محمد صدقى الابراشى
Moderator
أيُّهَا الْاخْوَة الْاعِزَّاء
لَاشَك أَن قَضِيَّة الْاصْلَاح وَالْتَّغْيِيْر لَيْسَت قَضِيَّة وَلِيْدَة الْيَوْم وَلَيْسَت بِجَدِيْدّة أَن تُطْرَح فِى الْصُّحُف أَو عَلَى وَسَائِل الاعْلام أَو فِى الْمُنْتَدَيَات ولِنتّفَق جَمِيْعا فِى أَوَّل النَّقَّاش عَلَى ضَرُوْرَة الْاصْلَاح وَالْتَّغْيِيْر الْحَقِيقِى-وَنَتَمَنَى مِمَّن يُرِيْد الْمُنَاقَشَة أَن يَلْبَس ثِيَاب الْحِيَاد وَيَخْلَع جُبَّة الْتَّعَصُّب وَالْتَّحَزُّب -وَنَحْن مِن جَانِبِنَا سَّنْدَلَى بَدَّلُوْنَا فَإِن حَالَفَنَا الْصَّوَاب فَهُو خَيْر لَنَا جَمِيْعا وَإِن أَخْطَأْنَا فَلَتَقُوِمُوْنا وَلتَنْصَحَوْنا بِالْحُسْنَى (إِن نُرِيْد الْاصْلَاح مَا اسْتَطَعْنَا)
فَنَقُوْل وَبِاللَّه الْتَّوْفِيْق وَمِنْه الْمَدَد وَالْعَوْن: ____________________________
إِن ضَعُف أَمَتَّنَا وَتَغْلِب الْأَعْدَاء عَلَيْنَا مُصِيَبَة عَظِيْمَة وَبَلَاء جَسِيْم يَجِب عَلَيْنَا أَن نَسْعَى فِي إِزَالَتِه، وَهَذَا لَا يَتَحَقَّق غَايَة الْتَّحْقِيْق إِلَّا بِحَسَن تَشْخِيْصِ المرض، وَأَلَا يُخْلَط فِي تَشْخِيْصِه بَيْن الْمَرَض وَالْعَرَض، وَمَا أَكْثَر الْمُخَلِّطِين بَيْن الْأَمْرِاض وَالْأَعْرَاض؛ لِذَا خَلَطُوْا فِيْمَا ظَنُّوْه عِلَاجا وَدَوَاء. وعلى إثر هذا قام كثير ممن يريد الاصلاح وبدء ينظر حوله ليشخص الداء ليوجد العلاج
-فقامت طائفة وادعت أن الداء العضال والمرض الفتاك هُو: مَكْر الْأَعْدَاء، وتَغَلْبِهُم. وتسلطهم وامتلاكهم مقومات الحضارة المادية،وعلى هذا ظنت الدواء هو--------------------------------
: إِشْغَال الْمُسْلِمِيْن بِالْعَدُو، وَمُخَطَّطَاتِه، وَأَقْوَالِه، وَتَّصَرِيْحَاتِه.
- وَظَنَّت طَائِفَة أُخْرَى أَن الْمَرَض: تُسَلِّط الْحُكَّام الْظَلَمَة فِي بَعْض الْدُوَل الْإِسْلَامِيَّة وأنهم حجر عثرة فى طريق الاصلاح وأنهم سبب كل هذا الفساد وسبب ضياع المقدسات الاسلامية حتى حشروا الحكام فى كل شيئ ووصل الحال إلى قولهم سبب أننى لا أصلى أو أنظر إلى النساء(الحكام) لانهم لايفرضون قوانين تحرم المعاصى.
فَعَلَيْه ظَنَّت هذه الطائفة أن الْدَّوَاء: إِسْقَاط هَؤُلَاء الْحُكَّام، وَشِحَن نُفُوْس الَّنَاس تِجَاهَهُم.وَتَشْوِيْه صُوْرَتُهُم وَذَكَر مَعَائِبِهْم وَمَثالْبِهُم وبالتالى بدأوا يحشرون أنفسهم فى الوظائف العامة والنيابية ظانين أن الوصول إلى القمة سهل وأن الاصلاح من قمة الهرم وليس من القاعدة وأن الناس سيستجيبون لهم بسرعة
-ثم خرجت طَائِفَة ثَالِثَة مدعية أَن الْمَرَض: تُفَرِّق الْمُسْلِمِيْن فِي الْأَبْدَان.
