• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

صلاح الامة فى علو الهمة

[frame="3 80"]أَيُّهَا الاخوة---- مُنْذُ سَنَوَاتْ قَرَأْتُ كِتَابا لِلْشَّيْخِ المقدم بِعُنْوَانِ(عُلُوّ الْهِمَّة)فَأَلْفَيْتُهُ كِتَابا عَجِيْبَا يَنْبَغِىْ أَنْ يَقْتَنِيَهُ كُلِّ مُسْلِمٍ فَمَا إِنْ تَقْرَأْ هَذَا الْكِتَابِ إِلَا وَتُحِسُّ بِانْفِعَالِ يَعْتَرِيَكَ وَكَأَنّهُ يَقُوْلُ لَكَ قُمْ وَانْهَضْ وَافْعَلْ وَاصْنَعِ وَقُدِّمَ شَيْئا وَدَّعَكَ مِنْ الْكَسَلِ وَالْرُّكُونِ وَالْرُكُودُ وَالْخُمُولِ----- ثُمَّ جَاءَ الْشَّيْخُ العَفَانّىْ وَأَصْدَرَ كِتَابٍ (صلاح الامَّةِ فِىْ عُلُوّ الْهِمَّة)وَهُوَ فِىْ سِتَّةِ مُجَلَّدَاتٍ فَكَانَ كِتَابِ الْشَّيْخِ العفانى كَالْغَيْثِ إِذَا سَقَطَ عَلَىَ الارْضِ الْجَدْبِ ---فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُلَخِّصَ لَكُمْ مُحْتَوَىْ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ الْجَلِيْلَيْنِ خَاصَّةً أَنَّ كَثّيْرا مِنَ الْنَّاسِ لَدَيْهِمْ قُدُرَاتِ وَإِمَكَانَاتِ لَكِنْ لِلْاسَفْ لَا يَسْتَطِيْعُوْنَ الاسْتِفَادَةِ مِنْهَا(قُدُرَاتِ مُهْدَرَةٌ) وَهُنَاكَ كِتَابٌ آَخَرُ لِلْشَّيْخِ مُحَمَّدِ بِنِ مُوْسَىْ الْشَّرِيفِ اسْمُهُ(عَجَزَ الْثِّقَاتِ) وَهُوَكُتَابِ مَلِيْحٌ مَاتِعٌ يُنَادِيْكَ يَامَنْ رِزْقِكَ الْلَّهِ قُدُرَاتِ وَإِمَكَانَاتِ لِمَا لَا تَسْتَغْلِهِا فِىْ خِدْمِةْ دِيْنِكَ-نِرْجَعْ إِلَىَ عَلْوَالهِمّمْ وَّدَنائَتِهَا فَنَقُوْلُ---------------------------------------------إِنَّ الْنَّاسَ يَتَفَاوَتُوْنَ فِيْ هِمَمِهِمْ وَطُمُوحاتِهُمْ كَمَا قَالَ الْلَّهُ تَعَالَىْ (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى)
وَرَحِمَ الْلَّهُ امْبِرَاطُوْرِ الْشُّعَرَاءُ-الْمُتَنَبّى- يَوْمٍ قَالَ


