• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

جرائم تقرير غولدستون ومحمود عباس يؤجل لماذا

ابوشدى

Moderator
جرائم تقرير غولدستون ومحمود عباس
جرائم تقرير غولدستون ومحمود عباس

وما هو المطلوب الآن ؟

أ. د. محمد الحموري
المحامي

تمهيد وتقديم:
من حق كل عربي أن يستوقفه ملياً القرار الذي أصدره مجلس حقوق الإنسان بتأجيل التصويت على ما ورد في تقرير غولدستون لستة أشهر قادمة. ذلك أن التقرير ينطق بحقيقة ما وقع على غزة والشعب الفلسطيني فيها من جرائم إسرائيلية، منصفاً بذلك، وفي كثير من جوانبه، الحق الفلسطيني. وترجع أهمية التقرير إلى أن الذي تولت إعداده بعثة – لجنة – تتكون من خبراء دوليين برئاسة قاضي يهودي من جنوب إفريقيا هو ريتشارد غولدستون، الذي كان قد عمل قاضياً بالمحكمة الدستورية لجنوب إفريقيا، ومدعياً عاماً للمحكمتين الجنائيتين الدوليتين في يوغسلافيا السابقة ورواندا. أما الأعضاء الثلاثة الآخرون في البعثة – اللجنة - فهم، الأستاذة الجامعية كريستين تشينكين، أستاذة القانوني الدولي بكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، والسيدة هيناجيلاني، المحامية لدى المحكمة العليا لباكستان والممثلة الخاصة سابقاً للأمين العام للأمم المتحدة بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، والعقيد ديزموند ترافيرس، وهو ضابط سابق في قوات الدفاع الإيرلندية وعضو مجلس إدارة معهد إدارة التحقيقات الجنائية الدولية.
والغاية من التقرير الذي تم إعداده من قبل البعثة – اللجنة - بتكليف دولي، هي التحقق مما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت جرائم دولية واستخدمت أسلحة محرمة دولياً ضد شعب غزة.
يقع التقرير في (575) صفحة، ومقسم إلى (31) فصلاً، ويتضمن سرداً تفصيلياً لما حدث من وقائع أثناء الحرب على غزة، ويبين ما يعتبر جرائم من هذه الوقائع، مع بينات وأدلة على كل جريمة، ومدى انتهاك إسرائيل للقواعد الدولية، واستهتارها بحق الأفراد والمدنيين ومؤسساتهم المدنية، ونوع الأسلحة والمتفجرات التي استعملت في ارتكاب هذه الجرائم. وقد كان التقرير واضحاً في مطالبته بمحاسبة إسرائيل أمام العدالة الدولية لارتكابها جرائم حرب وإبادة في غزة، واستخدامها لأسلحة يعاقب عليها القانون الدولي، وحدد (36) حالة واضحة المعالم والبيِّنات ارتكب فيها الجيش الإسرائيلي جرائم حرب ومارس القتل العشوائي في غزة، دون تفرقة بين أهداف مدنية وأهداف عسكرية، وأكد أن جميع السكان في غزة كانوا أهدافاً للجيش الإسرائيلي، ومثل هذه الجرائم يختص بنظرها والحكم فيها القضاء الدولي، والقضاء الوطني للدول التي تنص قوانينها على اختصاص محاكمها بنظر جرائم الحرب. وترجع الأهمية الكبرى للتقرير، إلى أنه كان من شأنه، لو تم إقرار ما ورد فيه من توصيات، إحالة قادة سياسيين وعسكريين إسرائيليين إلى محكمة الجنايات الدولية بجرائم واضحة، وبينات وأدلة عليها تقطع بارتكابها، وما يسند هذه الإحالة إلى المحكمة من أسس وقواعد محددة في القانون الدولي. وما كانت هذه الإحالة يمكن أن تحدث عن طريق مجلس الأمن بسبب حق الفيتو الأمريكي، في حين أنه ليس لأي دولة حق الفيتو في مجلس حقوق الإنسان.
وفي هذا المجال فإن البند السابع من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (60/250) تاريخ 3/4/2006 نص على أن يتكون مجلس حقوق الإنسان من أعضاء يمثلون (47) دولة، يخصص لمجموعة الدول الإفريقية (13) عضواً، ولمجموع الدول الآسيوية (13) عضواً، ولمجموعة الدول اللاتينية والكاريبي (8) أعضاء، ولمجموعة دول أوروبا الشرقية (6) أعضاء، ولمجموعة دول أوروبا الغربية وباقي دول العالم (6) أعضاء. ويتم انتخاب الدول الأعضاء في المجلس لمدة ثلاث سنوات، بقرار يصدر بالأغلبية عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب تصويت سري مباشر.
أما القرار الذي اتخذه مجلس حقوق الإنسان بتأجيل النظر بتقرير غولدستون، فهو قرار سياسي، شأنه في ذلك شأن القرارات التي يصدرها مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة. لكن هذا التأجيل، حرم الشعب الفلسطيني من إحالة جرائم إسرائيل إلى محكمة وظيفتها الأساسية نظر مثل تلك الجرائم الواردة في التقرير هي محكمة الجنايات الدولية. على أن قرار التأجيل لا ينفي ما ورد في التقرير من جرائم إرتكبها قادة إسرائيل في غزة، كما لا ينتقص من صدقية الأدلة والبينات الدامغة التي تثبت هذه الجرائم. وحيث أن البينات والأدلة الواردة في التقرير تؤكد مقارفة القيادات الإسرائيلية المدنية والعسكرية لتلك الجرائم، فإن ما ورد في التقرير لو عرض على أي قضاء له اختصاص بنظر الجرائم الواردة فيه، فإن الأدلة والبينات سوف تؤكد قناعة أولية ومنذ البداية لدى هذا القضاء تجعله يصدر قراراً بتوقيف المتهمين بتلك الجرائم إلى حين إصدار الحكم النهائي. وهذا هو السبب الأساسي الذي أدى إلى تواطؤ عدد من الجهات لتأجيل نظر مجلس حقوق الإنسان بما ورد في التقرير.
وما دامت إسرائيل والمسؤولون فيها محلاً للإتهام في التقرير، فإن التواطؤ يكون قد صدر من جهات أخرى لتحقيق مصلحة إسرائيل وحدها دون غيرها. وأول هذه الجهات هي أمريكا ومن يأتمر بأمرها، وهذه الأمريكا أصبحت تخضع فعلاً وتستجيب للضغط الإسرائيلي، ولكل ما يحقق مصلحة إسرائيل، وبالتالي فهي وإسرائيل في خندق واحد، رغم أن العديد من الدول العربية تقبل بهذه الأمريكا كوسيط في الموضوع الفلسطيني وهي تعلم انحيازها الواضح لإسرائيل.
لكن الطرف المتواطئ الآخر، هو طرف فلسطيني، الذي ظهر أمام الجهات الدولية بأنه يمثل الشعب الفلسطيني، وتحديدا السيد محمود عباس الذي مارس صلاحيات رئيس السلطة الفلسطينية وكذلك دائرته الضيقة في هذا المجال. وإذا كان السيد عباس يدّعي، كعذر لما قام به، أن القرار بالتأجيل قد تم اتخاذه بموافقة الدول العربية، فإن هذا عذر أقبح من ذنب، فضلاً عن أنه غير صحيح، إذ أن تصريح وزير الخارجية المصري يوم 5/10/2009 بأن مصر علمت بطلب التأجيل بعد اتخاذ القرار، وتصريح عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية قبله بأنه لا علم لديه بموضوع طلب التأجيل، يجعل السيد عباس غير صادق فيما صدر عنه، هذا فضلاً عن أنه يظل مسؤولاً حتى ولو وافقت الدول العربية معه على طلب التأجيل، لأن السلطة التي يرأسها، هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وحتى يتضح حجم المأساة التي لحقت بالقضية الفلسطينية وشعب فلسطين بسبب فعلة عباس وما ينبغي القيام به، نعرض ما يلي:
أولاً: أمثلة من جرائم الحرب الإسرائيلية التي أثبت تقرير غولدستون وقوعها على غزة، ومع ذلك قرر محمود عباس العفو عن الذي قارفها:
يقع التقرير، كما أسلفنا، في (575) صفحة ومقسم إلى (31) فصلاً، وفي الجزء الأخير منه، هناك موجز تنفيذي يقع على (27) صفحة يتضمن خلاصة لجميع الفصول. ويؤكد البند (16) من الموجز التنفيذي أن بعثة غولدستون وجدت أمامها عدداً كبيراً للغاية من الحوادث الجرمية التي وقعت في غزة، وتمكنت من التحقق من (36) حالة جرمية منها، مبينة أن البعثة ترى أن ما ورد في التقرير يوضح الأنماط الرئيسية للانتهاكات التي حدثت. وحتى نتبين خطورة ما فعله عباس نورد فيما يلي نماذج من الانتهاكات وجرائم الحرب التي يوجب القانون الدولي معاقبة إسرائيل على اقترافها بحق الشعب الفلسطيني في غزة:
1. وفقاً للبند (32)، دمرت إسرائيل مبنى المجلس التشريعي والسجن الرئيسي في غزة تدميراً كاملاً، وترفض البعثة الادعاء الإسرائيلي بأن المبنيين استخدما لأغراض عسكرية، وترى اللجنة أن إسرائيل شنت على المبنيين هجمات متعمدة رغم أنهما أهداف مدنية، وتؤكد أن ما قامت به إسرائيل "يشكل إنتهاكاً للقانون الإنساني الدولي ... وتشير هذه الوقائع كذلك إلى ارتكاب خرق خطير يتمثل في التدمير الواسع النطاق للممتلكات، الذي لا تبرره ضرورة عسكرية والذي تم القيام به على نحو غير مشروع ومفرط".

