• مرحبا بكم

    تم تطوير شبكة ومنتديات الجميزه للتماشى مع التطور الحقيقي للمواقع الالكترونيه وبهدف تسهيل التصفح على زوارنا واعضائنا الكرام لذلك تم التطوير وسيتم ارسال اشعار لكل الاعضاء على بريدهم الالكترونى لإعلامهم بان تم تطوير المنتدى

ألف ليلة وليلة

رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 36

على رويدكِ يا من تمسـكين يدي
كُفِّي الدموعَ وصُوني النفس بالجلَدِ
هلْ تعــذليَن فؤادي غير مُدرِكةٍ
هذا الحنينَ الذي يلتاعُ في كبِـدي
لو كانَ في قَدَري أنْ لا أكونَ أنا
لكنتِ أنتِ رحيق العمـرِ والعَضُدِ
لكنَّني رجـلٌ يسـعى إلى هدفٍ
سعي الغريبِ عن الأوطانِ للبلـدِ
إنـِّي أسـافرُ نحوَ المجـدِ مجتهداً
رغم الصعاب فهل يُقضى لمجتهـدِ
هـذا الزمانُ زمانٌ ليس يُنصـفنا
نحنُ الرجالُ أُولي الأخلاق والرَشدِ
هذا الزمانُ وصـوتُ الحقِّ منهزمٌ
أمَّا الفسادُ فيدوي فيـهِ كالرَعِـدِ
هذا الزمانُ كلَيـْلٍ مُظلِـمٍ نحسٍ
يغشى العيونَ فما ينفكُّ كالزبَـدِ
خنافسُ الأرض تجـري في أعِنَّتِها
وسـابحُ الخيل مربوطٌ إلى الوتـدِ
وأكرمُ الأُسْدِ محبـوسٌ ومُضطهدٌ
وأحقرُ الدودِ يسعى غير مضطهـدِ
وأتفهُ الناس يقضي في مصالحهمْ
حكمَ الرويبضـةِ المذكورِ في السنَدِ
فكم شجاعٍ أضـاع الناسُ هيبتَهُ
وكمْ جبانٍ مُهـابٍ هيبـةَ الأسَدِ
وكم فصيحٍ أمات الجهلُ حُجَّتَهُ
وكم صفيقٍ لهُ الأسـماعُ في رَغَدِ
وكم كريمٍ غدا في غير موضعـهِ
وكم وضيعٍ غدا في أرفعِ الجُــدَدِ
دار الزمان على الإنسان وانقلبَتْ
كلُّ الموازين واختلَّـتْ بمُســتندِ
أمَّا الذيـن كتـاب الله منهجهمْ
فهُمْ منـابرُ إشــعاعٍ بلا مَـدَدِ
ما ضرَّهم أبداً إسفاف من سفهوا
أو ضرَّهم أبداً عقلٌ بدون يــدِ
هم الكرام وإنْ ضِيمُوا وإنْ ظُلِموا
رغم الصِغارِ ورغمَ الحقدِ للأبـدِ
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 37


هذه الأبيات مؤلمة وصدعت قلبي أول ما قرأتها وأنا التقطتها من بعد كتابات ومقالات الإمام الكبير العلم سيد العربية في هذا الزمان الشيخ محمود محمد شاكر_ رحمه الله تعالى_وهذا الرجل ما أخذ حظه من التوقير في بلادنا له الأيادي البيضاء على العربية ونسأل الله عز وجل أن يكافئه في قبره وأن يكافئ أخاه محدث مصر الأكبر الشيخ أبو الأشبال أحمد شاكر وأن يكافئ الوالد الشيخ محمد شاكر وكيل الجامع الأزهر في زمانه ومؤسس القضاء الشرعي في السودان رحمة الله عليهم جميعًا ،.
يَقُوْل هَذَا الْرَّجُل الَّذِي ابْتُلِي بِامْرَأَتِه .يقول كان لامرأته طموحات فذهب في أسفار طويلة ركب ناقته و عاش في الهاجرة يلتحف السماء ويفترش الغبراء و بعد هذه الرحلة الطويلة نحيلاً هزيلاً وقد لفحته الشمس وغيرت من شكله رجع هزيلاً راكباً ناقته الهزيلة من كثرة السفر فلما دق الباب و فتحت له الزوجة وكان اسمها أميمة عندما رأته لأول وهلة أنكرته ودار بينهما حوارٌ صاغه هذا المكلوم بأعذب عبارة:
يقول في ترجمة هذا الموقف :

رأت نِضو أسفارٍ أميمةُ شاحبًا
على نِضو أسفارٍ فجُنَ جنوُنُها
وقالت من أي الناسِ أنتَ ومن
تكُن فإنك راع صِرمَةٍ لا تُزينها
فقلت لها ليس الشُحوبِ على
الفتى بعارٍ ولا خيرِ الرجالِ سمينُها
عليكِ براعي ثلةٍ مُسلَحِبةٍ
يروحُ عليه مخضٌها وحقينُها
سمين الضواحي لم تؤرقهُ ليلةً
وأنعمَ أبكارُ الهمومِ وعونُها.

فهذا كلام قوي لكنه مشتمل على معان كبيرة وعلى تفجع أكبر يقول:لما فتحت أميمة الباب
رأت نِضو أسفارٍ أميمةُ شاحبًا
على نِضو أسفارٍ فجُنَ جنوُنُها

(النضو )( المهزول،) النضو الأول يقصد نفسه يقول عندما فتحت أميمة الباب رأت رجلا مهزولاً يركب بعيرًا مهزولاً وهذا من كثرة الأسفار، (وقالت من أي الناسِ أنتَ ومن تكُن)قال لاتعرفينني أنا من خرجت أحقق لك رغباتك وبعدما غيرت الشمس لوني وجلدي تقولين من أنت ومن تكن( فإنك راع صِرمَةٍ لا تَزينها ) لو أنت جلست في المحافل لاتشرف من تمثل من الناس ،.
فقلت لها ليس الشُحوبِ على
الفتى بعارٍ ولا خيرِ الرجالِ سمينُها
الرجل ليس بشكله ولا بحجمه ولا بلونه ، إنما الذي يميز الرجل القوة المستكنة فيه، وهذه القوة المستكنة قلما تحرك امرأة إلا إذا كانت عاقلة ، القوة المستكنة في الرجال هي العقل والحلم ولا يكون رجلا إلا إذا كان هكذا، عندما يتلبس الرجل بصفات الرجولة يطلقون عليه لفظة الفارس، أي يُنظر إليه، يندر أن تجد امرأة عاقلة تبحث عن شكل إنما يميز بالقوة المستكنة يميز بعقله وهذا رأس مال الرجل الحقيقي.
بِخِلَاف الْمَرْأَة، الْمَرْأَة زِيْنَة فِي نَفْسِهَا زِيْنَة خَلَقَهَا الْلَّه عَز وَجَل زِيْنَة فَالزِّيَنَة إِذَا كَانَت تُهْمِل الْزِّيْنَة تَفْقِد كَثِيْرا مِن رَأْس مَالِهَا،.
يقول لها فقلت لها ليس الشُحوبِ على الفتى **بعارٍ ولا خيرِ الرجالِ سمينُها إذا كنت تبحثين عن الرجل السمين فعليك
عليكِ براعي ثلةٍ مُسلَحِبةٍ
يروحُ عليه مخضٌها وحقينُها

(عليكِ براعي ثلةٍ )، (والثلة هي مجموعة من الإبل أو المجموعة من الغنم أو المجموعة من البهائم من البقر) أي مجموعة،( مسلحبة )تبرك ودرعها ملآن باللبن(يروحُ عليه مخضٌها وحقينُها.) يصب اللبن الرايب على اللبن الحليب فعمل هؤلاء الناس أن يأتوا له باللبن وهو فقط يشرب اللبن ولاعمل له .

سمين الضواحي لم تؤرقهُ ليلةً
وأنعمَ أبكارُ الهمومِ وعونُها.
(سمين الضواحي )-عضلات – (لم تؤرقهُ ليلةً ،)إنسان رأسه فارغة من أي شيء همه الأكل والشرب فقط الناس الذين يعرفون لماذا خلقوا هؤلاء يموتون كل يوم عندما يجدوا الفساد ويجدوا المناكير وتغيير الديانات وتبديل الشرائع وهو لا يستطيع فعل شيء هذا يموت كل يوم إنما هذا لا يشغل نفسه فقط إلا بشرب الحليب.
( وأنعمَ أبكارُ الهمومِ وعونُها) بخلافي أنا،( أبكارُ الهمومِ) الهم البكر أي لم يُصَب أحدٌ قبلك به، إنما (العوان )ما أصبت به وغيري كأنما قال لها أنا واجهت في رحلتي من الشقاء ما لم يواجهه أحد قبلي ووجدت من الشقاء ما وجده غيري، أي أصيب بمحنتين جسيمتين محنة اختص هو بها ومحنة شارك الناس فيها أو شاركه الناس فيها، فهذا رجل متفجع حزين لكنه أبلغ في العبارة واستطاع أن يدافع عن نفسه وأن يبين للمرأة أنها لا تستحقه
 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 38

حكى الخطيب أبو زكريا يحى بن علي التبريزي اللغوي ، أن أبا الحسن علي بن أحمد بن علي بن سلك الفالي الأديب
كانت له نسخة من كتاب " الجمهرة " لابن دريد في غاية الجودة ، فدعته الحاجة إلى بيعها
فاشتراها الشريف المرتضى أبو القاسم المذكور بستين ديناراً
وتصفحها فوجد بها أبياتاً بخط بائعها أبي الحسن الفالي المذكور وهى :

أنستُ بها عشرين حــولاً وبعتها *** لقد طال وجــدي بعدها وحنيني
ومــا كــان ظني أنني سـأبيعهــا *** ولو خلدتني في السجون ديوني
ولكن لضغفٍ وافتقــار ٍ وصبيـةٍ *** صغـار ٍ عليهم تستهـلُ شؤونُي
فقلتُ ولـم أملك سوابق عبـرتي *** مقالــةَ مكــوىّ الفــؤاد حزيــنٍِ
وقد تخرج الحاجات يـا أم مالك *** كــرائـم مـن رب بهـن ضنيـــن ِ

فارجع النسخة إليه ، وترك له الدنانير ، رحمه الله تعالى .