فَعَلَيْه ظَنَّت الْدَّوَاء: جَمْعِهِم، وَتَوْحِيْدُهُم؛ لِيَكْثُرُوْا بِغَض الْنَّظَر عَن اخْتِلَاف الْعَقَائِد وَالْثَّوَابِت وَالْاصُول.....
وبعد هذا العرض الموجز لأقوال بعض من يريد الاصلاح---------
وَكُل هَؤُلَاء رُبَّمَا مُخْطِئُوْن فِي تَشْخِيْص الْدَّاء بِصَرِيْح الْقُرْآَن وَالْسُّنَّة فَضْلَا عَمَّا ظَنُّوْه دَوَاء.
وَوَجْه خَطَأ الْطَّائِفَة الْأُوْلَى: أَنَّنَا إِذَا اتَّقَيْنَا الْلَّه لَا يَضُرُّنَا كَيْد الْأَعْدَاء قَال تَعَالَى: ﴿وَإِن تَّصْبِرُوَا وَتَتَّقُوْا لَا يَضُرُّكُم كَيْدُهُم شَيْئا﴾.
وَوَجْه خَطَأ الْطَّائِفَة الْثَّانِيَة: أَن الْحُكَّام الْظُّلْمَة عُقُوْبَة يُسَلِّطُهُم الَلّه عَلَى الْظَّالِمِيْن، بِسَبَب ذُنُوْب الْمَحْكُوُمِيْن، قَال تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِك نُوَلِّي بَعْض الْظَّالِمِيْن بَعْضَا بِمَا كَانُوْا يَكْسِبُوْن﴾وقال تعالى حاكيا عن فرعون(فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين) أى بسب فسقهم وتقصيرهم فى حق الله سلط الله عليهم فرعون--إذن فَلَيْس الْحُكَّام الْظُّلْمَة وحدهم هم الْدَّاء بل نحن المحكومين أيضا جزء من الداء،
قَال( ابْن الْقَيِّم)
: وَتَأَمَّل حِكْمَتِه تَعَالَى فِي أَن جَعَل مُلُوْك الْعِبَاد وَأُمَرَاءَهُم وَوُلَاتِهِم مِن جِنْس أَعْمَالَهُم ، بَل كَأَن أَعْمَالَهُم ظَهَرَت فِي صُوَر وُلَاتِهِم وَمُلُوكُهُم ، فَإِن اسْتَقَامُوْا اسْتَقَامَت مُلُوْكَهُم ، وَإِن عَدَلُوْا عَدَلَت عَلَيْهِم ، وَإِن جَارُوْا جَارَت مُلُوْكَهُم وَوُلَاتِهِم ، وَإِن ظَهَر فِيْهِم الْمَكْر وَالْخَدِيْعَة فُوَلَاتِهُم كَذَلِك ، وَإِن مَنَعُوْا حُقُوْق الْلَّه لَدَيْهِم وَبَخُلُوا بِهَا مَنَعْت مُلُوْكَهُم وَوُلَاتِهِم مَا لَهُم عِنْدَهُم مِن الْحَق وَبَخُلُوا بِهَا عَلَيْهِم ، وَإِن أَخَذُوْا مِمَّن يَسْتُضْعُفُونَه مَا لَا يَسْتَحِقُّوْنَه فِي مُعَامَلَتِهِم أَخَذْت مِنْهُم الْمُلُوْك مَا لَا يَسْتَحِقُّوْنَه وَضُرِبَت عَلَيْهِم الْمُكُوس(الضرائب والجمارك) ،
وَكُل مَا يَسْتَخْرِجُوْنَه مِن الَضَّعِيْف يَسْتَخْرِجُه الْمُلُوْك مِنْهُم بِالْقُوَّة ، فَعُمَّالُهُم ظَهَرَت فِي صُوَر أَعْمَالِهِم . وَلَيْس فِي الْحِكْمَة الْإِلَهِيَّة أَن يُوَلَّى عَلَى الْأَشْرَار الْفُجَّار إِلَا مَن يَكُوْن مِن جِنْسِهِم .------