2. وفقاً للبندين (33 و 34)، شنت إسرائيل هجمات على مراكز الشرطة، وقتلت منهم (240) شرطياً بالإضافة إلى أعداد من المدنيين المتواجدين بالقرب من هذه المراكز. وترى اللجنة أن أعمال الشرطة ذات طابع مدني، وترفض ادعاءات إسرائيل بالدور العسكري الحربي لهؤلاء، ولذلك فإن ما قامت به إسرائيل "يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني".

3. وفقاً للبند (38)، شنت إسرائيل بتاريخ 15/1/2009 هجمات على مجمع المكاتب الميداني لوكالة الأمم المتحدة (الأونروا) الذي يتيح المأوى لما بين (600 و 700) شخص من المدنيين ويتضمن مستودعاً ضخماً للوقود، مستخدمة ذخائر عالية التفجير وذخائر الفسفور الأبيض، واستمر القصف الإسرائيلي لساعات متواصلة، "على الرغم من تنبيهها بشكل كامل للأخطار التي أحدثتها، وتخلص البعثة إلى أن القوات المسلحة الإسرائيلية قد انتهكت ما يتطلبه القانون الدولي الإنساني".

4. وفقاً للبندين (39 و 40)، قامت إسرائيل على نحو مباشر ومتعمد بمهاجمة مستشفى القدس في غزة، ومستودع سيارات الإسعاف المجاور، ومستشفى الوفاء في غزة، باستخدام الفسفور الأبيض، "وخلصت البعثة بالاستناد إلى معلومات جمعتها إلى حدوث انتهاك للحظر المفروض على شن هجمات على المستشفيات المدنية". [أي الحظر الذي تفرضه اتفاقيات جنيف].