المصدر
وفيات الأعيان : ( 1 / 337 )
 
رد: ألف ليلة وليلة


الليلة 39

مِصر قصيدة للشاعر محمد نجيب المراد


هِبـةُ اللهِ مـن قديـمِ الزمـانِ *** إنها مصرُ فانطلقْ يـا لسانـي


وتجـاوزْ حـدودَ شِعـرٍ ووزنٍ *** رُبَّحُـبٍّ أقـوى مــن الأوزانِ


ها هـو النيـلُ وامـقٌ يَتَلَـوَّى *** وهْـو يبكـي محبـةَ الوديـانِ


فكـأَنَّ الميـاهَ دمـعُ عشـيـقٍ *** تتهادى حَـرَّى علـى الأجفـانِ


وكأَنَّ الأشجـارَ تلهـو بصـبٍّ *** ذابَ فيها، كما تَلَهَّـى الغوانـي


بل كأَنَّ الـورودَ وجنـاتُ بِكْـرٍ *** مسَّهـا النيـلُ رقـةً ببـنـانٍ


بل كأنَّ النخيـلَ جِيـدُ عـروسٍ *** وعليـه التمـورُ عِقْـدُ جُمـانِ


النسيمُ العليـلُ يُصـدِرُ همسـاً *** يُشبِهُ الغُنجَ فـي دلالِ الحِسـانِ


والطيورُ البيضاءُ جَوْقةُ عـزفٍ *** يفتـحُ العـودُ صـدرَهُ للكمـانِ


والضُحى شمسـهُ تُُرتِـلُ نـوراً *** فوق هـامِ الحقـولِ والغيطـانِ


رُبَّ ماءٍ يميـسُ بيـن ريـاضٍ *** أسكرَ القلبَ مثلَ بنـتِ الدنـانِ


عدَّدَ الحسنُ في الجَمَـالِ جِنانـاً *** فإذا النيلُ ثامـنٌ فـي الجِنـانِ


يا شِراعاً بصفحةِ النيلِ يجـري *** وبه الليـلُ والهـوى جالسـانِ


ورقيـبٌ بيـن الغيـومِ مُطِـلٌّ *** يتغاضى!!! فتضحـكُ الشفتـانِ


ويـدورُ الحديـثُ دونَ كــلامٍ *** لخَّصتْ ألـفَ خُطبـةٍ نظرتـانِ


أنا يا مِصرُ عاشقٌ لـكِ حتـى *** لم يعدْ لي مـن البكـا دمعتـانِ


نُوَبُ الحُـبِّ جرَّحتنـي كثيـراً *** وكثيرٌ صبري علـى الحدثـانِ


قـد تقلَّبـتُ بيـن حلـوٍ ومُـرِّ *** فعيـونٌ نُجْـلٌ وطعـنُ سنـانِ


ودخلتُ النزالَ في الحُـبِّ لكـنْ *** ضَاع سيفي مني وضَاع حصاني


لوَّنتْ مصـرُ بالشبـابِ ثيابـي *** مشَّطتنـي وطـرَّزَتْ قمصانـي


ألبَسَتْني مَعاطفـاً مـن عطـورٍ *** فـي ذيولـي تضـوعُ والأردانِ


وسقتني مِنَ الشـرابِ المعلَّـى *** لاحِظوا طُهـرَهُ بحـرفِ بيـانِ


فأنا الشافعيُّ قـد جـاء مصـراً *** فإذا الفقـهُ فـي جديـدِ معانـي


قبلها لـم يكـنْ هنالـكَ شِعـرٌ *** كلُّ مـا كـانَ قبلهـا شطـرانِ


بعدهـا دفقـةُ النُّبـوغِ تجلَّـتْ *** إن " شوقي" و "حافظاً" باركانـي


أيُّها الحاسدان، مـا العشـق إلاّ *** مُغرَمٌ، إنَّما لـه .... حاسـدانِ


لا يَعيبُ الورودَ إن قيـلَ فيهـا *** إن خـدَّ الـورودِ أحمـرُ قـانِ


قد طَوَتْ مصرُ سِفْرَ كلِّ الليالـي *** فهـي للدهـرِ كُـلِّـهِ دَفَّـتـانِ


ولهـا بصمـةٌ بـكـلِّ فــؤادٍ *** وبقلبـي أنـا لهـا بصمـتـانِ


مصرُ، يا مصرُ والتواريخُ كلَّـتْ *** في لحاقٍ وأنـتِ فـي جريـانِ


"فعزيزٌ" و "يوسُـفٌ" و "زليخـا" *** وادخلوا "مصرَنـا" بكـلِّ أمـانِ


وتجلِّي الإله في الطُّـورِ يكفـي *** لكِ عزاً يا مصرُ فـي الأكـوانِ


والتراتيلُ فـي مديحـكِ تَتْـرى *** في سطـورِ الإنجيـلِ والقـرآنِ


من ثرى مصرَ جدتـان لِعُـرْبٍ *** وأصيـلٌ إذا التقـتْ جَـدَّتـانِ


رحِـمُ الـدمِّ والعقيـدةِ مصـرٌ *** سِرُّها خالـدٌ، هـو "الرحِمَـانِ"


فاسألوا الفقهَ والحديثَ ونحـواً *** كيفَ كانتْ لهـم كصـدرٍ حـانِ


واسألوا "الضَّادَ" من حَمَاها تُجِبْكمْ *** إنّهُ الأزهـرُ الشريـفُ حَمَانـي


وأذكروا لي رأسـاً لعِلْـمٍ وفَـنٍّ *** لم تكـنْ فوقَـهُ لمصـرَ يـدانِ

 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 40

رويدا أيها النقيب...

فإنّها نَابتة سوء و فَسلَةُ جهلٍ و ظاهرةُ تجرّءٍ لا سابق لها أعلنها ذو خطلٍ و فكرٍ خطر دعيّ للشرّ سعيٍّ و بالهلاك لنفسه داعٍ قويّ ، أنبتَ في رأسِه حبُّ تصفيق الرعاءِ السّفهاءِ و زادَهَ في فَسلِهِ موافقةُ كل نذل رذل لا مروءَة له و لا ديانة و لا منهجَ يتّبعُهُ غير الخيانة ، فأعتاهُ في تجُّرئه فسادُ طويّتهِ و عَرجُ مطيّته ، و ليسَ له غيرَ البهتان مطيَّة و سوى الكذب خنينةً لعميق بئر أسرارِهِ الحزبيّة ،

وقد صدق الكميتُ إذ قال :



أنشأت تنطق في الأمو ... ر كوافد الرخم الدوائر
إذ قيل يا رخم انطقي ... في الطير إنك شر طائر
فأتت بما هي أهله ... والعي من شلل المحاور


فتالله وبالله و والله ما بنفسي لسماع خبيث قولك مساغ و لا في الوقت للتفتيش عن حالك مذهبك اتّساع لكن نقلَ لي فبحثت و سمعته من شفتيك و رأيتهَ يخرج من بين حنكيك , قولاً بغيضا مريضا تقتر به البحار السّابغات و تُظلمُ لهوله الليالي المُقمرات فأقولُ لك أيا أحمدُ : [ خامري حضاجرُ أتاك ما تحاذرُ ] فقد تجشأتَ من غيرِ شبعٍ و و تذاكيتَ و أنت جذع و اجتمعتَ مع قومٍ في نهجِكَ سائرون و مع قولِكَ ماضون، و لغيِّكَ تابعون :


سواءٌ كأسنان الحمـار فلا تـرى *** لذي شيبةٍ منهم على ناشيءٍ فضلاً


اجتماع سمّوه : [ مؤتمر الدّعوة بقنا ] و لا أراه إلاّ : [ إجتماع كلّ حروريّ بقنا ] فأيّ مؤتمر وقد كذّبتُم ما اللهُ تبارك و تعالى به أمرَ و أيّ دعوةٍ و لمذهب ذي الخويصرة تدعون و عن السّبيل و الحكمة تُعرضون و أيّ سلفيّة و اجتماعكم أشبه بخطابات لينين و ستالين و مواعظ هتلر و موسيليني و نداآت دي غول و ماو فما علمنا أن من السّلف من وضع الطاولات في السّاحات و أقعد النّاس على الكراسي و صفّهم على الأرض كالحبارى و رفع نفسه فوق أعالي المنصّات خوفا أن يصلهم نتن ريح قوله حين يتكّلم .



| سؤال للنقيب المنصورى : إذا تمّ المساس بالمادّة الثانية ؟ :

الجواب : في هذه الحالة سنعلن عن الجهاد في سبيل الله ـ مباشرة إن شاء الله ـ | انهــ


ثم يرتفع الهتاف بالتكبير من الحاضرين و ينقطع النّقيب مصغيا لنار الفتنة تأكل أكباد الغافلين !!

فقبل السّبق إلى الردّ ذي نصيحة للقائل و القارئ و لكل من في نفسه يثور ثائر ،

لا تكن هداني الله وإيّاك ممن ينطق بغير علم و يتكلّم بغير حلمٍ و يحارب في موضع سلمٍ فتشبه التمثال و تصدق فيك ما قالت العربُ قديما من الأمثال ، و قد خبّرتهم السنون مكان الحال من المآل فقال قائلهم في نقض سفاهة المتسرّع الجهول ، أضلّ من يربوع و أدبّ من قرادٍ و أغوى من غوغاء الجرادِ ،و قالوا أطيش من فراشِ و أفحش من كلب خراشٍ ِ!!

بل عليكَ بتقوى الله العليم العلّام و بتعلّم العلم عن العلماء الأعلام و التأسّي بالسّلف الصّالح ، فإنّي و الله أحبّ لك ما أحبّ لنفسي و أبغض ما فيك لما أبغضت أنه يكون في نفسي . و ما أسقطك العلماء و أَردوك و عن سبيل السنّة و نهج السّلف أخرجوك إلا لكرههم فيك الجهالة في الخطالة و المساءة في النباءة فمتى كان أهل العلم يتكلمون في مستقبل الحوادث و يتنبؤون بمستقبلات الأيّام فأين تذهبُ يابن عبد الرحمن !!


ثم إعلم - أرشدَكَ الله للإياب عن عتوّكَ و حماك الذهاب بعيدا في غيّك - أن الجهاد في سبيل الله له شروط و أحكام و أن الجهاد لزِم قبلَهُ عندك هداك الله تكفيير المجاهَدِ فمن ستجاهد يا نقيب !


أستجاهد بالسيف و السنان المسلمين الموحدين الذي يصلون و يزكون و يصومون و يحجون ويعتمرون !

أستجاهد أهل الشرطة و الجيش ممن يكفرهم أصحابك قديما و حديثا أصحاب الفكر القعّاديّ الحروريّ !

و بأيّ شيء كفروا ..بحذف جملة من نصّ قانونٍ وضعيٍّ كفروا ..ألست تكفّر من يتحاكم إلى هذا القانون سابقا ...لا أراك اليوم إلا تتحاكم إليه ....هل ستكفّر نفسك !!

و من الذي سيجاهد معك ..أهم الصبيان الذي تغررون بهم في المراكز الحزبية و الجامعات المختلطة أم طلبتك ممن يجلس الليالي الطوال في برامج المحادتة يعلّم الفتيات اليافعات أصول العلم و الدّيانات !