عَلَىَ قَدْرِ أَهْلِ الْعَزْمْ تَأْتِيَ العَزَائِمُ ::: وَتَأْتِيَ عَلَىَ قَدْرِ الْكَرِيْمِ الْمَكَارِمُ
وَتَعْظُمُ فِيْ عَيْنِ الْصَّغِيْرِ صِغَارُهَا ::: وَتَصْغُرُ فِيْ عَيْنِ الْعَظِيمِ الْعَظَائِمُ
كَمَا أَنَّهُمْ يَتَبَايَنُونَ فِيْ مَدَارِكِهِمْ وَقُدُرَاتِهِمْ , وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ بِرَقْمِ 127 بِإِسْنَادِهِ إِلَىَ عَلِيِّ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: (حَدِّثُوا الْنَّاسَ بِمَا يَعْرِفُوْنَ أَتُحِبُّوْنَ أَنْ يُكَذَّبَ الْلَّهُ وَرَسُوْلُهُ) , وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِيْ الْمُقَدِّمَةِ بِإِسْنَادِهِ إِلَىَ ابْنِ مَسْعُوْدٍ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:(مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمِا حَدِيْثا لَا تَبْلُغُهُ عُقُوْلُهُمْ إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً) دُلَّ ذَلِكَ عَلَىَ أَنَّ هُنَاكَ بَوْنَا شَاسِعَا وَفَرَّقَا عَظِيْمَا فِيْ مَدَارِكِ الْنَّاسِ وَقُدُرَاتِهِمْ ,
قَالَ حَسَّانُ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ فِيْ مَدْحِ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لَهُ هِمَمٌ لَامُنْتَهَىَ لِكِبَارِهَا ::: وَهِمَّتُة الْصُّغْرَىْ أَجَلُّ مِنْ الْدَّهْرِ
وَهَذِهِ هِيَ الْكَفَّةُ الْعُلْيَا الْمَوْسُوْمَةَ بِالْأُسْوَةِ وَالْقُدْوَةُ وَالْمَوْصَوفَةً بِالْهِمَّةِ وَالْقُدْرَةُ , بَيْنَمَا هُنَالِكَ فِئَةٍ أُخْرَىَ عَلَىَ النَّقِيضِ تَمَامَا تَرْضَىَ بِسَفَاسِفِ الْأُمُورِ وَضَّحَالَةِ الْمَعْرِفَةِ , وَفِيْهِمْ يَتَـنَـزَّلُ قَوْلُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ- فِيْ صَيْدِ الْخَاطِرِ- صَ 231 : وَلَوْ أَمْكَنَكَ عُبُوْرَ كُلِّ أُحُدْ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالزُّهَّادِ فَافْعَلْ ، فَإِنَّهُمْ كَانُوْا رِجَالْا وَأَنْتَ رَجُلٌ ، وَمَا قَعَدَ مَنْ قَعَدَ إِلَا لِدَنَاءَةِ الْهِمَّةِ وَخَساسَتِهَا . اهٓـ . قَالَ الْشَّاعِرُ :


(بَعْضُ الْرِّجَالِ كَبِيْرٌ فِيْ تَعَامُلِهِ :::وَبَعْضُهُمْ مِثْلَ أَطْفَالِ الْأَنَابِيْبِ)

وَعَلَىَ هَذَا فَالَنَّاسُ فَرِيْقَانِ وَبَيْنَهُمَا مُبْدِعْ خَامِلٌ



1-(عَالِىَ الْهِمَّةِ )وَاسِعٌ الْادْراكِ..عَظِيْمٌ الْمَعْرِفَةِ..ثَاقِبٌ الْفَهْمِ ..بَعِيْدٍ الْنَّظَرِ..
سَامِيَ الْهَدَفُ , اسْتَطَاعَ أَنْ يُوَظِّفَ كُلُّ ذَلِكَ فِيْ الاسْتِفَادَةِ مِنَ قُدُرَاتِهِ وَفِيْ إِفَادَتِهَا الْآَخِرِينَ , يَعِيْشُ بِذَلِكَ فِيْ طَبَقَاتِ الْكِبَارِ مِنْ أَمْثَالِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ الْبَاحِثْ عَنْ الْدِّينِ الْحَقِّ الَّذِيْ يَقُوْلُ عَنْهُ الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْكَانَ الْإِيْمَانِ عِنْدَ الْثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلَاءِ) يَعْنِيْ مِنْ فَارِسَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيْثِ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ .
قَالَ الْشَّاعِرُ:
فَكُنْ رَجُلا رِجْلُهُ فِيْ الْثَّرَى ::: وَهَامَـةُ هَمَّتْـِه فِيْ الْثُّرَيَّـَّا------------------------------------------------------------
وَهَذَا الْفَرِيْقِ لَهُ الْقَدَحُ الْمُعَلَّىْ وَأَخْذُ الْصَّدَارَةِ فَهَنِيْئَا لَهُ , قَالَ أَبُوْ فِرَاسَ الْحَمَّدَانِيَ:
وَنَحْنُ أُنَاسٌ لَا تَوَسُّطَ عِنْدَنَا ::: لَنَا الْصَّدْرُ دُوْنَ الْعَالَمِيْنَ أَوِ الْقَبْرُ

