• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

حكم الإحتفالات بالمولد النبوي إياكم ومحدثات الأمور




سُئِلَت اللجنة الدائمة، للبحوث العلمية والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية:

الاحتفال بمولد النبي r، يُعقد اجتماع بهذه المناسبة والناس يتحدثون فيه عن حياة الرسول، يؤدون الصلاة ويَبوحون بنعت الرسول، ويُقرَأ السلام عليه عن ظهر قلب (انظر إلى صوَرٍ مما يُلقى عن ظهر قلب، الناس يقفون ويضعون أذرعهم على المدة ويلقون السلام على ظهر القلب).
فأجابت:
إقامة احتفال بمناسبة مولده r لا يَجوز.
لكونه بدعة محدثة؛ لم يفعلْها رسولُ الله r، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا غيرُهم من العلماء في القرون الثلاثة المفَضَّلة.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


[فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 6) السؤال الأول من الفتوى رقم (7136)]


العودة للأعلى



وسُئلَت اللجنة الدائمة، للبحوث العلمية والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية:

مضمون السؤال: في ديارهم طريقة مروجة عند عامة المسلمين -وبعض من الخواص-.
r في كل سنة، فالأَوّل: يَقرأ القارئ آياتٍ من القرآن الكريم بحالة القعود، وبعدها بعض العلماء يُقرر في مولد النبي r حتى يَجري التقرير إلى الاختتام ويقول: قوموا لوقت التعظيم أحمد.
(وللقيام عقيدتهم أن النبي r ليس مِن مثل البشر، بل هو نور من الله الذاتي، وهو حاضر وناظر في كل مكان، وأن يحضره بذاته في كل مجلس ميلاده، وهو يسمع كلامهم)، يقومون ويقولون معا:

يا نبي سلام عليك ... يا نبي سلام عليك


يا رسول سلام عليك ... يا حبيب سلام عليك


صلوات الله عليك

هل الطريقة المروجة المكتوبة: كانت مروجة في قرون الصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين أم لا؟
وذكر النبي r بهذه الألفاظ واحترام الرسول عليه السلام عند ذكر ولادته: أمر حسن أم قبيح؟ سنة أم بدعة سيئة؟ وصواب أم شرك؟
بينوا ذلك بآثار الصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
فأجابت:
أولا: إقامة مولد لرسول الله r: بدعة، مخالِفة لهديه r وهدي خلفائه الراشدين، وصحابتِه y أجمعين.
وقد ثبت عن رسول الله r أنه قال: «مَن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد».
ولسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز فتوى مُفَصَّلة في «حكم الاحتفال بمولد الرسول r».
ثانيا: «اعتقاد أن الرسول r ليس كمثل البشر، بل هو نور من نور الله الذاتي»: ليس هذا الاعتقاد صحيحا.
لأنه مخالف للقرآن؛ فقد بيَّن اللَّهُ بشريَّته، وما يمتاز به على البشر: بقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾.
والبشرُ مخلوقون؛ كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾، وقال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ...﴾ الآية، وقال تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾.
أما اللَّهُ جل وعَلا: فهو الأول الذي لا مَبدأ لأَوليَّتِه؛ بيَّن ذلك بقوله جل وعلا: ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
وسَمّى اللَّهُ نبيَّه نُورًا وسراجًا منيرا؛ لِمَا بعثه اللَّهُ به مِن الهدى والنور الذي هدى اللَّه به مَن أجاب دعوتَه عليه الصلاة والسلام؛ كما قال تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾.
ثالثا: «القول بأنه حاضر وناظر في كل مكان، وأنه يحضر بذاته في كل مجلس ميلاده، وهو يسمع كلامهم»: قول باطل.
رابعا: أما نداؤه والاستغاثة به وطلب المدَدِ والنَّصرِ منه: فهذا نوع مِن أنواع الشرك الأكبر؛ الذي لا يجوز فعله معه r ولا مع غيره من المخلوقات.
لقول الله تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾، وقولِه U: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾.

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.


اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


[فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 9-11)، فتوى رقم (2362)]


العودة للأعلى



وسُئلَت اللجنة الدائمة، للبحوث العلمية والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية:

س1: مولد النبي r عندنا هنا في شهر ربيع الأول أحد عشر يوما، يَعمل العلماء فرحا عن مولد النبي r، يَجمعون المسلمين ويفعلون أشياء من الفرح ليوم مولد النبي r.
وأما بعض العلماء فيقولون: لا خير في ذلك.
لذلك أريد أن أسأل: ما حكم ذلك؟ وهل عندكم تفعلون شيئا؟
س2: عن فرح مولد النبي r في ذلك الشهر؟
فأجابت اللجنة:
إقامة مولد النبي r: من الأمور المبتدعة.
وقد ثبت عن رسول الله r أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وفي رواية: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد».
وهذا لم يفعله الرسول، ولم يأمر به، ولم يَرَ أحدًا فعلَه وسكت عنه.
ولا فعله خلفاؤُه مِن بعده.
وهكذا سلف الأمة في القرون الثلاثة المفضلة لم يفعلوه.
ثم ابتُدعت إقامته.
وقد كَتَب سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز جوابا مُطوَّلاً في ذلك.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


[فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 17-22) الأسئلة الأول والثاني من الفتوى رقم (2747)]


العودة للأعلى


وسُئلَت اللجنة الدائمة، للبحوث العلمية والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية:
ما حُكم الاحتفال بمولد النبي r في شهر ربيع الأول -تعظيمًا له عليه الصلاة والسلام-؟
فأجابت اللجنة:
تعظيم النبي واحترامه: إنما هو بالإيمان بكل ما جاء به مِن عِند الله، واتّباع شريعته عقيدةً وقولاً وعملاً وخُلُقًا، وترك الابتداع في الدين.
ومن الابتداع في الدين: الاحتفال بمولد النبي r.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


[فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 23) السؤال الأول من الفتوى رقم (3257)]