أم سيجاهد معك خريجو السجون و المعتقلات و أهل الجماعات و الأحزاب فلا قوّى الله لكم قبضة و لا رفع لكم في باطلكم هذا راية !!


إنّها الفتن قد أشرفت علمها من علمها و جهلها من جهلها و السعيد من وعظ بغيره و الله المستعان .


لستُ بمسهب في ردّي بالأدلّة النقلية فالعلمُ يؤخذ عن أهله و علماؤنا أحياءُ مباركون و لعلّ كلام النقيب هذا يصلهم فيردّون بالحجج الباهرات و الأدلّة الساطعات كما عوّدونا حفظهم الله ورعاهم و نفع بهم و أيدهم بالعلم و الحلم إنّه وليّ ذلك و القادر عليه .

والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين جميعاً، وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن يمنحهم الاستقامة عليه، والتوبة إلى الله من جميع الذنوب، وأن يصلح ولاة أمر المسلمين جميعاً، وأن ينصر بهم الحق، وأن يخذل بهم الباطل، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في عباده، وأن يعيذهم وجميع المسلمين من مضلات الفتن، ونزغات الشيطان، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 41

يا ناصر الإسلام والسنن التي ... جاءت عن المبعوث بالقرآن
يا من هو الحق المبين وقوله ... ولقاؤه ورسوله ببيان
اشرح لدينك صدر كل موحد ... شرحا ينال به ذرا الإيمان
واجعله مؤتما بوحيك لا بما ... قد قاله ذو الإفك والبهتان
وانصر به حزب الهدى واكبت به ... حزب الضلال وشيعة الشيطان
وانعش به من قصده إحياؤه ... واعصمه من كيد امرئ فتان
واضرب بحقك عنق أهل الزيغ ... والتبديل والتكذيب والطغيان
فوحق نعمتك التي أوليتني ... وجعلت قلبي واعي القرآن
وكتبت في قلبي متابعة الهدى ... فقرأت فيه أسطر الإيمان
ونشلتني من حب أصحاب الهوى ... بحبائل من محكم الفرقان
وجعلت شربي المنهل العذب الذي ... هو رأس ماء الوارد الظمآن
وعصمتني من شرب سفل الماء ... تحت نجاسة الآراء والأذهان
وحفظتني مما ابتليت به الألى ... حكموا عليك بشرعة البهتان
نبذوا كتابك من وراء ظهورهم ... وتمسكوا بزخارف الهذيان
وأريتني البدع المضلة كيف ... يلقيها مزخرفة إلى الإنسان
شيطانه فيظل ينقشها له ... نقش المشبه صورة بدهان
فيظنها المغرور حقا وهي في ... التحقيق مثل اللال في القيعان

لأجاهدن عداك ما أبقيتني ... ولأجعلن قتالهم ديداني
ولأفضحنهم على رؤوس الملا ... ولأفرين أديمهم بلساني
ولأكشفن سرائر خفيت على ... ضعفاء خلقك منهم ببيان
ولأتبعنهم إلى حيث انتهوا ... حتى يقال أبعد عبادان
ولأرجمنهم بأعلام الهدى ... رجم المريد بثاقب الشهبان

ولأقعدن لهم مراصد كيدهم ... ولأحصرنهم بكل مكان
ولأجعلن لحومهم ودماءهم ... في يوم نصرك أعظم القربان
ولأحملن عليهم بعساكر ... ليست تفر إذا التقى الزحفان
بعساكر الوحيين والفطرات ... بالمعقول والمنقول بالإحسان

حتى يبين لمن له عقل من الأولى ... بحكم العقل والبرهان
ولأنصحن الله ثم رسوله ... وكتابه وشرائع الإيمان
إن شاء ربي ذا يكون بحوله ... إن لم يشأ فالأمر للرحمن
 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 42

إنَّ الدعوة إلى حكم أو ديمقراطية الشعب هي في الواقع: تنحيةٌ للدين عن الدنيا؛ لتكون السيادةُ والسُلطةُ للشعب لا للشرع، والحُكْمُ بين العباد بالأهواء المضلِّلة والآراء البشرية؛ لتمييع عقيدة المسلمين، ومسخ دينهم، وتفريق كلمتهم، وتأليبهم على ولاتهم، وزرع العداوة والضغائن بينهم، وإثارة الفتن والمحن في مجتمعاتهم، وإحياء الجاهلية الأولى التي أنقذهم الله منها،
......................................
ينبغي لمن اتسع وقته وأصح الله تعالى له جسمه ، وحبب إليه الخروج من طبقة الجاهلين ، وألقى في قلبه العزيمة على التفقه في الدين ، أن يغتنم المبادرة إلى ذلك ، خوفا من حدوث أمر يقتطعه عنه ، وتجدد حال يمنعه منه .... وليستعمل الجد في أمره ، وإخلاص النية في قصده ، ... وليحذر أن يكون قصده فيما طلبه المجادلة به ، والمماراة فيه ، وصرف الوجوه إليه ، وأخذ الأعواض عليه
...........................................
إن أقواما علت هممهم فحصلوا علوم الشرع من القرآن والحديث والفقه والأدب وغير ذلك فأتاهم إبليس بخفي التلبيس فأراهم أنفسهم بعين عظيمة لما نالوا وأفادوا غيرهم فمنهم من يستفزه لطول عنائه فِي الطلب فحسن لَهُ اللذات وقال لَهُ إِلَى متى هَذَا التعب ؟ أرح جوارحك من كلف التكاليف وأفسح لنفسك من مشتهاها فإن وقعت فِي زلة فالعلم يدفع عنك العقوبة وأورد عَلَيْهِ فضل العلماء فان خذل هَذَا العبد وقبل هَذَا التلبيس يهلك
.........................................
الباطل المحض لا شك أن الفطر السليمة تنفر منه ، أما الباطل المشوب بشيء من الحق فإنه يروج على كثير من الناس لاسيما إن استحوذ على نظرهم وتفحصهم هذا الحق وغاب عنهم الباطل الملبتس به ومن أجل هذا راجت البدع الإضافية لأن أصلها مشروع لكنها متبدعة بوصف من أوصافها
..........................................
العلم من الله عز وجل لأصحاب القلوب النقية الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ، وهو محنة للذين يبتغون بأعمالهم غير وجه الله ويريدون بسعيهم غير مقصده لذلك تكثر منهم الدعاوي ويتأتى منهم الفخر ولو فطنوا لعادوا إلى أنفسهم وان الله أخرج الناس من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئا ثم هو علمهم بما جعل لهم من أدوات العلم وبما رزقهم من محنة الفهم
.........................................
فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر : هل تكلم به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء فإن وجدت فيه أثرا عنهم فتمسك به ولا تجاوزه لشيء ولا تختر عليه شيئا فتسقط في البدعة
..........................................
يقول الإمام البربهاري رحمه الله في كتابه السنة (( وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيرا يشبه الحق فاغتر بذلك من دخل فيها ثم لم يستطع الخروج منها فعظمت وصارت دينا يدان بها فخالف الصراط المستقيم فخرج من الإسلام ))
.........................................
والكبر بالعلم، وهو أعظم الآفات وأغلب الأدواء وأبعدها عن قبول العلاج إلا بشدة شديدة وجهد جهيد، وذلك لأن قدر العلم عظيم عند الله عند الناس، وهو أعظم من قدر المال والجمال وغيرهما، بل لا قدر لهما أصلاً إلا إذا كان معهما علم وعمل.
ولذلك قال كعب الأحبار: (إن للعلم طغياناً كطغيان المال)
.....................................
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة 6 / 336 ((والمقصود أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يقتتلوا قط لاختلافهم في قاعدة من قواعد الإسلام أصلا ولم يختلفوا في شىء من قواعد الإسلام لا في الصفات ولا في القدر ولا مسائل الأسماء والأحكام ولا مسائل الإمامة لم يختلفوا في ذلك بالاختصام بالأقوال فضلا عن الاقتتال بالسيف بل كانوا مثبتين لصفات الله التي أخبر بها عن نفسه نافين عنها تمثيلها بصفات المخلوق))
......................................
 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 43

قال الشاطبي في الاعتصام (2/136): " يبعد في مجاري العادات أن يبتدع أحد بدعة من غير شبهة دليل يقدح له بل عامة البدع لابد لصاحبها من متعلق دليل شرعي" اهـ
هذا الباطل المشوب بالحق هو الذي يسمى شبهة وهو الذي إذا استحوذ على القلب ونظر العبد صرفه عن تلمح الباطل الملبس بهذا الحق" .اهـ
قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة (1/140):"والشبهة وارد يرد على القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق له "
..................................................
قال ابن القيم في الصواعق المرسلة "إنه ما من حق وباطل إلا وبينهما اشتراك من بعض الوجوه ولو في أصل الوجود أو في أصل الإخبار أوفي مجرد المعلومية بأن يكون هذا معلوماً مذكوراً وهذا معلوماً مذكوراً ولكل واحد منهما خصائص يتميز بها عن الآخر فأحظى الناس بالحق وأسعدهم به الذي يقع على الخصائص المميزة الفارقة ويلغى القدر المشترك فحكم بالقدر الفارق على القدر المشترك ويفصله به وأبعدهم عن الحق والهدى من عكس هذا السير
..................................................
قال شيخ الاسلام في الاستقامة (2/ 178): " الطرائق المبتدعة كلها يجتمع فيها الحق والباطل" اهـ
وقال في مجموع الفتاوى (35/190) : " ولا ينفق الباطل في الوجود إلا بشوب من الحق كما أن أهل الكتاب لبسوا الحق باطل بسبب الحق اليسير الذي معهم يضلون خلقاً كثيراً عن الحق الذي يجب الإيمان به ويدعونهم إلى الباطل الكثير الذي هم عليه" اهـ
...............................................