وَلَمَّا كَان الْصَّدْر الْأَوَّل خِيَار الْقُرُوْن وَأَبَرَّهَا كَانَت وُلَاتِهِم كَذَلِك ، فَلَمَّا شَابُوْا(خلطوا وقصروا) شَيَّبَت لَهُم الْوُلَاة ، فَحِكْمَة الْلَّه تَأْبَى أَن يُوَلِّي عَلَيْنَا فَيُ مَثَّل هَذِه الْأَزْمَان مِثْل مُعَاوِيَة وَعُمَر بْن عَبْدِالْعَزِيْز ، فَضْلَا عَن مَثَل أَبِي بَكْر وَعُمَر ، بَل وُلَاتِنَا عَلَى قَدَّرْنَا وُلَاة مِن قَبْلِنَا عَلَى قَدْرَهُم ، وَكُل مِن الْأَمْرَيْن مُوَجِّب الْحِكْمَة وَمُقْتَضَاهَا ا.هـ . ----------------------------------------------
وَوَجْه خَطَأ الْطَّائِفَة الْثَّالِثَة: أَن الْكَثْرَة وَتَوْحِيْد الْصُّفُوف مَع الْذُّنُوب لَا تَنْفَع، كَمَا قَال تَعَالَى: ﴿وَيَوْم حُنَيْن إِذ أَعْجَبَتْكُم كَثْرَتُكُم فَلَم تُغْن عَنْكُم شَيْئا﴾. أَلَم تَر كَيْف أَن ذَنْب الْعُجْب بَدَّد هَذِه الْكَثْرَة فَهُزِم الْصَّحَابَة يَوْم حُنَيْن.
وَمَن الْذُّنُوب: تَوْحِيْد الْصُّفُوف مَع الْمُبْتَدِعَة مِن الصُّوْفِيَّة وَ وَالْشِّيْعَة الْرَّوَافِض وَالْعِلْمَانِيِّيْن والعقلانيين المعتزلة وَاللِيبْرالِيِّين وَالدِيمُقَرَاطيِّين وَالْوَفْدِيِّين وَالتَجمُعْيِّين؛ لِأَن الْوَاجِب تِجَاهَهُم الْإِنْكَار عَلَيْهِم، وَأَقَل أَحْوَال الْإِنْكَار الْقَلْبِي مُفَارَقَتِهِم لَا مُجَالَسَتِهِم، قَال تَعَالَى: ﴿إِنَّكُم إِذا مِثْلُهُم﴾.
.
وَبَعْد هَذَا كُلِّه، لِقَائِل أَن يُنَادِي: قَد أَبَنْت بعض الْأَخْطَاء فِي تَشْخِيْص دَاء الامةفَمَا الْتَشْخِيْص الْصَّحِيْح الْمَبْنِي عَلَى كِتَاب رَبِّنَا وَصَحِيْح سَنَة نَبِيِّنَا
فَيُقَال: تَوَاتَرَت الْآَيَات الْقُرْآنِيَّة وَالْأَحَادِيْث الْنَّبَوِيَّة فِي أَن الْمَصَائِب الَّتِي تُنْزِل بِالْعِبَاد بِسَبَب ذُنُوْبِهِم، قَال تَعَالَى: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُصِيَبَة قَد أَصَبْتُم مِثْلَيْهَا قُلْتُم أَنَّى هَذَا قُل هُو مِن عِنْد أَنْفُسِكُم إِن الْلَّه عَلَى كُل شَيْء قَدِيْر﴾.
وَإِن مِن أَعْظَم الْمَصَائِب وَالْبَلَايَا: تَغْلِب الْأَعْدَاء وَضِعْف الْمُسْلِمِيْن، فَمَن هَذَا يَظْهَر جَلِيا مَا يَلِي:
أَن الْدَّاء وَالْمَرَض هُو:
تَقْصِيْر الْمُسْلِمِيْن فِي دِيْنِهِم، وَمُخَالَفَتَهُم لِشَّرِيْعَة نَبِيُّهُم.
