عندما افقت من نومى اليوم احسست بأن لدى رغبه جارفه فى ان اكتب , فقد اشتقت كثيرا الى قلمى واوراقى : فانا منذ فتره كبيره لم اتجرأ على ان اخط بيدى ولو حرف واحد ليس لأننى لم اعد امتلك القدره على ان ابتكر فكره جديده واتناولها ولكن لأننى كلما هممت ان اكتب يحدث شئ ما يعكر صفو ذهنى ويشتت افكارى ثم اصاب بنوبه من الاحباط الشديد فتضيع منى الافكار وتهرب منى الكلمات واتوه من جديد وسط متاعب الايام التى انازع يوما بعد يوم لأنتزع نفسى من بين براثنها.
فقد استطاعت الايام ان تنال منى وتبتلعنى داخل تجاويفها الظلماء وانا مع ذلك مستسلمه رغما عنى :لانه لا يوجد لدى ما يدفعنى للمقاومه والخروج من هذه الكابه التى اصبحت تسيطر على حياتى وليس هناك ما يدفعنى لان انطلق من وسط هذا الخمول لأنقذ نفسى وعقلى من السقوط فريسة للايام فأعيش هذا الوهم دون امل فأنسى كل شئ حتى اوراقى واقلامى ومعهما افقد الهامى .
الا اننى مع ذلك لم اكن ادرى ما هو سر هذا التغير المفاجئ الذى طرأ على حياتى فجأه ,وما سر هذه الرغبه الجامحه فى ان اعود لأكتب ولو مجرد ترهات بلا معنى , ولكننى سرعان ما اكتشفت انه ....."الهروب".
وبديهيا ان يعتقد البعض اننى اقصد الهروب من الحياة والامها , ولكن هذا مالا اعنيه على الاطلاق : فالكتابه بالنسبة لى كالبنزين الذى تسكبه على النيران ليزداد لهيبها : فعندما اكتب فهذا يعنى اننى اكون حتما فى اقصى حالات اليأس التى تنتابنى على الاطلاق .
فأنا لا اكتب لأنسى همومى بل اكتب لاخرج بهذه الهموم الى الواقع واتجسدها كائنه امامى حتى استطيع ان اتشفى منها واتخلص منها بكلماتى اللاذعه حينا والهادئه حينا اخر وكانى استمتع بعذاباتى والامى .
لكن الهروب هنا يمثل لى نوعا اخر فحقا انا اهرب ولكن هذه المره اهرب من نفسى : فأنا قد خرجت لتوى من مرحلة انعاش لذاكرة القراءه لدى فبرغم الاعباء الدراسيه الكثيره التى تتراكم فوق رأسى دون ان احاول حتى مجرد الاقتراب منها دون الخوض فيها فقد شعرت وكأننى اعانى عملا سحريا ضد المذاكره فكلما هممت بأن اتابع دروسى اشعر برغبه شديده فى النعاس لا ادرى ما سببها ولا من اين تاتينى بمجرد ان امسك بالكتاب وانوى ان اذاكر .
هذه الحاله الغريبه قد ارهقتنى حقا فقررت ان اختبر هذه الحاله خشية ان تستمر معى الى يوم لا ينفع فيه الا ان " يكرم المرء او يهان " : ولأننى بفضل الله لم يسبق لى ان تعرضت لمثل هذا النوع من الاهانه فقد قررت الا اتعرض له كما اعتدت وان يستمر النجاح معى حتى وان كان عدمه لا يمثل اهانه كبيره بالنسبة لى فى هذه السنه الدراسيه العامه التى قررت ان اخوضها كنوعا من تحصيل الحاصل ليس الا خاصة وانى قد انهيت دراستى الجامعيه بأمان .
ولأتغلب على هذه التجربه المريره التى عانيتها احضرت مجموعه من قصص وروايات الادب العالمى والاعمال الابداعيه لكتاب كبار اختلفت توجهاتها باختلاف كتابها وحالتهم الفنيه واسلوبهم الادبى , وقررت ان استزيد من روعة ما كتبوا حتى استطيع ان اتكشف ملامح هذه الحاله التى اصبحت اعانيها عندما امسك بدفتى كتاب, وكالمعتاد توقعت ان يحدث معى ما اعهده ....
لكن مفاجأتى كانت كبيره عندما ثبت عكس ما تخيلته تماما فأنا استطعت خلال يومين فقط ان انهى خمس قصص ادبيه وديوانا كاملا للشعر لاحد شعرائى المميزين وايضا كتابا علميا لاستاذنا الكبير الدكتور/ مصطفى محمود , هذا الى جانب مذكرات سياسيه لاحد الوزراء السابقين.
تعجبت مما حدث واستغربت لهذه الطاقه وهذه القدره العجيبه على الاستيعاب والقراءه فى وقت يعتبر قياسيا بالنسبة لما اعانيه انا.