------------------------------------------------
2-( دَنٓيئِ الْهِمَّةِ)ضَعُفَ إِدْرَاكُهُ..وَقَلَّتْ مَعْرِفَتُهُ..وَتَضَاءَلَتْ هِمَّتُهُ..وَقَصُرَ رَأْيَـُه..وَلَمْ يَسْتَفِدْ مِنْ قُدُرَاتِهِ,وَأَنَّى لَهُ ذَلِكَ وَفَاقِدُ الْشَئٍ لَايُعْطِيهِ ؟ فَتَرَاهُ يَعِيْشُ فِيْ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ(كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىَ شَاكِلَتِهِ) فِيْ حَيِّزِ "الْمَوْقُوْذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالَنطْحّيّةً وَمَا أَكَلَ الْسَّبُعُ" فَكَانَ حَالِهِ كَمَا جَاءَ فِيْ الْمَثَلِ:"مُثْقَلٌ اسْتَعَانَ بِذَقَنِهِ"وَمَعْنَاهُ :ذُوْ حِمْلُ اسْتَنْجَدَ بِضَعِيْفٍ , فَهَذَا الْفَرِيْقِ لَهُ الْنَّظْرَةَ الدُّوَنَ وَالْمَثَلِ الْسَّوْءِ , فَوَا أَسَفَى عَلَيْهِ .
وَثَمَّةَ قَسِيْمُ ثَالِثُ----------------------------------------------------------------وَهَذَاالقسْمْ الْثَّالِثُ أَوَدُّ أَنْ أَقِفَ عِنْدَهُ وَقَفَاتٌ لِأَنَّهُ يَمْتَلِكُ الْقُدُرَاتِ وَالامَكَانَاتِ للَكّنَ لَا يَسْتَطِيْعُ تَوْظِيْفِهَا فَهَذَا الْصِّنْفُ: عِنْدَهُ الْحَظِّ الْوَافِرِ مِنْ الْقُدُرَاتِ.. وَالْشِئْ الْكَثِيْرِ مِنْ الْطُمُوحَاتِ, فَهُوَ ذُوْ سَعَةٍ فِيْ الْإِدْرَاكِ وَصَاحِبُ مَخْزُوْنِ ثَقَافِيٌّ , غَيْرَ أَنَّهُ تَأَخَّرَ عَنِ الْرَّكْبِ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَغِلَّ قُدُرَاتِهِ وَلَمْ يُوَظِّفُ طَاقَاتُـِه فِيْ نَفْعَ نَفْسِهِ أَوْ نَفْعَ الْآَخَرِيْنْ, أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَأْخُذُ بِيَدِهِ إِلَىَ أَنْ يَسْتَفِيْدُ مِنْ قُدُرَاتِهِ وَيُفِيْدُ الْآَخِرِينَ فَكَانَ حَالِهِ كَمَا قَالَ الْلَّهُ(وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) الْتَّكْوِيْرِ (8-9) كَانَ يُمْكِنُهَا أَنْ تَسْتَفِيْدَ وَيُسْتَفَادِ مِنْ حَوَاسِهَا الْخَمْسِ وَلَكِنَّ وُئِدَتْ فَأَنَّىُ لَهَا الْعَطَاءِ؟.قَالَ الْشَّاعِرُ :