وَالْدَّوَاء وَالْشِّفَاء هُو:
إِرْجَاعَ الناس إِلَى دِيْنِهِم الْحَق،وإصلاح نفوسنا وقلوبنا (أقيموها فى قلوبكم ودوركم ونفوسكم تقم عند ذلك على أرضكم)
وَأَعْرَاض هَذَا الْدَّاء هُو:
غَلَبَة الْكُفَّار، وَتُسَلَّطِهُم، وَتَسْلِيْط الْحُكَّام الْظُّلْمَة عَلَى بَعْض دُوَل الْمُسْلِمِيْن.
أَلَا تَرَى إِلَى الْشِّرْك كَيْف ضُرِبَت أَطْنَابَه، وَرُفِعَت رَايَاتُه فِي أَكْثَر الْعَالَم الْإِسْلامِي؟ وَأَلَا تَرَى إِلَى الْتَّوْحِيْد كَيْف يُحَارَب فِي الْعَالَم الْإِسْلامِي ؟
فَإِذَا كَان هَذَا حَال الْعَالَم الْإِسْلَامِي مَع أَعْظَم ذَنْب يُعْصَى الْلَّه بِه "الْشِّرْك الْأَكْبَر"، فَكَيْف نُرِيْد نَصْرا وَعِزا.
نَاهِيْك عَن الْمَعَاصِي الشُبِهَاتِيّة الْأُخْرَى وَالْشَّهْوَانِيَّة فَهِي الْسَائِدَة الْظَّاهِرَة فِي أَكْثَر الْعَالَم الْإِسْلامِي، فَإِذَا كُنَّا صَادِقِين، وَلِأُمَّتِنَا رَاحِمِيِن،
فَلَا نَشْتَغِل بِالْعَرَض عَن عِلَاج الْدَّاء، وَهُو إِرْجَاعَهُم إِلَى دِيْنِهِم
اللهم اهد ولاة ألامر فى بلادنا ووزرائهم ومستشاريهم وحبب الدين إلى قلوبهم ووفقهم لتحكيم شرعك وسنة نبيك وجنب البلاد الفتن والمحن والازمات والثورات وارزقنا الامن والامان فى بلادنا وبلاد المسلمين وحرر الاقصى يارب العالمين
لَاشَك أَن قَضِيَّة الْاصْلَاح وَالْتَّغْيِيْر لَيْسَت قَضِيَّة وَلِيْدَة الْيَوْم وَلَيْسَت بِجَدِيْدّة أَن تُطْرَح فِى الْصُّحُف أَو عَلَى وَسَائِل الاعْلام أَو فِى الْمُنْتَدَيَات ولِنتّفَق جَمِيْعا فِى أَوَّل النَّقَّاش عَلَى ضَرُوْرَة الْاصْلَاح وَالْتَّغْيِيْر الْحَقِيقِى-وَنَتَمَنَى مِمَّن يُرِيْد الْمُنَاقَشَة أَن يَلْبَس ثِيَاب الْحِيَاد وَيَخْلَع جُبَّة الْتَّعَصُّب وَالْتَّحَزُّب -وَنَحْن مِن جَانِبِنَا سَّنْدَلَى بَدَّلُوْنَا فَإِن حَالَفَنَا الْصَّوَاب فَهُو خَيْر لَنَا جَمِيْعا وَإِن أَخْطَأْنَا فَلَتَقُوِمُوْنا وَلتَنْصَحَوْنا بِالْحُسْنَى (إِن نُرِيْد الْاصْلَاح مَا اسْتَطَعْنَا)
فَنَقُوْل وَبِاللَّه الْتَّوْفِيْق وَمِنْه الْمَدَد وَالْعَوْن: ____________________________
إِن ضَعُف أَمَتَّنَا وَتَغْلِب الْأَعْدَاء عَلَيْنَا مُصِيَبَة عَظِيْمَة وَبَلَاء جَسِيْم يَجِب عَلَيْنَا أَن نَسْعَى فِي إِزَالَتِه، وَهَذَا لَا يَتَحَقَّق غَايَة الْتَّحْقِيْق إِلَّا بِحَسَن تَشْخِيْصِ المرض، وَأَلَا يُخْلَط فِي تَشْخِيْصِه بَيْن الْمَرَض وَالْعَرَض، وَمَا أَكْثَر الْمُخَلِّطِين بَيْن الْأَمْرِاض وَالْأَعْرَاض؛ لِذَا خَلَطُوْا فِيْمَا ظَنُّوْه عِلَاجا وَدَوَاء. وعلى إثر هذا قام كثير ممن يريد الاصلاح وبدء ينظر حوله ليشخص الداء ليوجد العلاج
-فقامت طائفة وادعت أن الداء العضال والمرض الفتاك هُو: مَكْر الْأَعْدَاء، وتَغَلْبِهُم. وتسلطهم وامتلاكهم مقومات الحضارة المادية،وعلى هذا ظنت الدواء هو--------------------------------
: إِشْغَال الْمُسْلِمِيْن بِالْعَدُو، وَمُخَطَّطَاتِه، وَأَقْوَالِه، وَتَّصَرِيْحَاتِه.