لكن حيرتى لم تدم طويلا فالحقيقة قد اتضحت كعين الشمس فكل ما هنالك اننى اقبلت على الاشياء التى تحمل حرية الاختيار من ناحيتى ولم اكن مضطره لان افعلها اما المذاكره والدراسه فهى امور اصبحت ملزمه بها وقائمة فوق راسى وانا مطالبه بالوفاء بها يوم الامتحان اذا فما حدث معى فى القراءه لم يكن الا لانها امر اختيارى ليس هناك ما يدفعنى جبرا لان اقوم بها .
اذا فسبب هروبى الاساس هو عدم الرغبه فى المذاكره لذا فقد فضلت ان الجأ الى اى شئ يلهينى عنها ويكون مبررا قويا لان اتجاهلها واتناسها ولو لبعض الوقت .
لكن –لا اخفيكم سرا – لم تكن ايضا هذه هى الحقيقة الكامله لان اكتب هذا المقال وهذه الامور التى قد لا تعنى معرفتها البعض منكم بل انها قد لا تعنى احدا على الاطلاق ولكن سبب تعاستى واحباطى فى الحقيقه كان بعدما انتهيت من قراءاتى فقد تيقنت بعض الاشياء التى لم اكن ادركها من قبل : فقد تيقنت اننى مهما ابرعت ومهما تفننت فلن استطيع ان اكتب صفحه واحده مما كتبه هؤلاء العمالقه .
فقد كتبوا بكل احساسهم وبصدق فأودعوا فيه كل خبراتهم وقراءاتهم وتجاربهم الانسانيه لتخرج لنا بكل صدق وبكل معنى.
هذا ما اصابنى باليأس الشديد لاننى ايقنت اننى هكذا لن اتقدم خطوه واحده للامام ولن استطيع ان اكتب مثلهم ولو بعد سنوات طويله من التمرس والممارسه والقراءه والاستزاده من المعرفه.
ولكن عندما بحثت فى سيرة هؤلاء وفى بداياتهم الاولى اكتشفت ان نسبه كبيره منهم لم يكملوا تعليمهم وانهم عاشو حياة قاسيه وظروفا اصعب هى التى دفعت بهم الى هذا الابداع الفنى .
حينها هدأت نفسى واستقرت مخاوفى وعاد الى الامل من جديد : لذا قررت ان امسك قلمى واكتب ما قد يصل الى ذهنى دون اعداد او تفكير فقط لأنشط ذاكرتى واعيد الى نفسى لهفتها المفقوده فى ان اعبر عما يدور بداخلها فقد هدأت لفتره ليست بالقصيره ولكنها عادت لتثور من جديد
لم تكن هذه خاطره او قصه او اى نوع من انواع الكتابه الادبيه , فما هى الا كلمات اردت بها ان اعيد لنفسى توازنها وان ابرهن لنفسى اننى ما زلت قادره على ان احمل ورقه وقلم واكتب ما يحلو لى دون تردد او خوف .
فقد استطاعت الايام ان تنال منى وتبتلعنى داخل تجاويفها الظلماء وانا مع ذلك مستسلمه رغما عنى :لانه لا يوجد لدى ما يدفعنى للمقاومه والخروج من هذه الكابه التى اصبحت تسيطر على حياتى وليس هناك ما يدفعنى لان انطلق من وسط هذا الخمول لأنقذ نفسى وعقلى من السقوط فريسة للايام فأعيش هذا الوهم دون امل فأنسى كل شئ حتى اوراقى واقلامى ومعهما افقد الهامى .
الا اننى مع ذلك لم اكن ادرى ما هو سر هذا التغير المفاجئ الذى طرأ على حياتى فجأه ,وما سر هذه الرغبه الجامحه فى ان اعود لأكتب ولو مجرد ترهات بلا معنى , ولكننى سرعان ما اكتشفت انه ....."الهروب".
وبديهيا ان يعتقد البعض اننى اقصد الهروب من الحياة والامها , ولكن هذا مالا اعنيه على الاطلاق : فالكتابه بالنسبة لى كالبنزين الذى تسكبه على النيران ليزداد لهيبها : فعندما اكتب فهذا يعنى اننى اكون حتما فى اقصى حالات اليأس التى تنتابنى على الاطلاق .
فأنا لا اكتب لأنسى همومى بل اكتب لاخرج بهذه الهموم الى الواقع واتجسدها كائنه امامى حتى استطيع ان اتشفى منها واتخلص منها بكلماتى اللاذعه حينا والهادئه حينا اخر وكانى استمتع بعذاباتى والامى .
لكن الهروب هنا يمثل لى نوعا اخر فحقا انا اهرب ولكن هذه المره اهرب من نفسى : فأنا قد خرجت لتوى من مرحلة انعاش لذاكرة القراءه لدى فبرغم الاعباء الدراسيه الكثيره التى تتراكم فوق رأسى دون ان احاول حتى مجرد الاقتراب منها دون الخوض فيها فقد شعرت وكأننى اعانى عملا سحريا ضد المذاكره فكلما هممت بأن اتابع دروسى اشعر برغبه شديده فى النعاس لا ادرى ما سببها ولا من اين تاتينى بمجرد ان امسك بالكتاب وانوى ان اذاكر .