العودة للأعلى


وسُئلَت اللجنة الدائمة، للبحوث العلمية والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية:
ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي وبليلة الإسراء والمعراج -بقصد الدعوة الإسلامية، وشعار الإسلام كما يُرى في أندونيسيا-؟
فأجابت اللجنة:
قد دعا النبيُّ r إلى الإسلام بالقول والعمل والجهاد في سبيل الله، وهو أعرف بطريق الدعوة إليه ونشرها وإظهار شعائره، ولم يكن من هديه في الدعوةِ وإظهارِ شعائر الإسلام: الاحتفالُ بمولِده، ولا الاحتفال بالإسراء والمعراج، وهو الذي يَعرِفُ قَدرَ ذلك ويَقدُره قَدرَه.
وسَلَك أصحابُه y طريقَه، واهتدوا بهديه في الدعوة إلى الإسلام ونشرِه؛ فلم يَحتفلوا بذلك، ولا بنظائره من الأحداث الكبار.
ولا عُرِف الاحتفالُ بذلك عن أئمة الإسلام المعتبرين -أهل السنة والجماعة رحمهم الله-.
وإنما عرف ذلك عن المبتدعة في الدين والغلاة فيه -كالرافضة وسائر فرق الشيعة وغيرِهم مِمَّن قل عِلمُه بالشرع المطهر-.
فالاحتفال بما ذُكر بدعةٌ منكَرة؛ لمخالفته لهديِ رسول الله r والخلفاءِ الراشدين وأئمةِ السلف الصالح في القرون الثلاثة المفضلة y.
وقد ثَبَت عن النبي r أنه قال: «مَن أَحدَث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وقال: «مَن عَمِل عَمَلاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، وقال: «إِيَّاكُم ومُحدَثات الأمور؛ فإن كُلَّ مُحدَثَة بدعة، وكل بدعة ضلالة...» الحديث.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


[فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 24-25) السؤال الحادي عشر من الفتوى رقم (3323)]


العودة للأعلى


وسُئلَت اللجنة الدائمة، للبحوث العلمية والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية:
ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي؟ وهل النبيُ r يَحضُر؟
فأجابت اللجنة:
احترامُ النبي r وتكريمه: إنما هو بالإيمان برسالته، والعمل بما جاء به مِن عند الله.
أما الاحتفال بمولده: فبدعة محدثة.
وقد ثَبَت عَن النبي r أنه قال «مَن أحدَث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».
ولم يَثبُت أن النبيَّ r يَحضُر بعد وفاته عند أحد من الناس. والأصل: عدم ذلك؛ فيجب البقاء معه حتى يقوم دليل على رفعه.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


[فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 28) السؤال الأول من الفتوى رقم (4683)]


العودة للأعلى


وسُئلَت اللجنة الدائمة، للبحوث العلمية والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية:
هل يجوز اجتماع ومجالس ثاني عشر يوم ربيع الأول لذكر ميلاد النبي r؟
فأجابت اللجنة:
الاحتفال بمولد الرسول r بدعة.
لأنه r لم يفعله لنفسه، ولا أَمَر بفعله.
ولَمْ يفعلْه أحدٌ من الصحابة y له؛ وهم أحرص الناس على تعظيم الرسول r واتّباع سنته.
والخير كُلُّه في اتباع هديه؛ وقد قال r: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


عبدالله بن غديان ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


[فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 30) السؤال الثالث عشر من الفتوى رقم (5005)]


العودة للأعلى


وسُئلَت اللجنة الدائمة، للبحوث العلمية والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية:
ما حكم الوعظ في يوم مولد النبي r؟
فأجابت اللجنة:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعريف الناس بدينهم، ووعظُهم بما يُرَقِّقُ قلوبَهم: مشروع في كل وقت؛ لورود الأمر بذلك مطلقا؛ دون تقييد بوقت معين.
قال الله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، وقال سبحانه ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، وقال سبحانه -في بيان حال المنافقين وموقف الدعاة منهم-: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلا بَلِيغًا﴾... إلى غير ذلك من الآيات.
فأطلق اللَّهُ الأمرَ بذلك، ولم يَخصَّه بوقت.
ويتأكد الوعظ والإرشاد عند وجود ما يقتضيه، كخطب الجمع والأعياد؛ لثبوت ذلك عن النبي r، وكرؤية منكر؛ لقوله r «مَن رَأَى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه».
وليس مولدُ النبيِّ r في يومٍ: مِن مقتضيات تخصيص ذلك اليوم بقربة مِن القربِ أو وعظٍ وإرشادٍ أو قراءةِ قصةِ المولد.
لأن النبيَّ r لَم يَخصَّه بذلك، ولو كان في تَخصيصِه بذلك خيرٌ؛ لكان r أولى به وأحرص عليه، لكنه لم يفعل؛ فدل على أن تخصيصه بالوعظ أو بقراءة قِصَّة المولد أو بأي عبادة: مِن البدع.
وقد ثَبت عن النبي r أنه قال «مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدّ»، وفي رواية «مَن عَمِل عَمَلا ليس عليه أمرنا فهو رد».
وكذا أصحابه لم يفعلوا ذلك؛ وهم أعرف وأعلم بالسنة وأحرص على العمل بها y جميعا
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


[فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 31-32) السؤال الأول من الفتوى رقم (5591)]


العودة للأعلى


وسُئلَت اللجنة الدائمة، للبحوث العلمية والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية:
ما حُكم اجتماع الناس للمولد؟
مع زعمهم أن النبيَّ r يحضر مجالسهم؟ وهل هذا الاجتماع يصح شرعا؟ وماذا ينبغي لنا أن نفعل في يوم مولد النبي r؟ ومتى وُلِد -مِن أي يوم، وأي شهر، وأي سَنَة-؟
وهل النبيُّ r حَيٌّ في قبره الآن أم لا؟
فأجابت اللجنة:
اجتماعُ الناس لإحياء ليلة المولد وقراءةِ قِصَّتِه: ليس مشروعا، بل هو بدعةٌ مُحدَثة.
وزعمُهم أن النبيَّ r يَحضُر مجالسَهم: كَذِب.
والنبيُّ r: حَيٌّ في قَبرِه حياةً برزخية -يَتمتَّع فيها بنعيم الجنة-، وليست كحياتِه في الدنيا؛ فإنه قد تُوفي، وغُسِّلَ، وكُفِّن، وصُلِّيَ عليه صلاةَ الجنازة، ودُفِن -كغيره-. وهو أَوَّلُ مَن يُبعَثُ مِن قبره يومَ القيامة.
وقد قال الله تعالى -مُخاطِبًا إيَّاه-: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾، وقال سبحانه ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ﴾.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


[فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 34-35)]


العودة للأعلى


وسُئلَت اللجنة الدائمة، للبحوث العلمية والإفتاء، بالمملكة العربية السعودية:
هل يجوز حضور الاحتفالات البدعية -كالاحتفال بليلة المولد النبوي، وليلة المعراج، وليلة النصف من شعبان- لمن يعتقد عدم مشروعيتها لبيان الحق في ذلك؟
فأجابت اللجنة:
أولاً: الاحتفال بهذه الليالي: لا يجوز. بل هو من البدع المنكرة.
ثانيًا: غِشْيانُ هذه الاحتفالات وحضورُها؛ لإنكارها وبيان الحق فيها وأنها بدعة لا يجوز فعلُها: مشروع. ولاسيما في حَق مَن يَقوَى على البيان، ويغلب على ظنه سلامتُه مِن الفتن.
أما حضورها للفرجة والتسلية والاستطلاع: فلا يجوز.
لما فيه مِن مشاركة أهلها في منكرِهم، وتكثيرِ سوادهم، وترويج بدعتهم.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء


عبدالله بن قعود ... عبدالله بن غديان ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


[فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 37-38) فتوى رقم (6524)]


العودة للأعلى



وسُئِلَ مفتي الدّيار السعودية: الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله-:

مجمع الموالد، والجلوس فيها، ثم القيام فيها، وإيقاد العود واللبان، وفرش البساط... وغير ذلك؛ هل هذا جائز؟ أو منهي عنه؟ وكذلك تعيين يوم معلوم لذلك؟
فأجاب -رحمه الله-:
الحمد لله.
إقامة الموالد وذكريات الأيام والأحداث والوقائع: مِمّا شرعه النصارى واليهود؛ وقد نُهِينَا عَن أعياد أهلِ الكتاب والأعاجم؛ لِمَا في ذلك من الابتداع، ومشابَهةِ الكُفَّار.
وسائرُ ما استُحدِث مِن الأعياد والمواسم مُنكَرٌ مستَكرَه -حتى وإن لم تكن فيه مشابهة لأهل الكتاب والأعاجم-؛ لدخوله في مُسمَّى البدع والمحدثات -حتى ولو كانت إقامتها لذكرى مولد الرسول r-.
ذلك لأن «الأصل في العبادات: أن لا يُشرع منها إلا ماشرعه اللَّهُ تعالى. والأصل في العادات: أن لا يُحظَر منها إلا ما حظَره». وأصل الضلال في الأرض: إنما قام على اتّخاذ دين لم يشرعه الله، أو تحريم ما لم يُحَرِّمْه.
ومِن هُنا؛ بَنَى الأئمة انقسام الأعمال إلى عبادات تُتَّخَذُ دينًا، وعاداتٍ يُنتفع بها. والأصل في العبادات: أن لا يُشرع منها إلا ما شَرَعه اللَّهُ تعالى. والأصل في العادات: أن لا يُحظَر منها إلا ما حظَره.
والمواسم المحدثة إنما استُكرهت وأُنكرَت ونُهِيَ عنها؛ لِمَا يَحدُث فيها مما يُتقرَّب به كدين، ولدخولها في مسمى البدع والمحدثات.
وقد روى مسلم في «صحيحه» عن جابر عن النبي r أنه كان إذا خطب يقول: «أما بعد: فإن خيرَ الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هَديُ محمَّد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة». وروى مسلم كذلك في «الصحيح»، عن عائشة -رضي الله عنها-، عن النبي r أنه قال: «مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدّ». وفي حديثٍ صحيح: من رواية أهل السنن أنه r قال: «إيَّاكم ومُحدَثات الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة».
وكما أن هذه القاعدة: مَدلولُ السنة ومدلول الإجماع؛ فهي كذلك مدلول كتاب الله تعالى؛ قال تعالى ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾؛ فمن نَدَب إلى شيءٍ يُتقرب به، أو أوجبه بقول أو فعل، من غير أن يشرعه الله؛ فقد شَرَعَ مِن الدين ما لم يأذن به الله.
ومن اتَّبعه في ذلك؛ فقد اتخذه شريكًا لله فيما أوجبَه عليه من طاعة.
ومَن أطاع أحدًا في دين لم يأذن به الله -مِن تَحليلٍ أو تحريمٍ أو استحباب أو إيجاب-؛ فقد لَحِقَه مِن الإثم ما يلحق الآمِرَ النَّاهي؛ أخذاً مِن قوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ...﴾ الآية، وقد أُثِر في تفسيرها: أن عَدِيَّ بنَ حاتم قال للنبي r: يا رسولَ اللَّهِ: ما عبدوهم. قال: «ما عبدُوهم؛ ولكن أَحلَّوا لهم الحرام فأطاعوهم، وحَرَّموا عليهم الحلال فأطاعوهم».
هذا؛ و«الذهاب إلى انقسام البدع والمحدثات إلى حسن وقبيح -أَخْذًا مِن قَول عُمَر في صلاة التراويح: "نعمت البدعة هذه"، واستدلالاً بما حدَث بعد رسول الله r من الأقوال والأفعال مِمَّا استُحسِن ولم يُستكرَه؛ أخذاً من الأدلة الدالة عليه من الإجماع والقياس»: الذهاب إلى ذلك-: مدفوع بإطلاق نَصِّ رسول الله r «وشَرّ الأمور محدثاتُها، وكل بدعة ضلالة».
فلا يَحِلُّ لأحد أن يُقَيِّدَ إِطلاق دلالة هذا النصّ. والمنازِع في ذلك مراغِم.
على أنه يُقال: «ما ثَبت حُسْنُه: فليس مِن البدع»؛ فيبقى العموم محفوظًا لا خصوص فيه.
أو يُقال: «ما ثبت حُسنُه: مَخصوصٌ مِن هذا العموم»؛ فيبقى فيما عداه على عُمومِه.
والمخصِّصُ: إنما هو الدليل الشرعي مِن الكتاب والسنة والإجماع نصاً واستنباطاً، لا عادات بعض البلاد، ولا الأقوال، ولا الآراء -مهما كثر أصحابُها-؛ فإن شَيئًا مِن ذلك لا يَنهض أبدًا، ولا يَصلُح معارِضًا لكلام الرسول r.
وعلى هذا؛ فتخصيص يومٍ من الأيام وتمييزُه على غيره بشيء من الطاعات: أَمْرٌ توقيفي؛ إنما يُصار في معرفته إلى الشريعة المطهرة. ولم تخصص الشريعة يوماً من الأيام باتخاذه عيداً للإسلام: سوى يومي العيدين (عيد الفطر، وعيد النحر وما يَتبعه من أيام التشريق الثلاثة)، وسوى العيد النسبي (وهو يوم الجمعة؛ فإنه عيدُ الأسبوع)؛ فليس للمسلمين أن يَتَّخِذُوا عِيداً سواها.
على أن الوقائع المتعددة -وأبرزها «الهجرة» و«الفتح»-: لم تُتخَذْ أعيادًا؛ فاتخاذ الذكريات والموالد أعيادًا: حَدَثٌ في الإسلام مُنكَر مُستكرَه؛ لم يشرعْه اللَّهُ، وليس من دين الحق في شيء.
ولو كانت إقامتها خيراً محضاً أو راجحًا؛ لسارع إليها السلفُ الصالح؛ فإنهم كانوا أحرصَ الناس على الخير -أخذاً به وسبقاً إليه-.
ولو كانت إقامةُ الْمَوالِد للنبيِّ r: مِن أعلام حُبِّه أو تعظيمه؛ لأقاموها؛ فإنهم كانوا أعلمَ الناس بما يصلح له r، ومِن أشدِّهم تعظيمًا له وحُبًّا فيه؛ ولو كانت خيراً لسبقونا إليها.
لكنه لم يُؤثَر شيءٌ من ذلك أصلاً عن أحد من خلفائه أو صحابته أو أئمة آلِه المرضِيِّين المهديين.
وإنما الذي أُثِر عنهم: هو ما عَرفُوه مِن الحق: مِن مَحبَّتِه، وتعظيمه، وهو متابعته، وطاعته، وإحياء سنته ونشر ما بُعِث به. وهذه هي طريقة السابقين الأولِّين مِن المهاجرِين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.

[فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم (3/ 48-51) مطابع الحكومة]


العودة للأعلى



وكَتَب مفتي عام المملكة العربية السعودية: الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-:


حكم الاحتفال بالموالد النبوية وغيرها

الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فقد تكرر السؤالُ مِن كثير عن حكم الاحتفال بمولد النبي r، والقيام له في أثناء ذلك, وإلقاء السلام عليه... وغير ذلك مما يفعل في الموالد.
والجواب أن يقال:
لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول r ولا غيرِه.
لأن ذلك مِن البِدَع المحدَثَة في الدين; لأن الرسول r لم يفعله, ولا خلفاؤُه الراشدون, ولا غيرُهم من الصحابة -رضوان الله على الجميع-, ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة -وهم أعلم الناس بالسنة, وأكمل حُبًّا لرسول الله r ومتابعةً لشرعه مِمَّن بَعدهم-.
وقد ثَبت عن النبي r أنه قال: «مَن أَحدَث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، أي: مردود عليه. وقال في حديث آخر: «عليكم بِسُنَّتِي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة».
ففي هذين الحديثين: تحذير شديد من إحداث البِدَع والعَمَل بها.
وقد قال I: في كتابه المبين: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾، وقال U: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، وقال سبحانه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾، وقال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ﴾، وقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ ... والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وإحداث مثل هذه الموالِد: يُفهم منه أن الله سبحانه لم يُكمل الدين لهذه الأمة, وأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يُبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به؛ حتى جاء هؤلاء المتأخِّرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به؛ زاعمين أن ذلك مما يُقَربهم إلى الله. وهذا بلا شك فيه خطر عظيم, واعتراض على الله سبحانه وعلى رسوله r، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين, وأتم عليهم النعمة.
والرسولُ r قد بَلَّغ البلاغَ المبين, ولم يترك طريقًا يُوصِل إلى الجنة, ويُباعد من النار إلا بيَّنه للأمة؛ كما ثبت في الحديث الصحيح عن عبدالله بن عَمْرو t قال: قال رسول الله r: «ما بعث اللَّهُ مِن نَبِيِّ؛ إلا كان حقًا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم» رواه مسلم في «صحيحه».
ومعلوم أن نبيَّنا r هو أفضل الأنبياء وخاتمهم, وأكملهم بلاغا ونصحا, فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله سبحانه لبيَّنَه الرسولُ r للأمة, أو فعله في حياتِه, أو فعله أصحابُه y. فلما لم يقع شيءٌ مِن ذلك؛ عُلِم أنه ليس من الإسلام في شيء. بل هو من المحدثات التي حَذَّر الرسولُ r منها أُمَّته؛ كما تقدم ذكر ذلك في الحديثين السابقين، وقد جاء في معناهما أحاديث أُخَر: مثلُ قولِه r في خطبة الجمعة: «أما بعد: فإنَّ خيرَ الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة» رواه الإمام مسلم في «صحيحه».
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها؛ عَملا بالأدلة المذكورة وغيرها.
وخالف بعضُ المتأخرين؛ فأجازها إذا لم تشتمل على شيء من المنكرات (كالغلو في رسولِ الله r، وكاختلاط النساء بالرجال, واستعمال آلات الملاهي, وغير ذلك مما ينكره الشرع المطهر), وظَنُّوا أنها من البدع الحسنة.
والقاعدة الشرعية: «ردُّ ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله محمد r»؛ كما قال الله U: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا﴾، وقال تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾.
وقد رددنا هذه المسألة -وهي الاحتفال بالموالد- إلى كتاب الله سبحانه؛ فوجدناه يأمُرنا باتِّباع الرسولِ r فيما جاء به, ويُحَذِّرنا عما نهى عنه, ويُخبرنا بأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينَها, وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول r فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله لنا وأَمرَنا باتباع الرسول فيه.
وقد رددنا ذلك أيضا إلى سنة الرسول r؛ فلم نجد فيها أنه فَعله, ولا أَمَر به, ولا فَعلَه أصحابُه y؛ فعلمنا بذلك أنه ليس من الدين, بل هو من البدع المحدثة, ومن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم.
وبذلك يَتَّضِح لكل من له أدنى بصيرة ورغبة في الحق وإنصاف في طلبه: أن الاحتفال بالموالد ليس من دين الإسلام, بل هو من البدع المحدثات التي أمر الله سبحانه ورسوله r بتركها والحذر منها.
ولا يَنبغي للعاقل أن يغتر بكثرة مَن يَفعله مِن الناس في سائر الأقطار؛ فإن الحقَّ لا يُعرف بكثرة الفاعلين, وإِنَّمَا يُعرف بالأدلة الشرعية؛ كما قال تعالى عن اليهود والنصارى: ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ...﴾ الآية.
ثم إن غالب هذه الاحتفالات بالموالد -مع كونها بدعة-: لا تخلو من اشتمالها على منكرات أخرى: كاختلاط النساء بالرجال, واستعمال الأغاني والمعازف, وشرب المسكرات والمخدرات, وغير ذلك من الشرور.
وقد يقع فيها ما هو أعظم من ذلك, وهو الشرك الأكبر, وذلك بالغلو في رسول الله r -أو غيره من الأولياء- ودعائِه والاستغاثة به, وطلبه المدد, واعتقاد أنه يعلم الغيب, ونحو ذلك من الأمور الكفرية التي يتعاطاها الكثير من الناس حين احتفالهم بمولد النبي r وغيره ممن يسمونهم بالأولياء.
وقد صَحَّ عن رسول الله r أنه قال: «إِيَّاكم والغلو في الدين؛ فإنما أهلك مَن كان قبلكم الغلو في الدين»، وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابنَ مَريَم؛ إنما أنا عبد؛ فقولوا عبدالله ورسوله» خرجه البخاري في «صحيحه» مِن حديث عُمَر t.
ومن العجائب والغرائب: أن الكثير من الناس يَنشط ويَجتهد في حضور هذه الاحتفالات المبتدعة, ويدافع عنها؛ ويتخلف عَمَّا أوجب الله عليه من حضور الْجُمَع والجماعات! ولا يرفع بذلك رأسا!! ولا يرى أنه أتى منكرا عظيما!!!
ولا شك أن ذلك مِن ضَعف الإِيمان، وقلةِ البصيرة, وكثرةِ ما ران على القلوب مِن صُنوف الذنوب والمعاصي -نسأل الله العافية لنا ولسائر المسلمين-.
ومن ذلك: أن بعضهم يظن أن رسول الله r يَحضر المولد! ولهذا يقومون له محيين ومرحبين!
وهذا من أعظم الباطل, وأقبح الجهل؛ فإن الرسول r لا يَخرجُ مِن قبره قبل يوم القيامة, ولا يَتَّصل بأحد من الناس, ولا يحضر اجتماعهم. بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة, ورُوحه في أعلى عليين عند رَبّه في دار الكرامة؛ كما قال الله تعالى في سورة المؤمنين: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ﴾، وقال النبي r: «أنا أول مَن يَنشَقُّ عنه القبرُ يوم القيامة، وأنا أول شافع، وأول مُشفَّع» -عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام-.
فهذه الآية الكريمة, والحديث الشريف, وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث, كلها تدل على أن النبِيَّ r وغيرَه من الأموات: إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة. وهذا أمر مُجمع عليه بين علماء المسلمين؛ ليس فيه نزاع بينهم.
فينبغي لكل مسلم التَّنبُّه لهذه الأمور, والحذر مِمَّا أحدثه الجهالُ وأشباهُهم من البدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان. والله المستعان, وعليه التكلان, ولا حول ولا قوة إلا به.
أما الصلاة والسلام على رسول الله r: فهي من أفضل القُربات، ومن الأعمال الصالحات.
كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، وقال النبي r: «مَن صَلَّى علَيَّ واحدة؛ صَلَّى اللَّهُ عليه بها عشرا».
وهي مشروعة في جميع الأوقات. ومُتَأَكِّدَة في آخر كل صلاة -بل واجبة عند جمع من أهل العلم في التشهد الأخير من كل صلاة-. وسنة مؤكدة في مواضع كثيرة: منها ما بعد الأذان, وعند ذكره عليه الصلاة والسلام, وفي يوم الجمعة وليلتها -كما دلت على ذلك أحاديث كثيرة-.
والله المسؤل أن يُوَفِّقَنا وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه, وأن يَمُنَّ على الجميع بلزوم السُّنة, والحذر من البدعة؛ إنه جواد كريم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