5. وفقاً للبندين (41 و 42)، شنت إسرائيل هجوماً بقصف مفترق طرق الفاخورة في منطقة جباليا بالقرب من مدرسة تابعة للأونروا كانت تأوي في ذلك الوقت (1368) شخصاً، "وترى البعثة أن هذا الهجوم كان عشوائياً، مما يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وأنه قد انتهك حق الحياة للمدنيين الفلسطينيين الذين قتلوا في هذه الأحداث".

6. وفقاً للبنود (43-46)، شنت القوات المسلحة الإسرائيلية هجمات مباشرة على (11) هدفاً، تأكدت البعثة أن منها (10) أهداف مدنية تمثلت في منازل في منطقة الساموني جنوب مدينة غزة، ومنزل جمعت القوات الإسرائيلية المدنيين فيه وقصفتهم، وسبعة منازل يقف سكانها أمامها وهم يلوحون بالعلم الأبيض بناء على التعليمات الإسرائيلية للأهالي، ومنعت قوات إسرائيل في أغلب الحوادث إخلاء الجرحى أو إتاحة وصول سيارات الإسعاف إليهم، وقصفت أحد المساجد أثناء صلاة المغرب مما أدى إلى قتل (15) شخصاً ... الخ، وبشكل متعمد على سكان مدنيين:
"وتخلص البعثة، استناداً إلى الوقائع المتحقق منها في جميع الحالات المذكورة أعلاه، إلى أن سلوك القوات المسلحة الإسرائيلية، يشكل خرقاً لاتفاقية جنيف الرابعة من حيث القتل العمد والتسبب عمداً في إحداث معاناة كبيرة للأشخاص المحميين [أي الذين تحميهم اتفاقية جنيف]، وعلى ذلك فإنه ينشىء المسؤولية الجنائية الفردية [أي مسؤولية شخصية لكل من خطط للقتل أو أمر به أو نفذه]، وهي تخلص أيضاً إلى أن الاستهداف المباشر والقتل التعسفي للمدنيين الفلسطينيين يشكل انتهاكاً للحق في الحياة".
7. ووفقاً للبنود (50-54)، تأكدت البعثة من قيام إسرائيل بتدمير بنية أساسية صناعية ووحدات لانتاج الأغذية ومنشآت مياه ووحدات لمعالجة الصرف الصحي، ومطحن الدقيق الوحيد، ومزارع الدجاج، واستخدمت القصف الجوي والقصف بقذائف الهاون والمدفعية والصاروخية لإحداث التدمير المنهجي الواسع النطاق للمباني المدنية والممتلكات والقتل، وعلى نحو يشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني وبشكل متعمد وعن سبق إصرار، وخرقاً لاتفاقية جنيف الرابعة.

8. ووفقاً للبند (55)، فإن البعثة تأكدت من أن القوات المسلحة الإسرائيلية أجبرت مدنيين فلسطينيين تحت تهديد السلاح على استخدامهم دروعاً بشرية وهم معصوبو الأعين ومقيدين بالسلاسل والأصفاد، وذلك بالمخالفة للقانون الدولي الإنساني، مما يجعل ما قام به الإسرائيليون جريمة حرب في القانون الدولي.

9. وفقاً للبند (67)، دمرت إسرائيل (3354) منزلاً تدميراً كاملاً، كما أصابت (11112) منزلاً بأضرار جزئية، وجميعها أهدافاً مدنية يحرم القانون الدولي الاعتداء عليها.

10. ما سبق هو مجرد أمثلة للجرائم التي أثبتها تقرير غولدستون وقرر السيد محمود عباس العفو عن مرتكبيها، أما باقي الجرائم فتتكفل بسردها باقي البنود، حيث يبلغ عدد بنود الموجز التنفيذي (130) بنداً، وهي جرائم يندى لها الجبين الإنساني.

ثانياً: المحاسبة الدولية التي يقترحها تقرير غولدستون لإسرائيل، ولماذا:
1. يؤكد البند (117) من التقرير أن من الضروري إجراء التحقيقات مع المشتبه باقترافهم الجرائم بحق الشعب الفلسطيني في غزة، وتقديمهم للمحاكمة، لارتكابهم انتهاكات خطيرة ضد حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، من أجل منع نشوء جو قوامه الإفلات من العقاب، وعلى الدول بموجب القانون الدولي واجب التحقيق في الادعاءات المتعلقة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.

2. كما يؤكد مطلع البند (121) أن قانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الإنساني الدولي، يتطلب التحقيق مع الأفراد العسكريين ومحاكمتهم عند إقدامهم على الانتهاكات الخطيرة، وبموجب القانون الدولي فإن إجراءات التحقيق والمحاكمة ينبغي أن تتسم بالامتثال لمعايير النزاهة والاستقلالية والاستعجال والفعالية.