هذه الحاله الغريبه قد ارهقتنى حقا فقررت ان اختبر هذه الحاله خشية ان تستمر معى الى يوم لا ينفع فيه الا ان " يكرم المرء او يهان " : ولأننى بفضل الله لم يسبق لى ان تعرضت لمثل هذا النوع من الاهانه فقد قررت الا اتعرض له كما اعتدت وان يستمر النجاح معى حتى وان كان عدمه لا يمثل اهانه كبيره بالنسبة لى فى هذه السنه الدراسيه العامه التى قررت ان اخوضها كنوعا من تحصيل الحاصل ليس الا خاصة وانى قد انهيت دراستى الجامعيه بأمان .
ولأتغلب على هذه التجربه المريره التى عانيتها احضرت مجموعه من قصص وروايات الادب العالمى والاعمال الابداعيه لكتاب كبار اختلفت توجهاتها باختلاف كتابها وحالتهم الفنيه واسلوبهم الادبى , وقررت ان استزيد من روعة ما كتبوا حتى استطيع ان اتكشف ملامح هذه الحاله التى اصبحت اعانيها عندما امسك بدفتى كتاب, وكالمعتاد توقعت ان يحدث معى ما اعهده ....
لكن مفاجأتى كانت كبيره عندما ثبت عكس ما تخيلته تماما فأنا استطعت خلال يومين فقط ان انهى خمس قصص ادبيه وديوانا كاملا للشعر لاحد شعرائى المميزين وايضا كتابا علميا لاستاذنا الكبير الدكتور/ مصطفى محمود , هذا الى جانب مذكرات سياسيه لاحد الوزراء السابقين.
تعجبت مما حدث واستغربت لهذه الطاقه وهذه القدره العجيبه على الاستيعاب والقراءه فى وقت يعتبر قياسيا بالنسبة لما اعانيه انا.
لكن حيرتى لم تدم طويلا فالحقيقة قد اتضحت كعين الشمس فكل ما هنالك اننى اقبلت على الاشياء التى تحمل حرية الاختيار من ناحيتى ولم اكن مضطره لان افعلها اما المذاكره والدراسه فهى امور اصبحت ملزمه بها وقائمة فوق راسى وانا مطالبه بالوفاء بها يوم الامتحان اذا فما حدث معى فى القراءه لم يكن الا لانها امر اختيارى ليس هناك ما يدفعنى جبرا لان اقوم بها .
اذا فسبب هروبى الاساس هو عدم الرغبه فى المذاكره لذا فقد فضلت ان الجأ الى اى شئ يلهينى عنها ويكون مبررا قويا لان اتجاهلها واتناسها ولو لبعض الوقت .
لكن –لا اخفيكم سرا – لم تكن ايضا هذه هى الحقيقة الكامله لان اكتب هذا المقال وهذه الامور التى قد لا تعنى معرفتها البعض منكم بل انها قد لا تعنى احدا على الاطلاق ولكن سبب تعاستى واحباطى فى الحقيقه كان بعدما انتهيت من قراءاتى فقد تيقنت بعض الاشياء التى لم اكن ادركها من قبل : فقد تيقنت اننى مهما ابرعت ومهما تفننت فلن استطيع ان اكتب صفحه واحده مما كتبه هؤلاء العمالقه .
فقد كتبوا بكل احساسهم وبصدق فأودعوا فيه كل خبراتهم وقراءاتهم وتجاربهم الانسانيه لتخرج لنا بكل صدق وبكل معنى.
هذا ما اصابنى باليأس الشديد لاننى ايقنت اننى هكذا لن اتقدم خطوه واحده للامام ولن استطيع ان اكتب مثلهم ولو بعد سنوات طويله من التمرس والممارسه والقراءه والاستزاده من المعرفه.
ولكن عندما بحثت فى سيرة هؤلاء وفى بداياتهم الاولى اكتشفت ان نسبه كبيره منهم لم يكملوا تعليمهم وانهم عاشو حياة قاسيه وظروفا اصعب هى التى دفعت بهم الى هذا الابداع الفنى .
حينها هدأت نفسى واستقرت مخاوفى وعاد الى الامل من جديد : لذا قررت ان امسك قلمى واكتب ما قد يصل الى ذهنى دون اعداد او تفكير فقط لأنشط ذاكرتى واعيد الى نفسى لهفتها المفقوده فى ان اعبر عما يدور بداخلها فقد هدأت لفتره ليست بالقصيره ولكنها عادت لتثور من جديد
لم تكن هذه خاطره او قصه او اى نوع من انواع الكتابه الادبيه , فما هى الا كلمات اردت بها ان اعيد لنفسى توازنها وان ابرهن لنفسى اننى ما زلت قادره على ان احمل ورقه وقلم واكتب ما يحلو لى دون تردد او خوف .
التعديل الأخير بواسطة المشرف: