• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

تربية القرآن لجيل الإيمان ( متجدد )

رد: تربية القرآن لجيل الإيمان ( متجدد )

ثالثا: الإعداد الروحي
ويقصد بالإعداد الروحي أن يكون الطفل جياش العواطف، ينبسط للخير ويفرح به ويحرص عليه، وينقبض عن الشرِّ ويضيق به ويفرُّ منه. ويوجِّه الإسلام عناية خاصة لتربية الرُّوح لأنها في نظره مركز الكيان البشرى ونقطة ارتكازه، والمهيمن الأكبر على حياة الإنسان، لأنها صلة الإنسان بالله:
} فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ { [29- الحجر].
فالرُّوح تلك الطاقة المجهولة التي لا نعرف كنهها ولا طريقة عملها، هي وسيلتنا للإتصال بالله ....
وهى الطاقة التي يتصل بها الإنسان بالمجهول، بالغيب المحجوب عن الحواس، فالاستشفاف عملية من عملية الرُّوح، والحلم التنبؤي عملية من عمليات الروح، والتخاطر عن بعد ( التلباثي) كحادثة عمر الشهيرة مع سارية، حين ناداه على بعد ألوف الأميال: يا سارية الجبل!! فسمعه سارية ونجا من الكمين وانتصر، هذا التخاطر عملية من عمليات الروح. وهي كلها عمليات جليلة عظيمة باهرة معجزة. يقف الإنسان حائرًا أمامها، مبهورًا من العجب والإعجاب.
ومهمة العقيدة هى مساندة الفطرة وتوجيهها وجهتها. مهمتها أن تساعد الفطرة في الاهتداء إلى الله، الاهتداء الذي هو كامن في كيانها ولو حجبتها عنه الأمراض. مهمتها أن تطلق الرُّوح من إسارها لكي ترى الله.
فيعتقد الطفل أن الله الذي خلقه معه ويراه، وهو مطلع على سرِّه وعلانيته، وأنه سوف يحاسبه في يوم لا شفيع فيه ولا نصير. وأن جوارحه سوف تشهد عليه، وأن الله قد فرض عليه فرائض فلا يضيعها كالصلاة والصيام والزكاة، وإكرام الوالدين ، والإحسان إلى الجيران، وصلة الرحم.... وغيرها، .... فطريقة الإسلام في تربية الروح هي :
أن يعقد صلة دائمة بينها وبين الله، في كل لحظة وكل عمل وكل فكرة وكل شعور، ويستخدم لذلك وسائل شتى:
- فهو من ناحية يثير حساسية القلب بيد الله المبدعة في صفحة الكون، لتحس دائما بوجود الله، وقدرته المطلقة التي ليست لها حدود.
- ومن ناحية يثير حساسية القلب برقابة الله الدائمة عليه. فهو مع الإنسان أينما كان، وهو مطَّلعٌ على فؤاده، عالم بكل أسراره، وبما هو أخفى من الأسرار.
- ومن ناحية يثير في القلب وجدان التقوى والخشية الدائمة لله، ومراقبته في كل عمل وكل فكرة وكل شعور.
- ومن ناحية يثير فيه الحب لله، والتطلع الدائم إلى رضاه.
- ومن ناحية يبعث فيه الطمأنينة إلى الله في السَّرَّاء والضَّرَّاء، وتقبُّل قدره بالتسليم والرضاء. والهدف في النهاية واحد: هو وصل القلب البشري بالله.
- وحين يحسُّ بمراقبة الله الدائمة له في كل تصرف، وكل فكرة، وكل شعور، وكل هاجسة في النفس مستورة، وكل خائنة في العين خافية: ... يهتز ويرتعش، ويخِرُّ خاشعًا ويراقب الله في الصغيرة والكبيرة وفي الجهر وفي الخفاء ويراقبه وهو يعمل، يراقبه وهو يفكِّر، يراقبه وهو يحسُّ، فلا يعمل شيئًا بغير إخلاص، ولا يعمل شيئًا بقصد الشرِّ ولا يعمل شيئًا دون تمعن وتفكر، ولا يعمل مستهترًا ولا مستهينًا بالعواقب، ولا يعمل شيئًا لغير الله.
وسائل الإعداد الروحي
ويمكن أن نلخص وسائل الإعداد الروحي فيما يلى:
1. العناية بالفضائل
وذلك بإبراز قيمة الفضائل وآثارها الفردية والإجتماعية وأبرزها: العدل، والصدق، وبر الوالدين، والشجاعة والصبر، والرحمة والعفو، والأمانة والعفة، والتواضع والحلم، والصمت وكفالة اليتيم، وبرُّ الجار والإجارة، والوفاء للصديق والوفاء بالعهد، وغيرها.
وإظهار مساوئ الرذائل كالكبر، والظلم والحسد، والكذب والنفاق، والنميمة والغيبة، والبخل والبغي، والغرور والسخط، وحب الدنيا واللعن، وصحبة الأشرار وشهادة الزور، والغدر وخلف الوعد، والجدال والمراء، والرياء والعجب، والغش والتجسس، والهمز واللمز والشماتة، والزنا واللواط، وعقوق الوالدين واتباع الهوى، وقطيعة الأرحام والربا، وغيرها.
وبيان آثارها أمام الطفل بقدر ما يتسع له فهمه، وذلك بمراقبته وتعويده على الحياء والاحتشام، وأن يحبب إليه الإيثار، ويحفظه عن الصبيان الذين عُودوا التنعم والرفاهية ولبس الثياب الفاخرة، وعن مخالطة كل من يُسمعه ما يُرغبه فيه، ويمنع من لغو الكلام وفحشه، من اللعن والسب، ومن مخالطة من يجري على لسانه شئ من ذلك، فإن ذلك يسرى لا محالة من قرناء السوء.
ولذلك فإنَّ من الضروري أن يحبب الآباء أبناءهم في اختيار الأصدقاء الأخيار، ومزاولة أصحاب الخلق الفاضل، لأن الأطفال يحاكي بعضهم بعضاً ويتشبه كلٌّ بالآخر.
والصورة المثلى للتربية الحسنة هي ما يرويه القرآن الكريم في حديث لقمان وهو يعظ ابنه إذ يقول: } وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ { [13- لقمان]، } يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ. يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ. وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ. وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ { [19:16لقمان]
ففي هذه الآيات نرى تدرج الدعوة وأخذها بالأهم فالمهم في خطوات أو مراحل متتابعة ومتكاملة لا انفصال بينها وهي:
أولا: جانب العقيدة: متمثلا في قوله: } يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ { [13- لقمان]، } يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ { [16- لقمان].
وبعد تثبيت العقيدة واستقرارها في الضمير بعد الإيمان بالله وحده لا شريك له، واليقين بالآخرة لا ريب فيه، والثقة بعدالة الجزاء لا يفلت منه مثقال حبة من خردل. بعد ذلك تأتي المرحلة الثانية.
ثانيًا ـ تطبيق العقيدة:متمثلاً في التوجه إلى الله بالصلاة وإلى الناس بالدعوة إلى الله والصبر على تكاليف الدعوة ومتابعتها التي لا بد أن تكون:
} يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ { [17- لقمان].
ثالثًا ـ الجانب الأخلاقي والتربوي:ثم ينتقل إلى أدب الداعية إلى الله، فالدعوة إلى الخير لا تجيز التعالي على الناس والتطاول عليهم باسم قيادتهم إلى الخير، ومن باب أولى يكون التعالي والتطاول بغير دعوة إلى الخير أقبح وأرذل:} وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ. وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ { [18، 19- لقمان].
ويوضح الإمام الغزالي كيفية العناية بهذا الجانب ] في كتابه (إحياء علوم الدين) جـ 3 ص73[ فيقول:
(مهما ظهر من الصبي خُلُقٌ جميل، وفِعْلٌ محمود، فينبغي أن يُكَرَّم عليه ويُجازى عليه بما يفرح به، ويُمدح بين أظهر الناس، فإن خالف ذلك في بعض الأحوال مرَّةً واحدة فينبغي أن يتغافل عنه، ولا يهتك ستره، ولا يكاشفه، ولا يظهر له أن يتصور أن يتجاسر أحد على مثله، ولا سيما إذا ستره الصبي واجتهد في إخفائه، فإن إظهار ذلك عليه ربما يفيده جسارة حتى لا يبالي بالمكاشفة. فعند ذلك إن عاد ثانية فينبغي أن يعاتب سرًّا ويعظم الأمر فيه. ولا تكثر القول عليه بالعتاب في كل حين، فإنه يهون عليه سماع الملامة وركوب القبائح، ويُسقط وَقْعَ الكلام من قلبه،
وليكن الأب حافظًا هيبة الكلام معه، فلا يوبخه إلا أحياناً، والأم تخوِّفُهُ بالأب وتزجره عن القبائح).
2. القدوة الطيبة
أن يكون الآباء أنفسهم مثلاً صالحاً لأبنائهم، فإن الأطفال من عاداتهم أن يتشبهوا بآبائهم ويحاكونهم في أقوالهم وأفعالهم، والقدوة الصالحة ما هي إلا عَرْضٌ مُجَسَّمٌ للفضائل. وإن الطفل الذي يرى والديه يهتمان بأداء الشعائر والبعد عما يخل بتعاليم الدين - مثل الكذب والغدر، والنميمة والأثرة، والبخل وغير ذلك من الصفات الذميمة - لا بد وأن يتأثر تأثرًا بالغًا بما يراه ويشاهده من والديه، وفي ذلك يقول الغزالي ]في إحيائه[:
( فأول الأمور التي ينبغي أن تراعى فإن الصبي بجوهره خلق قابل للخير والشر جميعًا، وإنما أبواه يميلان به إلى أحد الجانبين قال رسول الله r :
{ كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفِطرةِ ، فأبَواهُ يُهوِّدانهِ أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه }[48])
ولكي تكتمل القدوة الطيبة لدى الطفل فإننا نحتاج إلى أن يكون الشارع والمدرسة والمجتمع على الصورة التي تُرغِّب في تنشئة ذلك الطفل عليها، فإن تربية طفل واحد على الإسلام، كتربية ألف طفل، كتربية جميع الأطفال، تحتاج إلى البيت المسلم والشارع المسلم
والمدرسة المسلمة، والمجتمع المسلم.
فما دمت لا تستطيع - ولا ينبغي لك - أن تحبس طفلك عن النزول إلى الشارع للعب أو السير والانتقال فيه؛ ولا عن الذهاب إلى المدرسة ليتعلم؛ ولا عن الاختلاط بالمجتع ومفاهيمه وعاداته وتقاليده وأنماط سلوكه، ولا عن التأثيرات الناشئة من ذلك كله؛ فلن تستطيع إذن أن تنشئ هذا الطفل كما تريد أنت، مهما كنت في بيتك على أعلى درجات المثالية في سلوكك الشخصي أو في منهجك التربوي. فإن كنا نريد إذن أن نربي أطفالنا تربية إسلامية - وذلك هو المقتضى الطبيعي لكوننا مسلمين - فلا بد أن يكون لدينا البيت المسلم والشارع المسلم
والمدرسة المسلمة والمجتمع المسلم.
ومن بديهيات المجتمع المسلم أن يكون البيت والشارع والمدرسة والمجتمع كلها سائرة في طريق واحد هو طريق الإسلام والتربية الإسلامية؛ وألاَّ يوجد الصراع بينها، مادامت كلها تنهج نهجًا واحدًا، وتستمد من معين واحد؛ وأن تتآزر جميعًا على تكوين الشخصية الإيمانية المسلمة، وتوحيد أنماط سلوك المجتمع وعاداته، وجعلها طابعًا مميزًا للمجتمع الإسلامي كله، ينعكس في السلوك الفردي لكل مسلم، كالآداب العامة، وطريقة التعامل في البيع والشراء، وآداب الزيارة، وآداب الحديث، وآداب الزوج، وآداب الأسرة، وغيرها، وإن كان هذا التوحيد العام لأنماط السلوك وعاداته لا يلغي الفوارق الذاتية بين البشر المسلمين، ولا يجعلهم نسخًا مكررة، وإنما يسمح بوجود درجات من الاختلاف؛ لأن لكل مسلم طابعه الخاص.
ومع عناية الإسلام بأن يكون البيت والشارع والمدرسة والمجتمع كلها سائرة في طريق واحد ومؤدية إلى غاية واحدة، فقد كان تركيز الإسلام الأكبر على الأسرة والبيت لأن البيت هو المحضن الذي ينشأ فيه الطفل حتى يكبر، ويلتقط منه الانطباع الأول الذي قد يؤثر فيه مدى الحياة.
وتتضح لنا عناية الإسلام بالبيت والأسرة من مراجعة تشريعات الإسلام وتنظيماته وتوجيهاته جميعًا. فأما التشريعات والتنظيمات فقد كفلت قيام الأسرة على رباط شرعي معلن قائمٌ بسم الله، وفي ذلك حفظ الأنساب، واطمئنان الأب إلى أبنائه، واطمئنان الأبناء إلى أبويهم، وذلك عنصر مهم من عناصر الاستقرار في نفس الطفل.
كما كفلت التشريعات والتنظيمات قيام الزوج بكفالة الزوجة وإراحة أعصابها من جهد الكدح من أجل لقمة الخبز،
وذلك لكي تتفرغ لمهمتها العظمى في تنشئة الأجيال.
ولئن كان الداء الذي أصاب العالم المادي هو تشغيل المرأة، وشَغَلَهَا بقضية المساواة مع الرجل، وَحَمَلَهَا على أن تستنكف التفرغ للأمومة وبناء الأجيال القادمة من البشرية، وتعدُّه حطًا من قيمتها وتضييعاً لمواهبها، وتصعيب الحياة الإقتصادية وتعقيدها ـ بخبث ـ بحيث لا يكفي فيها إيراد الرجل وحده لإقامة بيت وأسرة، لكي تُكره المرأة على العمل، أو لكي تجد المبرر الظاهري لهجر البيت والخروج للعمل، فإن المرأة العاملة المتزوجة ذات الأولاد لهي التي تصرخ مستجيرة من ذلك الجهد المهلك المضني، خاصة بعد أن تكثر مطالب الأسرة وتتعدد. ولقد كان الإسلام أرأف بها وأرحم، وأعلم باحتياجاتها واحتياجات الطفولة واحتياجات البشرية كلها وهو يضع هذه التشريعات وهذه التنظيمات.
وأما توجيهات الإسلام فهي تدعو إلى توفير أكبر قدر من الاستقرار لهذا البيت الذي ينشأ فيه الطفل، لتكون تنشئة الأطفال في أفضل وضع لهم، وفي أنسب الظروف ملائمة لنموهم السوي على الفطرة السليمة.
فهو أولاً يستثير وجدان المودة والرحمة بين الزوجين، ليكون هذا هو الرباط الأقوى الذي يربط قلب الأب وقلب الأم، فيربط معهما كيان البيت كله:
} وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ { [21- الروم].
ثم هو يوصي كلاًّ منهما بإحسان المعاملة من جانبه، والحرص على هذا الرباط من أن تنفصم عراه: } وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ { [19- النساء]
ويدعو إلى علاج كل بادرة من بوادر الخلاف قبل أن تصل إلى القطيعة: }وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا. وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا{ [34، 35- النساء].
والملحوظ في هذه التوجيهات كلها، كما هو الملحوظ في التشريعات والتنظيمات أن تكون الأمور في الوضع الأمثل بالنسبة للرجل والمرأة كليهما، ولكن من الواضح كذلك أنها تهدف إلى ما وراء الرجل والمرأة في ذاتهما. فهي تهدف - بتوفير الاستقرار النفسي والعصبي والاجتماعي والاقتصادي للرجل والمرأة - إلى تهيئة الجو الصالح للأمومة والأبوة، لتنشئة الأجيال المقبلة في أنسب وضع لهذه التنشئة وأفضل وضع.
فلا شئ ييسر التربية السليمة ويجعلها أقرب إلى إيتاء الثمرة المرجوَّة من الجو المستقر حول الطفل، والحب المرفرف حوله من خلال الأبوين، ولا شئ يفسد التربية ويجعلها أبعد عن إيتاء ثمرتها من -جو القلق العصبي والنفسي والفكري والروحي، والجو المشحون بالبغضاء والشقاق والتوتر.
ومن هنا كان حرص الإسلام الشديد على تربية الناس على نهج الإسلام، لكي يكون الآباء هم القدوة المباشرة لأبنائهم في الفترة التي ينحصر عالم الطفل فيهم، فتتكون في نفوس الأطفال ـ بالالتقاط والمحاكاة ـ تلك القيم الإسلامية بغير جهد يذكر، وينشأ في نفوسهم منذ الصغر فتكون عميقة الجذور، ثم يزيدها التعليم رسوخًا، ويزيدها المجتمع الإسلامي قوة.
فحين توجد القدوة الحسنة متمثلة في الأب المسلم والأم ذات الدين فإن كثيرًا من الجهد الذي يبذل في تنشئة الطفل على الإسلام يكون جهدًا ميسرًا وقريب الثمرة في ذات الوقت، لأن الطفل سيتشرب القيم الإسلامية من الجو المحيط به تشرُّبًا تلقائيًا، وستكون تصرفات الأم والأب أمامه في مختلف المواقف - مع بعضهما البعض ومع الآخرين - نماذج يحتذيها ويتصرف على منوالها.
ولذا فعلى الأب والأم أن يترفعا أمام أولادهما عن دنايا الأمور، وسفاسف العادات، وقبائح الأخلاق، وأن ينزِّها ألسنتهما من السباب والشتائم والكلمات النابية والقبيحة، وعن كل ما يُنْبِي عن فساد الأخلاق، لأن مسئوليتهما في هذا المجال مسئولية شاملة. ومن الأمور المسلم بها لدى علماء التربية أن الطفل يولد على الفطرة النقيَّة والطهارة والبراءة، فإذا تهيأت له التربية المنزلية الواعية، والبيئة التعليمية المؤمنة،
نشأ الولد على أخلاق فاضلة، وتربَّى تربيَّة صالحة.
والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة، فإذا عُوِّدَ الخير وعُلِّمَه، نشأ عليه وسعد به في الدنيا والآخرة، وإن نشأ في بيت مهمل، وخالط جماعة فاسدة، فإنه سيرضع لبان الفساد ويتربى على أسوأ الأخلاق، وسرعان ما يتحول من السعادة إلى الشقاء.
http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=169