(أَلْقَاهُ فِيْ الْيَمِّ مَكْتُوفَا وَقَالَ لَهُ ::: إِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ تَبْتَلَّ بِالْمَاءِ)
فَهَذَا الْفَرِيْقِ هُوَ الْمَعْنِيُّ بِهَذِهِ الْإِشَارَةِ التَّذْكِيْرِيَّةِ.. وَالْلَّفْتَةَ الْأَدَبِيْةِ..وَالْإِلَمَاحَةً الْتَطْوِيْرِيَةَ ,


وَمَا قَدَّمْتُهُ مِنْ الْحَدِيْثِ عَنْ الْفَرِيْقَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ كَانَ كَالْمُقَدِّمَةِ لِلْحَدِيْثِ عَنْ هَذَا الْفَرِيْقُ , وَقَدْ قَسَّمْتُهُ إِلَىَ قِسْمَيْنِ فَأَقُوْلُ مُسْتَعِيْنَا بِاللَّهِ :


الْصِّنْفُ الاوَّلُ :
إِنَّهُ ثُمَّةَ صِنْفٍ مِنْ الْنَّاسِ: عِنْدَهُ شَئٌ مِنْ الطَّاقَاتِ قُدِّرَ لَابَأْسَ بِهِ مِنْ الْقُدُرَاتِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَحْرِصْ عَلَىَ تَوْظِيْفِهَا فِيْمَا يَنْفَعُهُ أَوَيَنفَعَ غَيْرَهَ فَهُوَ لَايُبَاليِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَشْعِرُ أَهَمِّيَّةِ اسْتِغْلَالِ وَقْتِهِ , وَقَدْ جَاءَ فِيْ الْبُخَارِيّ تَعْلِيْقَا عَنْ رَبِيْعَةَ الْرَّأْيِ أَنَّهُ قَالَ: ( لَايَنْبَغِيْ لِأَحَدٍ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعِلْمِ أَنْ يُضَيِّعَ نَفْسَهُ), وَرَحِمَ الْلَّهُ ابْنَ عَقِيْلٍ الْحَنْبَلِيَّ صَاحِبَ كِتَابِ "الْفُنُوْنِ "الَّذِيْ أَلَّفَهُ فِيْ ثَمَانَمِائَةِ مُجَلَّدَ فَقَدْ كَانَ يَقُوْلُ-كَمَا فِيْ ذَيْلِ طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ ( 1/146)-: إِنِّيَ لَا يَحِلُّ لِيَ أَنْ أُضَيِّعَ سَاعَةً مِّنَ عُمْرِيّ ، حَتَّىَ إِذَا تَعَطَّلَ لِّسَانِيّ عَنْ مُذَاكَرَةِ وَمُنَاظَرَةَ ، وَبَصَرِيْ عَنْ مُطَالَعَةِ ، أَعْمَلْتُ فِكْرِيٌّ فِيْ حَالِ رَاحَتِيْ وَأَنَا مُسْتَطْرِحُ ، فَلَا أَقُوْمُ إِلَا وَقَدْ خَطَرَ لِيَ كُلُّ مُا أُرِيْدُ أَنْ أُسَطِّرُهُ.ا.هِـ.
فَمِثْلُ هَذَا الصِّنْفَ- أَعِنِّيْ صِنْفَ الْكَسُولِ الْخَامِلُ الْمُتَوَاكِلَ الْعَاطِلِ- يَحْتَاجُ أَوَّلَا إِلَىَ أَنْ يُعِيْدُ الْنَّظَرِ فِيْ دَاخِلَةِ نَفْسِهِ وَقَرَارَةُ قَلْبِهِ, مُسْتَشْعِرَا الْمُهِمَّةِ الْعُظْمَىَ الَّتِيْ خَلَقَهُ لَهَا رَبُّهُ الْقَائِلُ :( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَاتُرْجَعُوْنَ ) ؟!. سُوْرَةُ الْمُؤْمِنُوْنَ آَيَةً (115)
فَإِذَا حَصَلَ مِنْهُ هَذَا الاسْتِشْعَارِ وَتَقَرَّرَتْ عِنْدَهُ إِجَابَةٌ (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُوْنِ) الْذَّارِيَاتِ آَيَةً (56) , حِيْنَهَا نَنْتَقِلُ إِلَىَ الْمَرْحَلَةِ الْثَّانِيَةُ وَهِيَ الْسَّعِيّ إِلَىَ إِيْجَادِ مَنْ يَأْخُذُ بِيَدِهِ إِلَىَ شَاطِئِ الْأَمَانَ .