[«التحذير من البدع» ضمن مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز (1/ 178-182) جمع د الشويعر]
 
رد: حكم الإحتفالات بالمولد النبوي إياكم ومحدثات ال

وكَتَب مفتي عام المملكة العربية السعودية: الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-:


وجوب لزوم السنة والحذر من البدعة

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين, وأَتَمَّ علينا النِّعمَة, ورَضِيَ لنا الإسلام دينا.
والصلاة والسلام على عبده ورسوله الداعي إلى طاعة ربه, المحذِّر عن الغلو والبدع والمعاصي, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نَهجِه واتّبع هُدَاه إلى يوم الدين. أما بعد:
فقد اطَّلَعتُ على المقال الذي نشر بجريدة «إدارت» الأُردوية الأسبوعية, الصادرة في مدينة كانفور الصناعية بولاية أترابراديش، في صفحتها الأولى, والمتضمن: (حملة إعلامية ضد المملكة العربية السعودية وتمسكها بعقيدتها الإسلامية ومحاربتها للبدع, واتهام عقيدة السلف التي تسير عليها الحكومة بأنها ليست سُنِّية)؛ مِمَّا يَهدِفُ به كاتبُه إلى التفرقة بين أهل السنة، وتشجيع البدع والخرافات.
وهذا لا شك تدبير سَيِّئ، وتَصرُّفٌ خطير, يُراد به الإساءةُ إلى الدين الإسلامي, وبَثِّ البدع والضلالات.
ثُم إن هذا المقال يُركِّزُ بشكل واضح على موضوع إقامة الاحتفال بمولد الرسول r وجعله منطلقا للحديث عن عقيدة المملكة وقيادتها؛ لذا رأيت التنبيه على ذلك.
فأقول مستعينا بالله تعالى:
لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول r ولا غيره, بل يجب منعه.
لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين, ولأن الرسول r لم يفعله, ولم يأمر به لنفسه, أو لأحد مِمَّن تُوفِّيَ قبله من الأنبياء, أو من بناته أو زوجاته, أو أحد أقاربه أو صحابته.
ولَم يفعله خُلفاؤه الراشدون ولا غيرُهم مِن الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين-, ولا التابعون له بإحسان, ولا أحد من علماء الشريعة والسنة المحمدية في القرون المفضلة. وهؤلاء هم أعلم الناس بالسنة, وأكمل حبا لرسول الله r, ومتابعة لشرعه مِمَّن بَعدَهم؛ ولو كان خيرًا لسبقونا إليه.
وقد أُمِرنا بالاتِّباع -ونُهِينا عن الابتداع وذلك لكمال الدين الإسلامي-, والاغتناء بما شرعه الله تعالى ورسوله r وتَلقَّاه أهلُ السُنَّة والجماعة بالقبول من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
وقد ثبت عن النبي r أنه قال: «مَن أَحدَث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، متفق على صحته، وفي رواية أخرى لمسلم: «مَن عَمِل عَمَلا ليس عليه أمرنا فهو رد».
وقال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين مِن بَعدي، تسمكوا بِها وعَضُّوا عليها بالنواجذ. وإِيَّاكم ومُحدَثات الأُمور؛ فإن كل مُحدَثة بدعة، وكل بدعة ضلالة».
وكان يقول في خطبته يوم الجمعة: «أما بَعدُ: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديُ محمد r، وشر الأمورِ محدثاتُها، وكل بدعة ضلالة».
ففي هذه الأحاديث: تحذيرٌ مِن إحداث البدع, وتَنبيه بأَنَّها ضلالة؛ تَنبيهًا للأمة على عظيم خطرها, وتَنفيرا لهم عن اقترافها والعمل بها. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
وقال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾.
وقال U: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
وقال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾.
وقال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ y وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
وقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾.
وهذه الآية تدل دلالة صريحة: على أَنَّ الله I قد أكمل لهذه الأمة دينَها, وأَتم عليها نعمتَه.
ولَمْ يتوفَّ نبيّهُ -عليه الصلاة والسلام- إلا بعد ما بلَّغ البلاغَ المبين, وبَيَّن للأمة كل ما شرعه اللَّهُ لها مِن أقوال وأعمال, وأَوضَح أَنَّ كُلَّ ما يحدثه الناس بعده وينسبونه إلى الدين الإسلامي مِن أقوال وأعمال فكله بدعة مردودة على من أحدثها, ولو حسن قصده.
وقد ثبت عن أصحابِ رسولِ الله r, وعَن السلف الصالح بعدهم: التحذيرُ مِن البِدَع والتَّرهيبُ منها، وما ذاك إلا لأنها زيادة في الدين, وشَرعٌ لم يأذنْ به الله, وتَشبُّه بأعداء الله من اليهود والنصارى، في زيادتِهم في دينهم وابتداعِهم فيه ما لم يأذن به الله, ولأن لازمها التَّنقُّص للدين الإسلامي واتِّهامُه بعدم الكمال, ومعلومٌ ما في هذا من الفسادِ العظيم, والمنكرِ الشنيع, والمصادمةِ لقول الله U: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾، والمخالَفةِ الصريحةِ لأحاديثِ الرسول -عليه الصلاة والسلام- والْمُحَذِّرَة مِن البِدَع والْمُنَفِّرَة منها.
وإحداث مثل هذه الاحتفالات بالمولد ونحوه: يُفهم منه أن الله I لَم يُكمل الدين لهذه الأمة, وأن الرسول r لَم يُبَلِّغْ ما ينبغي للأمة أن تعمل به -حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به اللَّه، زاعمين أن ذلك مما يُقرِّبهم إلى الله-. وهذا بلا شك فيه خطرٌ عظيم, واعتراضٌ على الله I وعلى رسوله.
واللَّهُ سبحانه قد أكمل لعباده الدين, وأتم عليهم النعمة.
