• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

حنانيك يا مصر ( مقالة مبكية والله)

حنانيك يا مصر

د. عطالله أبو السبح



مصر العروبة التي فتحنا أعيننا على الدنيا و هي تحمل همـَّنا ، أرسلت بجيشها ضمن جيوش العرب لمنع يهود من اغتصاب بلادنا ، و لولا خيانة حاكمها آنئذ، و فساد أسلحة جندها لما حلت بنا الكارثة ، و على الأقل بهذا العمق الذي حلَّ بفلسطين ، لم يكتف شعب مصر بجند النظام و لكن جاء المتطوعون من كل نجع و كفر ومدينة ، ومن وجهي مصر القبلي و البحري حتى الصعيد ، و من الواحات و سيناء.. جمعوا القرش على القرش, وهاموا على وجوههم بحثا عن مخلفات الحرب العالمية الثانية من الأسلحة ونكلوا بيهود, وشباب مصر الذين سكنت فلسطين جوانحهم, وبكوا على قتلاها وجرحاها ومقدساتها, شباب مصر الذين قاسموا شباب فلسطين اللقمة والهدمة , وثورة مصر التي عاملت الفلسطيني معاملة المصري في التعليم و الصحة و الوظيفة ، و كان قطاع غزة لعشرين سنة بعد النكبة محجـَّة للمصريين ، يحملهم قطار السكة الحديد فيصل رفح عند العصر ، ليغادرها عند الفجر ، وأفسحت مصر لشباب فلسطين قلبها ، فعملوا في مصانعها و حقولها ، و شاركوا أبناءها في بناء السد العالي ، فأصاب مصر حقد يهود وإجرامهم ، فمن فضيحة ليفون إلى حصارها اقتصاديا و عسكريا ، إلى امتناع البنك الدولي عن تمويل السد العالي ، إلى العدوان الثلاثي ، إلى نكسة 67 ، إلى معركة العبور و سقوط خط بارليف تحت أحذية شباب مصر ، و لم يكن الفلسطيني غائبا ، بل اختلط الدمان الزكيان في كل المعارك و الحروب ، حملت مصر هم الفلسطيني بكل المحافل الدولية ، و كانت الأعلى بالحق صوتا ، و لمظلوميتها نصيرا ، رأى الفلسطيني بطولة مصطفى حافظ ، الذي فاضت روحه في سمائه ، و سالت دماؤه على أرضه ، فبكاه بكاء الثكلى ، و سمى أولاده باسمه ، و مدارسه كذلك ، و انطبعت صورة مصطفى حافظ على قلب الفلسطيني و شكلت وجدانه ، و كذلك أحمد عبد العزيز من قبل ، و جمال عبد الناصر من بعد ، حتى وصل إلى مبارك ، فأطلق اسمه على مستشفى كبير ، و لم تبخل مصر ، ولم ينكر الفلسطيني ، فقابل كل ذلك بالوفاء و الحب و التقدير ، حتى حلـَّت بهذا الشعب كارثة (أوسلو ) الملعونة المكملة لكامب ديفيد بعد ظلام احتلال مجرم حقود ، إلا أن ذلك لم يفسد للفلسطيني ودا تجاه مصر ، رغم شعوره الرافض جدا و الكاره جدا لرحلة السادات للقدس ، و التي كشفت ظهر الفلسطيني ، فوصلت خناجر يهود إلى عموده الفقري ، إلا أن حبه الأول لمصر ظل في سويداء قلبه .

لقد كانت أوسلو لعنة كشفت صدر الفلسطيني فوصل الخنجر اليهودي إلى قلبه و كبده إلا أنه لم يلفظ أنفاسه ، حاول البقاء ، و حاول السير على درب الحياة ، بينما دماؤه ترسم درب التحرير للأجيال ..لا أظنك يا مصر قد نسيت ، أو تقولين : إنني أقول هذرا ، هي الحقيقة ، مشى الفلسطيني في طريق الدم و الشهادة حتى وصل إلى نبذ أوسلو ، أسلم القيادة للمقاوم ، فكان الحصار ، و كان القصف ، و كانت الاغتيالات ، و تطايرت جسوم الفلسطيني أشلاءً ، وكانت مصر هي معبر المساندين و المؤازرين و الأطباء ، و جاءت من مصر و عبرها قطرة الحليب ، و قطرة الدواء ، و العكاز ، و رغيف العيش ، جاء من مصر و عبرها من يمسح دموع غزة ، ويلملم أوصال بنيها ، و لكن الحصار يشتد!! فلماذا ؟؟ لم تتكون لدى الفلسطيني قناعة بأي إجابة إلا أن تفتح مصر ذراعيها كما كانت دوما ، ولا تغلق قلبها دون الفلسطيني أبدا ..

هذا أمل شعبنا يا مصر .. لا يمكن أن يـُقبل من مصر أن تغلق قلبها في وجه الفلسطيني ، هذا بالمعيار الأخوي و رابطة الدم و النسب ، أما بالمعيار الإنساني فلا يـُقبل من مصر أن تكبـِّـل الفلسطيني ، حتى وإن كان لداع ٍ قانوني ، فالرحمة فوق العدل و القانون ، فإن اختارت مصر ما يمليه القانون فلا تختار أن تحبس عن فلسطين ضروريات الحياة إن حصل عليها من تحت الأرض ، فهي حيلته الوحيدة ووسيلته ، فما حيلة المضطر إذا ركب الصعبَ !!

إن قانون مصر لا يظلم ، وقضاة مصر عدول و رحماء ، و لكن إذا قضت السيادة بغير ما يجزم الفلسطيني بأنه حق له على مصر فلا يـُقبل منها أن تبني سدا فولاذيا يقطع عن فلسطين أسباب الحياة ..

حنانيك يا مصر ، لا يمكن أن يـُقبل من مصر ما أنكرته عليها كارين أبي زيد ، لا يمكن أن يـُقبل من مصر أن رئيسها قال يوما : لن أسمح أن تجوع غزة ، إن السد الفولاذي يتناقض مع قول الرئيس !! فكيف ؟ ولماذا ؟ إن غزة ما كانت لتشكل خطرا على أمن مصر القومي و لن تكون ، لقد تحققت لغزة ضروريات الحياة ، كما وجدت مصر سوقا استهلاكيا كبيرا في غزة ، فانتعشت ما بينهما التجارة ، ولا ملامة في ذلك على مصر ! فما الذي اضطرها لما أعلن عنه السيد أحمد أبو الغيط ؟

هذا أمر مُستهجن من مصر الفلسطينية ؛ عاطفة و عروبة و دماء شهداء..
 
أعلى