الْصِّنْفُ الْثَّانِيَ :
غَيْرَ أَنَّ هُنَالِكَ صُّنَّفَا مِنْ الْنَّاسِ عِنْدَهُ مِنْ الطَّاقَاتِ الْهَائِلَةِ وَالْقُدُرَاتِ الْوَاسِعَةِ , وَقَفَتْ أَمَامَهُمْ الْعِراقِيلَ وَالْحَوَاجِزِ ,وَلَمْ تُسَلَّطَ عَلَىَ أَمْثَالَهُمْ الْأَضْوَاءُ , فَلَمْ يَجِدُوْا مِنَ يُسْتَغَلَّ طَاقَاتِهِمْ أَوْ يَسْتَفِيْدُ مِنْ قُدُرَاتِهِمْ , مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَىَ ذَلِكَ وَتطْلِعَهُمْ إِلَىَ الْمُسْتَقْبَلِ الْمَنْشُودُ , فِيْ حِيْنِ أَنْهُمْ لَمْ يُؤْبَهْ بِهِمْ , فَهَذَا الْصِّنْفُ مِنَ الْنَّاسِ يَرَىَ أَنَّ كُلَّ مَنْ حَوْلُهُ مَشْغُوْلٌ بِنَفْسِهِ , إِنْ عُلِمْ بِمَا عِنْدَهُ مِنْ الْمَهَارَاتِ لايُساعِدِهُ, وَإِنْ لَمْ يُعْلَمَ فَهُوَ فِيْ الْمَجَالِسِ يَبْتَذِلُهُ , وَفِيْ الْلِّقَاءَاتِ يَزْدَرِيْهِ وَيَحْتَقِرُهُ , مِمَّا يَجْعَلُهُ يَعِيْشُ فِيْ حَيِّزِ مِنْ الْوَحْدَةِ الْقَاتِلَةِ , فَتَرَاهُ عَلَىَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانِ لايَسْطِيعُ أَنْ يَنْبِسُ بِبِنْتِ شَفَةٍ , وَتَرَاهُ عَلَىَ مَا عِنْدَهُ مِنْ سَعَةِ الْادْراكِ وَمَعْرِفَةِ الْحَيَاةِ لَايَقْدِرُ أَنَّ يَحُلُّ أَصْغَرُ قَضِيَّةٍ تُوَاجِهُهُ , وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ يَلُوْذُ بِالْصَّمْتِ وَيَعُوْدُ عَلَىَ نَفْسِهِ بِاللائِمّةً, فَيَرْجِعُ الْقَهْقَرَىْ يَوْمَا بَعْدَ يَوْمْ , حَتَّىَ تُهْدَرَ طَاقَاتُهُ وَتَضْمَحِلَّ قُدُرَاتُـهِ .