والرسولُ r قد بلغ البلاغ المبين، ولم يترك طريقًا يُوصل إلى الجنة, ويباعد من النار؛ إلا بَيَّنه لأمته؛ كما ثبت في «الصحيح» عن عبدالله بن عَمْرو بن العاص yا قال: قال رسول الله r: «ما بَعث اللَّهُ مِن نَبِيٍّ إلا كان حقا عليه أن يدل أمَّتَه على خير ما يعلمه لهم، وينذرَهم شر ما يعلمه لهم»، رواه مسلم في صحيحه.
ومعلوم أنَّ نبيَّنا عليه الصلاة والسلام: هو أفضل الأنبياء وخاتمهم, وأكملهم بلاغا ونصحا, فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي ارتضاه الله سبحانه لعباده؛ لبيَّنَه الرسولُ r للأُمَّة, أو فعله أصحابُه y, فلما لم يقع شيءٌ مِن ذلك؛ عُلِم أنه ليس مِن الإسلام في شيء, بل هو من المحدثات الَّتي حذر الرسولُ r منها أُمَّته -كما تقدم ذلك في الأحاديث السابقة-.
وقد صَرَّحَ جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها؛ عملا بالأدلة المذكورة وغيرها.
ومعلوم مِن القاعدة الشرعية: أن المرجع في التحليل والتحريم, ورد ما تنازع فيه الناس: إلى كتاب الله وسنة رسوله r؛ كما قال U: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾، وقال تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾.
وإذا رددنا هذه المسألة -وهي الاحتفال بالموالد- إلى كتاب الله I؛ وجدناه يأمرُنا باتِّباع الرسول r فيما جاء به, ويحذرنا عمَّا نَهى عنه, ويُخبرنا بأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها, وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول r؛ فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله لنا، وأَمَرَنا باتِّباع الرسول فيه.
وإذا رددناه أيضا إلى سُنة رسول الله r؛ لم نجد أنه فعله، ولا أَمر به, ولا فعله أصحابُه y؛ فبذلك نعلم أنه ليس مِن الدين, بل من البدع المحدثة, ومن التَّشبُّه الأعمى بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم.
وبذلك يَتَّضح لكل مَن له أدنى بصيرةٍ ورغبةٍ في الحق وإنصاف في طلبه: أن الاحتفال بجميع الموالد ليس من دين الإسلام في شيء, بل هو من البدع المحدثات, التي أمرنا اللَّهُ -سبحانه- ورسولُه -عليه الصلاة والسلام- بتركها والحذر منها.
ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة مَن يفعله مِن الناس في سائر الأقطار؛ فإنَّ الحقَّ لا يُعرف بكثرة الفاعلين, وإنما يُعرف بالأدلة الشرعية؛ كما قال تعالى عن اليهود والنصارى: ﴿وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ...﴾ الآية.
ثم إن غالب هذه الاحتفالات -مع كونها بدعة-: لا تخلو -في أغلب الأحيان، وفي بعض الأقطار- من اشتمالها على منكرات أُخرى، كاختلاط النساء بالرجال, واستعمال الأغاني والمعازِف, وشُرب المسكرات والمخدِّرات ... وغير ذلك من الشرور.
وقد يقع فيها ما هو أعظم من ذلك, وهو الشرك الأكبر.
وذلك بالغلوّ في رسول الله r -أو غيره مِن الأولياء-, ودعائِه والاستغاثة به وطلب المدد منه, واعتقاد أنه يعلم الغيب ... ونحو ذلك من الأمور التي تُكَفِّر فاعلَها؛ وقد صح عن رسول الله r أنه قال: «إياكم والغلوّ في الدين فإنما أهلك مَن كان قبلكم الغلو في الدين». وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تُطروني كما أطرت النصارى ابنَ مريم؛ إِنَّما أنا عبدٌ؛ فقولوا عبدالله ورسولُه»، أخرجه البخاري في «صحيحه».
ومما يدعو إلى العجب والاستغراب: أن الكثير من الناس ينشغل ويجتهد في حضور هذه الاحتفالات المبتدعة, ويدافع عنها؛ ويتخلف عما أوجب اللَّهُ عليه مِن حضور الجُمَع والجماعات! ولا يرفع بذلك رأسا!! ولا يَرى أنه أتى منكرا عظيما!!!
ولا شك أن ذلك مِن ضعف الإيمان, وقِلَّة البصيرة, وكثرة ما ران على القلوب من صنوف الذنوب والمعاصي -نسأل الله العافية لنا ولسائر المسلمين-.
وأغرب من ذلك أَنَّ بَعضَهم يَظُنُّ أن رسول الله r يحضر المولد! ولهذا يقومون له مُحَيِّين ومُرَحّبين!
وهذا مِن أَعظم الباطل وأَقبح الجهل.
فإن الرسول r لا يَخرُج مِن قَبرِه قَبل يوم القيامة، ولا يَتَّصل بأحد من الناس, ولا يحضر اجتماعاتهم, بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة, ورُوحه في أعلى عِلِّيِّين عند ربه في دار الكرامة؛ كما قال الله I: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ﴾، ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ﴾. وقال النبي r: «أنا أول من ينشق عنه القبرُ يوم القيامة، وأنا أول شافع، وأول مُشَفَّع».
فهذه الآية والحديث الشريف, وما جاء بمعناهما من الآيات والأحاديث: كلها تدل على أن النبي r وغيره من الأموات إنما يَخرُجون من قبورهم يوم القيامة. وهذا أمرٌ مُجمَع عليه بين علماء المسلمين, ليس فيه نزاع بينهم.
فينبغي لكل مسلم: التنبه لهذه الأمور, والحذر مما أحدثه الجُهَّال وأشباههم مِن البدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
أما الصلاة والسلام على رسول الله r: فهي من أفضل القربات, ومن الأعمال الصالحات.
كما قال I: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، وقال النبي r: «مَن صَلَّى علَيَّ واحدة؛ صَلَّى اللَّه عليه بها عشرا».
وهي مشروعة في جميع الأوقات. ومتأكدة في آخر كل صلاة -بل واجبة عند الكثير من أهل العلم- في التشهد الأخير مِن كُلِّ صلاة. وسُنَّة مُؤكَّدة في مواضع كثيرة, منها: ما بعد الأذان, وعند ذكره r, وفي يوم الجمعة وليلتها -كما دَلَّت على ذلك أحاديث كثيرة-.
هذا ما أردتُ التنبيه عليه نحو هذه المسألة. وفيه كفاية إن شاء الله لِمَن فَتَح اللَّهُ عليه وأَنَار بَصيرتَه.
وإنه ليؤسفنا جدا: أن تَصدُرَ مثلُ هذه الاحتفالات البدعية من مسلمين مُتَمسِّكِين بعقيدتهم وحُبِّهم لرسول الله r.
ونقول لمن يقول بذلك: «إذا كنت سنيا ومُتّبِعًا لرسول الله r؛ فهل فَعَل ذلك هو؟ أو أحدٌ من صحابته الكرام؟ أو التابعين لهم بإحسان؟ أم هو التقليد الأعمى لأعداء الإسلام -مِن اليهود والنصارى ومن على شاكلتهم-؟!».
وليس حُبُّ الرسولِ r يتمثل فيما يُقام مِن احتفالات بمولدِه؛ بل بطاعته فيما أَمَرَ به, وتصديقه فيما أَخبَر به, واجتناب ما نهى عنه وزجر, وألا يعبدالله إلا بما شرع.
وكذا بالصلاة عليه عند ذكره, وفي الصلوات وفي كل وقت ومناسبة.
وليست الوهَّابِيَّةُ -حسب تعبير الكاتب- بِدعًا في إنكار مِثل هذه الأمور البِدعِيَّة, بل عقيدة الوهابية:
هي التمسك بكتاب الله وسنة رسوله r, والسَّيرِ على هديِه وهدي خلفائه الراشدين والتابعين لهم بإحسان، وما كان عليه السلف الصالح وأئمة الدين والْهُدى: أهلُ الفقه والفتوى في باب معرفة الله، وإثبات صفاتِ كمالِه ونعوت جلاله، التي نطق بها الكتاب العزيز, وصحت بها الأخبار النبوية, وتَلقَّتْها صحابةُ رسولِ الله r بالقبول والتسليم، يثبتونها ويُؤمِنون بِها ويُمِرُّونَها كما جاءت, مِن غَير تِحريفٍ ولا تَعطيل, ومِن غير تكييف ولا تمثيل.
ويتمسكون بما درج عليه التابعون, وتابعوهم من أهل العلم والإيمان والتقوى, وسلف الأمة وأئمتها.
ويُؤمِنون بأن أصل الإيمان وقاعدته: هي شهادة أن لا إله إلا الله, وأن محمدا رسول الله, وهي أصل الإيمان بالله وحده, وهي أفضل شعب الإيمان. ويعلمون بأن هذا الأصل لا بد فيه من العلم والعمل والإقرار بإجماع المسلمين.
ومدلوله وجوب عبادة الله وحده لا شريك له, والبراءةُ مِن عبادة ما سواه -كائنا مَن كان-, وأن هذا هو الحكمة التي خُلِقت لها الجن والإنس, وأُرسلِت لها الرسل وأُنزلت بها الكتب, وهي تَتَضمَّن كمال الذل والْحُبِّ لله وحده, وتتضمن كمال الطاعة والتعظيم.
وأن هذا هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله دينا سواه -لا مِن الأولين ولا مِن الآخرين-؛ فإن الأنبياء على دين الإسلام, وبُعثوا بالدعوة إليه وما يتضمن من الاستسلام لله وحده؛ فمن استسلم له ولغيره, أو دعاه ودعا غيره؛ كان مشركا, ومَن لَم يستسلم له؛ كان مستكبرا عن عبادته؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾.
وعقيدتهم مبنية أيضا على تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله, ونَبذ البِدَع والخرافات, وكُلِّ ما يخالف الشرع الذي جاء به محمد رسول الله r.
وهذا هو الذي يعتقده الشيخ: محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله تعالى-, ويدين لله به, ويدعو إليه. ومَن نسب إليه خلاف هذا؛ فقد كَذَب وافترى إثما مبينا, وقال ما ليس له به علم، وسيجزيه اللَّهُ ما وَعَد به أمثالَه مِن المفترين.
وأَبدَى رحمه الله تعالى من التقارير المفيدة, والأبحاث الفريدة, والمؤلفات الجليلة, على كلمة الإخلاص والتوحيد, وشهادة أن لا إله إلا الله, وما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع, مِنْ نَفْي استحقاق العبادة والإلهية عما سوى الله, وإثبات ذلك لله I, على وجه الكمال المنافي للشرك دقيقه وجليله.
ومَن عَرَف مُصنَّفَاتِه وما ثبت عنه, وعُرِف واشتهر مِن دعوته وأمره، وما عليه الفضلاءُ النبلاءُ مِن أصحابه وتلامذتِه؛ تبين له أنه على ما كان عليه السلف الصالح وأئمةُ الدين والهدى، مِن إخلاص العبادة لله وحده, ونبذِ البِدعِ والْخُرَافات.
وهذا هو الذي قام عليه حُكْم السعودية.
وعلماؤُها يسيرون عليه والحمد لله.
وليست الحكومة السعودية مُتَصَلِّبة إلا ضِدَّ البِدَع والخرافات للدين الإسلامي, والغلو المفرط الذي نَهى عنه الرسولُ r.
والعلماءُ والمسلمون بالسعودية وحكامُهم يحترمون كل مسلم احتراما شديدا, ويُكِنُّون لهم الولاء والمحبة والتقدير, من أي قطر أو جهة كان. وإنما يُنكِرُون على أصحاب العقائد الضَّالِّة ما يُقيمُونَه مِن بِدَعٍ وخُرَافَات وأَعياد مبتدعة وإقامتِها والاحتفالِ بها -مما لم يأذن به الله ولا رسوله- ويمنعون ذلك; لأنه من محدثات الأمور؛ وكل مُحدَثَةٍ بدعة.
والمسلمونَ مأمورون بالاتِّباع -لا بالابتداع-؛ لكمال الدين الإسلامي واستغنائه بِمَا شرعه الله ورسوله r وتَلقَّاه أهلُ السنة والجماعة بالقبول من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ومَنْ نَهَج نَهجَهم.
وليس مَنْعُ الاحتفال البدعي بمولد الرسول r وما يكون فيه من غلو أو شرك ونحو ذلك: عَمَلاً غَيرَ إسلاميٍّ, أو إهانةً لرسول الله r. بل هو طاعةٌ له وامتثال لأمره؛ حيث قال: «إيَّاكُم والغلو في الدِّين؛ فإنما أهلك مَن كان قبلكم الغلو في الدين»، وقال: «لا تُطرُوني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عَبد، فقولوا عبد الله ورسولُه».
هذا ما أردت التنبيه عليه في المقال المشار إليه.
والله المسئول أن يُوَفِّقَنا وسائرَ المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه, وأن يَمُنَّ على الجميع بلزوم السنة والحذر من البدعة؛ إنه جواد كريم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