- وَظَنَّت طَائِفَة أُخْرَى أَن الْمَرَض: تُسَلِّط الْحُكَّام الْظَلَمَة فِي بَعْض الْدُوَل الْإِسْلَامِيَّة وأنهم حجر عثرة فى طريق الاصلاح وأنهم سبب كل هذا الفساد وسبب ضياع المقدسات الاسلامية حتى حشروا الحكام فى كل شيئ ووصل الحال إلى قولهم سبب أننى لا أصلى أو أنظر إلى النساء(الحكام) لانهم لايفرضون قوانين تحرم المعاصى.
فَعَلَيْه ظَنَّت هذه الطائفة أن الْدَّوَاء: إِسْقَاط هَؤُلَاء الْحُكَّام، وَشِحَن نُفُوْس الَّنَاس تِجَاهَهُم.وَتَشْوِيْه صُوْرَتُهُم وَذَكَر مَعَائِبِهْم وَمَثالْبِهُم وبالتالى بدأوا يحشرون أنفسهم فى الوظائف العامة والنيابية ظانين أن الوصول إلى القمة سهل وأن الاصلاح من قمة الهرم وليس من القاعدة وأن الناس سيستجيبون لهم بسرعة
-ثم خرجت طَائِفَة ثَالِثَة مدعية أَن الْمَرَض: تُفَرِّق الْمُسْلِمِيْن فِي الْأَبْدَان.
فَعَلَيْه ظَنَّت الْدَّوَاء: جَمْعِهِم، وَتَوْحِيْدُهُم؛ لِيَكْثُرُوْا بِغَض الْنَّظَر عَن اخْتِلَاف الْعَقَائِد وَالْثَّوَابِت وَالْاصُول.....
وبعد هذا العرض الموجز لأقوال بعض من يريد الاصلاح---------
وَكُل هَؤُلَاء رُبَّمَا مُخْطِئُوْن فِي تَشْخِيْص الْدَّاء بِصَرِيْح الْقُرْآَن وَالْسُّنَّة فَضْلَا عَمَّا ظَنُّوْه دَوَاء.
وَوَجْه خَطَأ الْطَّائِفَة الْأُوْلَى: أَنَّنَا إِذَا اتَّقَيْنَا الْلَّه لَا يَضُرُّنَا كَيْد الْأَعْدَاء قَال تَعَالَى: ﴿وَإِن تَّصْبِرُوَا وَتَتَّقُوْا لَا يَضُرُّكُم كَيْدُهُم شَيْئا﴾.