فَكَمْ مِنْ فلاح بَارِعٍ اصْفَرَّتْ أَغْصَانُ مَزْرَعَتِهِ وَبَارَتْ أَرْضُهُ .., وَكَمْ مِنْ طَبِيْبٍ حَاذِقٍ يَخْدِمُ الْإِنْسَانِيَّةَ مَا زَالَ بِهِ زُمَلَاؤُهُ حَتَّىَ بَاعَ ذِمَّتَهُ .., وَكَمْ مِنْ صَاحِبِ خَيَالٌ وَاسِعٌ ٍوحِسٍّ مُرْهَفٍ جَرَّتْـْه تَصَوُّرَاتٍـُه الْخَاطِئَةُ فِيْ غِيَابِ الْتَّوْجِيْهِ إِلَىَ حَتْفِهِ.., وَكَمْ مِنْ طَالِبٍ عِلْمٍ مُجْتَهِدٍ كَانَتْ أُسْرَتُهُ سَبَّبَا فِيْ فَشَلِهِ وَإحْبَاطِهُ.., وَكَمْ مِنْ خَطِيْبٍ مِصْقَعٍ يَخْلُبُ الْأَلْبَابَ تَلَعْثَمَتْ كَلِمَاتُهُ فِيْ حَلْقِهِ.., وَكَمْ مِنْ شَاعِرٍ مُفْلِقٍ ذِيْ قَرِيْحَةٍ فِيْـاضةً بِاءَتْ قَرِيْحَتُهُ بِالْفَشَلِ وَمَاتَ بِشَاعُرِّيْتِهُ.., وَكَمْ فِيْ أَوْسَاطِ مُجْتَمَعُنَا مِنْ ضَحَايَا هَذَا الصِّنْفَ؟! , وَذَلِكَ كُلُّهُ فِيْ غِيَابِ الرِّعَايَةِ وَالَتأهّيَلّ , فَمِثْلُ هَؤُلاءِ يَجِبُ أَنْ يُشَجَّعُوا وَيُؤْخَذَ بِأَيْدِيْهِمْ وَيُمَدَّ لَهُمْ جِسْرُ الْتَّعَاوُنِ حَتَّىَ يَقِفُوْا عَلَىَ سُوْقِهِمَ فَإِنَّ الضَّعِيْفَ أَمِيْرُ الْرَّكْبُ .


وَلا إِخَالُ أَنَّ ذَوِيْ الْبَصَائِرِ هُمَّ الَّذِيْنَ يَلْمِسُونَ أَهَمِّيَّةِ تَسْلِيْطِ الْضَّوْءِ عَلَىَ مِثْلِ هَؤُلاءِ لَمَّا عِنْدَهُمْ مِّنَ الْأَهْلِيَّةِ فَيُخْرِجُوْنَهُمْ مِنْ بُؤْرَةِ الْفَرَاغِ الْقَاتِلُ , وَدَائِرَةً الْصَّمْتِ الْمُطْبِقِ, إِلَىَ الْفَضَاءِ الْرَّحْبِ, وَالْخَيَالِ الْوَاسِعُ , حَيْثُ الْبَذْلُ وَالْعَطَاءُ فَإِنَّ فِيْ نَفَعَهُمْ نَفْعا لِلْإِسْلامِ وَالْمُسْلِمِيِنَ .
فَيَا أَخِىَ الْكَرِيْمَ أَىْ مِنْ الْاصْنَافِ الْثَّلاثَةِ أَنْتَ؟فَإِنْ كُنْتَ عَالِىَ الْهِمَّةِ فَاسْلُكْ سَبِيِلِكَ وَلَا تَلْتَفِتْ إِلَىَ الْوَرَاءِ لِأَنَّ الْفَشَلَة يُلَاحَقُونَكِ فِىْ كُلِّ مَكَانٍ------وَإِنْ كُنْتَ دَنٓيئِ الْهِمَّةِ (مِّثْلُنَا) فَهَيَّا نَفْتَحُ صَفْحَةً جَدِيْدَةً وَنَعْلُو لَا نَرْضَى بَالَدُونٍ .قَالَ -ابْنُ الْقَيِّمِ-(دُنُوَّ هِمَّةٌ الكساح دَلِاهُ فِىْ جُبَ الْعَذِرَةِ) وَنَحْنُ نَرْبأَ بكِ أَنْ تَكُوْنَ مِنْ هَذَا الصِّنْفِ الْثَّانِىَ----وَأَمَّا إِنَّ كُنْتَ مِنَ الصِّنْفِ الْثَّالِثِ فَلَمَّا لَا تَطَوُّرٍ مِنْ ذَاتِكْ وَقُدْرَاتِكَ فَأَنْتَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْمَجْدِ خُطْوَةٍ فَلَمَّا لا تَمَشيّهَا[/frame]
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
موضوع رائع