3. ومن خلال سرد التقرير لوقائع كثيرة ومحددة تؤكد عدم صدقية ونزاهة التحقيق الذي تقوم به إسرائيل فيما يقع على الفلسطينيين، أورد عجز البند (121) من التقرير النص التالي:
"وتؤكد البعثة أن نظام التحقيق الإسرائيلي ... لا يمتثل لمبدأي النزاهة والاستعجال في التحقيقات المسلم بها دولياً".
4. وتعزيزاً لما ورد في عجز البند (121) أورد التقرير النص التالي في البند (122):
"وتخلص البعثة إلى أنه توجد شكوك جدية حول استعداد إسرائيل لإجراء تحقيقات بطريقة نزيهة ومستقلة وعاجلة على نحو ما يتطلبه القانون الدولي. ومن رأي البعثة أيضاً أن النظام الإسرائيلي على وجه الإجمال يتصف بصفات تمييزية متأصلة فيه تجعل من سبل نيل العدالة أمام الضحايا الفلسطينيين أمراً بالغ الصعوبة".
5. وبالنظر إلى عدم ثقة بعثة غولدستون بنزاهة وسلامة أي تحقيق تجريه إسرائيل في موضوع جرائم غزة، وعدم إمكانية الحصول على عدالة للحق الفلسطيني فيها، فإن التقرير يطالب المجتمع الدولي بأن يتحمل مسؤوليته في تقديم المسؤولين عن جرائم غزة إلى القضاء الدولي كسبيل متاح، وتعويض المتضررين عما لحق بهم من أضرار، عندما نص البندان (127 و 128) على ما يلي:
"في سياق القدر المتزايد من عدم استعداد إسرائيل لفتح تحقيقات جنائية تمتثل للمعايير الدولية، فإن البعثة تدعم الاعتماد على الولاية العالمية كسبيل متاح أمام الدول للتحقيق في انتهاكات أحكام اتفاقيات جنيف لعام 1949 المتعلقة بارتكاب خروق خطيرة، ولمنع الإفلات من العقاب، وللنهوض بالمسؤولية الدولية ... ويتعين على المجتمع الدولي أن يتيح آلية إضافية أو بديلة للتعويض عن الأضرار أو الخسائر التي تكبدها المدنيون الفلسطينيون أثناء العمليات العسكرية".
ثالثاً: الآثار الخطيرة لقرار محمود عباس بتأجيل إصدار مجلس حقوق الإنسان لقرار بشأن التقرير:
إن تأجيل إصدار مجلس حقوق الإنسان لقرار بشأن تقرير غولدستون يعني ما يلي:
1. إن كلاً من إسرائيل وأمريكا كانت على ثقة بأنه لو تم التصويت على ما ورد في التقرير لكان المجلس قد أصدر قراراً ضد إسرائيل، مما يعني تنفيذ التوصية الواردة في هذا التقرير بإحالة الجرائم الإسرائيلية في النهاية إلى المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي اضطرار المدعي العام لهذه المحكمة لإصدار مذكرات بتوقيف المتهمين من القادة الإسرائيليين تمهيداً لمحاكمتهم، بموجب الأدلة والبينات القاطعة في التقرير. ولثقة إسرائيل وأمريكا بأن التصويت في مجلس حقوق الإنسان من شأنه أن يحصل على أغلبية لصالح التقرير، استجاب الطرف الفلسطيني للضغوطات وطلب من مندوب باكستان إرجاء النظر في التقرير لستة أشهر أخرى على النحو الذي حدث.

2. إن تأجيل نظر مجلس حقوق الإنسان في التقرير لستة أشهر قادمة، يعني إفادة إسرائيل من فتور حماس الدول الأعضاء لموضوع غزة من ناحية، ومن ناحية أخرى، تمكين الرأي العام العالمي من النسيان التدريجي لما قامت به إسرائيل، وفقدان الموضوع للأولوية التي تحيط به الآن، خاصة وأن المستجدات الساخنة التي تحدث على الساحة الدولية كل يوم، قد يكون لها الأولوية لاحقاً. ومن ناحية ثالثة، وهذا هو الأهم، إعطاء الفرصة لأمريكا وإسرائيل لتمارس ضغوطها على الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، لتكون النتيجة إفلات إسرائيل من الإدانة والعقاب. وهذا ما أكده ريتشارد فولك مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، وهو يهودي أيضاً، عندما قال "إن السلطة الفلسطينية مكنت إسرائيل من الإفلات من الإدانة الدولية".

3. وحتى الطلب الذي تقدمت به ليبيا إلى مجلس الأمن لعرض موضوع التقرير عليه وتحمست له السلطة الفلسطينية لتغطية سلوكها المشين، فإن ذلك لن يجد نفعاً، لأن أمريكا في النهاية سوف تستخدم حق الفيتو، وتمنع صدور قرار ضد إسرائيل. أما الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تم تكليف المجموعة العربية لعرض التقرير عليها والوصول إلى قرار يحيل الجرائم الإسرائيلية إلى المحكمة الجنائية الدولية، فإنني أخشى أن يكون من باب امتصاص نقمة الشارع العربي.

وفي المحصلة: إذا كان غولدستون اليهودي الصهيوني قد هزته جرائم إسرائيل في غزة، وطالب المجتمع الدولي، ممثلاً بمجلس حقوق الإنسان، مباشرة الإجراءات الجنائية الدولية بحق قادة إسرائيل، فهل يمكن أن يكون هناك ما هو أكثر خطورة على حقوق الشعب الفلسطيني من قرار محمود عباس الذي اتخذه لإفلات إسرائيل من العقاب والمسؤولية الجنائية الدولية !!!
رابعاً: ما قام به عباس يشكل جريمة الخيانة المنصوص عليها في قانون العقوبات الثوري الفلسطيني:
1. إن الجرائم التي أثبتها تقرير غولدستون هي جرائم حرب، وقعت بحق مواطنين فلسطينيين من أبناء غزة وبممتلكاتهم ومؤسساتهم، وهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم وفقاً للإتفاقيات الدولية. أما صاحب الإختصاص بنظر هذه الجرائم، فهو المحاكم الدولية والوطنية. ولا يستطيع السيد عباس أياً كان المركز الذي يشغله ومهما كانت شرعية هذا المركز، أن يتنازل عن حق شخصي لفلسطيني واحد ارتكبت بحقه جريمة حرب بأسلحة محرمة دولياً، أو تأجيل حق هذا الشخص في الحصول على حكمٍ عادل من القضاء في هذا الشأن. ويكون السيد عباس فيما قام به قد ارتكب جريمة يرد عليها التعدد المعنوي للجرائم. فهو من ناحية يكون قد تواطأ مع عدوٍٍ شنّ حرباً على شعبه من أجل أن يفلت هذا العدو من العقاب، وفعل التواطؤ هذا يشكل جريمة الخيانة بحق الشعب الفلسطيني الواردة أوصافها في الفصل الثاني من قانون العقوبات الثوري الفلسطيني، وبشكل خاص المادة (130/ب) التي تنص على أن "يعاقب بالإعدام كل من أقدم على عمل عدواني ضد الثورة الفلسطينية، وإن لم ينتم إلى جيش العدو"، والمادة (132) التي تنص على "يعاقب بالإعدام كل من اتصل بالعدو ليعاونه بأي وجه كان على فوزه على الشعب الفلسطيني".
وبالتأكيد، فإن تمكين العدو الإسرائيلي الذي اقترف جرائم غزة من الإفلات من العقاب الدولي، يشكل عملاً عدوانياً على الشعب الفلسطيني والثورة الفلسطينية، ومعاونة للعدو الإسرائيلي للفوز على الشعب الفلسطيني والثورة الفلسطينية.