قال شيخ الاسلام في درء تعارض العقل والنقل (7/ 170): " الباطل لا يظهر لكثير من الناس أنه باطل لما فيه من الشبهة فإن الباطل المحض الذي يظهر بطلانه لكل أحد لا يكون قولاً ومذهباً لطائفة تذب عنه وإنما يكون باطلاً مشوباً كما قال تعالى) لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون )" اهـ
ولذلك ترى هؤلاء المبطلين يظهرون هذا الحق ويكتمون الباطل المتلبس به إما جهلاً وإما هوى .
.............................................
قال شيخ الاسلام في درء تعارض العقل والنقل (7/ 170): " الباطل لا يظهر لكثير من الناس أنه باطل لما فيه من الشبهة فإن الباطل المحض الذي يظهر بطلانه لكل أحد لا يكون قولاً ومذهباً لطائفة تذب عنه وإنما يكون باطلاً مشوباً كما قال تعالى) لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون )" اهـ
ولذلك ترى هؤلاء المبطلين يظهرون هذا الحق ويكتمون الباطل المتلبس به إما جهلاً وإما هوى .
.............................................
قال العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن عبد الوهاب في إتمام المنة والنعمة في ذم اختلاف الأمة (59): " ومن عادة أهل البدع إذا أفلسوا من الحجة وضاقت عليهم السبل تروَّحوا إلى عيب أهل السنة وذمهم ومدح أنفسهم والواجب أن يتكلم الإنسان بعلم وعدل (يا أيها الذين امنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط[" اهـ
..........................................
قال الإمام النووي رحمه الله : ومن الألفاظ المذمومة المستعملة في العادة قوله لمن يخاصمه : يا حمار يا تيس يا كلب ونحو ذلك فهذا قبيح لوجهين : أحدهما أنه كذب والآخر أنه إيذاء وهذا بخلاف قوله : يا ظالم ونحوه فإن ذلك يُسامح به لضرورة المخاصمة مع أنه يصدق غالباً فقلّ إنسانٌ إلا وهو ظالم لنفسه ولغيره
..........................................
قال العلامة الالبانى في معرض ردهِ على عبد الله السعد : [ والحقيقه أنه في هذا الزمان يصدق فيه على كثير من الناشئين من الطلاب المثل العربي القديم [ إن البغاث بأرضنا يستنسر ] والبغاث كما تعلمون هو الطير الصغير يعمل ويتشبه بالنسر الكبير ، أو كما قيل [ تزبّب قبل أن يتحصرم ] ، أوكما يقول الحافظ الذهبي رحمه الله : [ يريد أن يطير قبل أن يريش ، كنا نشكو من الجمود ، أصبحنا نشكو من الفلتان والانطلاق بدون حدود ولا قيود ]
..........................................
قال الشيخ عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم -رحمه الله- في كتابه «عوائق الطلب»: «فيا مَن آنس من نفسه علامة البلوغ والذكاء! لا تبغ عن العلم بدلاً، ولا تشغل بسواه أبداً، فإن أبيت؛ فأجبر الله عزاءك في نفسك، وأعظم أجر المسلمين فيك، ما أشد خسارتك، وأعظم مصيبتك».
 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 44

قال العلامة ابن العثيمين - رحمه الله - :

أنبه على مسألة دائما يطلقها بعض الناس أخيرا وهي أن نقول ( جعل الله ذلك في ميزان أعمالك )والأحسن أن نقول
( جعل الله ذلك في ميزان حسناتك )
لأن ميزان الأعمال يشمل السيئات والحسنات , فإذا قال في ميزان أعمالك : ما أدري , وعلى كل حال المقصدُ ميزان الحسنات بلا شك , لكن الأحسن أن نعدل من هذا اللفظ إلى لفظ لا يحتمل , ( في ميزان حسناتك ) . اهـ
.................................................
قال العلامة محمد بن صالح بن عثيمين 00 في كتاب العلم ( يجب على طالب العلم أن يتخلى عن الطائفيه والحزبيه بحيث يعقد الولاء والبراء على طائفة معينه أو حزب معين ، فهذا لاشك خلاف منهج السلف ، السلف الصالح ليسوا أحزابا بل هم حزب واحد ، ينضوون تحت قول الله عز وجل ( هو سماكم المسلمين من قبل)
.................................................
شيخ الاسلام في اقتضاء الصراط المستقيم( وهذا يبتلى به كثير من المنتسبين إلى طائفة معينة في العلم ، أو الدين من المتفقهه ، أو المتصوفه ، أو غيرهم ، أو إلى رئيس معظم عندهم في الدين غير النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنهم لايقبلون من الدين رأيا ورواية إلا ماجاءت به طائفتهم ، ثم إنهم لايعلمون ماتوجبه طائفتهم ، مع ان دين الاسلام يوجب اتباع الحق مطلقا : رواية ورايا ، من غير تعيين شخص أو طائفة غير الرسول صلى الله عليه وسلم)
.................................................
حكم قول : " هذه سنة الحياة " العلامة ابن عثيمين .

السؤال :
ما حكم قول بعض الناس ، وهو يتحدث في أشياء : " هذه سنة الحياة !"؟الجواب :
[ لا يقولها ، بل يقول سنة الله لا بأس ].

الشيخ العلامة ابن عثيمين من " سؤال على الهاتف "
...........................................
قاعدة (اعتقد ثم أستدل )
قال عنها العلامة ابن عثيمين
"....ولهذا قال العلماء كلمة طيبة ، قالوا : يجب على الإنسان أن يستدل ثم يبني ، لا أن يبني ، ثم يستدل.
لأن الدليل أصل والحكم فرع ، فلا يمكن أن يُقلب الوضع ، ونجعل الحكم الذي هو الفرع أصلاً ،والأصل الذي هو الدليل فرعاً.
ثم أن الإنسان إذا اعتقد قبل أن يستدل ولم تكن عنده النية الحسنة صار يلوي أعناق النصوص وحصل بذلك البقاء على هواه ، ولم يتبع الهدى ا.هـ
.................................................
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع 5/322:

"فإن قال قائل: عبارة ترد كثيراً عند الناس (إن الله على ما يشاء قدير) هل هذا جائز؟

قلنا: لا يجوز إلا مقيداً، لأنك إذا قلت: (إنه على ما يشاء قدير) أوهم أن ما لا يشاء لا يقدر عليه، وهو قادر على الذي يشاء والذي لا يشاء .
لكن إذا قيّدت المشيئة بشيء معيّن صح، كقوله تعالى: [وهو على جمعهم إذا يشاء قدير] أي: إذا يشاء جمعهم فهو قادر عليه.
............................................
ثلاثة عائدة على فاعلها

البغي : قال تعالى:( إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُم) ] يونس:33 [
المكر: قال تعالى:( وَلاَيَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّيءُ إِلاَّ بِأَهَلِهِ ) ] فاطر:43[
والنكث: قال تعالى:( فَمَن نَّكَثَ فَإنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ) ] الفتح:10[
..........................................
قال عمر بن الخطاب رصى الله عنه: "إياكم ومجالسة أصحاب الرأى فإنهم أعداء السنة، أعيتهم السنة أن يحفظوها، ونسوا _وفى رواية: وتفلتت عليهم_ الأحاديث أن يعوها، وسئلوا عما لا يعلمون فاستحيوا أن يقولوا: لا نعلم! فأفتوا برأيهم، فضلوا و أضلوا كثيرا، إن نبيكم لم يقبضه الله حتى أغناه بالوحى عن الرأى، ولو كان الرأى أولى من السنة لكان باطن الخفين أولى بالمسح من ظاهرهما".
.........................................
فالعلماء حملة الشريعة والقدح فيهم قدح في الشرع وصد عنه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كلامه عن الصحابة (لكن إذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل فلا بد من الذب عنهم وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل) وإنما وجب الرد عن الصحابة لأنهم نقلة الشريعة وأمناؤها فإسقاطهم إسقاط للشرع وفي أهل العلم من بعدهم شبه كبير بهم من هذه الحيثية فإنهم ورثتهم وحملة الشريعة بعدهم فصيانة أعراضهم مقصد عظيم. وضرورة لا غنى عنها.
...........................................
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله : " ولا يجوز لأحدٍ أن يَعْدِل عمَّا جاء في الكتاب والسُّنة واتَّفق عليه سلَفُ الأمة وأئمتها، إلى ما أحدثه بعضُ الناس مما قد يتضمَّن خلاف ذلك، أو يوقِع الناس في خلاف ذلك، وليس لأحد أن يضع للناس عقيدةً ولا عبادة مِن عنده، بل عليه أن يتَّبِع ولا يبتدع، ويَقتدي ولا يَبتَدي..." مجموع الفتاوى " (ج 11/ ص 490) .
...........................................
الجهال شر من الأنعام وهم أعداء الرسل على الحقيقة( فلا تكونن من الجاهلين )وقد تعرف الله على عباده بصفة العلم وعرّف فضل آدم بالعلم ويوسف إنما أخرج من سجنه العلم . فالجهل مرض ونقص أعاذكم الله منه
.
-ينقاد الناس للحجة مالا ينقادون لليد فإن الحجة تنقاد لها القلوب وأما اليد فإنما ينقاد لها البدن ، فالحجة إنما تأسر القلب وتذل المخالف وإن أظهر المعاندة والكبر
..................................................
لقد فشت ظاهرة أخذ العلم عن صغار الأسنان بين طلاب العلم في هذا الزمن.

وهذه الظاهرة داء عضال , ومرض مزمن ، يعيق الطالب عن مراده ومبتغاه
وذلك لأن أخذ العلم عن صغار الأسنان ، الذين لم ترسخ قدمهم في العلم مع وجود من هو أكبر منهم سناً ، وأرسخ قدما ، يضعف أساس المبتدى ، ويحرمه الاستفادة من خبرة العلماء الكبار ، ( ولايزال الناس بخير ماآخذوا العلم عن أكبارهم وعن أمنائهم وعلمائهم ، فإذا أخذوه عن صغارهم وشرارهم هلكوا )
............................................
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه :" لا يزال الناس صالحين متماسكين ما أتاهم العلم من
أصحاب النبى ومن أكابرهم ، فإذا أتاهم من أصاغرهم ، هلكوا.
قال الشعبي : ما جاءك من أصحاب النبى فخذه ، ودع ما يقول
هؤلاء الصعافقة. قيل : الصعافقة : الذين يدخلون السوق بلا رأس
مال ، وقيل : هم رذالة الناس ، أراد الذين لا علم لهم ، فهم بمنزلة التجار
الذين ليس لهم رأس مال.
...........................................
قال الشافعي :"لا يحل لأحد يفتي في دين الله إلا رجلاً عارفاً بكتاب الله: بناسخه ومنسوخه، وبمحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله، ومكيه ومدنيه، وما أريد به، وفيما أنزل، ثم يكون بعد ذلك بصيراً بحديث رسول الله ، وبالناسخ والمنسوخ، ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن، ويكون بصيراً باللغة، بصيراً بالشعر، وما يحتاج إليه للعلم والقرآن، وإذا لم يكن هكذا فله أن يتكلم في العلم ولا يفتي".
............................................
واعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة هو مسألة العقل فإنهم أسسوا دينهم على المعقول وجعلوا الإتباع والمأثور تبعا للمعقول
وأما أهل السنة قالوا الأصل الإتباع والعقول تبع ولو كان أساس الدين على المعقول لاستغنى الخلق عن الوحي وعن الأنبياء صلوات الله عليهم ولبطل معنى الأمر والنهي ولقال من شاء ما شاء
.........................................
الدين مبني على الإتباع
و العقل تابع و ليس بمتبوع : فعقيدة أهل السنة و الجماعة المأثور فيها هو الحاكم على العقل و ليس العقل هو الحاكم فما عقلناه من الدين صدقناه و ما لم نعقل سلمنا به أما أهل البدع فيعرضون الآثار على عقولهم فما وافق عقولهم قبلوه و ما خالف عقولهم ردوه أو أوّلوه
 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 45