 
رد: تربية القرآن لجيل الإيمان ( متجدد )

التدريب على العبادات
وفي هذه المرحلة يجب أن يُلقّن الطفل مبادئ الدين، ونُمَرِّنُهُ على العبادات، ونعوِّده على ممارسة فعل الخير، لأن ذلك يجعل منه نواة صالحة لمجتمع سليم راق.
وفي ذلك يقول الإمام الغزالي ]في إحيائه جـ 3 ص73[: (ومهما بلغ سن التمييز، فينبغي أن لا يسامح في ترك الطهارة والصلاة، ويؤمر بالصوم في بعض أيام رمضان، ويُجَنَّبُ لبس الديباج والحرير والذهب، ويُعَلَّم كل ما يحتاج إليه في حدود الشرع).
وقد قال رسول الله صل الله عليه وسلم ، موضِّحاً الواجب على الأب في هذه الفترة فيما رواه الكثيرون من أصحاب الكتب:
{ مُرُوا الصبيانَ بالصلاةِ لِسَبْعِ سنينَ، واضْرِبُوْهُمْ عَلَيْهَا في عَشْرٍ، وفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في المَضَاجِعِ }[49]ن وورد:
{ الغُلاَمُ يُعَقُّ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُسَمَّى وَيُمَاطُ عَنْهُ الأَذَى؛ فَإِذَا بَلَغَ سِتَّ سِنِينَ أُدِّبَ، فَإِذَا بَلَغَ تِسْعَ سِنِينَ عُزِلَ فِرَاشُهُ، فَإِذَا بَلَغَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً ضُرِبَ عَلَى الصَّلاةِ، فَإِذَا بَلَغَ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً زَوَّجَهُ أَبُوهُ؛ ثُمَّ أَخَذَ بِـيَدِهِ وَقَالَ: قَدْ أَدَّبْتُكَ وَعَلَّمْتُكَ وَأَنْكَحْتُكَ، أَعُوذُ بِالله مِنْ فِتْنَتِكَ فِي الدُّنْيا وَعَذَابِكَ فِي الآخِرَةِ}.[50]
فقد جاء التوجيه من الرسول صل الله عليه وسلم أن نروض أولادنا على القيام بالعبادات لتتأصل في نفوسهم ويتعودوا عليها منذ نشأتهم الأولى، حتى يتربى الطفل على طاعة الله عزوجل والقيام بحقِّه، والثقة به والاعتماد عليه، ويجد فيها أيضًا طُهْرًا لروحه، وصفاءاً لنفسه، وصحةً لبدنه، وتهذيباً لأخلاقه. فقد قال:
{ أَكْرِمُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَأَحْسِنُوا أَدَبَهُمْ، وورد: آدابهم } [51]
{ مَا نَحَلَ والدٌ ولداً خيراً لَهُ من أدبٍ حَسَنٍ }[52]
إن الطفل عندما ينشأ منذ نعومة أظفاره على الإيمان بالله والاعتماد عليه والمراقبة له فإنه يصبح وعنده الملكة الفطرية، والاستجابة الوجدانية، لتقبل كل فضيلة ومَكْرُمَة، ويتأتى ذلك بإبراز مشاعر الطهر والنقاء في نفسه، وإشعاره بمراقبة الله عليه.
ولذلك فيبدأ الأبوان في هذه المرحلة:
بتعليم الطفل الطهارة والوضوء والصلاة، ويصحبه الأب معه إلى المسجد للصلاة معه - على أن يبين له آداب عمارة المسجد والجلوس فيه، ويوضح له كيفية الصلاة في جماعة - ويجتهد في إقناعه بأهمية الصلاة وفضائلها، ويكشف له عن بعض أسرارها، حتى تكون عبادته عن حُبٍّ وشوق لا عن خوفٍ ورهبة، فذلك يجعله يصلي سواء كُنْتُ حاضرًا أو غائبًا لأنه يصلي لله عزوجل ، وليس خوفًا مني أو رغبة في إرضائي بل رغبة في إرضاء الله عزوجل .
وكذلك الصيام فيبدأ الوالدان بتدريب الطفل على صيام بعض اليوم، ثم نصفه، ثم صيام بعض أيام من الشهر الكريم. وتحكي السيدة عائشة رضى الله عنها عن ذلك فتقول:
(كنا نصُوم ونحن صغار، وكانوا يصنعون لنا اللعبة من العهن (الصوف)

يلهوننا بها عن الجوع).