2. كما أن السيد عباس بما قام به يكون قد أعطى من لا يستحق وهو قادة إسرائيل، حقاً شخصياً يملكه كل فلسطيني في غزة وقعت عليه جريمة وينشد العدالة في ملاحقة المجرم، في حين أن عباس لا يملك هذا الحق في أي شريعة سماوية أو قانون أرضي. ويلاحظ أن أقصى ما تملكه السلطة في أي دولة من دول العالم، في موضوع الجرائم العادية وليس جرائم الحرب، التي تقع من فرد على آخر من أفراد شعبها، هو التنازل عن الحق العام وحده، أما حقوق الأشخاص للوصول إلى العدالة في الجرائم العادية، فإن دساتير دول العالم وقوانينها تجعل حق الفرد الذي وقعت عليه الجريمة في اللجوء إلى القضاء حقاً مقدساً لا تستطيع المساس به أية سلطة حاكمة. أما في حالة جرائم الحرب التي تقع على الشعب فهي جرائم لا يلحقها التقادم ولا تملك سلطة الدولة التنازل عن الملاحقة القضائية فيها. ولذلك فإن عباس فيما قام به يكون قد ارتكب جريمة التضحية بحقوق مواطنيه لمصلحة العدو الإسرائيلي الذي قارف الجرائم بحقهم.

3. وفوق ما سبق، فإن فعل عباس يعطي لما قام به وصفاً جرمياً ثالثاً وهو ارتكابه لجريمة بحق كل فلسطيني من أبناء غزة ينشد العدالة فيما أصابه، هي جريمة إنكار العدالة الدولية على هذا الفلسطيني، التي كان سيحصل عليها وفقاً لتقرير غولدستون، أو على أقل تقدير تعطيل سير العدالة التي ينشدها الفلسطيني من المجتمع الدولي بموجب التقرير المذكور.

4. وتكون جريمة السيد عباس أكثر شدة وأكبر حجماً، أي اقترنت بظرف مشدد، إذا ما علمنا بأن السيد عباس قد انتهت ولايته وفق الدستور الفلسطيني كرئيس للسلطة الفلسطينية اعتباراً من 9/1/2009. وهذا الانتهاء كانت قد توصلت إليه لجنة خبراء قانونيين دوليين من بريطانيا وفرنسا وسويسرا وجنوب أفريقيا، وكنت أحد الخبراء فيها، حيث قدمت تقريرها بتاريخ 27/1/2009 إلى مؤسسة مساواة الفلسطينية في رام الله، وهي مؤسسة ذات بعد دولي لرعاية التطبيق السليم للقانون، وتم توزيعه على جميع المؤسسات الرسمية الفلسطينية، بما فيه محمود عباس نفسه ومجلس وزرائه. وبهذا يكون السيد عباس مغتصباً للسلطة، وقارف جريمته بالأوصاف السابقة أثناء هذا الاغتصاب الذي يشكل ظرفاً مشدداً لجريمة عباس وعقوبته.

5. وإذا كانت الأخبار التي تناقلتها الصحف والفضائيات ووكالات الأنباء صحيحة حول قيام العقيد الإسرائيلي إيلي أفراهام بإطلاع السيد عباس وأعوانه على شريط فيديو مسجل يؤكد أن السيد عباس طلب من وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، بحضور وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، استمرار الحرب على غزة وبشكل خاص على مخيمي جباليا والشاطئ، المعقل الأساسي لناخبي حماس، وهدده بكشف المستور إن لم يؤجل النظر بالتقرير واستجاب لهذا الابتزاز، فإن محمود عباس، بالإضافة إلى جريمة الخيانة، يكون شريكاً لا محالة في الجرائم الإسرائيلية الواردة في تقرير غولدستون، وينبغي على كل من يرفع دعاوى على قادة إسرائيل كفاعلين أصليين للجرائم أمام أي محكمة، أن يدرج اسم عباس في لوائح هذه الدعاوى كشريك في تلك الجرائم.

خامساً: حق كل متضرر من أبناء غزة بملاحقة إسرائيل دولياً بجرائم الحرب التي وقعت عليه:
1. بالنظر إلى أن قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتأجيل النظر في التقرير قد حرم الشعب الفلسطيني من ممارسة المحكمة الجنائية الدولية لاختصاصها بنظر الجرائم الواردة في تقرير غولدستون، فإنه ينبغي التعامل مع هذا القرار باعتباره قراراً سياسياً، من حيث أنه منعدم التأثير على الأدلة والبينات التي تثبت إرتكاب قادة إسرائيل لجرائم الحرب على غزة، ويظل من حق من وقعت عليهم الجرائم أو من حق ذويهم تقديم تقرير غولدستون كوثيقة دامغة إلى أي محكمة مختصة يلجأون إليها ليكون سنداً أساسياً لتلك المحكمة في توجيه الاتهام وإجراء المحاكمات لمجرمي الحرب الإسرائيليين، ومعهم محمود عباس، وفقاً لما سبق، أيضاً.