قال العلامة العثيمين _رحمه الله_
((الإنسان لايفرح أن يقبل الناس قوله لأنه قوله, لكن يفرح أن يقبل الناس قوله إذا رأى أنه الحق,لا أنه قوله, وكذا لايحزن أن يرفض الناس قوله, لأنه قوله, لأنه حينئذ يكون قد دعا لنفسه,لكن يحزن أن يرفضوه لأنه الحق ,وبهذا يتحقق الإخلاص)) =القول المفيد=
........................................
قال الشهرستاني :
لَعَمْرِي لَقَدْ طُفْتُ الْمَعَاهِدَ كُلَّهَا.. و قلدت طَرْفِي بَيْنَ تِلْكَ الْمَعَالِمِ
فَلَمْ أَرَ إِلَّا وَاضِعًا كَفَّ حَائِرٍ عَلَى.. ذَقَنٍ أَوْ قَارِعًا سِنَّ نَادِمِ

فأجابه الإمام الصنعاني بعد زمن :
لعلك أهملت الطواف بمعهد الـ ..رسول ومن والاه من كل عالم
فما حار من يُهْدى بِهَدْي محمد ..ولست تراه قارعا سن نادم
........................................
قال ابن القيم أثناء كلامه عن المهدي : "
القول الثالث أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من ولد الحسن بن علي يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الأرض جورا وظلما فيملأها قسطا وعدلا وأكثر الأحاديث على هذا تدل .

وفي كونه من ولد الحسن سر لطيف وهو أن الحسن ترك الخلافة لله فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة الحقة المتضمنة للعدل وهذه سنة الله في عباده أنه من ترك لأجله شيئا أعطاه الله أو أعطى ذريته أفضل منه
................................................
إنه ثمة صنف من الناس: عنده شئ من الطاقات قدر لابأس به من القدرات غير أنه لم يحرص على توظيفها فيما ينفعه أوينفع غيره فهو لايبالي بذلك , الوقت هو الحياة
ورحم الله ابنَ عقيل الحنبليَّ : إني لا يحل لي أن أضيِّع ساعة من عمري ، حتى إذا تعطَّل لساني عن مذاكرة ومناظرة ، وبصري عن مطالعة ، أعملتُ فكري في حال راحتي وأنا مُسْتطْرِح ، فلا أقوم إلا وقد خطَر لي كلُّ ما أريد أن أسطِّره.
.............................................
قال الإمام اللالكائي رحمه الله : ( فهذا دين أُخذ أوله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشافهة ، لم يشبه لبس و لا شبهة ، ثم نقلها العدول عن العدول من غير تحامل و لا ميل ، ثم الكافة عن الكافة ، و الصافة عن الصافة ، و الجماعة عن الجماعة ، أخذ كف بكف ، و تمسك خلف بسلف ، كالحروف يتلو بعضها بعضاً ، و يتسق اخراها على أولاها ، رصفاً ونظماً
.........................................
يقول ابن القيم

((قال بعض السلف ما من فعلة وإن صغرت إلا ينشر لها ديوانان ((لم وكيف ؟؟)) أي لم فعلت وكيف فعلت فالأول سؤال عن علة الفعل وباعثه وداعيه والثاني سؤال عن متابعة الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك التعبد فاحرص على (الاخلاص والمتابعة )
................................................
إن الدعوات التي لم تعتنِ بالعلم والسنة والتميز ولم تولِ ذلك اهتمامها فشلت وضاعت وفُضحت وصارت منبوذة عند الناصحين، أما دعوة السنة فالصلحاء لها في غاية المحبة والإجلال والإقبال
..................................................
قال ابن القيم : (ضياع الوقت أشد من الموت لأن الموت يقطعك عن الدنيا وضياع الوقت يقطعك عن الله)، والوقت رأس مالك لأن عمرك الذي قدره الله لك أراد أن تنال به عز الدنيا ونعيم الآخرة، فإذا ضيعته ضاعت حقيقة دنياك وسلبت آخرتك، ولا خسارة على العبد أعظم من ضياع وقته،
والوقت أعظم ما عنيت بحفظه. وأراه أسهل ما عليك يضيع
...............................................
قال فضيلة الشيخ عبد الله البخاري حفظه الله :

قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر : " من أصلح سريرته فاح عبيرفضله وعبقت القلوب بنشر طيبه " .
فالله الله في السرائر ، فإنه لا ينفع مع فسادها صلاح الظاهر والله جلّ وعزّ يقول : (( والله يعلم ما يبيّتون ))
..........................................
سُئل الشيخ الفوزان عن مشاهدة الاخبار

السائل : أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ ، يقول السائل ما حكم مشاهدة الأخبار ، مع العلم أن مقدمات الأخبار من النساء ؟
الشيخ : ما ما أنت ملزم بالأخبار ، اجتنب الأخبار ، فيه الراديو تسمع الأخبار بدون رؤية الصور ، استمع من الراديو ، نعم
..................................................
العلم منحة من الله عز وجل لأصحاب القلوب النقية الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ، وهو محنة للذين يبتغون بأعمالهم غير وجه الله ويريدون بسعيهم غير مقصده لذلك تكثر منهم الدعاوي ويتأتى منهم الفخر ولو فطنوا لعادوا إلى أنفسهم فعلموا أن الأمر كله لله وأن الله أخرج الناس من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئا
................................................

وقال شيخ الاسلام في مجموع الفتاوى(20/164): (( وليس لأحد أن ينصب للأمَّة شخصاً يدعو إلى طريقته، ويُوالي ويُعادي عليها غير النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويُعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمَّة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرِّقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويُعادون )).
.....................................................
إن التسمي بالسلفية لأجل التميز – كما تقدم – وليس لأجل التزكية كما يحاول طائفة أن ينفروا منها بهذه الطريقة وهي تماماً كالتسمي بالإسلام والسنة، فليست تزكية وإنما من باب التمييز ليتميز أهل الحق من أهل الباطل

وفي السير قال الذهبي عن الدارقطني: وكان سلفياً ا.هـ

وفي تاريخ الإسلام للإمام الذهبى قال عن ابن عبدالبر : وكان سلفي الاعتقاد متين الديانة. ا.هـ
.............................................
والْجُعْل إذا دفنته في الورد سكنت حركته حتى تحسبه ميتاً, فإذا أدنيته من الروث تحرك ورجعت نفسه

وكذلك هو حال أهل البدع والأهواء الذين اعتادوا المعيشة في مستنقعات البدعة والهوى فإنه يصعب عليهم المعيشة في غير ها, وتكون بُقَع أهل السُّنَّةِ والجماعة وأهل الحديث والأثر بُقَعا شاذة بالنسبة لهم يختنقون منها ، لأنهم لم يعتادوا على المعيشةفى طهارة الاعتقاد ونظافته من كل شرك وبدعة,
............................................
أهل المنهج الحق وسط في باب السياسة والحكم؛ بين أهل الإفراط الذين جعلوا الحاكمية من أخص خصائص الإلوهية، وكفروا الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله باطلاق ، ودعوا الشباب إلى التكتل الحزبى لمقارعة ما يسمونهم بطواغيت الحكم؛ إما عن طريق إنشاء الاحزاب، وإما عن طريق إعلان الجهاد بالسلاح على الحكام وأعوانهم وبين أهل التفريط من دعاة الديمقراطية والحرية الذين يدعون إلى فصل الدين عن السياسة،
.............................................
أهل السنة والجماعة: ((هم الوسط في فرق الأمة كما أنَّ الأمة هي الوسط في الأمم: فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة، وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية وغيرهم، وفي باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم، وفي باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج)).
............................................
فدين الله بين الغالي فيه والجافي عنه، وخير الناس النمط الأوسط الذين ارتفعوا عن تقصير المفرِّطين ولم يلحقوا بغلو المعتدين؛ وقد جعل الله هذه الأمة وسطًا وهي الخيار العدل لتوسطها بين الطرفين المذمومين، والعدل هو الوسط بين طرفي الجور والتفريط، والآفات إنما تتطرق إلى الأطراف، والأوساط محمية بأطرافها، فخيار الأمور أوساطها)ابن القيم فى الاغاثة
.......................................
الوسطية في منهج أهل السنة والجماعة صفة ملازمة له، ولا يمكن لهذا المنهج الرباني في عصر من العصور أن يميل عن الوسطية، بل هو منهج مناسب لكل العصور، ولهذا لا يحتاج إلى إصلاح أو تعديل بحسب تغير الظروف والواقع كما يدَّعي المنحرفون اليوم.
ووسطية هذا المنهج إنما هي مستمدة من الله عز وجل؛ قال تعالى: ((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)).
..............................................

قال العلامةالفوزان
**والحط من قدر العلماء بسبب وقوع الخطأ الاجتهادي من بعضهم هو من طريقة المبتدعة ، ومن مخططات أعداء الأمة لأجل فصل خلف الأمة عن سلفها ، وبث الفرقة بين الشباب والعلماء كما هو الواقع الآن ، لذلك بعض الطلبة المبتدئين الذين يحطون من قدر الفقهاء ومن قدر الفقه الإسلامي ويزهدون في دراسته والانتفاع بما فيه من حق وصواب-فليعتزوا بفقههم وليحترموا علماءهم، ولا ينخدعوا بالدعايات المضللة والمغرضة
......................................................\
سُئل الشيخ ابن عثيمين عن صحة هذا الدعاء( اللهم لا نسألك رد القضاء ، ولكن نسألك اللطف فيه