4. الآداب الإسلامية
وفي تلك المرحلة الهامة يجب تعويدهم على الآداب الإسلامية الهامة وخاصة في النوم فنجعل الأولاد في غرفة والبنات في غرفة، ونجعل لكل ولد أو بنت سريراً خاصاً به، فإذا اضطررنا لأن ينام ولدان على سرير واحد، أو بنتان في فراش واحد، فيجب أن نجعل لكل ولد أو بنت غطاءًا خاصًا به ولا نشركهما في غطاء واحد، لأن احتكاك الأعضاء ببعضهما قد يحرك الشهوة، أو يثير الغرائز، وهذا من الحيطة البالغة التي يحرص الإسلام عليها.
وكذلك يجب تعليمهم أدب الاستئذان كما وضَّحه القرآن، لأنه من قواعد الأدب العالي والخلق الرفيع. فالرجل عندما يدخل إلى غرفة نومه ومعه زوجته عليه أن يعلم أولاده أن لا يدخلوا عليه إلا إذا استأذوا حتى لا تقع أنظارهم عليه في صورة لا يحب منهم أن يطَّلِعُوا عليها، وذلك ما وجَّه إليه القرآن الكريم في قوله تعالى:
} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاء ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ { [58-النور].
ونركز في هذه الفترة على تعليمهم أدب الطعام، وأدب الكلام، وأدب المشي، وأدب الجلوس، وأدب الزيارة، وأدب السلام، وغيرها من الآداب الإسلامية التي تجعل الطفل ينشأ على القيم الإسلامية ويَعْتَزُّ بها، ويفتخر بالتمسك بها.
وعلينا أن نحذر هذا التقليد الذي سرى في بلادنا كالنار في الهشيم، وهو الدفع بأولادنا إلى مدارس أجنبية ومعاهد تبشيرية، مع ترك قيادة الأولاد في تعليمهم لمربين ملحدين، يغرسون في أنفسهم بذور الحقد والإلحاد، ويزودونهم بكتب الخلاعة والمجون وما كتبه المستشرقون ضد ديننا الحنيف، ويصبون في آذانهم كلمات الاستهجان بالدين والاستخفاف به. فعلينا أن نتنبه لهذا ونستشعر المسئولية، فالمسئولية ضخمة والخطر جسيم، ويتطلب اليقظة التامة والحيطة الكاملة فى اختيار المدرسة ومتابعة الأولاد، ولنضرب مثلاً للذين تربَّوْا على الإيمان بالحسن والحسين سيدىِّ شباب أهل الجنة رضى الله عنهما :
- فقد غَرَسَتْ فيهما التربية الإسلامية الحكمة في معالجة الأمور التي تعن لهما، ولذلك ورد أنهما رأيا رجلاً لا يحسن الوضوء، فلم ينبهاه بطريقة مباشرة حتى لا يجرحا مشاعره، بل اصطنعا شجارًا وخلافًا بينهما على أيهما أحسن وضوءًًا، ثم اقتربا منه وطلبا منه أن يتوضئا أمامه ويحكم بينهما، فلما رآهما الرجل تنبَّه إلى خطئه، وشكر لهما حسن صنيعهما.
- وأيضًا هذه الحكمة هي التي دفعت الحسين - وهو الأصغر - عندما حدث خلافٌ بينه وبين الحسن أن يرسل إليه رسالة يقول فيها: قال صل الله عليه وسلم لا ينبغي لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) ، فإذا وصلك خطابي هذا فأت إليَّ لأني لا أرضى أن تكون الخيرية لي وأنت أخي الأكبر. فجاء إليه وتصافيا!! لأنهما تربيا على منهج الإسلام القويم.
تم نقل الموضوع من كتاب : تربية القرآن لجيل الإيمان
http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=169

 
رد: تربية القرآن لجيل الإيمان ( متجدد )

رعاية شباب الإسلام
عني الإسلام عناية كبيرة جدًا بالشباب لأنهم عماد الأمة،ومطمح آمالها، وعليهم جُلُّ اعتمادها في أي نهضة تقوم بها. وقد كان لجيل الشبابالمسلم في بدء الدعوة الإسلامية - أمثال عليّ ابن أبي طالب، وعمَّار بن ياسر،ومصعب بن عمير، وزيد بن حارثة، وأسامة بن زيد، وغيرهم - الفضل الأول في نشر الدعوةالإسلامية، وتثبيت أركانها.
وتعتبر فترة الشباب أهم فترة في حياة الإنسان لأنها تبدأمن لحظة البلوغ، أو من سن الرابعة عشر تقريبًا، وفي هذه الفترة تكون قد اكتملتللإنسان ذكرًا كان أو أنثى أعضاؤه الجسمانية، وتنشط جميع غرائزه محاولة إبرازملامح شخصيتة، ويقترب العقل من النضوج فيسعى للإلمام بكل ما حوله.
ومن هنا فإن الشاب يخضع لدوافع داخلية كثيرة وخطيرة، غيرالمؤثرات الخارجية تؤثر في سلكوكه وعاداته، وتحاول أن تلقي بظلِّها على شخصيتهوتصرفاته. والإسلام بطبيعته الشمولية لم يهمل هذه المؤثرات، ولم يطالب بتنحيتهاجانبًا، لكنه وضع أمثل الطرق لاستخدامها والاستفادة بها في حياة المرء، حتى يكونالمرء متوازنًا بين مطالب الجسد ومطالب الروح، عاملاً لسعادة نفسه وبني جنسه فيالدنيا، ونجاة نفسه في الآخرة، وذلك ما نجده واضحًا في بناء الإسلام للشباب في هذهالفترة.
فهو يهتم بكل ما له علاقة بالجنس، بدءًا من المراهقة،فالبلوغ وعلاماته، إلى الخطبة فالزواج وما يتعلق بذلك من أحكام شرعيَّة وآدابخُلُقِيَّة.
ويحرص على توضيح صفات النفاق والمنافقين - مع شدةالتحذير منها - ليتجنبها الشباب في سلوكهم، فيخلو المجتمع من مرض النفاق، فيصلحويسعد.
وهو حريص على تكوين جهاز الرقابة الإيمانية في نفوسالشباب ضمانًا لاستقامتهم، ورغبة في سعادتهم.
ثم هو يضع اللمسات الإيمانية في كافة فروع العلومالطبيعية والإنسانية ليمتزج الدين بالعلم، فيكون العلم مُحَصَّناً بالفضيلة،محفوظاً من الاتجاه به نحو الفساد أو الرذيلة.
وسنحاول إبراز بعض هذه الجوانب ليتضح لنا عظمة الإسلامفي تربية شبابه، وسُمُوِّه في توجيه عواطفهم ورغباتهم؛ والأخذ بأيدهم إلى منازلالكمال، والحرص على بلوغهم شأو الرجال.
أولا: التثقيف والتربية الجنسية
اهتم الإسلام بالجنس اهتمامًا منقطع النظير، ويظهر ذلكفي إشباع الفقهاء القول في كل ما له علاقة بالأعضاء التناسلية. فقد تكلموا بإسهابعن ختان الذكورة وأنه من الفطرة، وخفاض النساء وأنه مكرمة، وتكلموا عن الخطبةوالزواج، وأعطوا لهما حقهما من البحث والتنقيب، وإصدار الفتاوى الشرعية، وذكرواالعيوب التي تُرَدُّ بها الزوجة، ومنها عيوب الفرج التي لا يمكن معها المعاشرة،ولم يهملوا الكلام عن قضايا العذارة والبكارة والثيبوبة، وقد فرَّقوا بين العذراءوالبكر، وأعطوا لكل منهما حُكمًا مستقلاً، لا سيما عندما يصل الأمر إلى القضاء.
وتكلموا عن الحمل والولادة والرضاع، وحكم جماع المرضعة،وزواج المتعة والزنى والشذوذ الجنسي واللواط والسحاق وغير ذلك.
ويمارس الأزهر بين طلبته من البنين والبنات - كلّ فيمعهده - بداية من سن الأولى الإعدادية تدريس هذه الثقافة في الإطار الإسلامي الذييهدف إلى إيصال الحقيقة - العلمية أو النظرية - بواقعها إلى ذهن الطالب في وضوح؛محاطة بسلوك خُلُقِيٍّ رفيع، يجعل الطالب يمارسها عن قناعة.
وهذه لمحة سريعة لبعض ما يدرسه الطالب الأزهري والطالبةفي معهديهما، فيثقفان ثقافة جنسية في إطار الأحكام الشرعية، تنير لهما سبل المعرفةمع دين صحيح سليم، نقلناها من مقال الدكتور علي أحمد الخطيب رئيس تحرير مجلةالأزهر بعنوان (الأزهر والثقافة الجنسية) عدد ربيع الأول 1416 هـأغسطس 1995 م حيث يقول: ( ونقدم هنا جانبًا مختصرًا للغاية عن بعض هذهالدراسة).
أولاً: لكي يتعرف الطالب والطالبة بدقة على الوضوء ،ينبغي أن يعلما أولاً نواقض الوضوء عند الرجل والمرأة على سواء، وبالتالي يتعرفانعلى كل ما يخرج من السبيلين لديهما مما ينقض الوضوء، فيعرفان ألوان الماء الخارجمن الرجل، ومكان خروجه صراحة، ويتعرفان على خصيصة هذا الماء من: بول، ومَذيٍّ،وودْيٍّ، ومَنِيٍّ، ووقت خروج كل من هذه الثلاثة الأخيرة، وسبب خروجه، ثم كيفيةالطهارة منه، ومتى يكون خروج أي من الأربعة ناقضًا للوضوء، أو موجبًا للغسل، ومتىلا يوجب وضوءًا ولا غسلاً؟.
وتقتضي دراسة خروج المني معرفة أسبابه، وما كان منهاحلالاً، أو حرامًا، أو مكروهًا، وأحوال كلٍّ، وما يقتضيه خروج المَنِيِّ شرعًا منوجوب الغسل! ويتعرفان - كلٌّ من الطالب والطالبة - على ألوان الخارج من قُبلالمرأة صراحةً ماء أو دماء، وأسبابها، ومتى تَمْنَعُ هذه الدماء مباشرة الرجللزوجته؟ ومتى لا تمنع مع وجودها؟ ويعتبر الطالب الأزهري - ومثله الطالبة - على علمدقيق بالتفريق بين دم الحيض والنفاس، ودم الاستحاضة، ودرجات هذه الدماء كثافةورقة، وماء المرأة الذي يعقب الحيض تمامًا، وهذا الأخير لا تعلمه أكثر النساء!! ثمهما - الطالب والطالبة - أيضًا على عِلْمٍ - في هذا المقام - بحال من ابتدأتْالحيض، ومن اعتادته، وما ينبغي لكل منهما ـ حيال هذا الخارج منها.
ثانياً: وإذا درسا الغسل كان عليهما أن يدرسا موجباتهالخمس، وفي مقدمتها المباشرة الزوجية، وكيف تتم، فيدرس كل منهما أمرها، وواجبالمرأة حيالها، وواجب الرجل أيضًا، وآداب هذه المواصلة حتى لا يقع الرجل على زوجتهكما تقع البهيمة على أنثاها .... الخ ). انتهى.
وإذا انتقلنا إلى الحديث النبوي الشريف فإننا نجدالصحابة الكرام رضوان الله عليهم، والصحابيات الماجدات رضوان الله عليهن لميترددوا أن يسألوا عن دينهم - سواء تعلَّق الأمر بالجنس أو بغيره - يستعملونالوساطة في السؤال أحيانًا لظروف خاصة، ويسألون طورًا آخر الرسول صل الله عليه وسلم مباشرة ومواجهة استفادة وإفادة. نماذج من الأسئلة التى طرحت على الرسول
وهذه نماذج من الأسئلة التي طرحت على رسول الله r ، ليعطي فيها الحكم والأدب اللائق بها، وقد استمع إليها وأجاب عنها بوضوحتام بدون لوم ولا تثريب.
الحيض: روى الإمام البخاري عن عائشة رضى الله عنها أن امرأة سألت النبي صل الله عليه وسلم عن غُسلها من المحيض فقال لها: (خذي فرصة من مسك فتطهري بها، قالت: كيفأتطهَّر؟ قال تطهَّري بها. قالت: كيف؟ قال سبحان الله!! تطهَّري، فاجتذبتها إليَّفقلت: تبتغي بها أثر الدم).
الغسل: روى الإمام مالك (أن الصحابي الجليل أبا موسىالأشعري رضى الله عنه أتى السيدة عائشة رضى الله عنها زوج النبي صل الله عليه وسلم ، فقال لها: لقد شق عليَّ اختلاف أصحابالنبي صل الله عليه وسلم، في أمر إني لأعظم أن أستقبلك به!! فقالت: ما هو؟ ماكنت سائلاً عنه أُمَّك فسلني عنه. فقال: الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل، فقالت:إذا جاوز الختان فقد وجب الغسل، فقال أبو موسى الأشعري: لا أسأل عن هذا أحدًا بعدكأبدًا).
الاحتلام: عن عروة بن الزبير رضى اللهة عنه أن أم سليم قالت لرسول الله صل الله عليه وسلم : { المرأة ترى في المنام ما يراه الرجل، أتغتسل؟ فقال لهارسول الله صل الله عليه وسلم : ( نعم فلتغتسل. فقالت لها عائشة: أفٍّ لكِ، وهل ترىذلك المرأة؟ فقال لها رسول الله صل الله عليه وسلم : تربتْ يمينُكِ، ومن أين يكون الشبه؟).
وفي رواية السيدة أم سلمة رضى الله عنه زوج النبي صل الله عليه وسلم أنها قالت: (جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة الأنصاريإلى رسول الله صل الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: إن الله لا يستحي من الحقّ، هل علىالمرأة من غُسْلٍ إذا هي احتلمت؟ فقال: نعم إذا رأتْ الماء).
الزواج وقضية العسيلة: روى الإمام البخاري عن السيدة عائشة: (أن رفاعةالقرظي تزوَّج امرأة ثم طلَّقها، فتزوجتْ من آخر، فأتتْ النبيَّ صل الله عليه وسلم فذكرت له أنه لا يأتيها، وأنه ليس معه إلا مِثُلُ هدبه، فقال: لا، حتى تذوقيعسيلته ويذوق عسيلتك).
مباشرة الحائض: عن أبي ميسرة عن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت: (كان النبي صل الله عليه وسلم يباشرني وأنا حائض، ويدخل معي في لحاف وأنا حائض، ولكنه كان أملككم لإربه).
والمقصود من قولها: (يباشرني)، القُبْلَةَوالمُعَانَقَةَ ومَسَّ ثديها، وليست تعنى بكلمة (المباشرة) الجماع، بدليل حديثعائشة رضى الله عنها أيضًا كما هو في مسند الإمام أحمد: (كان إذا كان كذلك - أي الحيض - منإحدانا، ائزرت الإزار الواسع، ثم التزمتْ رسول الله صل الله عليه وسلم بيديها ونحرها). وفي رواية للإمامالنسائي ونورد ما أخرجه أحمد عن جميع بن عمير: (كان يأمرنا إذا حاضتْ إحداناأن تأتزر بإزار واسع، ثم يلتزم صدرها وثدييها).
الألفاظ القرآنية فى المواضيع الجنسية
هذا وإذا انتقلنا إلى القرآن الكريم والأسلوب الراقى فىالتعبير، فإنا نجده يذكر الحيض أربع مرات، ويذكر النكاح ثلاثًا وعشرين مرة، ويصرحبلفظة الزواج إسمًا أو فعلاً إحدى وثمانين مرة. ويذكر العملية الجنسيَّة بعباراتمختلفة، تؤدي كلها نفس المعنى الذي هو الجماع ولكن بتعبيرات راقية وألفاظ سامية لاتخدش الحياء ولا تستثير الغرائز، منها:
1) المباشرة، في قوله تعالى: } عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْتَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَبَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ { [187- البقرة].
2) الإتيان، في قوله تعالى: } نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْحَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ { [223- البقرة].
3) الإفضاء، في قوله تعالى: } وَكَيْفَتَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُممِّيثَاقًا غَلِيظًا { [21- النساء].
4) الملامسة، في قوله تعالى: } أَوْلاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ { [43- النساء].
5) التغشي، في قوله تعالى: } فَلَمَّاتَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ { [189- الأعراف].
6) الحرث، في قوله تعالى: } نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْحَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ { [223- البقرة].
7) المس، في قوله تعالى: } وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَنتَمَسُّوهُنَّ { [237- البقرة].
8) الرفث، في قوله تعالى: } أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِالرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ { [187- البقرة].
9) النكاح، في قوله تعالى: } فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنبَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ { [230- البقرة]
10) الاستمتاع، في قوله تعالى: } فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّأُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً { [24- النساء].
ولا أنسى أنأذكر هنا أن بعض علماء الأديان المقارنة أسلموا لما تكشف لهم رقى الألفاظ القرآنيةالمستعملة فى المواضيع الحساسة مقابل ألفاظ فجة وخادشة للحياء فى كتب أخرى(سماوية) غير القرآن.

تم نقل الموضوع من كتاب : تربية القرآن لجيل الإيمان: http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=169

 
رد: تربية القرآن لجيل الإيمان ( متجدد )

أسباب عناية الإسلام بالتربية الجنسية
لقد كان اهتمام الإسلام بالتربية الجنسية، لأن العاطفة الجنسية مظهر إنساني يؤثر في سلوك الإنسان، فكان لا بد من أن يتناوله التهذيب مع عدم البعد عن الحقيقة، ولذلك فالسلبية المطلقة والرد على تساؤلات النشء عن هذه العاطفة بقولنا: (عيب .. لا يصح)، طريقة غير سليمة في إفهامهم هذه النواحي الجنسية الطبيعية.
وفي ذلك يقول الأستاذ أحمد عبد اللطيف بدر ]في كتابه (العاطفة الجنسية في ضوء الدين والعلم) ص 40[:
(ونحن نترك أبناءنا يتيهون فيما لا يشعرون به في دور البلوغ من اختلاف جسمي وعقلي ونفسي، ونتركهم للطبيعة، وانحرافهم راجع إلى إهمالهم وعدم اللباقة في وقوفهم على حقائق واضحة، فحين يجد الناشئ نفسه قد أفرز في حلمه وهولم يألف ذلك يخشى أن يصارح أباه في أمره، وكذلك البنت، ويتلقى كلاهما من المحيط الخارجي في صورة مشوهة ما يدور حول الناحية الجنسية وبذلك يكون الانحراف!! إن واجب كل أم أن تُعَرِّفَ ابنتها حقيقة العاطفة الجنسية من أنها شئ طبيعي يراد به حفظ النوع، ولها في الحيوان الأليف في البيت ما يذلل لها الصعوبة) انتهى.
ويقول أيضَا ]في ص 23 من نفس الكتاب[:
)وتربية الغريزة في دور البلوغ تحتاج إلى حسن القيادة وجمال التصرف، فإن محاصرة البالغين والبالغات، والأخذ بالعنف في تقبيح نداء الغريزة يولِّد شعورًا خفيًّا بأن المباشرة الجنسية شيئًا غريبًا مستكرهًا بعيدًا عن الإنسانية، وقد يضل كثير من الأبناء والبنات لعدم التوجيه السديد، وفي أوائل البلوغ تميل الأنثى إلى النوم كثيرًا، ويغرق الذكر في أحلامه، ويغيب عما حوله، ويريد التنفيس عما يلاقي من مظهر غريب عنه لم يألفه، وبخاصة حين يفرز في نومه المادة المنوية، ويخيل إليه أنه فريد في ظاهرته، فالواجب على الأم أن تعرِّف ابنتها كل ما يتصل بالحياة الجنسية في صراحة مع التحفظ وعدم التنزل والابتذال كما يفعل الكاتبون الذين يكشفون ليثيروا لا ليفيدوا(.
هذا إلى أن الجهل بالتربية الجنسية يؤدي إلى ارتكاب مخالفات شرعية يقع فيها المرء وهو يظن أنه على صواب مثل:
· قد يمس الرجل ذكره بباطن كفه، أو المرأة باطن فرجا فيبطل الوضوء من كل منهما وهما لا يشعران.
· كم من فتاة اغتسلت بعد الطهر من المحيض بدون رفع موانع الحيض، وبدون احترام لشرائط الغسل وفرائضه، إنما أفرغت الماء على نفسها مصحوبًا بعقاقير وعطر وشبهه، لأنها كانت تعتقد أن النية والشروط والفرائض تخص المتزوجات.
· وكم من ملامسات سطحية وقعت بعد مراكنة الخطيبين لبعضهما وقبل العقد الشرعي، وهما يحسبان أن الخطبة (بكسر الخاء) عقد. وقد أدت تلك الملامسات إلى حمل غير شرعي، والطب يثبت الحمل بمثل هذه الملامسات.
ولهذا يقول الدكتور عبد الرحمن طالب الجزائري ]في كتابه(التربية الجنسية في الإسلام) ص 213[:
)لقد دلت الدراسات عن المراهقين من الفتيان دلالة واضحة على أن فترة المراهقة هي فترة رغبات جنسية قوية. وقد ثبت أن ما يزيد على 95% من المراهقين الذكور في المجتمع الأمريكي يكونون فعالين جنسيًا حين بلوغهم الخامسة عشر من العمر. وفي هذا دليل على الحاجة الكبرى للتربية الجنسية. ذلك بأن المراهق بحاجة لمساعدته فيما خص مشكلاته الجنسية، وفي إمكان المدرسة والبيت أن يساعدا المراهق كثيرًا في هذا الخصوص( انتهى.
تربية الأطفال جنسياً
ويراعى فيها أن تواكب مراحل نموهم وتتلخص فيما يلي:
أولاً - ستر العورة:
فالمطلوب من الآباء أن يربوا أولادهم منذ الصغر على تغطية عوراتهم حتى ينشأوا على الحياء والحشمية. وعورة الصغار اختلف فيها رجال المذاهب:
فالشافعية شدَّدوا وجعلوا عورة الصغير ولو غير مميز كالرجل، ما بين السرة والركبة.
والمالكية خفَّفوا فجعلوا ابن ثماني سنوات لا عورة له، فجوَّزوا النظر إلى جميع بدنه، وتغسيله ميتًا، وكذا بنت ثلاث سنوات وثمانية أشهر لا عورة لها، ولكن بنت ثلاث سنوات لها عورة بالنسبة للمس، فليس للرجل أن يغسلها، أما بنت ست سنوات فهي كالمرأة.
أما الحنابلة والأحناف فإنهم توسَّطوا في قضية عورة الأطفال بالنسبة للنظر والصلاة.
ثانيًا - التفرقة بينهم في المضاجع:
فالشرع يطلب أن يفرق الأبوان بين أبنائهم وبناتهم في النوم إذا ما بلغوا عشر سنين، وذلك فيما رواه الإمامان الحاكم وأبو داود بسنديهما عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع).
قال السيد عبد الله علوان معلقًا على هذا الحديث: (فيؤخذ من هذا النص أن الآباء والأمهات مأمورون شرعاً بأن يفرقوا بين أبنائهم في المضجع إذا بلغوا سن العاشرة مخافة إن اختلطوا في فراش - وهم في سن المراهقة أو ما يقاربها - أن يروا من عورات بعضهم البعض في حال النوم أو في اليقظة ما يثيرهم جنسيًا أو يفسدهم خلقيًا) انتهى.
وفي صحيح البخاري:
(أن النبي صل الله عليه وسلم أردف الفضل بن العباس رضى الله عنه
ما يوم النحر خلفه، وكان الفضل قد ناهز البلوغ، فطفق الفضل ينظر إلى امرأة وضيئة من خثعم، كانت تسأل النبي صل الله عليه وسلم عن أمور دينها، فأخذ النبي صل الله عليه وسلم بذقن الفضل، فحوَّل وَجْهَهُ عن النظر إليها). وفي رواية الإمام الترمذي: (أن العباس قال للرسول صل الله عليه وسلم : لويت عنق ابن عمك؟ فقال صل الله عليه وسلم : رأيت شاباً وشابة فلم آمن عليهما الفتنة).
وهذا الحديث وشبهه كثير في السنة، ويؤخذ منه اهتمام الرسول صل الله عليه وسلم بأخلاق المراهقين والشباب حتى يربوا وينشئوا تنشئة حسنة إسلامية.
ثالثًا - تعليم الأولاد أحكام المراهقة:
يدعو الإسلام المربين إلى مصارحة من هم تحت تربيتهم ووصايتهم، بكل ما له علاقة بالأحكام الشرعية المتصلة بالجنس، وعلاقات البلوغ مثل الحيضٌ، والإستحاضة والحملٌ، وخروجُ منيٍّ والمذى وإنبات شعر العانة، وبالطبع يبدأون بعلامات البلوغ وهي المشار إليها في المرشد المعين بقوله:
وكل تكليف بشرط العقل مع البلوغ بدم أو حمــل
أو بمنيّ أو بإنبات شـعر أو بثمان عشرة حولاً ظهر
رابعًا - تجنيب الأبناء الإثارات الجنسية:
وهذا باب فى غاية الأهمية فقد فتحت أبواب الإثارة الجنسية على مصراعيها فى هذا العصر ، ونذكر منها على سبيل الشهرة لا الحصر فمنها:
1. الأنترنت وموقع الإباحيات والخلاعة والفجور التى لاتعد ولا تحصى، ووسائل العرض المختلفة من أجهزة الكمبيوتر والهواتف النقالة وغيرها من الأجهزة الصغيرة الحجم السهلة التدوال والمتطورة بما يشمل الوسائل الحديثة للتواصل الإجتماعى من التشات والمحدثة المصورة على الإنترنت حيث قلت التكلفة وانعدمت الرقابة وانفتحت السماوات.
2. أفلام الخلاعة التي تعرض في السينما أو على شاشة التليفزيون قادمة من الفضائيات وقنوات الأغانى والكليبات والتسويق وقنوات الفجور العلنى وتلك الأفلام التي تتكلم عن الجنس لا لغرض تربوي شرعي، وإنما للإثارة.
3. الصور العارية المصورة والمعروضة في أندية السياحة والأندية عموما ودور بيع الصحف وحتى على الأوراق البريدية وطوابعها.
4. الجرائد والمجلات التي تعرض الجمال الجسمي والألبسة الداخلية، والتى تظهر من خلالها المفاتن الجسدية، ناهيك عن المجلات الإباحية الجنسية المعروفة والمنتشرة وأيضاً المجلات الإجتماعية وأخبار الفن وغيرها.
5. الكتيبات التي ترسم الأعضاء التناسلية وتصورها، ووتشرح جميع الأفعال المخلة بالحياء والتى تشمل بعضها أيضا الشذوذ، والتي توجد بالمكتبات وحتى على الأرصفة وبالأكشاك، والتي تعرض أحيانًا جهرًا بلا خجل ولا حياء ، وطورًا في الظلام وفي الخفاء.
6. قصص وسلاسل المطبوعات وروايات الخلاعة التي تصور العشق والمجون، وتدعو للإثارة والرذيلة وترك القيم والآداب الإسلامية.
7. الاختلاط مع الأشرار المائعين المنحرفين من الجنسين الذين انتشروا فى كل حدب وصوب، وقد قال في ذلك الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكلُّ قَرِينٍ بالمقارن يقتــدي
8. الإحتكاك بالنساء لا سيما في المواصلات العامة، أو الحضور معهن في الحفلات المختلطة.
 
رد: تربية القرآن لجيل الإيمان ( متجدد )

علاج الإسلام للزنى
الزنا عادة سيئة قديمة تحدث بين الرجال والنساء، فتؤدي إلى اختلاط الأنساب، وهتك الأعراض، وإذهاب العفة والفضيلة. وحديثنا عن الزنا يشمل اللواط والسحاق أيضًا لأنهما من هذا الباب، بل إن التحريض على الفحشاء بجميع أنواعها من الزنا، لأن الدال على الشئ كفاعله.
والله تعالى لما حرَّم الزنا حرَّم كذلك مقدماته فقال: } وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً { ] 32- الإسراء].
وأما اللواط وهو إتيان الذكر للذكر فقد ذكره الله تعالى في قصة لوط عليه السلام، فقال فى [80، 81- الأعراف]:
} وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ. إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ {
وأما السحاق أو المساحقة - التي تسمى بلغة العصر (الملامسة السطحية وتحدث بين النساء ) ، فهي محرمة باتفاق العلماء لقوله صل الله عليه وسلم:
(وَلاَ تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ)[1]

