في رَحِمِه بذور فنائه؛ لأن حب التملك مما فطر الله تعالى البشر عليه، وهذه النظرية عارضت الفطرة السوية.


وكانت النظرية الرأسمالية على الضدِّ منها؛ إذ أطلقت للأفراد حرية التملك، وتنمية المال بأي وجه، وكان فيها من مقومات التوحش والتسلط ما سمح للأقوياء أن يسحقوا الضعفاء، وللأغنياء أن يبيدوا الفقراء، بمسوغات السوق الحر، والتجارة الحرة، وكانت الغلبة أولا لأرباب هذه النظرية، فتفككَ الاتحاد السوفيتي الراعي للاشتراكية، وهُدم جدار برلين، وتحول الشرقيون إلى غربيين، وانتفخ الرأسماليون مزهوون بالنصر، وزعموا أن نهاية التاريخ كانت عند نظريتهم تلك، وأن نظامَهم هو أصلح نظام انتهجه البشر وأقواه وأبقاه، ثم سعوا بقوتهم وإرهابهم إلى جعل نهاية الجغرافيا عند نظريتهم تلك بعولمة العالم كله على وفقها، وإلغاء أي نظام لا يخضع لها، واستخدام القوة والحصار في ذلك، فيما عرف بعصر العولمة.


ولكنْ توالت الانتكاسات الرأسمالية سياسيا في القرارات المصيرية الخاطئة، وعسكريا في الغزو غير المدروس، واقتصاديا في انهيارات البنوك والشركات وبورصات الأسهم والعملات... ومع هذه الانتكاسات المتتابعة صار حديث المفكرين الغربيين الآن عن عصر ما بعد العولمة، بل وعصر ما بعد الرأسمالية، وبان لهم أن التاريخ لم ينته عند القيم الرأسمالية الليبرالية، كما لم يتحقق هذا الحلم الرأسمالي جغرافيا وأخفق منذ بدايته، وقد كانوا عازمين على تطبيقه في ستين دولة، ففشلوا في أول دولتين هما العراق وأفغانستان.


فسبحان من جعل القوة سببا لضعف الأقوياء، وسبحان من جعل الضعف قوةً للضعفاء، وإلا فإن أكثر الناس قبل سُنَيَّاتٍ قلائل ظنوا أن لا قوة تغلبهم، وقد رأوا أساطيلهم تغطي البحار، وطائراتهم العملاقة تحلق في السماء، وأيقنوا أن لا شيء يهز اقتصادهم، وقد بلغت صناعاتهم ما بلغت، وخيرات باطن الأرض تتدفق عليهم من كل مكان، وأعلنوا أن القرن قرنهم، وأن العالم كله مسخر لهم، وأن الدول تحت أيديهم وتصرفهم (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ الله فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) [الحشر:2] (وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [يونس:24].


يا للعجب يا عباد الله، ما أقدر الخالق على الخلق، وما أضعف الخلق أمام قدرة الخالق سبحانه، وما أعجب تدابير الرب في عباده (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ) [يوسف:100].


لو جاءهم البلاء من قارعة سماوية، أو عاصفة بحرية، أو ريح عاتية لقال الناس: عذابا كعذاب الأمم المكذبة قبلهم، ولو ضُربوا بفعل البشر لقيل: إنهم أُخذوا على حين غرة، وانتقامُهم سيكون شديدا أليما، أو هي خدعة سياسية يبتزون العالم بها، ويسوغون تدخلاتهم في الدول.


ولكن البلاء جاءهم من نظريتهم الرأسمالية التي حاربوا عليها الاشتراكية سبعين سنة، وطوَّعوا العالم كله لها في منظمة التجارة العالمية، وقوانين السوق الحرة المفتوحة.


لقد جاءهم البلاء من نظريتهم التي زعموا أن نهاية التاريخ كانت عندها، ويجب إنهاء الجغرافيا أيضا عندها، ولم يكتمل عقد واحد من القرن الذي زعموا أنه قرنهم حتى بدت بوادر سقوط النظرية وفنائها، ولا يدرون كيف كان ذلك، ولا أسبابه، ولا آثاره الحقيقية، ولا نتائجه الأكيدة (وَلله مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا) [النساء:126]، (وَلله جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) [الفتح:7]، (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ وَمَا هِيَ إِلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) [المدَّثر:31] .

:k08:
 
موضوع رائع

يا عبدالوهاب محمد

موضوعكم نال أعجابنا وشكرا لكم على الطرح

نأمل منكم المزيد

جزاكم الله خيرا



سعدنا بتواجدكم
لا تحرمونا من هذه المشاركات الجميلة
والمواضيع الهادفة

سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك


====================
ملحوظة : هذا رد آلي على الموضوع
 
رد: التنمية لابد ان تكون علىمنهج الله

جزاكم الله خيرا ابا محمد
وبارك الله فيك
ونفع بك
 
أعلى