2. ويستطيع كل من وقعت عليه جريمة من أبناء غزة كما يستطيع ذووه اللجوء إلى:
1. قضاء دول الإتحاد الأوروبي لمعاقبة كل فاعل أصلي أو شريك أو محرض على إرتكاب جرائم غزة. وهناك (16) دولة في الإتحاد الأوروبي تنص قوانينها على اختصاص محاكمها بنظر جرائم الحرب والحكم فيها.
2. وقضاء (50) دولة أخرى في العالم تنص قوانينها على إعطاء محاكمها اختصاصاً جزائياً دولياً.
وفي هذا المجال، فإنه يمكن الإفادة من:
= إتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية لمجلس أوروبا الموقع عليها تباعاً من (46) دولة أوروبية غربية وشرقية إبتداءً من 1/2/1971.
= إتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب الموقعة عام 1968.
جـ- كما يمكن اللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحماية حقوق الإنسان إذا تم التعامل بالموضوع بحرفية ومهنية عالية أمام هذه المحكمة.
أما المحكمة الجنائية الدولية، فهذه يصعب اللجوء إليها من خلال بوابة مجلس الأمن، لأن حق الفيتو الأمريكي سوف يمنع من اتخاذ أي قرار بعرض الجرائم الإسرائيلية على هذه المحكمة. كما أن محكمة العدل الدولية هي محكمة حقوق ولا يدخل في اختصاصها القضايا الجزائية، ومن ثم فلا مجال للحديث في موضوع الجهات المختصة بتقرير عرض المنازعات عليها. وهنا لا يبقى سوى باب الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يمكن الوصول من خلاله إلى عرض الجرائم الواردة في التقرير إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولكن هل يمكن للدول العربية فتح هذا الباب والدخول منه؟ وجوابي هنا هو أن موقف بعض الدول العربية أمام مجلس حقوق الإنسان في موضوع تقرير غولدستون، يجعلني أشك في ذلك.
سادساً: أما الأساس القانوني لتجريم إسرائيل، فهو القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وبشكل خاص:
1. إتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، حيث تنص على ما يلي:
المادة (3):
"بموجب هذه الإتفاقية يحظر الإعتداء على حياة المدنيين وسلامتهم البدنية وبخاصة القتل بجميع أشكاله والتشويه والمعاملة القاسية".