يا محمد صدقى الابراشى

موضوعك نال أعجابنا وشكرا لك على الطرح

نأمل منك المزيد

جزاك الله خيرا

سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك


====================
ملحوظة : هذا رد آلي على الموضوع
 
رد: صلاح الامة فى علو الهمة

علو الهمه من اجمل الكتب التى كتبها الدكتور محمد اسماعيل المقدم والدكتور سيد حسين العفانى ، ففعلا انا فخور بك لأنك قارىء مجتهد فهو موضوع جميل لا يكتب فيه الا اصحاب الهمم العاليه ، فنشكرك على ماكتبت وارجوا من الله ان يجزيك خيرا .
شعبان اسماعيل حافظ
 

ابوشدى

Moderator
رد: صلاح الامة فى علو الهمة

عَلَىَ قَدْرِ أَهْلِ الْعَزْمْ تَأْتِيَ العَزَائِمُ ::: وَتَأْتِيَ عَلَىَ قَدْرِ الْكَرِيْمِ الْمَكَارِمُ
وَتَعْظُمُ فِيْ عَيْنِ الْصَّغِيْرِ صِغَارُهَا ::: وَتَصْغُرُ فِيْ عَيْنِ الْعَظِيمِ الْعَظَائِمُ
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه
 
رد: صلاح الامة فى علو الهمة

بارك الله فيك أخي محمد وجزاك الله عنا خيرا عن تلك المواضيع الهادفة التي تعين الأمة وتفيقها من ثباتها العميق وترقى بها بين الأمم إن علمت وعملت بما لديها من كنوز ودرر لم تحظى بها أمم أخرى فنحن على الحق والحق أدلج والباطل لجلج واسمح لي بتسويق هذه الدرة التي أتيت بها من أعماق نفوس هذه الأمة والتي لولاها ما ساد العرب رعاة الشاة بلاد الشرق والغرب إخواني إن أردنا بحق إستعادة مجدنا ورقينا فعلينا أولا التمسك بهذ الدين والعمل بما جاء في الكتاب والسنة ثم عليكم بجماعة المسلمين حيث يقول ربنا في سورة الكهف { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداوة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا }
فذلك من الأسباب المعينة على علو الهمة وإن لم يكن هناك بيئة إيمانية ، ما لم يكن هناك مجتمع إيماني ، ما لم تكن هناك علاقات إيمانية ، ما لم يكن لك أصدقاء مؤمنون ، ما لم يكن لك مسجد تأوي إليه فلن تستطيع أن تصمد أمام الفتن ، لذلك :

(( الجماعة رحمة ، والفرقة عذاب )) .

[ أخرجه القضاعي عن النعمان بن بشير ] .

(( عليكم بالجماعة ، وإياكم والفرقة ، فإن الشيطان مع الواحد ، وهو من الاثنين أبعد )) .

[ أخرجه أحمد والترمذي والحاكم عن عمر ] .

(( فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية )) .

[ رواه أبو داوود عن أبي الدرداء ] .

لذلك أنت مع أخيك تقوى على طاعة الله ، ومن دون أخيك تضعف أمام إغراءات الشهوات ، الدنيا خضرة نضرة ، والشهوات فيها مستعرة ، والفتن يقظة ، والنساء كاسيات عاريات ، وكل شيء في هذا العصر يدعوك إلى المعصية ، إذاً : لا تستطيع أن تطيع الله إلا بجو إيماني ، من هنا قال الله عز وجل :{ يا أيها الذين آمنوا اتقو الله وكونو مع الصادقين }
( سورة التوبة } رزقني الله وإياكم بصديق صدوق مثل أخونا أبوصدقي
 
أعلى