وَوَجْه خَطَأ الْطَّائِفَة الْثَّانِيَة: أَن الْحُكَّام الْظُّلْمَة عُقُوْبَة يُسَلِّطُهُم الَلّه عَلَى الْظَّالِمِيْن، بِسَبَب ذُنُوْب الْمَحْكُوُمِيْن، قَال تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِك نُوَلِّي بَعْض الْظَّالِمِيْن بَعْضَا بِمَا كَانُوْا يَكْسِبُوْن﴾وقال تعالى حاكيا عن فرعون(فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين) أى بسب فسقهم وتقصيرهم فى حق الله سلط الله عليهم فرعون--إذن فَلَيْس الْحُكَّام الْظُّلْمَة وحدهم هم الْدَّاء بل نحن المحكومين أيضا جزء من الداء،
قَال( ابْن الْقَيِّم)
: وَتَأَمَّل حِكْمَتِه تَعَالَى فِي أَن جَعَل مُلُوْك الْعِبَاد وَأُمَرَاءَهُم وَوُلَاتِهِم مِن جِنْس أَعْمَالَهُم ، بَل كَأَن أَعْمَالَهُم ظَهَرَت فِي صُوَر وُلَاتِهِم وَمُلُوكُهُم ، فَإِن اسْتَقَامُوْا اسْتَقَامَت مُلُوْكَهُم ، وَإِن عَدَلُوْا عَدَلَت عَلَيْهِم ، وَإِن جَارُوْا جَارَت مُلُوْكَهُم وَوُلَاتِهِم ، وَإِن ظَهَر فِيْهِم الْمَكْر وَالْخَدِيْعَة فُوَلَاتِهُم كَذَلِك ، وَإِن مَنَعُوْا حُقُوْق الْلَّه لَدَيْهِم وَبَخُلُوا بِهَا مَنَعْت مُلُوْكَهُم وَوُلَاتِهِم مَا لَهُم عِنْدَهُم مِن الْحَق وَبَخُلُوا بِهَا عَلَيْهِم ، وَإِن أَخَذُوْا مِمَّن يَسْتُضْعُفُونَه مَا لَا يَسْتَحِقُّوْنَه فِي مُعَامَلَتِهِم أَخَذْت مِنْهُم الْمُلُوْك مَا لَا يَسْتَحِقُّوْنَه وَضُرِبَت عَلَيْهِم الْمُكُوس(الضرائب والجمارك) ،
وَكُل مَا يَسْتَخْرِجُوْنَه مِن الَضَّعِيْف يَسْتَخْرِجُه الْمُلُوْك مِنْهُم بِالْقُوَّة ، فَعُمَّالُهُم ظَهَرَت فِي صُوَر أَعْمَالِهِم . وَلَيْس فِي الْحِكْمَة الْإِلَهِيَّة أَن يُوَلَّى عَلَى الْأَشْرَار الْفُجَّار إِلَا مَن يَكُوْن مِن جِنْسِهِم .------
وَلَمَّا كَان الْصَّدْر الْأَوَّل خِيَار الْقُرُوْن وَأَبَرَّهَا كَانَت وُلَاتِهِم كَذَلِك ، فَلَمَّا شَابُوْا(خلطوا وقصروا) شَيَّبَت لَهُم الْوُلَاة ، فَحِكْمَة الْلَّه تَأْبَى أَن يُوَلِّي عَلَيْنَا فَيُ مَثَّل هَذِه الْأَزْمَان مِثْل مُعَاوِيَة وَعُمَر بْن عَبْدِالْعَزِيْز ، فَضْلَا عَن مَثَل أَبِي بَكْر وَعُمَر ، بَل وُلَاتِنَا عَلَى قَدَّرْنَا وُلَاة مِن قَبْلِنَا عَلَى قَدْرَهُم ، وَكُل مِن الْأَمْرَيْن مُوَجِّب الْحِكْمَة وَمُقْتَضَاهَا ا.هـ . ----------------------------------------------
وَوَجْه خَطَأ الْطَّائِفَة الْثَّالِثَة: أَن الْكَثْرَة وَتَوْحِيْد الْصُّفُوف مَع الْذُّنُوب لَا تَنْفَع، كَمَا قَال تَعَالَى: ﴿وَيَوْم حُنَيْن إِذ أَعْجَبَتْكُم كَثْرَتُكُم فَلَم تُغْن عَنْكُم شَيْئا﴾. أَلَم تَر كَيْف أَن ذَنْب الْعُجْب بَدَّد هَذِه الْكَثْرَة فَهُزِم الْصَّحَابَة يَوْم حُنَيْن.
وَمَن الْذُّنُوب: تَوْحِيْد الْصُّفُوف مَع الْمُبْتَدِعَة مِن الصُّوْفِيَّة وَ وَالْشِّيْعَة الْرَّوَافِض وَالْعِلْمَانِيِّيْن والعقلانيين المعتزلة وَاللِيبْرالِيِّين وَالدِيمُقَرَاطيِّين وَالْوَفْدِيِّين وَالتَجمُعْيِّين؛ لِأَن الْوَاجِب تِجَاهَهُم الْإِنْكَار عَلَيْهِم، وَأَقَل أَحْوَال الْإِنْكَار الْقَلْبِي مُفَارَقَتِهِم لَا مُجَالَسَتِهِم، قَال تَعَالَى: ﴿إِنَّكُم إِذا مِثْلُهُم﴾.