أسباب إنتشار الآفات الجنسية فى المجتمع

وأسباب هذه الآفات أو الأمراض كما وضحتها الشريعة كما يلي:
1. الاختلاء بالمرأة الأجنبية: أي مجالستها في مكان مغلق بدون محرم، وقد إنتشر التهاون فى هذا الأمر وكم نتج عنه من المصائب بين الخاطبين وزملاء الجامعة والجيران والأقارب بلا وازع ولا ضابط!! ولقد نهى رسول الله صل الله عليه وسلم عن ذلك نهيًا قاطعًا في عدة أحاديث منها قوله:
(لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم).
2. النظر المحرم إلى محاسن المرأة بأى وسيلة كانت: وقد منع الإسلام عن النظر إلى محاسن المرأة ومفاتنها وزينتها في عدة آيات قرآنية، منها قوله تعالى: } قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ { [30، 31- النور]. وقد أشار إليها الرسول صل الله عليه وسلم في قوله: (ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة، ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها في قلبه).
والنظر محرَّم على الرجال والنساء على حد سواء، وعمى أحد الجنسين لا يسمح للطرف الآخر برفع بصره للنظر فيه، وفي حديث أم سلمة رضى الله عنها ما يدل على ذلك حيث قالت:
(كنت عند رسول الله صل الله عليه وسلم ، وعنده ميمونه، فأقبل ابن أم مكتوم، وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب، فقال النبي صل الله عليه وسلم: احتجبا منه، فقلنا: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال النبي صل الله عليه وسلم : أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟).
3. الاستماع إلى صوت المرأة المرخم: لأن صوت المرأة في حد ذاته ليس بعورة، بدليل أنها يجوز التعليم والتعلم، والبيع والشراء، وأداء الشهادة، والإعلان عن الجرح والتعديل. وقد باشرت الصحابيات رضوان الله عليهن مثل هذه الأعمال في العصر النبوي وعصر الخلفاء الراشدين، وإنما الممنوع الصوت المرخَّم الذي يحدث شهوة وطمعًا عند الرجال.
وفي القرآن الكريم تربية واضحة للنساء عند مخاطبتهن الرجال حيث قال جل شأنه: } فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا { [32- الأحزاب]. فالخضوع بالقول: ترقيقه وترخيمه. والقول المعروف: الكلام الحسن العفيف الذي لا لين فيه ولا تكسير.
وقد بين القرآن تربية أخرى للنساء اللائي يحدثن صوتًا بسبب احتكاك حليهن: الخلاخل، أو القلائد والأساور وشبهها قرب الرجل، لأن السماع كالنظر، فالكل يحدث إثارة جنسية، قال تعالى:
} وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ { [ النور: 31]
قال ابن عباس رضى الله عنهما ما في هذه الآية:
(كانت المرأة تمرُّ بالناس فتضرب برجلها لتُسمع صوت خلخالها، فنهى الله عن ذلك لأنه من عمل الشيطان).
4. شم أنفاس المرأة واستنشاق عطرها الذي تعطرت به: فأما شم أنفاسها فيحدث عند الاقتراب منها، والاحتكاك بها، وهذه الأنفاس مثيرة للجنس ولو لم تكن مشوبة بعطر، ولا يمكن التحرز من هذه الأنفاس إلا بالابتعاد، ولذلك أورد ابن الحاج في المدخل حديث:
(باعدوا أنفاس النساء وأنفاس الرجال).
وأما استنشاق عطر الأجنبية فقد ورد فيه قوله صل الله عليه وسلم فى صحيح بن حبان عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه :
{ أَيُّمَا امْرَأةٍ استَعْطَرتْ، فَمَرَّتْ على قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَها فهي زَانِيَةٌ، وكُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ }
5. لمس أعضائها بالمباشرة الجسدية أو التقبيل أو المصافحة، وقد ورد في ذلك قوله صل الله عليه وسلم : (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له).
6. نقص التربية متمثلاُ فى قلة المروءة من طرف الزناة: لأن المزني بها هي ابنة أخ مسلم أو زوجته، أو أخته، أو أمه، أو إحدى عماته أو خالاته.ولا يرضى الزاني مهما كان متسيِّباً أن تهتك حرماته بالزنى، ولا يقبل أن يُمس في شرفه، وشرف حرمه وأسرته. فلو استعمل الزاني عقله مليًّا لما ارتكب فاحشة الزنا!!! وفي الحديث عن أبي أمامة أن فتىً شابًا أتى النبي صل الله عليه وسلم فقال:
{ يا رسول الله إئذن لي في الزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال صل الله عليه وسلم : أدنه فدنا منه قريبًا، فقال: أتحبه لأمك؟ قال: لا، وجعلني الله فداك، قال: وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغْفِرْ ذنبه، وطهِّرْ قلبه، وحصِّنْ فرجه ، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شئ }.
7-عدم الوعي :
بما يحدثه الزنى من أخطار صحية ونفسية وخلقية ودينية، فالخطر الصحي: فمرض السيلان ينتقل عن طريق الزنى، وهو يسبب التهابًا حادًا ومزمنًا في الرحم والخصيتين، وقد يؤدي إلى العقم، وإلى التهاب في المفاصل، وقد يؤثر على المولود فيصاب بالعمى. وكذلك أمراض التقرحات الجنسية؛ والتي تنتقل بالالتقاء الجنسي المحرم، وتسبب في العقد البلغمية، وقد تؤدي إلى خراجات قيحية مزمنة، والتهابات في المجاري البوليه. وقد يصاب بعض الأولاد بمرض النضج الجنسي المبكر نتيجة لتهيج الشهوة قبل أوانها، واستثارة الغريزة قبل اكتمالها. وأخطر ما يسببه الزنا مرض (الإيدز) والذي يؤدي إلى فقدان مناعة الجسم المكتسبة.
أما الخطر النفسي والخلقي: قد يصاب هذا الشهواني المندفع نحو البهيمية بمرض اللواط والسحاق، وهو مرض خطير من نتيجته اكتفاء الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وقد يصاب بمرض الهوس الجنسي، حيث ترى المريض الشهواني المندفع مشغولاً في جميع أوقاته بتخيلات شهوانية غريزية من نكاح وتقبيل، وضم وعناق، وشبه ذلك، وتراه منصرفًا عن كل شئ، فيكثر نسيانه ويقل اهتمامه، وتشتد غفلته ويضعف انتباهه، وتراه كأنه مخمور، أو كأنه محزون. وتسبب هذه الظاهرة الأليمة نحولاً في الجسم، وضعفًا في الذاكرة، وقلقًا في النفس، وهناك أخطار اجتماعية، وهي عدم تكوين الأسر، وظلم المواليد الذين يولدون من غير زواج شرعي.
والخطر الديني فالفرد الذي لا يستعف عن محارم الله، ولا يصون نفسه عن مزالق الشهوة والفتنة، يصاب بأربع خصال ذميمة، ذكرها النبي صل الله عليه وسلم ، فيما رواه الطبراني في الأوسط حيث يقول صل الله عليه وسلم: { إياكم والزني، فإن فيه أربع خصال: يذهب البهاء من الوجه، ويقطع الرزق، ويسخط الرحمن، ويسبب دخول النار }.
ومن الخطر الدينى أيضاً أن الزاني حين يزني ينسلخ من ربقة الإيمان، فقد روى الإمامان البخاري ومسلم عن النبي صل الله عليه وسلم ، أنه قال: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن).
8- عدم التبكير بالزواج:
فالتبكير بالزواج مما يساعد المرء على التقوي والابتعاد عن الزنى، وقد قال صل الله عليه وسلم : (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء). والشباب الذين نادى عليهم الرسول صل الله عليه وسلم ، هم من بلغوا الحلم ولم يتجاوزوا ثلاثين سنة، والباءة الجماع، والوجاء كخصاء لفظًا ومعنى، أي قامع للشهوة.
وإذن فكل من بلغ وكانت له القدرة على الإنفاق والجماع، فهو مطالب بالزواج، والزواج يساعد على غضِّ البصر عما لا يحلُّ، ويحفظ فرجه من الزنى. والزواج شرع الله، فمن فمن تركه متعمدًا فقد ترك سنة محمودة.
وفي الحديث الذي يرويه أبي هريرة عن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: (من كان موسراً لأن ينكح فلم ينكح فليس مني).
وإذا عجز المرء عن الزواج لأسباب قاهرة:
فعليه بالصوم، فإنه يخفف من حرارة الشهوة، ويقلل من الغلمة لقوله صل الله عليه وسلم: (فمن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)، وليلازم جانب العفَّة حتى يتيسر له أمر الزواج، وفي القرآن الكريم: } وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ {[33- النور]. أي فليجتهد المسلم في العفة وقمع الشهوة ما دامت لم تيسر له سبل الزواج، فإن العبد إذا اتقى الله جعل له من عسره مخرجًا.
ويجب على المجتمع أن يجتهد لتيسير الزواج وتوفير السكن وفرص العمل، وأقول فى ذلك أن عودة الأخلاق والمعاملات الإسلامية الرحيمة والأساليب التى تمسك بها سلفنا فى الزواج عليها معول كبير لتيسير الزواج.
9 فقدان الرادع:
أما ردع الزناة بالجلد والتغريب أو الرجم، فهو آخر الأسلحة لعلاج هذه القضية الفتَّاكة، فمن لم يستطع غلق الأبواب المفتحة على الزنى المشار إليها سابقًا، ولم يقدر على دفع الفحشاء، ولم يمتثل للسنة النبوية التي أمرت بالزواج، ولم يقم بالصوم كعلاج نبويٍّ وقائي قامع للشهوة، ثم ارتكب الزنى، فالشرع أمر بجلده وتغريبه إذا كان عزبًا، أو رجمه بالحجارة حتى يموت إن كان محصنًا. والمحصن كل من سبق له زواج شرعي، سواء بقي في زواجه أو طلق وأصبح ثيِّباً. قال تعالى: } الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ { [2- النور]، أما المحصن الذي سبق له زواج شرعي فيرجم بالحجارة حتي يموت وقد ورد حديث الرجم في الصحاح عن عبد الله بن عباس رضى الله عنه ما قال:
(خطب عمر فقال: إن الله تعالى بعث محمدًأ صل الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها ووعيناها، ورجم رسول الله صل الله عليه وسلم ورجمنا، وإني خشيت إن طال زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله تعالى، فيضلون بترك فريضة أنزلها الله تعالى، فالرجم حقٌّ على من زنى من الرجال والنساء إذا كان محصنًا إذا قامت البينة أو كان حمل أو اعتراف، وأيم الله لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله تعالى لكتبتها).
وقد أخرج الإمامان أحمد وابن حنبل، والطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة بن سهل عن خالته العجماء أن فيما أنزل الله من القرآن: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، بما قضيا من اللذة).
علاج الإسلام لإنتشار الآفات الجنسية فى المجتمع
وعلاج الإسلام لهذه الأمراض الخطيرة يقوم أساسًا على:
- سد الأبواب المفتّحًة التي تؤدي إليها وغلق الدواعي التي تتسبب فيها وهذا أمر واسع يتطلب تضافر وتعاون الجميع.
- تخصيص دروس تربوية واعية في هذا الميدان للتوعية وتكوين المروءة وتهذيب الأخلاق وترسيخ المعنى لدى الشباب أن التنظيم والتشريع الإسلامى لتصريف الطاقة الجنسية إنما جعل لمصلحة الشاب والفتاة والمجتمع برمته لا للتعنت ولا لحرمان أحد من سعادته.
- ثم التعجيل بتزويج الأيامى بعد انتهاء سن المراهقة والدخول في سن الشباب.
- مع الرجوع إلى إقامة الحدود الشرعية لأنها الصالحة للردع في كل زمان ومكان.

وهكذا نجد أن نظرة الإسلام إلى الجنس قائمة على إدراك فطرة الإنسان، ورامية إلى تلبية أشواقه وميوله، حتى لا يتجاوز أي فرد حدود فطرته، ولا يسلك سبيلاً منحرفًا يصطدم مع غريزته، وقد أنزل الله من التشريعات والأحكام ما يلبي حاجات هذه الميول والغرائز، وما يكفل لها الاستمرار والنماء والبقاء. وما الزواج الشرعي إلا تلبية لغريزة الميل إلى الجنس الآخر ليسير الإنسان مع فطرته الجنسية، وميله الغريزي بكل تلاؤم. ولذلك حرَّم الإسلام العزوف عن الزواج والزهد فيه ولو بنية التفرغ للعبادة، والتقرب إلى الله،
بل إنه من نظرات الإسلام الصائبة إلى الجنس اعتبار تصريف الشهوة بالحلال، وإشباع الغريزة بالزواج، من الأعمال الصالحة التي يؤجر عليها المسلم. روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي ذر الغفاري رضى الله عنه :
{ إن لكم بكل تسبيحة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وبكل تهليلة صدقة، وبكل تحميدة صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهيٌ عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة؟ قالوا يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال صل الله عليه وسلم : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ قالوا: بلى، قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر }.
تم نقل الموضوع من كتاب : تربية القرآن لجيل الإيمان

http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=169
 
رد: تربية القرآن لجيل الإيمان ( متجدد )