فقال : هذا دعاء محرم لا يجوز ؛ وذلك لأن الدعاء يرد القضاء كما جاء في الحديث ( لا يرد القدر إلا الدعاء ) ، و كأن هذا السائل يتحدى الله يقول : اقض ما شئت ولكن ألطف ، والدعاء ينبغي للإنسان أن يجزم به وأن يقول : اللهم إني أسألك أن ترحمني ، اللهم إني أعوذ بك أن تعذبني ، فالمهم أن هذا الدعاء لا يجوز ، ويجب على الإنسان أن يتجنبه
......................................................
قال الشوكاني رحمه الله في أدب الطلب: "وقد جرت قاعدة أهل البدع في سابق الدهر ولاحقه، بأنهم يفرحون بصدور الكلمة الواحدة من عالم من العلماء، ويبالغون في إشهارها وإذاعتها فيما بينهم، ويجعلونها حجة على بدعتهم، ويضربون بها وجه منْ أنكر عليهم
....................................................
قال ابن القيم -رحمه الله- في كتاب الفوائد
((أعلى الهمم في الطلب هو طلب علم الكتاب والسنة والفهم عن الله ورسوله نفس المراد وعلم حدود المنزل وأخس همم طلاب العلم قصر همته على تتبع شواذ المسائل, وما لم ينزل ولا هو واقع , أو كانت همته معرفة الاختلاف وتتبع أقوال الناس وليس له همة الى معرفة الصحيح من تلك الاقوال, وقل أن ينتفع واحد من هؤلاء بعلمه))
..................................................
ابن القيم وهو يعدد أنواع الاقلام فى أعلام الموقعين ( القلم الجامع وهو/ الرد على المبطلين ورفع سنة المحقين, وكشف أباطيل المبطلين على اختلاف أنواعها وأجناسها وبيان تناقضهم وتهافتهم وخروجهم عن الحق ودخولهم في الباطل,وأصحاب هذا القلم أهل الحجة الناصرون لما جاءت به الرسل المحاربون لأعدائهم وهم حرب لكل مبطل وعدو لكل مخالف للرسل فهم في شأن وغيرهم من أصحاب الأقلام في شأن)
.................................................
قال الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه الاعتصام حيث قال: " فالحاصل مما تقدم أن تحكيم الرجال من غير التفات إلى كَوْنِهم وسائل للحكم الشرعي المطلوب شرعا ضلال، ولا توفيق إلا بالله، وإن الحجة القاطعة والحاكم الأعلى هو الشرع لا غيره"
..............................................
قال العلامة المحدث عبد المحسن العباد رعاه الله في الانتصار لأهل السنة والحديث في رد أباطيل حسن المالكي:والصحابةُ رضي الله عنهم لَم يختلفوا في العقيدة. ومِثْل اختلاف عائشة وابن عباس رضي الله عنهما في رؤية النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم ربَّه ليلة المعراج لا يُعدُّ خلافاً في العقيدة؛ لدلالة الآيات الكثيرة والأحاديث المتواترة وإجماع أهل السنة والجماعة على ثبوت رؤية الله في الدار الآخرة اهـ
..................................................
قال ابن تيميه فى"منهاج السنة": والمقصود أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يقتتلوا قط، لاختلافهم في قاعدة من قواعد الإسلام أصلا، ولم يختلفوا في شيء من قواعد الإسلام: لا في الصفات، ولا في القدر، ولا في مسائل الأسماء والأحكام، ولا في مسائل الإمامة. لم يختلفوا في ذلك بالاختصام بالأقوال، فضلا عن الاقتتال بالسيف، بل كانوا مثبتين لصفات الله التي أخبر بها عن نفسه، نافين عنها تمثيلها بصفات المخلوقين اهـ
...................................................
إن الناظر في العالم الإسلامي اليوم .. وفي غير اليوم يرى أن المسلمين في شقاق وتناحر وتفكك ! وسبب ذلك ؛ هو البعد عن شريعة خير البرية والتي من اعتصم بها فاز وظفر ، ومن ابتعد عنها ذل وضل.. ((وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)))
وقال النبى
"وجُعل الذل والصغار على من خالف أمري"
...................................................
قال الإمام ابن قيم رحمه الله
أبواب النار وأصول الخطايا:

دخل الناس النار من ثلاثة أبواب:
1-باب شبهة أورثت شكاً في دين الله.
2- وباب شهوة أورثت تقديم الهوى على طاعته ومرضاته.
3-وباب غضب أورث العدوان على خلقه.
.................................................
 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 46

قال العلامة أبو عبد الله ابن القيم رحمه الله تعالى في إعلام الموقعين عن رب العالمين( المجلد الخامس 388- 390 )
( فإذا ظفرتَ برجلٍ واحدٍ من أولى العلمِ ، طالبٍ للدليلِ ، مُحَكِّمٍ له ، متبعٍ للحق حيث كان ، وأين كان ، ومع من كان ، زالتِ الوحشةُ ، وحصلتِ الألفةُ ، ولو خالفك فإنه يخالفك ويعذرك .
والجاهلُ الظالمُ يخالفك بلا حجةٍ ، ويُكَفِّرُكَ أو يُبَدِّعُكَ بلا حجةٍ ، وذَنْبُكَ رَغْبَتُكَ عن طريقتِهِ الوخيمةِ ، وسيرتِهِ الذميمةِ .
فلا تَغْتَرَّ بكثرةِ هذا الضربِ فإن الآلافَ المؤلفةَ منهم لا يَعْدِلُونَ بشخصٍ واحدٍ من أهلِ العلمِ ، والواحدُ من أهلِ العلمِ يَعْدِلُ بملءِ الأرضِ منهم
[العالم صاحب الحق ]
واعْلَمْ أن الإجماعَ والحجةَ والسوادَ الأعظمَ هو العالمُ صاحبُ الحقِّ ، وإنْ كان وحدَهُ ، وإنْ خَالَفَهُ أهلُ الأرضِ
.....................................................

فقد كثرت اليوم الادعاءات للانتساب إلى عقيدة أهل السنة و الجماعة (السلف الصالح ) فبين محق و مبطل كما كان قديما فكانت الخوارج و المعتزلة و الأشعرية و الجهمية و غيرهم من الفرق تنتسب زورا و بهتانا إلى السنة فما كان من علمائنا إلا أن وضعوا علامات و حدوا حدودا و بينوا الطريق حتى ينكشف كل دعيّ قال أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني في الانتصار لأصحاب الحديث :
( لكن الحق عزيز ،وكل مع عزته يدعيه ، ودعواهم الحق تحجبهم عن مراجعة الحق .
نعم : إن على الباطل ظلمة ، وإن على الحق نورا ، ولا يبصر نور الحق إلا من حشي قلبه بالنور ، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ، فالمتخبط في ظلمات الهوى ، والمتردي في مهاوي الهلكة ، والمتعسف في المقال ، لا يوفق للعود إلى الحق ، ولا يرشد إلى طريق الهدى ، ليظهر وعورة مسلكه ، وعز جانبه ، وتأبيه إلا على أهله , (كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) )
..............................................................
قال السمعاني :
(غير أن الله تعالى أبى أن يكون الحق والعقيدة الصحيحة إلا مع أهل الحديث والآثار ، لأنهم أخذوا دينهم وعقائدهم خلفا عن سلف ، وقرنا عن قرن ، إلى أن انتهوا إلى التابعين ، وأخذه التابعون عن أصحاب رسول الله ، وأخذه أصحاب رسول الله عن رسول الله ، ولا طريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله الناس من الدين المستقيم والصراط القويم إلا هذا الطريق الذي سلكه أصحاب الحديث .
وأما سائر الفرق فطلبوا الدين لا بطريقه ، لأنهم رجعوا إلى معقولهم وخواطرهم وآرائهم ، فطلبوا الدين من قبله ، فإذا سمعوا شيئا من الكتاب والسنة عرضوه على معيار عقولهم ، فإن استقام قبلوه ، وإن لم يستقم في ميزان عقولهم ردوه ، فإن اضطروا إلى قبوله حرفوه بالتأويلات البعيدة ، والمعاني المستنكرة فحادوا عن الحق ، و زاغوا عنه ، ونبذوا الدين وراء ظهورهم ، وجعلوا السنة تحت أقدامهم تعالى الله عما يصفون .
......................................................
قال البربهاري: (فالله الله في نفسك وعليك بالآثار وأصحاب الأثر والتقليد فإن الدين إنما هو التقليد يعني للنبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين ومن قبلنا لم يدعونا في لبس فقلدهم واسترح ولا تجاوز الأثر وأهل الأثر وقف عند متشابه القرآن والحديث ولا تقس شيئا ولا تطلب من عندك حيلة ترد بها على أهل البدع فإنك أمرت بالسكوت عنهم فلا تمكنهم من نفسك أما علمت أن محمد بن سيرين مع فضله لم يجب رجلا من أهل البدع في مسألة واحدة ولا سمع منه آية من كتاب الله عز و جل فقيل له فقال : أخاف أن يحرفها فيقع في قلبي شيء )
...............................................
لدين مبني على الإتباع و العقل تابع و ليس بمتبوع : فعقيدة أهل السنة و الجماعة المأثور فيها هو الحاكم على العقل و ليس العقل هو الحاكم فما عقلناه من الدين صدقناه و ما لم نعقل سلمنا به أما أهل البدع فيعرضون الآثار على عقولهم فما وافق عقولهم قبلوه و ما خالف عقولهم ردوه أو أوّلوه
قال السمعاني :
( واعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة هو مسألة العقل فإنهم أسسوا دينهم على المعقول وجعلوا الإتباع والمأثور تبعا للمعقول
وأما أهل السنة قالوا الأصل الإتباع والعقول تبع ولو كان أساس الدين على المعقول لاستغنى الخلق عن الوحي وعن الأنبياء صلوات الله عليهم ولبطل معنى الأمر والنهي ولقال من شاء ما شاء
ولو كان الدين بني على المعقول وجب ألا يجوز للمؤمنين أن يقبلوا شيئا حتى يعقلوا
ونحن إذا تدبرنا عامة ما جاء في أمر الدين من ذكر صفات الله عز و جل وما تعبد الناس به من اعتقاده وكذلك ما ظهر بين المسلمين وتداولوه بينهم ونقلوه عن سلفهم إلى أن أسندوه إلى رسول الله من ذكر عذاب القبر وسؤال الملكين والحوض والميزان والصراط وصفات الجنة وصفات النار وتخليد الفريقين فيهما أمور لا ندرك حقائقها بعقولنا وإنما ورد الأمر بقبولها والإيمان بها
.............................................
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في درء تعارض العقل والنقل :
( وهذا لأن الناس لا يفصل بينهم النزاع إلا كتاب منزل من السماء وإذا ردوا إلي عقولهم فلكل واحد منهم عقل وهؤلاء المختلفون يدعي أحدهم : أن العقل أداه إلي علم ضروري ينازعه فيه الآخر فلهذا لا يجوز أن يجعل الحاكم بين الأمة في موارد النزاع إلا الكتاب والسنة )
و قال في الرد على المنطقيين :
( كلما كان القوم عن إتباع الرسل أبعد كان اختلافهم أكثر
فإن القوم كلما بعدوا عن إتباع الرسل والكتب المنزلة كان أعظم في تفرقهم واختلافهم فإنهم يكونوا أضل كما في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم قرأ قوله ( مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58)) الزخرف
......................................................