.
وَبَعْد هَذَا كُلِّه، لِقَائِل أَن يُنَادِي: قَد أَبَنْت بعض الْأَخْطَاء فِي تَشْخِيْص دَاء الامةفَمَا الْتَشْخِيْص الْصَّحِيْح الْمَبْنِي عَلَى كِتَاب رَبِّنَا وَصَحِيْح سَنَة نَبِيِّنَا
فَيُقَال: تَوَاتَرَت الْآَيَات الْقُرْآنِيَّة وَالْأَحَادِيْث الْنَّبَوِيَّة فِي أَن الْمَصَائِب الَّتِي تُنْزِل بِالْعِبَاد بِسَبَب ذُنُوْبِهِم، قَال تَعَالَى: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُصِيَبَة قَد أَصَبْتُم مِثْلَيْهَا قُلْتُم أَنَّى هَذَا قُل هُو مِن عِنْد أَنْفُسِكُم إِن الْلَّه عَلَى كُل شَيْء قَدِيْر﴾.
وَإِن مِن أَعْظَم الْمَصَائِب وَالْبَلَايَا: تَغْلِب الْأَعْدَاء وَضِعْف الْمُسْلِمِيْن، فَمَن هَذَا يَظْهَر جَلِيا مَا يَلِي:
أَن الْدَّاء وَالْمَرَض هُو:
تَقْصِيْر الْمُسْلِمِيْن فِي دِيْنِهِم، وَمُخَالَفَتَهُم لِشَّرِيْعَة نَبِيُّهُم.
وَالْدَّوَاء وَالْشِّفَاء هُو:
إِرْجَاعَ الناس إِلَى دِيْنِهِم الْحَق،وإصلاح نفوسنا وقلوبنا (أقيموها فى قلوبكم ودوركم ونفوسكم تقم عند ذلك على أرضكم)
وَأَعْرَاض هَذَا الْدَّاء هُو:
غَلَبَة الْكُفَّار، وَتُسَلَّطِهُم، وَتَسْلِيْط الْحُكَّام الْظُّلْمَة عَلَى بَعْض دُوَل الْمُسْلِمِيْن.
أَلَا تَرَى إِلَى الْشِّرْك كَيْف ضُرِبَت أَطْنَابَه، وَرُفِعَت رَايَاتُه فِي أَكْثَر الْعَالَم الْإِسْلامِي؟ وَأَلَا تَرَى إِلَى الْتَّوْحِيْد كَيْف يُحَارَب فِي الْعَالَم الْإِسْلامِي ؟
فَإِذَا كَان هَذَا حَال الْعَالَم الْإِسْلَامِي مَع أَعْظَم ذَنْب يُعْصَى الْلَّه بِه "الْشِّرْك الْأَكْبَر"، فَكَيْف نُرِيْد نَصْرا وَعِزا.
نَاهِيْك عَن الْمَعَاصِي الشُبِهَاتِيّة الْأُخْرَى وَالْشَّهْوَانِيَّة فَهِي الْسَائِدَة الْظَّاهِرَة فِي أَكْثَر الْعَالَم الْإِسْلامِي، فَإِذَا كُنَّا صَادِقِين، وَلِأُمَّتِنَا رَاحِمِيِن،
فَلَا نَشْتَغِل بِالْعَرَض عَن عِلَاج الْدَّاء، وَهُو إِرْجَاعَهُم إِلَى دِيْنِهِم
اللهم اهد ولاة ألامر فى بلادنا ووزرائهم ومستشاريهم وحبب الدين إلى قلوبهم ووفقهم لتحكيم شرعك وسنة نبيك وجنب البلاد الفتن والمحن والازمات والثورات وارزقنا الامن والامان فى بلادنا وبلاد المسلمين وحرر الاقصى يارب العالمين
التعديل الأخير بواسطة المشرف: