• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

رثاء النفس في الشعر الجاهلي

رثاء النفس في الشعر الجاهلي

رثاء النفس هو البكاء والحزن عليها عندما يتيقن الراثي ( المرثي) بدنو أجله, وانقطاع أمله.
وهو -عندي- من أفضل ألوان الرثاء-إن لم يكن أفضلها- على الإطلاق,وذلك لما يبرز في شعره من صور بلاغية, وقِيمٍ
جمالية, وعاطفة حزينة, وشعور صادق, فالراثي هنا هو المرثي وأي شيءٍ يكون أحبُّ من النفس؟!! ولذلك نجد أنَّ قصائد هذا النوع أو اللون من الرثاء قد سارت بها الرُّكْبَان, وأنشدها الأدباء على مرِّ العصور والأزمان, فصارت وشاحًا وعقدًا تُزيِّنُ به كثيرًا من كتب الأدب القديمة منها والحديثة, ولعلنا نذكر منها نماذج في هذا العصر(العصر الجاهلي) لنُطلع القارىء عليها ونُروي بعض ظمأه,


•ابن حذَّاق يرثي نفسه:-

قال ابن قتيبة: بلغني أنَّ أول مَنْ بكى على نفسه وذكر الموت في شعره: يزيد بن حذَّاق فقال:- (1)


هَلْ لِلْفَتَى مِن بَناتِ الدَّهْرِ مِن رَاقِي=أمْ هَل لهُ مِن حِمام الموتِ مِن وَاقِي (2)
قدْ رجَّلونِي ومَا بالشَّعر مِن شَعَثٍ=وألْبَسُونِي ثِيابًا غيرُ أخْلاقِ
وطيَّبُوني وقَالوا أيُّما رَجُلٍ=وأدْرَجُونِي كَأني طَيُّ مِخْرَاقِ(3)
وأرْسَلُوا فِتيةً مِن خَيْرِهم حَسَبًا=ليُسنِدوا في ضَرِيحِ القَبْر أطْبَاقِي(4)
وقسَّمُوا المَال وارفضَّت عوائدُهُم= وقَال قَائِلُهُم مَات ابْنُ حَذَّاقِ
هوِّنْ عَليكَ ولا تُولع بإشفاقٍ= فإِنَّما مَالُنا لِلْوَارثِ البَاقِي
-------------------



•امرؤ القيس يرثي نفسه:-

عندما عاد امرؤ القيس من بلاد الروم منصرفًا عن قيصر ملك الروم,بعدما أعطاه حُلَّةً مسمومة , فلَّما وصل إلى أنقره لبسها فتقطع جلده وهلك, وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة قال: (5)


لَقدْ دَمَعتْ عَيْنَايَ فِي القَرِّ والقَيْظِ=وهلْ تدمعُ العَينانِ إِلاَّ مِن الْغيظِ
فلَّمَا رَأيتُ الشَّرَ ليسَ بِبَارِحٍ=دَعَوتُ لِنَفْسِي عِندَ ذَلكَ بِالْفيظِ[/poem]

وقال أيضًا قبل ذلك حينما رأى قبر امرأةٍ في سفح جبل عسيب الذي مات عنده: (6)


أجَارتنَا إنَّ الخُطُوبَ تنوبُ=وإني مُقيمٌ ما أقامَ عسيبُ
أجَارتنَا إنَّا غريبانِ هَهُنَا= وكلُّ غريبٍ للغريبِ نسيبُ
فإن تصِلِينا فالقرابة بيننا=وإن تصرمينا فالغريبُ غريبُ
أجَارتنَا ما فاتَ ليسَ يَؤُوبُ=ومَاهو آتٍ في الزَّمانِ قَريبُ
وليس غريبًا مَنْ تناءت دِيارُهُ=ولكنْ مَنْ وَارَى التُّراب غريبُ

-----------



•طرفة بن العبد يرثي نفسه:-

قال طرفة بن العبد وهو في سجنه ينتظر القتل بعدما سجنه والي البحرين بأمرٍ من ملك الحيرة عمرو بن هند, وذلك عندما بعث بكتابين لطرفه وخاله المُتَلَّمِس, وفيهما أمرٌ بقتلهما, فنجا خاله بعدما طلب من غلام أن يقرأ له ما في الكتاب, ولكن طرفة أصرَّ على أن يذهب لوالي البحرين ظانًّا أن ملك الحيرة أمر والي البحرين أن يعطيهما الجوائز, ولم يجعل الغلام يقرأ له كتابه, وعندما وصل إلى البحرين سجنه الوالي وأمر بقتله, فقال قبل قتله :- (7)


ألا اعتزليني اليوم خولة أو غُضِّي= قفد نزلتْ حدباءُ مُحكمة القبضِ
أزالتْ فؤادي عن مقر مكانهِ=وأضحى جَناحي اليومَ ليسَ بِذي نهضِ
وقد كنتُ جلدًا في الحياة مُدَرَّئًا=وقد كنتُ لبَّاس الرجال على البُغضِ
وإني لحلوٌ للخليلِ وإنني=لمُرٌّ لذي الأضغانِ أُبدي لهُ بُغضي
ولا تَعْدِليني إنْ هَلكتُ بعاجزٍ=مِنَ النَّاس مَنقوضَ المَريرة والنقضِ