المادة (53):
"ويحظر كذلك تدمير أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات أو سلطات عامة أو منظمات اجتماعية أو تعاونية".
2. بروتوكول ملحق باتفاقية جنيف بشأن سلامة المدنيين أثناء الحرب والمنازعات المسلحة الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 14/12/1974، حيث ينص على ما يلي:
المادة (1):
"يحظر الاعتداء على المدنيين وقصفهم بالقنابل، وتعتبر هذه الأعمال مدانة من المجتمع الدولي".
المادة (2):
"يشكل استعمال الأسلحة الكيماوية والبترولوجية أثناء العمليات العسكرية أفدح الانتهاكات لبروتوكول جنيف لعام 1925 واتفاقيات جنيف لعام 1949 ومبادئ القانون الدولي الإنساني، ويكون استعمال هذه الأسلحة محل إدانة شديدة في نظر المجتمع الدولي".
المادة (5):
"تعتبر أعمالاً إجرامية جميع أشكال المعاملة القاسية واللإنسانية للمدنيين وتدمير مساكنهم وطردهم قسراً من أماكن سكناهم أثناء الحروب والنزاعات المسلحة".
وفي هذا المجال، فإن ما ورد في تقرير غولدستون من جرائم بحق أبناء غزة وما استند إليه من بينات وأدلة، ينطبق عليه الوصف القانوني للجرائم سالفة الذكر، وبالتالي يشكل ما قارفته إسرائيل انتهاكاً واضحاً لنصوص المواثيق الدولية السابقة.
سابعاً: أساس اختصاص القضاء الوطني بالنظر في جرائم إسرائيل وتوقيع الجزاء عليها لمخالفتها نصوص المواثيق الدولية السابقة:
وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، فإنه ينبغي فرض عقوبات جزائية فعالة على الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة الواردة في هذه الاتفاقية، حيث أكدت الاتفاقية ما يلي:
1. يتوجب على كل طرف من أطراف الاتفاقية ملاحقة المتهمين باقتراف المخالفات الجسيمة أو بالأمر باقترافها وتقديمهم إلى المحاكمة أياً كانت جنسيتهم.
ويلاحظ هنا أن الدول الأوروبية وغيرها من الدول التي تعطي لقضائها اختصاصاً بنظر الجرائم الدولية، موقعة على اتفاقية جنيف سابقة الذكر.
2. وعلى كل طرف من أطراف الاتفاقية أيضاً وطبقاً لأحكام قوانينه، أن يسلم هؤلاء المتهمين إلى أي طرف آخر في الاتفاقية لمحاكمتهم، ما دامت تتوافر لدى هذا الطرف الآخر أدلة اتهام كافية ضد هؤلاء الأشخاص.
ويلاحظ هنا أنه إذا رفعت دعاوى أمام المحكمة في أية دولة أوروبية أو غيرها من تلك التي يختص قضاؤها بنظر الجرائم الدولية، فإن تقرير غولدستون والوثائق المرفقة به تشكل أدلة تبعث قناعة أولية لدى هذا القضاء على وقوع الجرائم الإسرائيلية، يستطيع هذا القضاء بموجبها إصدار مذكرات إلى الدول الأخرى لتسليمها هؤلاء المتهمين، وعلى الدول الأخرى الاستجابة لتلك المذكرات.
3. ويدخل في المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية، أعمال القتل والمعاملة اللإنسانية للمواطنين والإضرار بسلامتهم البدنية أو الصحية وتدمير الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية.
ويلاحظ هنا أن تقرير غولدستون يؤكد ارتكاب قادة إسرائيل للجرائم الواردة في النص على نحو يدخلها في إطار المخالفات الجسيمة للاتفاقية، خاصة وأن التقرير يؤكد أنه لم تكن توجد ضرورات حربية تبرر تلك الجرائم.
4. والمحصلة لما سبق، وفي ضوء ما طلبه غولدستون في تقريره من حيث ضرورة تفعيل اتفاقيات جنيف، وضرورة قيام المحاكم الوطنية ذات الاختصاص الدولي بواجبها، فإنه:
أ. يحق لأبناء غزة المتضررين، تحريك الدعاوى الجزائية ضد المسؤولين الإسرائيليين، سواء رئيس وزراء أو وزير الدفاع أو قائد الجيش وغيرهم ممن قارفوا الجرائم في غزة أو أمروا باقترافها، والمطالبة بتوقيع الجزاء عليهم وبالتعويض عما لحق هؤلاء المتضررين من أضرار، انطلاقاً من الوقائع والبينات المثبتة في تقرير غولدستون.
ب. ويتم تحريك الدعوى أو الدعاوى أمام محاكم أي دولة من الدول الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، ما دام قضاؤها يختص بنظر الجرائم سابقة الذكر.
وأضيف أنه من الضرورة بمكان هنا رفع دعاوى مستقلة كل بعناصرها المختلفة أمام أي من محاكم دول الاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول، التي تعطي قوانينها لقضائها اختصاصاً دولياً على النحو السابق.
ثامناً: وأكرر ما سبق أن ناديت به وأقول:
1. لقد سبق أن وجهت نداء في هذا المجال نشرته صحيفة العرب اليوم الأردنية، وأعادت نشره نقلاً عنها عشرات الصحف العربية والمواقع الالكترونية، وأكرر هذا النداء الآن، مخاطباً جميع المنظمات والمؤسسات ذات العلاقة في فلسطين، لتوحيد جهودها والتنسيق فيما بينها، وحشد ما أمكن من الأدلة لإثبات كل جريمة من الجرائم التي اقترفها قادة إسرائيل والجيش الإسرائيلي بحق أبناء غزة، والاستعانة بالخبراء في موضوع استخدام الأسلحة والوسائل المحرمة دولياً، وذلك من أجل أن تكون مساهمة في المقاومة القانونية المطلوبة لإسرائيل. وقيام المؤسسات والمنظمات المذكورة بدورها الآن يمكن أن يضيف أدلة وجرائم أخرى إضافية لما ورد في تقرير غولدستون.
2. وأكرر أيضاً ما سبق أن اقترحته في النداء المذكور، بضرورة إنشاء مؤسسة أهلية شعبية تتكون من قيادات لها خبرتها في العمل الشعبي التطوعي، وتكون مهمتهما حشد التمويل المطلوب للمقاومة القانونية، سواء من المتمولين العرب أو غيرهم، أو حتى من الدول العربية، وذلك من أجل أن يصار إلى دفع نفقات المحامين الأجانب، الذين يتم تكليف كل منهم برفع الدعاوى كل في دولته وفقاً لنظامها القانوني، على أن يكون كل منهم مرتبطاً بطواقم من المحامين العرب الذين يكلفون بالتحضير لتلك الدعاوى، بحيث يكون دور المؤسسة التنسيق والمتابعة للملاحقة القانونية المطلوبة.
تاسعاً: إنني أتوجه إلى النائب العام الفلسطيني لأذكره بما يلي:
1. إن المادة (107) من الدستور الفلسطيني تضع على كاهلك ملاحقة الجرائم التي تقع داخل الأراضي الفلسطينية وفقاً للصلاحيات التي تعطيها لك القوانين الفلسطينية. وقد أقسمت اليمين على أن تقوم بواجبك القانوني حق قيام.

2. ووفقاً للمادة (16/أ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الثوري الفلسطيني، فإن ما قام به السيد محمود عباس يشكل جناية الجرم المشهود، لأن هذه المادة تنص على أن "الجرم المشهود هو الجرم الذي يشاهد حال ارتكابه أو عند الانتهاء من ارتكابه"، وهنا تجد أن الشعب الفلسطيني جميعه شاهد جريمة عباس أثناء اقترافها في جنيف أمام مجلس حقوق الإنسان، فضلاً عن الشعب العربي وباقي شعوب العالم.

3. ووفقاً للمواد (10، 11، 18) من القانون المذكور، فإن عليك، كواجب قانوني، تقصي الجرائم، وجمع أدلتها، وإحالة الفاعلين إلى القضاء. ووفقاً للمادة (34/أ) فإنه يدخل في اختصاصك القانوني إلقاء القبض على من اقترف جناية الجرم المشهود.

4. ولا يغرّنك أيها النائب العام ما قد يقال لك بأن هناك حصانة لرئيس السلطة، فالحصانة يسقطها الجرم المشهود لعباس عندما ارتكب جناية الخيانة أمام بصر الشعب الفلسطيني وسمعه.

5. وتذكر يا سيادة النائب العام، أن واجبك نحو وطنك وشعبك، يلقي عليك التزاماً ضميرياً وأخلاقياً قبل أن يكون قانونياً وهو ملاحقة كل مسؤول فلسطيني قرر أو أمر أو ساهم في جريمة الخيانة المتمثلة في التواطؤ مع العدو الإسرائيلي في موضوع تقرير غولدستون.