قال أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني في الانتصار لأصحاب الحديث :
( لكن الحق عزيز ،وكل مع عزته يدعيه ، ودعواهم الحق تحجبهم عن مراجعة الحق .
نعم : إن على الباطل ظلمة ، وإن على الحق نورا ، ولا يبصر نور الحق إلا من حشي قلبه بالنور ، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ، فالمتخبط في ظلمات الهوى ، والمتردي في مهاوي الهلكة ، والمتعسف في المقال ، لا يوفق للعود إلى الحق ، ولا يرشد إلى طريق الهدى ، ليظهر وعورة مسلكه ، وعز جانبه ، وتأبيه إلا على أهله , (كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) )
.........................................................
فإن المُعْرِضَ عمَّا بَعَثَ اللَّهُ تعالى به محمداً صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق يتقلَّب في خمس ظلمات: قوله ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره إلى الظلمة، وقلبه مظلم، ووجهه مظلم، وكلامه مظلم، وحاله مظلم، وإذا قابلت بصيرته الخفاشية ما بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم من النور جدّ في الهرب منه، وكاد نوره يخطف بصره، فهرب إلى ظلمات الآراء التي هي به أنسب وأولى كما قيل:
خَفَافيشُ أعْشاها النّهار بضوئهِ ... ووافَقَها قِطَع منَ اللّيل مُظْلمُ
فإذا جاء إلى زبالة الأفكار ونخالة الأذهان جال ومال، وأبدى وأعاد وقعقع وفرقع، فإذا طلع نورُ الوحي وشمسُ الرسالة انحجز في حجرة الحشرات.)
.....................................................
ما أصاب الأمة اليوم من محن وبلايا فالسبب الأكبر فيه انتشار الشركيات لذا كان لزاما علي الأمة أن تفزع إلى الله بتجريد التوحيد له سبحانه كي يفرج عنها ما هي فيه محن و بلايا فإن لتوحيد الله بربوبيته و ألوهيته و أسمائه و صفاته فضل عظيم في تفريج الكربات
قال ابن القيم رحمه الله في الفوائد :
(التوحيدُ مَفْزَعُ أعدائِهِ وأوليائِهِ
فأما أعداؤُهُ فينجيهم مِنْ كُرَبِ الدنيا وشدائدِها (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)
وأما أولياؤُهُ فينجيهم به مِنْ كُرباتِ الدنيا والآخرة وشدائدِها ، ولذلك فَزَعَ إليه يونسُ فنجاه اللهُ من تلك الظلماتِ ، وفزع إليه أتباعُ الرسلِ فنجوا به مما عُذِبَ به المشركون في الدنيا ، وما أَعَدَّ لهم في الآخرة
ولما فَزَعَ إليه فرعونُ عندَ معاينةِ الهلاكِ ، وإدراكِ الغَرَقِ له لم ينفعْهُ لأن الإيمانَ عندَ المعاينةِ لا يُقْبَلُ ، هذه سنةُ اللهِ في عبادِهِ .
فما دُفعتْ شدائدُ الدنيا بمثل التوحيدِ ولذلك كان دعاءُ الكَرْبِ بالتوحيد ودعوةُ ذي النونِ التي ما دَعا بها مَكروبٌ إلا فَرَّجّ اللهُ كَرْبَهُ بالتوحيدِ
فلا يُلْقِى في الكُرَبِ العِظام إلا الشركُ ولا يُنجى منها إلا التوحيدُ فهو مَفْزَعُ الخليقةِ وملجؤُها وحِصْنُها و غياثُها وبالله التوفيق)
.................................................
قال العلامة ابن القيم رحمه الله :
(لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب والسنة والمحاكمة إليهما ، واعتقدوا عدم الاكتفاء بهما ، وعدلوا إلى الآراء والقياس والاستحسان وأقوال الشيوخ ، عرض لهم من ذلك فساد في فطرهم ، وظلمة في قلوبهم ، وكدر في أفهامهم ، ومحق في عقولهم ، وعمتهم هذه الأمور وغلبت عليهم ، حتى ربي فيها الصغير ، وهرم عليها الكبير ، فلم يروها مكرا .
فجاءتهم دولة أخرى قامت فيها البدع مقام السنن ، والنفس مقام العقل ، والهوى مقام الرشد ، والضلال مقام الهدى ، والمنكر مقام المعروف ، والجهل مقام العلم ، والرياء مقام الإخلاص ، والباطل مقام الحق ، والكذب مقام الصدق ، والمداهنة مقام النصيحة ، والظلم مقام العدل .
فصارت الدولة والغلبة لهذه الأمور ، وأهلها هم المشار إليهم ، وكانت قبل ذلك لأضدادها ، وكان أهلها هم المشار إليهم .
فإذا رأيت دولة هذه الأمور قد أقبلت ، وراياتها قد نصبت ، وجيوشها قد ركبت ، فبطنُ الأرض واللهِ خيرٌ من ظهرها ، وقُلَلُ الجبالِ خيرٌ من السهول ، ومخالطة الوحش أسلم من مخالطة الناس .
اقشعرت الأرض ، وأظلمت السماء ،وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة ، وذهبت البركات ، وقلت الخيرات ، وهزلت الوحوش ، وتكدرت الحياة من فسق الظلمة ، وبكي ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة ، وشكا الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبائح .
وهذا واللهِ منذرٌ بسيلِ عذابٍ قد انعقد غمامه ، ومُؤْذِنٌ بليلِ بلاءٍ قد ادْلَهَمَّ ظلامُه .
فاعزلوا عن طريق هذا السبيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح . وكأنكم بالباب وقد أغلق ، وبالرهن وقد غلق ، وبالجناح وقد علق ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)
اشتر نفسَك اليوم ، فإن السوق قائمة ، والثمن موجود ، والبضائع رخيصة ، وسيأتي على تلك السوق والبضائع يوم لا تصل فيه إلى قليل ولا كثير (ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ) (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ)
إذا أنت لم ترحلْ بزادٍ من التُّقَى ... وأبصرتَ يومَ الحشر مَن قد تزوَّدا
نَدِمْتَ على أن لا تكونَ كمثلِهِ ... وأنكَ لَمْ تُرصِدْ كما كان أَرْصَدَا )
الفوائد ( 88-89)
 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 47

نتائج الفوضى العلمية :
1- تجرؤ الناس على الفتيا والتحدث في دين الله بدون علم
2- رد الناس نصوص الشرع من كتاب وسنة والاحتكام إلى عقولهم
3- ظهور البدع و خفاء السنن و انقلاب الأمور فيصير المعروف منكرا و المنكر معروفا
4- استحلال الدماء و الأموال و الفروج لما ينتج عنها من تكفير الناس بعضهم بعضا لمجرد الهوى
5- ظهور التحزبات و التكتلات المخالفة لمنهاج النبوة مما يؤدي بالأمة إلى التفكك و الضعف و ذهاب الريح
6- تداعي الأمم الكافرة على الأمة الإسلامية بسبب نزع مهابة المسلمين من قلوب أعدائهم و تكالب الدنيا على قلوب أبنائها
7- ظهور الفتن و انتشارها و ما يعقبها من قتل حتى لا يدري القاتل لما قَتَل و المقتول لما قُتِل

..................................................................