------------


•رثاء عبد يغوث لنفسه قبل موته:- (8)

لمَّا أسرتْ بنو تيم عبدَ يغوث, وذلك في يوم الكُلاب عندما وقعت الحرببين بني تيم وقوم عبد يغوث في أيام الجاهلية, وكان عبد يغوث فارسًا وشاعرًا, فشدُّوا على لسانه نسعة(9) خوفًا من أن يهجوهم قبل موته, فقال لهم: إنكم قاتلي ولا بُدّ, فدعوني أذمُّ أصحابي وأنوح على نفسي, فقالوا: إنك شاعر ونخاف أن تهجونا, فعقد لهم أن لا يفعل. فأطلقوا لسانه وأمهلوه حتى قال قصيدته المشهورة الرائعة:- (10)


ألا لا تَلوماني كَفى اللَومَ ما بِيا =وَما لَكُما في اللَومِ خَيرٌ وَلا لِيا
أَلَم تَعلَما أَنَّ المَلامَةَ نَفعُها =قَليل وَما لَومي أَخي مِن شمالِيا
فَيا راكِباً إِمّا عَرَضتَ فَبَلَّغَن =نَدامايَ مِن نَجرانَ أَن لا تَلاقِيا
أَبا كَرِبٍ و َالأَيهَمَينِ كِلَيهِما =وَقَيساً بِأَعلى حَضرَ مَوتَ اليَمانِيا
جَزى اللَهُ قَومي بِالكُلابِ مَلامَةً =صَريحَهُم وَ الآخَرينَ المَوالِيا
وَلَو شِئتُ نَجَّتني مِنَ القَوْمِ نَهدَةٌ =تَرى خَلفَها الحُوَّ الجِيادَ تَوالِيا
وَلَكِنّني أَحمي ذِمارَ أَبيكُم =وَكانَ الرِماحُ يَختَطِفنَ المُحامِيا
وَتَضحَكُ مِنّي شَيخَةٌ عَبشَمِيَّةٌ =كَأَن لَم تَرى قَبلي أَسيراً يَمانِيا
وَقَد عَلِمَت عَرسي مُلَيكَةُ أَنَّني =أنا اللَيثُ مَعدُوّاً عَلَيَّ وَعادِيا
أَقولُ وَقَد شَدّوا لِساني بِنِسعَةٍ =أَمَعشَرَ تَيمٍ أَطلِقوا عَن لِسانِيا
أَمَعشَرَ تَيمٍ قَد مَلَكتُم فَأَسجِحوا =فَإِنَّ أَخاكُم لَم يَكُن مِن بَوائِيا(11)
فَإِن تَقتُلوني تَقتُلوا بِيَ سَيِّداً =وَإِن تُطلِقوني تَحرُبوني بِمالِيا
وَكُنتُ إِذا ما الخَيلُ شَمَّصَها القَنا =لبيق بِتَصريفِ القَناة بنَانِيا
أَحَقّاً عِبادَ اللَهِ أَن لَستُ سامِعاً =نَشيدَ الرُعاءِ المُعزِبينَ المَتالِيا
وَقَد كُنتُ نَحّارَ الجَزورِ وَمُعمِلَ الـ =ـمطيَّ وأمضي حيث لاحيَّ ماضيا
وَأَنحَرُ لِلشَربِ الكِرامِ مِطِيَّتي =وَأَصدَعُ بَينَ القَينَتَينِ رِدائِيا
وَعادِيَةٍ سَومَ الجَرادِ وَزَعتُها =بِكَفّي وَقَد أَنحَوا إِلَيَّ العَوالِيا
كَأَنِّيَ لَم أَركَب جَواداً وَلَم أَقُل =لِخَيلِيَ كُرّي نَفِّسي عَن رِجالِيا
وَلَم أَسبَإِ الزِقَّ الرَوِيَّ وَلَم أَقُل =لِأَيسارِ صِدقٍ أَعظِموا ضَوءَ نارِيا




الهامش:-

(1)ابن قتيبة, الشعر والشعراء (ج1, 386), وفي الأوئل لأبي هلال العسكري ص:14 ببعض الإختلاف في صدر البيت الثاني.
(2)بنات الدهر: حوادثه ومصائبه.
(3)مخراق: منديل أو ثوب يُلف ثم يُضرب به.
(4)الأطباق: فِقار الظهر.
(5)ديوان امرىء القيس ص:128
(6)ديوان امرىء القيس ص:29
(7)عبد المعين الملوحي, الشعراء الذين رثوا أنفسهم قبل الموت ص:27.
(8)ذكرتُ هذه القصة على سبيل الإيجاز ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى العقد الفريد(ج6, 71-75).
(9)النسعة: سير عريض تُشد به الحقائب والرحال.
(10)ابن عبد ربه, العقد الفريد(ج6, 74-75), وفي ذيل الأمالي لأبي علي القالي ص:115 ببعض الإختلاف.
(11)أسجحوا: ارفقوا.
 
موضوع رائع

يا على كيدهم

موضوعكم نال أعجابنا وشكرا لكم على الطرح

نأمل منكم المزيد

جزاكم الله خيرا



سعدنا بتواجدكم
لا تحرمونا من هذه المشاركات الجميلة
والمواضيع الهادفة

سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك


====================
ملحوظة : هذا رد آلي على الموضوع
 
أعلى