ثانيًا[2]: التربية الإيمانية.
ويقصد بالتربية الإيمانية هنا تربية الشباب على أخلاق أهل الإيمان، وتدريبهم على السلوكيات الإسلامية؛ حتى يصيرون يمثلون الإسلام في كل حركاتهم وسكناتهم، ويكونون هم المعنيون بقول الله عزوجل : } إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى { [13- الكهف].
مسئولية الآباء في متابعة الأبناء
وهذه المسئولية كلفهم بها الله عزوجل ورسوله صل الله عليه وسلم .
فيجب على كل مؤمن أن يكون له عين يقظة على تصرفات أولاده وبناته، ترعاهم عند الصلاة، وترعاهم عند مشاهدة التلفاز، وترعاهم عند اختيارهم للأصدقاء حتى لا يصطحبون قرناء السوء، وترعاهم عند ممارسة هواياتهم، وتراقبهم في عاداتهم، ويوجهونهم إلى الكمالات الإنسانية، والأخلاق الإيمانية باللطف والرقة واللين
فيا أخي المؤمن اجعل نصب عينيك قوله تعالى: } وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى { [132- طه].
وإياك أن تأخذك الشفقة بولدك أيام الامتحانات، وتقول: الولد مشغول وليس من المهم أن يحافظ على الصلاة الآن؛ لأنه مشغول بالاستذكار - وهذا ما يلجأ إليه بعض ضعاف النفوس، مع أن الله عزوجل لا يبارك في عمل يلهي عن الصلاة - أو تقول له: اذهب إلى الدرس، واجمع الظهر مع العصر، ولا بأس عليك في ذلك. بل عليك أن تجعل أكبر همِّه، وأعظم حرصِهِ على العمل بأحكام دينه، والاقتداء بسنن نبيِّه، وتنفيذ أوامر ربه، حتى تكون مطمئن البال إلى أنك أنجبت رجالاً يمتثلون لأمر الله، وينفذون تعاليم الله.
واحكي لهم الأمثلة الطيبة من قصص سلفنا الصالح، بل ومن عبر هذه الحياة بما يجعلهم يتمسكون بالفضيلة، ولا ينخدعون بما تنشره لهم بعض وسائل الإعلام، والتي تصور لهم براعة الغش ومهارة الخداع، وتزيِّن لهم أقصر طريق للوصول إلى مآربهم الدنيوية وآمالهم الفانية هو الخداع والمؤامرات وأساليب النفاق. فإذا فعلت ذلك فنم بعد ذلك في قبرك قرير العين، وتأكد أنهم في حصن الله وفي كنفه عزوجل .
فقد ورد عن عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه أنه خلف ثلاثة عشر ولدًا، ولم يترك لكل واحد منهم إلا دينارًا واحدًا عند وفاته - مع أنه كان خليفة المسلمين - فعاتبه بعض أقاربه وقالوا يا أمير المؤمنين، تركت أولادك ضياعًا!! فقال رضى الله عنه أولادي أحد رجلين: أما الصالح منهم، فيتولاه الله: } وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ { [196-الأعراف]، وأما الطالح منهم، فما كنت أترك له ما أعينه به على فسقه وفجوره؛ فأشاركه في الوزر، فلم يمر عليهم عام واحد بعد وفاته إلا وقد حصّل كل رجل منهم مائة ألف دينار من التجارة الحلال بركة من الله عزوجل بسبب هذا الأب الصالح.
وقد حكى القرآن الكريم أن الله عزوجل أرسل نبيًّا كريماً ووليًّا عظيماً إكرامًا للجد السابع في قوله سبحانه: } وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا {[82- الكهف].
فقد روي أن المقصود بالأب الصالح في هذه الآية كان الجد السابع لهؤلاء الأبناء، فأرسل الله إليهم نبيًا كريمًا، ووليًا صالحًا ليقيما الجدار الذي تصدَّع ببيتهم، حتى يبلغا الرشد ليستخرجا كنزهما عناية من الله بسبب صلاح جدَّهم السابع!! فما بالك إذا كان الأب الصلب صالحاً؟ وماذا يكون حال أولاده وأهله وذويه؟!!
وهناك المثال المغاير، أولاد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، فقد ترك ثمانية عشر ولدًا، وترك لكل واحد منهم مائة ألف دينار، فلم يمر عليهم عام واحد إلا وصاروا يتكففون الناس بعد أن ذهبت أموالهم في اللهو والشهوات؛ وذلك لأنه لم يربيهم على التُّقى والإيمان.
فأول تكليف كلَّفك به الله عزوجل نحو أولادك أن تحفظ عليهم الإيمان، وأن تربيهم على قيم الإسلام وعلى تعاليم النبي العدنان، وأن توالي هذه القيم بنفسك؛ لأن مجتمعنا لن تنصلح أحواله إلا إذا ظهرت القيم الإسلامية.
فإن المجتمع لن ينصلح حاله ولو كان كله مهندسين وأطباء، إلا إذا كانوا متخلقين بأخلاق السماء، لكن ماذا ينفع الكم الكبير من المهندسين والأطباء وغيرهم، إذا لم يكن عندهم مراقبة لله، ولا يتورعون عن الغش لعباد الله، ولا يرحمون البائس والفقير والمسكين ويتنازلون له عن الأجر ابتغاء وجه الله! فقد وصف الله عزوجل مجتمع المؤمنين بوصف جميل فيقول: } مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ {[29- الفتح].
وليس معنى هذا أننا ننكر ما يفعله الآباء نحو أولادهم من تسابق إلى حجز الدروس الخصوصية لضمان تفوقهم في الدراسة، ومتابعتهم الجادة في تحصيل علوم الحياة الحديثة، فإن هذا ما دعا إليه الإسلام. بل إن الإسلام يجعل كل شئ يوفره الأب لابنه من طعام أو شراب، أو ملبس أو درس، يُثاب الأب عليه إذا صدقت نيته، لقوله صل الله عليه وسلم :
{ نفقة الرجل على أهله كالنفقة في سبيل الله، الدرهم بمائة ألف درهم {، وقوله : { دينار أنفقته في
سبيل الله، ودينار تصدقت به على الفقراء والمساكن، ودينار أعتقت به رقبة،
ودينار أنفقته على أهلك، خيرهما وأعظمهما أجرًا عند الله الذي أنفقته على أهلك }[3].
فكل مال ينفقه على أهله وولده فله ثوابه عند الله عزوجل ، وألا يطالب ولده بعد تخرجه بعوض ما أنفقه عليه، أو يعيره بما أنفقه عليه ويقول له: لقد أنفقت عليك كذا وكذا،
ولكن كل هذا لم ينفع، ولم يؤثر فيك.
لكن الذي أريد أن أنبه نفسي وإخواني المسلمين إليه، هو أن معظمنا يظن أن كل ما عليه نحو أولاده هو تربية أجسامهم، وقد يزيد البعض على ذلك تعليمهم العلوم العصرية في المدارس والجامعات، ويفسرون بذلك قوله صل الله عليه وسلم : { كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته }، ونسينا المهمة العظمى وهي التربية الإيمانية والتي إليها الإشارة بقول الله:} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ { [6التحريم]، و(قوا) يعني: احموا واحفظوا أنفسكم وأزواجكم وأولادكم وبناتكم من غضب الله وعذاب الله بتربيتهم التربية الإيمانية الحقة.
وهنا يا إخوانى الكرام أجمل لكم تلك الأسس فيما يلى:
أسس التربية الإيمانيـــة

أولا: القيم الإسلامية
فالصدق والأمانة والمروءة والوفاء والسماحة والعدالة والمساواة وغيرها قيم ذبحتها المادية الخبيثة لتنشر مبادئها الهدامة كالشيوعية والوجودية، مع أن الحياة بغير هذه القيم تتحول إلى جحيم لا يطاق، والإسلام لا بهذه المبادئ كشعارات جوفاء، وإنما يدعو إلى تطبيقها على مسرح الحياة، حتى نراها على أولادنا، ونلمسها في بيوتنا، ونحس بها في أعمالنا.
وإليك هذا المثال الرائع لحرص الإسلام على هذه القيم: فهذا رجل مسلم دخل في الإسلام حديثًا، وقد كان ذلك أثناء سفره بتجارة كبيرة لقريش إلى بلاد الشام - وهو العاص بين الربيع زوج السيدة زينب بنت رسول الله صل الله عليه وسلم - وعندما كان في طريق العودة على مقربة من المدينة، أشار عليه بعض المنافقين قائلا: ما دمت قد أسلمت فخذ هذا المال غنيمة لك، ولا ترجع إلى مكة، فقد استولوا على أموال إخوانك المسلمين - وهؤلاء يقول الله تعالى فيهم وفي أمثالهم في كل زمان ومكان : } شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا {[112- الأنعام]:.
وما أكثرهم في زماننا يزينون للناس الشر فيقول أحدهم: أنت رجل فقير ولا بأس أن تأخذ من مال الدولة لأنك محتاج، فإذا لم يتيسر لك ذلك فلا مانع من الرشوة ـ لكن انظر إلى هذا الرجل الذي ملأ اله قلبه بحقيقة الإيمان حيث قال: (لا ... لا أبدأ حياتي في الإسلام بالخيانة). وذهب إلى مكة، وسلم التجارة والأموال لأهلها، ثم قال لهم: (يا أهل مكة ماذا تعلمون عني؟ فقالوا: لا نعلم عنك إلاَّ كل خير. فقال: هل بقي لكم شئ في ذمتي؟ قالوا: لا، وجزاك الله خيراً. قال: فإني أشهدكم أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله).
وقد كان المثل الأعلى في ذلك نبيكم الكريم صلوات الله وسلامه عليه، فقد كان أهل مكة يحاربونه ويؤذونه، بل ويتفنون في إيذائه، ومع ذلك كانوا يسلمون له أماناتهم ليحفظها عنده ولم يغره استيلاؤهم على أموال أصحابه، وعلى دورهم، وعلى تجاراتهم أن يأخذ شيئًا من هذه الأمانات حين هجرته لأنه كان حريصًا صل الله عليه وسلم أن يثبت دعائم الأمانة، وقواعد الوفاء في هذا الدين، حتى أنه عرَّض حياة ابن عمه الإمام علي بن أبي طالب للخطر حين أمره أن يبيت مكانه ليؤدي الأمانات إلى أهلها، ليعلم العالم أجمع أن الإسلام دين القيم والمبادئ والمثل.

ثانيا: مكارم الأخلاق
وهي الغاية التي حددها صل الله عليه وسلم من أجل بعثته حيث يقول:
{ إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ }[4]
فمكارم الأخلاق كالعفو عند المقدرة، والتجاوز عن المسئ، والعفو، والصفح، والإحسان إلى من أساء وغيرها، هي الهدف الأسمى من العبادات الإسلاميه. فمثلاً: لماذا فرضت علينا الصلاة؟
يجيب على هذا السؤال قول الله عزوجل : } إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ { [45- العنكبوت]. فالهدف من الصلاة هنا، أن تبقي الملاحظة الإيمانية في وادي قلبك، فتراقب النوافذ التي يدخل منها الشيطان كالعين والأذن واللسان والفرج والبطن، ولا تسمح بالدخول منها إلا لمن أذن الله له بالدخول، أو أذن له حضرة الرسول صل الله عليه وسلم .
فإذا دخل عن طريق العين مثلاً شئ يغضب الله، دق جرس الإيمان في قلبك منبهًا لتتنبه إلى أن هناك شئ غريب تسلل إلى مملكتك، وهذا لو تركته ولم تقض عليه، ربما يفسد عليك حالك، أو يُذهب صلاح قلبك، أو ربما يجعل حالك حال غوي، أو ضال شقي - والعياذ بالله. وربما مال بك إلى حال المنافقين، وكل هؤلاء تبغضهم السماء، وتلعنهم الملائكة. أما أهل الإيمان فيقول في شأنهم اللهعزوجل :
} إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ { [201- الأعراف].
وقد أجمل ذلك أكثم بن صيفي حيث قال: (لو لم يكن ما أتى به مُحَمَّدٌ – صل الله عليه وسلم - دينًا لكان في أخلاق الناس حسنًا).
 