6. ومرة أخرى، لا يغرّنك إن السيد محمود عباس قد أعلن عن تشكيل لجنة للتحقيق من أجل كشف من كان وراء طلب تأجيل النظر في تقرير غولدستون. فأنت تعلم أن السيد محمود عباس بهذا قد طبق القاعدة البيروقراطية العربية ذات المفعول المؤكد عند الأخذ بها، وهي: "إذا أردت أن تقتل موضوعاً فشكل له لجنة". كما لا يغرّنك ما يصدر عن المصفقين لما يقوله محمود عباس من شركائه في السلطة. ذلك أن ما يؤكد لك أن اللجنة التي شكلها عباس هي لقتل الموضوع، أن السيد عباس يعرف جيداً جميع التفصيلات بهذا الشأن، كما يعرف ذلك أيضاً كل مسؤول فلسطيني ساهم معه في طلب إصدار القرار في تأجيل نظر مجلس حقوق الإنسان في التقرير، وتكليف باكستان بتقديم هذا الطلب، وبالتالي لا توجد حاجة للجنة تُعرّف محمود عباس بما يعرف.

7. وتستطيع أن تقطع بمراوغة عباس عند تشكيله للجنة التحقيق المذكورة، فور اطلاعك على ما نشرته صحيفة هآرتس صباح يوم 2/10، أي قبل انعقاد جلسة اجتماع مجلس حقوق الإنسان، عندما أكدت أن القيادة الفلسطينية قررت في 1/10 سحب مشروع القرار الذي يدين إسرائيل في مجلس حقوق الإنسان.

وأخيراً، كما ترى يا سيادة النائب العام، فإن الحقائق السابقة تؤكد ارتكاب جرائم بحق الشعب الفلسطيني ووطنه، وبدور قيادات فلسطينية محددة بالإسم في التآمر على هذا الشعب والوطن. وعليك أن تتحرك وتقوم بملاحقة الجناة. ومرة أخرى أقول، إياك إياك أن يستوقفك لحظة موضوع حصانة عباس أو أي مسؤول في السلطة الفلسطينية، لأن مقارنة جريمة الخيانة والتواطؤ مع العدو التي تم اقترافها أمام الشعب الفلسطيني، ومعه أبناء الأمة العربية جميعاً، فضلاً عن شعوب العالم، يسقط الحصانة. ودرءاً لحرج قد يراودك في ممارسة صلاحياتك، فإن أي شكوى يتقدم بها أي فلسطيني وقع عليه الضرر وفقاً لتقرير غولدستون، توجب عليك الملاحقة حتماً بموجب المادة (40) من قانون الأصول الجزائية الثوري الفلسطيني. أما في موضوع شريط الفيديو الذي يتحدث عن تواطؤ عباس مع الإسرائيليين في الحرب على غزة، فإن ما تواترت حوله الأنباء في هذا الصدد، يشكل إخباراً لك عن جريمة خيانة أخرى قارفها عباس بحق شعبه، وعليك التحرك باسم الحق العام الفلسطيني للتحقق من هذا الإخبار الخطير، الذي لم يقم أحد من السلطة بنفيه.
فإذا لم تقم بدورك في مجال الجرائم المذكورة أعلاه، فسوف يشكل سكوتك جريمة ترتكبها بحق شعبك ووطنك. وإن بادرت بالملاحقة في هذا الشأن، ومنعك المسؤولون في السلطة الفلسطينية من استكمال عملك، فعليك الاستقالة أمام شعبك وكشف الحقيقة له، لتكون مرتاح الضمير، وتفلت من حساب جيل فلسطيني يراقبك، وأجيال لاحقة سيدفع الثمن أمامها أبناؤك وأحفادك وذووك.
..
 
موضوع رائع

يا ابوشدى

موضوعك نال أعجابنا وشكرا لك على الطرح

نأمل منك المزيد

جزاك الله خيرا

سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك


====================
ملحوظة : هذا رد آلي على الموضوع
 
رد: جرائم تقرير غولدستون ومحمود عباس يؤجل لماذا

لكن الطرف المتواطئ الآخر، هو طرف فلسطيني، الذي ظهر أمام الجهات الدولية بأنه يمثل الشعب الفلسطيني، وتحديدا السيد محمود عباس الذي مارس صلاحيات رئيس السلطة الفلسطينية وكذلك دائرته الضيقة في هذا المجال. وإذا كان السيد عباس يدّعي، كعذر لما قام به، أن القرار بالتأجيل قد تم اتخاذه بموافقة الدول العربية، فإن هذا عذر أقبح من ذنب، فضلاً عن أنه غير صحيح، إذ أن تصريح وزير الخارجية المصري يوم 5/10/2009 بأن مصر علمت بطلب التأجيل بعد اتخاذ القرار، وتصريح عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية قبله بأنه لا علم لديه بموضوع طلب التأجيل، يجعل السيد عباس غير صادق فيما صدر عنه،


يا جماعه الكلمات المقتبسة هي خلاصة الوضع الحالي التي عليه رأس نظام الحكم في السلطه ، فهو الأكثر فساداً في المجتمع الفلسطيني ، فكيف للشعب الفلسطيني أن يولّي عليه رجل " بهائي الديانة " ليقود مسيرته . هل هو من سيحرر القدس ، بكل آسى أقول : رحم الله ياسر عرفات . وخليل الوزير ( أبو جهاد ) والرنتيسي وياسين وكل القادة الشهداء الأبرار الذين روت دمائهم أرض فلسطين الحبيبة .
لا تتعجبوا من هذا التقرير ومن موقف هذا العباس إذ لا فرق بين يهودي وبهائي فديانة البهائية مشتقة من الديانة اليهودية .. لعنهم الله جميعاً ....
 

ابوشدى

Moderator
رد: جرائم تقرير غولدستون ومحمود عباس يؤجل لماذا

لا تتعجبوا من هذا التقرير ومن موقف هذا العباس إذ لا فرق بين يهودي وبهائي فديانة البهائية مشتقة من الديانة اليهودية .. لعنهم الله جميعاً ....
وما خفيى كان أعظم يابو محمود [ان القاضى الذى رفع الدعوى اليهودى الجنسية نابتة حاله من الهستريا

عندما فوجىء بموقف عباس
 
أعلى