الرئيس العام


لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد


عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز، جمع د الشويعر - (1/ 222-230)]


العودة للأعلى



وسُئِل فضيلة الشيخ محمد بن صالح ابن عثمين -رحمه الله-:


عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي؟


فأجاب فضيلته:

أولا: ليلةُ مولد الرسول r ليست معلومة على الوجه القطعي.
بل إن بعض العصريين حقق أنها ليلة التاسع من ربيع الأول، وليست ليلة الثاني عشر منه؛ وحينئذ فجَعْل الاحتفال ليلة الثاني عشر منه: لا أصل له من الناحية التاريخية.
ثانيًا: من الناحية الشرعية: فالاحتفال لا أصل له أيضًا.
لأنه لو كان مِن شَرْع الله؛ لفعله النبيُّ r، أو بَلَّغَه لأمته. ولو فعله أو بَلَّغه؛ لوجَب أن يكون محفوظًا؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾. فلما لم يكن شيء من ذلك عُلِم أنه ليس من دين الله.
وإذا لم يكن من دين الله؛ فإنه لا يجوز لنا أن نتعبد به لله U ونتقرب به إليه؛ فإذا كان الله تعالى قد وضع للوصول إليه طريقًا معيَّنًا وهو ما جاء به الرسول r، فكيف يسوغ لنا ونحن عباد أن نأتي بطريق من عند أنفسنا يوصلنا إلى الله؟!
هذا من الجناية في حق الله U (أنْ نَشْرَع في دينه ما ليس منه)، كما أنه يتضمن تكذيب قول الله U: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾.
فنقول: هذا الاحتفال: إن كان مِن كمال الدين؛ فلا بد أن يكون موجودًا قبل موت الرسول عليه الصلاة والسلام.
وإن لم يكن من كمال الدين؛ فإنه لا يُمكن أن يكون من الدين؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾.
ومَن زَعَم أنه من كمال الدين؛ وقَد حَدَث بعد الرسول r؛ فإن قوله يَتَضمن تكذيب هذه الآية الكريمة.
ولا ريب أن الذين يحتفلون بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام: إنما يريدون بذلك تعظيم الرسول عليه الصلاة والسلام، وإظهار محبته، وتنشيط الهمم على أن يوجد منهم عاطفة في ذلك الاحتفال للنبي r وكل هذا من العبادات:
محبةُ الرسول عليه الصلاة والسلام: عبادة. بل لا يتم الإيمان حتى يكون الرسولُ r أحبَّ إلى الإنسان من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين.
وتعظيمُ الرسول عليه الصلاة والسلام: من العبادة.
كذلك إلهاب العواطف نحو النبي r: من الدين أيضًا؛ لما فيه من الميل إلى شريعته.
إذًا فالاحتفال بمولد النبي r من أجل التقرب إلى الله وتعظيم رسوله r عبادة.
وإذا كان عبادة؛ فإنه لا يجوز أبدًا أن يُحدَث في دين الله ما ليس منه.
فالاحتفال بالمولد بدعة ومحرم.
ثم إننا نسمع أنه يوجد في هذا الاحتفال من المنكرات العظيمة: ما لا يُقِرُّه شَرْعٌ ولا حس ولا عقل! فهم يتغنَّون بالقصائد التي فيها الغلو في الرسول عليه الصلاة والسلام، حتى جعلوه أكبر من الله -والعياذ بالله-.
ومن ذلك أيضًا أننا نسمع مِن سفاهة بعض المحتفلين: أنه إذا تلا التالي قصة المولد ثم وصل إلى قوله «وُلِد المصطفى»؛ قامُوا جميعًا قيام رجل واحد يقولون: «إن روح الرسول r حضرت فنقوم إجلالا لها».
وهذا سفه. ثم إنه ليس من الأدب أن يقوموا؛ لأن الرسول r كان يكره القيام له؛ فأصحابُه -وهم أشد الناس حبًّا له وأشد منا تعظيمًا للرسول r- لا يقومون له؛ لما يرون من كراهيته لذلك وهو حي؛ فكيف بهذه الخيالات؟!
وهذه البدعة -أعني بدعة المولد-: حَصَلَت بعد مُضِيّ القرون الثلاثة المفضلة، وحصل فيها ما يصحبها من هذه الأمور المنكرة التي تُخِل بأصل الدين -فضلا عَمَّا يَحصل فيها من الاختلاط بين الرجال والنساء وغير ذلك من المنكرات-.

[مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثمين (2/ 297-300)، سؤال (350)، جمع السليمان]


العودة للأعلى
 
موضوع رائع

يا ام شدي

موضوعك نال أعجابنا وشكرا لك على الطرح

نأمل منك المزيد

جزاك الله خيرا

سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك


====================
ملحوظة : هذا رد آلي على الموضوع
 
رد: حكم الإحتفالات بالمولد النبوي إياكم ومحدثات ال

هذه الأمور المنكرة التي تُخِل بأصل الدين -فضلا عَمَّا يَحصل فيها

من الاختلاط بين الرجال والنساء وغير ذلك من المنكرات-.
 
أعلى