رد: تربية القرآن لجيل الإيمان ( متجدد )

ثالثا: بناء المراقبة الإيمانية (الضمير)
أخي المؤمن مهما شرع المشرعون، ومهما قلد المقلدون، ومهما أصدر مجلس الشعب أو مجلس الشورى، أو غيرهم من لوائح وقوانين، فلن تنصلح أحوالنا إلا إذا ربينا الضمير في نفوسنا، وفي نفوس آبنائنا وبناتنا، فهو العلاج الوحيد، ولا علاج سواه، ولن ينجينا من تخبطنا شرقًا وغربا إلا الضمير، ولن يصلح أحوالنا إلا الضمير، ولن يصلح الضمير إلا الدين الذي جاءنا به اللطيف الخبير سبحانه. وإلاَّ فبالله عليك خبرني أي قانون في دنيا الناس يجعل المرء يعترف بذنبه على رؤوس الأشهاد؟.
فإننا نرى في زماننا من يرتكب الخطيئة، ويفعل الفاحشة، ويعمل المنكر، وإذا وقع تحت طائلة العقوبة لجأ إلى التزوير وإلى الكذب، وأعانه شهود الزور وما أكثرهم! وساعده تلفيق المحامين، وما أكثر تلفيقهم!، بل ربما لجأوا إلى رشوة القضاة ليأخذوا حقًا من مظلوم ويعطوه لظالم.
لكن في ذلك الزمن الفاضل فهذه امرأة لم تتخرج من جامعة، وليس معها دكتوراه، ولم تتعلم في طوكيو أو لندن أو واشنطن، ولكنها تربت على مائدة الإيمان، وكل ما اكتسبته من العلوم والمعارف إنما هو الإيمان القوي بالله عزوجل ، هذه المرأة تذهب إلى رسول الله صل الله عليه وسلم لأن هيئة الرقابة الداخلية دفعا إلى هذا العمل فوقفت أمامه ولم تخجل وقالت: يا رسول الله زَنَيْتُ!!
فكرَّر صل الله عليه وسلم القول قائلا: لعلك قبَّلت، لعلك فاخذت، لعلك ضاجعت وهي تصرُّ على قولها مؤكدة اعترافها: زنيت. فقال صل الله عليه وسلم : ما الذي دعاك إلى هذا الاعتراف؟!! قالت سمعتك تقول: ( من أقيم عليه الحد في الدنيا لم يعذبه الله عزوجل به يوم القيامة). فهي تريد أن تطهر خوفًا من عذاب الله عزوجل يوم القيامة.
فأراد صل الله عليه وسلم ، أن يلتمس لها المعاذير، والنيابة المحمدية دائما في جانب المتهم تلتمس له مخرجًا، وتحاول أن تجد له عذرًا، لأنها لا تريد أن تعذِّب أحدًا، أو تحكم على أحد بغير حق، لقوله صل الله عليه وسلم : (لأن يخطئ الإمام في العفو، خير من أن يخطئ في العقوبة). أي لأن يخطئ فيحكم بالبراءة على مجرم، خير من أن يحكم بالعقوبة على برئ، فيكون إثماً كبير يوم لقاء العلي الكبير، فقال لها صل الله عليه وسلم : هل بعقلك شئ؟ قالت: يا رسول الله إني حامل. فقال صل الله عليه وسلم : من الذي يتولى أمرها: قالوا عمها. قال ائتوني به. فلما جاء قال له: خذها وأكرمها ولا تهنها حتى تضع ما في بطنها، فلما أتمت الوضع جاءت وكرر عليها الاعتراف مرة أخرى فثبتت على اعترافها، فقال لوليها: خذها حتى تتم رضاع طفلها حولين كاملين، ثم ائتني بها، فجاءت بعد العامين وقرَّرها فأصرَّت على الاعتراف، فقال: حتى يكبر الطفل، فقالت: يا رسول الله إنه قد فطم ويأكل وحده. وأشارت إلى الطفل وبيده قطعة خبر يأكلها فقال صل الله عليه وسلم : أقيموا عليها الحد.
وبينما القوم يرجمونها بالحجارة، أصابت قطرة دم منها ثوب سيدنا خالد بن الوليد فسبَّها، فغضب رسول الله صل الله عليه وسلم وقال: (لقد تابت توبة، لو وزِّعت على أهل المدينة جميعًا لوسعتهم).
من الذي يبني هذه المراقبة الإيمانية في قلب ابني؟!!
لا المدرسة، ولا الدروس الخصوصية التعليمية!! وإنما الدروس الخصوصية الإيمانية التي نتعلمها من الجامعة القرآنية، ومن قناة التليفزيون الإيمانية؛ فهي التي تبني عند الأولاد مراقبة الله، وتجعلهم يراقبون الله عزوجل في السرِّ والعلانية، والجهر والخفاء، وهؤلاء حتى ولو كانوا فقراء فلا تخشى عليهم لقول الله عزوجل :
} وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ
فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا { [9- النساء].
أما الذي كافحت معه حتى تخرج من الجامعة وأصبح في منصب كبير، ولم يحصل على شهادة مراقبة الرقيب عزوجل ، فإنه يتعرض للأهواء، وقد يسير في طريق الفحشاء، أو تحتوشه شياطين الإنس، فيكون مصيره جهنم، وهناك يتعلق بك، ويكون الأمر كما قال صل الله عليه وسلم فيما رواه الطبراني:
(إذا كان يوم القيامة يتعلق بالرجل أهله وذويه ويقولون:
يا ربنا خذ لنا بحقنا من هذا،
فيقول الله عزوجل : وما ذاك؟ فيقولون كان يطعمنا من الحرام،
ولم يعلمنا أحكام الإسلام).
فلو درَّبت أولادك يا أخي على مراقبة الله، وعلمتهم قيم الإيمان، ونزعت بعنايتك، وأخرجت بحسن تربيتك، واقتلعت بحسن طريقتك في توجيههم ما في صدورهم من غلِّ وحقد لبعضهم أو لجيرانهم، أو لأقاربهم وأحبابهم، فأطمأن كل الاطمئنان أنهم سيعاملون بقرار الحنان المنان:
} مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً - في الدنيا - وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ - في الآخرة {
[97- النحل]. وتدخل أنت في قوله صل الله عليه وسلم :
(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية،
أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).
فإذا ربيتهم على تعاليم الرحمن، وأجلستهم على مائدة القرآن، وحببتهم في الصفات والخصال التي أثنى على أهلها القرآن، وبغَّضت إليهم الأخلاق والأفعال التي حذَّر منها القرآن، ونفَّر منها النبي العدنان، فسيأتون في ميزان حسناتك يوم لقاء حضرة الديان فيكون عملهم شافع لك، ويكون لك مثل أجرهم جميعًا، لأنك السبب في هذه الأعمال، والأصل في غرس هذه الخصال والفعال، فقد كان منك هذه العناية، وبك نالوا تلك الرعاية، والله لا يضيع أجر من أحس
رابعا: جهاد النفس [5]
لن يستطيع شبابنا مقاومة التيارات الإلحادية المعاصرة، أو مواجهة أتون الشهوات المستعرة، أو الوقوف أمام تيارات المادة الجارفة، إلا بجهاد النفس على وفق الشريعة المطهرة، وغرس مُثلها وقيمها في قلوبهم، لتكون هي الحصن الذي يتحطم عليه كل التيارات الوافدة. فإن الانتصار في ميدان القتال في زمننا صار سهلاً لأنه يتم بواسطة المدافع والدبابات والطائرات وغيرها من وسائل الدمار، لكن التغلب على نزعات النفس وحظوظها وأهوائها ورغباتها هو الذي يحتاج إلى الجهاد الأعظم جهاد النفس.
فنحن لا نحتاج لإصلاح أحوال مجتمعنا لتغيير اللوائح والقوانين، بقدر حاجتنا الماسة إلى تغيير ما بالنفوس لقول الله عزوجل فى[11- الرعد].:
} إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ {
فالذي بالنفس ويجعلها ترضخ للمغريات، وتُقبل على الشهوات، وتنسلخ من مبادئها، هو الطمع والشح، والحرص والشَّره، والغفلة والحقد، والحسد والغل، وغيرها من الصفات الذميمة ولا تتغير النفس من نفس أمّارة أو خبيثة إلى نفس لوامة أو مطمئنة إلا بالتخلي عن هذه الصفات، واقتلاع هذه الآفات مصداقًا لقول الله عزوجل فى [47- الحجر]. :
} وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ {
فكل صفات النفس التي تحجبها عن الأنوار، وتُقعدها عن متابعة النبي المختار، وتجعلها تخلد إلى دار البوار، يجب على شبابنا التنبه إلى أخطارها، والعمل على اقتلاعها من جذورها، فالنفس كما قال الإمام أبو العزائم رضى الله عنه في شأنها: هي النفس للداني تحنُ وترغب وللعاجل الفاني تميل وتطلب
هذه النفس كيف نعالجها؟ وكيف نقضي على شرورها ونزغاتها؟ أباللوائح والقوانين؟ أم بالدبابات والمدافع؟ لا هذا ولا ذاك. أنستطيع أن نُقَوِّمَهَا بالعلم الحديث؟ كلاَّ!!! فإن أوربا جعلت العلم المادي إلهاً يعبدونه من دون الله، ويدَّعون أنه يهيمن على كل شئ، فإذا سألناهم: ما رأي العلم الحديث في تعاطي الخمر؟قالوا: يحرمها ويجرمها - لأسباب كثيرة يضيق حيّز هذه الصفحات عن ذكرها - فلماذا تشربوها رغم كشف العلم عن مضارها؟! وهذا أيضًا رأي العلم في الزنا وغيرها من منكرات الطباع والأخلاق، ولكن العلم وحده ليس عنده القوة التي تدفعني إلى هذه المجاهدات وتلك المكابدات، .... لكن الذي يدفعني لها نور القرآن، وهدي النبي العدنان، وصلابة الإيمان.
تم نقل الموضوع من كتاب (تربية القرآن لجيل الإيمان)
http://www.fawzyabuzeid.com/news_d.php?id=169
 
أعلى