إن البلايا و المحن التي أصيبت بها الأمة هذه الأيام و تكالب الأمم الكافرة عليها ما هي إلا نتاج عوامل اجتمعت على الأمة و تتلخص في ما يلي :
أولا : الشرك : لقد انتشر الشرك في الأمة حتى تُقرب إلى الصالحين بما لا يُتقرب به إلا إلى الله فصرفت العبادة لغير الله فدعوا الأموات و توسلوا بهم و طافوا حول الأضرحة و منهم من سجد لها و طلبوا المدد مِن مَنْ لا يملكه و تتحججوا بحجج كفار مكة ( ما نَعْبُدُهُمْ إلا لِيُقَرّبُونا إلى اللهِ زُلْفَى) فقالوا هم وسطاء بيننا و بين الله
ثانيا: الذنوب و المعاصي : فقد انتشرت المعاصي و الذنوب في أرجاء المعمورة انتشار النار في الهشيم حتى أظهروها و تباهوا بها فاستحقوا بذلك عقاب الله
ثالثا : الفوضي العلمية : فأصبح الناس كلهم طبقة واحدة فالكل يتجرؤ على القول في الدين بلا علم و أصابهم الجهل المركب في مقتل
رابعا: مخططات الأعداء : فالعدو يخطط لتدمير الأمة الإسلامية و إبادتها فالعدو المتربص بالأمة الآن أربع :
1- الصهاينة : فهم يؤمنون بنبوءة إقامة مملكة داود و يسعون لتحقيقها ( من النيل إلى الفرات ) و خططوا لذلك و ينفذون مخططهم بأيدي أبناء الأمة
و القارئ في بروتوكولات جهلائهم يعلم حقيقة المخطط فيذكرون أن الثورة تقوم في المنطقة في وقت واحد و شعارها شعار الماسون ( الحرية - المساواة – الإخاء ) و أن النقاش حول الدستور هو أساس الانشقاقات و أن البرلمانات أساس النزاع و الفرقة و أن الشرطة المتطوعة ( اللجان الشعبية ) هو أساس تنفيذ مخططهم كي تكون هي اليد الضاربة على يد من يخالفهم أو يقف في وجه تنفيذ مخططهم
2- الصليبيون : و يؤمنون أيضا بنبوءة و لكن تختلف عن اليهود فهم يؤمنون بنزول ربهم - في زعمهم - ليخلصهم و يكون له مذبح في وسط مصر كما في سفر إشعياء الإصحاح ( 19 ) فهم يريدون تغيير خريطة الشرق الأوسط تمهيدا لنزول مخلصهم
3- الروافض و هم يؤمنون أيضا بالمخلص يريدون له أن يخرج من سردابه ليخلصهم فلا بد من إراقة دماء أهل السنة ليطهروا بها الأرض و تدمير مكة و المدنية ليعجل ذلك خروج مهديهم
4- المنافقون من العلمانيين و الشيوعيين و الليبراليين فهم لا يريدون أن تقوم للدين قائمة لأنهم يرون أن عدوهم الأوحد هو الدين و قد رأوا أن الدعوة الإسلامية بدأت تنتشر فأرادوا إشغال الدعاة بالسياسة عن الدعوة إلى الله و ذلك لإجهاض الدعوة في مهدها
فهؤلاء الأعداء يريدون طمس هوية الأمة و استباحة بيضتها
و لن يرفع ذلك إلا الرجوع الكامل إلى الله و إخلاص العبادة له وحده و التوبة مما اقترفناه من الذنوب و المعاصي و التوبة أيضا من المخالفة الصريحة لرسول الله صلى الله عليه و سلم و ذلك يستلزم الاعتراف بالمخالفة وأن نجرد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه و سلم و نتبع صحابته رضوان الله عليهم
..............................................................
قال الإمام أبو بكر الطرطوشي في كتابه ( سراج الملوك ) في ( الباب الحادي والأربعون): ( في كما تكونوا يولى عليكم
لم أزل أسمع الناس يقولون: أعمالكم عمالكم، كما تكونوا يولى عليكم، إلى أن ظفرت بهذا المعنى في القرآن؛ قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً} (الأنعام:129)
وكان يقال: ما أنكرت من زمانك فإنما أفسده عليك عملك.
وقال عبد الملك بن مروان: ما أنصفتمونا يا معشر الرعية، تريدون منا سيرة أبي بكر وعمر ولا تسيرون فينا ولا في أنفسكم بسيرتهما، نسأل الله أن يعين كل على كل.
وقال قتادة: قالت بنو إسرائيل: إلهنا أنت في السماء ونحن في الأرض فكيف نعرف رضاك من سخطك؟ فأوحى الله تعالى إلى بعض أنبيائهم: إذا استعملت عليكم خياركم فقد رضيت عنكم، وإذا استعملت عليكم شراركم فقد سخطت عليكم.
وقال عبيدة السلماني لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين ما بال أبي بكر وعمر انطاع الناس لهما، والدنيا عليهما أضيق من شبر فاتسعت عليهما ووليت أنت وعثمان الخلافة ولم ينطاعوا لكما، وقد اتسعت فصارت عليكما أضيق من شبر؟ فقال: لأن رعية أبي بكر وعمر كانوا مثلي ومثل عثمان، ورعيتي أنا اليوم مثلك وشبهك!
وكتب أخ لمحمد بن يوسف يشكو إليه جور العمال، فكتب إليه محمد بن يوسف: بلغني كتابك وتذكر ما أنتم فيه، وليس ينبغي لمن يعمل المعصية أن ينكر العقوبة، ولم أر ما أنتم فيه إلا من شؤم الذنوب، والسلام )
.........................................................
مظاهر الفوضى العلمية :
إن الفوضى العلمية اشرأبت عنقها و لاحت في الأفق براقة خداعة ومظاهرها تختلف باختلاف قائدها ومن مظاهرها :
1- تولى طلبة علم مبتدئين غير مؤهلين مقاليد الفتوى فيتحدثون في مسائل لو عرضت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر و صدق فيهم قول الرسول :
( اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا ، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا »
قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: ( تفقه قبل أن ترأس فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه.)
قال سفيان الثوري رحمه الله : ( من ترأس في حداثته كان أدنى عقوبته أن يفوته حظ كثير من العلم .)
و في المثل : " تزبب قبل أن يتحصرم "
و جاء في بريقة محمودية : ( إلَّا أَنَّ الزَّمَانَ لَمَّا خَلَا عَنْ الْعِلْمِ وَذَوِيهِ وَعَنْ الْعِرْفَانِ وَمُنْتَحِلِيهِ وَبَارَ أَهْلُ الْفَضْلِ وَكَسَدَ سُوقُ الْقَوْلِ الْفَصْلِ تَرَأَّسَ الْجُهَّالُ وَأَكْثَرُوا الْقِيلَ وَالْقَالَ وَلَكِنْ لِلْحُرُوبِ رِجَالٌ وَلِلثَّرِيدِ رِجَالٌ انْتَهَى مُلَخَّصًا)
2- قيام البعض بدورات سريعة – بقصد تجميع الناس حولهم – وهذه الدورات لا تثمر إلا فوضى علمية أخرى لأن من اجتاز هذه الدورات يظن أنه أصبح مخولا له أن يتكلم عن الله
قَالَ الشَّعْبِيُّ : ( الْعِلْمُ ثَلَاثَةُ أَشْبَارٍ فَمَنْ نَالَ مِنْهُ شِبْرًا شَمَخَ بِأَنْفِهِ وَظَنَّ أَنَّهُ نَالَهُ .وَمَنْ نَالَ الشِّبْرَ الثَّانِيَ صَغَرَتْ إلَيْهِ نَفْسُهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَنَلْهُ ، وَأَمَّا الشِّبْرُ الثَّالِثُ فَهَيْهَاتَ لَا يَنَالُهُ أَحَدٌ أَبَدًا .) أدب الدنيا و الدين
فمن دخل في الشبر الأول ظن نفسه شيخ الإسلام فاحذر أن تكون من أصحاب الشبر الأول و جاهد حتى تصل إلى الثاني فضلا عن الثالث
قال الثوري: ( إذا ترأس الرجل سريعاً أضر بكثير من العلم، وإذا طلب وطلب بلغ )
3- انتشار دور تعليم القرآن وإعطاء إجازات في القرآن الكريم لكل من هب أو دب بدون أي يدرسوا معه ما يصحح عقائدهم و دون أن يتعلموا آداب طالب العلم مما سوغ لهم التحدث في دين الله بغير علم
روى أبو داود و عبد الرزاق و البيهقي أن معاذا بن جبل قال يوما : ( إن من ورائكم فتنا يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق والرجل والمرأة والصغير والكبير والعبد والحر فيوشك قائل أن يقول : ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره فإياكم وما ابتدع فإن ما ابتدع ضلالة ) صححه الألباني موقوفا
4- كثرة المتكلمين في الدين حتى ترى الكبير و الصغير و المتعلم و الأمي و الرجل و المرأة الكل يتكلم بعلم و بدون علم فصار الدين مرتعا لكل سفيه و سفيهة و كل وضيع و وضيعة و كل ساقط و ساقطة
قال ابن الجوزي : ( قوله تعالى : { وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } عام في تحريم القول في الدِّين من غير يقين .)
5- كثرة المتكلمين في فقه الواقع دون أن يضبطوه بالعلم الشرعي مما أدى إلى أن تكلم السفيه في أمر العامة
أخرج أحمد عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّهَا سَتَأْتِى عَلَى النَّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ ». قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ « السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِى أَمْرِ الْعَامَّةِ ».
و في رواية عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عند البزار قَالَ : ( الْمَرْءُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ. ) و الحديث صححه الألباني
قال الفوزان : (ونحن نقرأ سورة الفاتحة في كل ركعة من صلاتنا وفيها الدعاء العظيم { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ - صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ }.
والذين أنعم الله عليهم هم الذين جمعوا بين العلم النافع والعمل الصالح { مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً }.و { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } وهم الذين أخذوا العلم وتركوا العمل { ولا الضالين } وهم الذين أخذوا العمل وتركوا العلم.
فالصنف الأول : مغضوب عليه لأنه عصى الله على بصيرة.
والصنف الثاني : ضال لأنه عمل بدون علم. ولا ينجو إلا الذين أنعم الله عليهم، وهم أهل العلم النافع والعمل الصالح، فيجب أن يكون هذا لنا على بال، وأما الاشتغال بواقع العصر كما يقولون أو ( فقه الواقع )، فهذا إنما يكون بعد الفقه الشرعي، إذ الإنسان بالفقه الشرعي ينظر إلى واقع العصر وما يدور في العالم وما يأتي من أفكار ومن آراء ، ويعرضها على العلم الشرعي الصحيح ليميز خيرها من شرها، وبدون العلم الشرعي فإنه لا يميز بين الحق والباطل ، والهدى والضلال ، فالذي يشتغل بادئ ذي بدء بالأمور الثقافية، والأمور الصحافية، والأمور السياسية، وليس عنده بصيرة من دينه، فإنه يضل بهذه الأمور، لأن أكثر ما يدور فيها ضلال ودعاية للباطل، وزخرف من القول وغرور، نسأل الله العافية والسلامة .)
6- أخذ العلم من الكتب وعدم أخذه عن أهله
قال الأوزاعي : ( ما زال هذا العلم في الرجال حتى وقع في الصحف فوقع عند غير أهله )
قال سعيد بن عبد العزيز التنوخي : ( لا تحملوا العلم عن صحفي ، ولا تأخذوا القرآن من مصحفي )
قال ثور بن يزيد : ( لا يفتى الناس صحفي ولا يقرئهم مصحفي )
وهجا بعضهم أبا حاتم فقال:
إذا أسند القوم أخبارهم ... فإسناده الصحف والهاجس
و إذا نظرت إلى من يأخذ العلم من الكتب تجد عنده من الجفاء و العجب و ذميم الأخلاق ما الله به عليم فهو يتعلم من جماد أما من يتعلم على أيدي العلماء و يتربى عندهم ففيه من سمت أهل العلم كالتواضع و الحلم و الأناة و غيرها من حميد الخصال فهو يتربى و يتأدب بأدبهم قبل أن يتعلم علمهم
7- التنقص من العلماء الربانيين ورميهم بأنهم علماء حيض ونفاس لا يفقهون الواقع
قال الشيخ أحمد النجمي في المورد العذب في الملاحظة الخامسة و العشرين على الإخوان :
( أنهم يزهدون في علماء السنة وينبذونهم بالألقاب فيصفون بعضهم بأنه عميل، والبعض الآخر بأنه مداهن، وتارة يقولون عنهم: إنهم علماء الورق وعلماء الحيض والنفاس، وأنهم يجهلون الواقع و..و..و...إلى آخر القاموس الذي نفثه قادتهم في صدورهم، فينفرون الشباب عنهم ويزهدون فيهم وفي حلقاتهم فلا ينظرون إليهم إلا بعين الاحتقار وينشأ عن ذلك حاجز وحجاب يفصل بين هؤلاء وهؤلاء أي بين العلماء والطلاب وتكون النتيجة مرة والعاقبة سيئة لأنهم إذا زهدوا في علمائهم واتهموهم على الدين سيقيسون الأمور بأهوائهم وما يسيرهم به قادتهم وبحكم جهلهم بكثير من الأحكام الشرعية سيقعون في أخطاء كثيرة يظنونها صوابا فيستمرون عليها فتموت بسبب ذلك سنن وتروج بدع وتفشو ويحملها بعضهم عن بعض حتى يأتي زمان يظن الناس فيه بأنها سنة.)
8- تناطح هؤلاء الجهلة للعلماء الكبار و يقولون هم رجال و نحن رجال و هذا لعمري من حقير الفعال أن يناطح الكبش الجبال ظنا منه أنه يوما يضاهها في العلو و الشموخ
و من طريف ما قاله شيخنا حفظه الله : ( كل من ملك تعريفة و اشترى كتابا بهذه التعريفة و عمل فيها أبا ظريفة ناظر الشافعي ومالك وأبا حنيفة )
 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 48

الفوضى العلمية :
من أخطر ما أصاب الأمة اليوم الفوضى العلمية والتجرُّؤ على الفتيا ....
فإن عامّة المسلمين فضلا عن المنتسبين إلى العلم خاصة والذين يدّعون أنهم على منهج السلف بوجه أخص يتجرءوا على الفتيا و القول على الله بغير علم مما يُنذر بتفحل الشر وتصاعد لهيب الفتن و اضطراب الأمور أكثر و أكثر
و السبب في ذلك ترأس الجهلة أمر الفتيا وأخذهم العلم من غير طريقه وعن غير شيوخه و عدم تحصيلهم لأدواته
فلتحذروا عباد الله ........ فليس كل من أًلَّف كتابًا أو حقق مخطوطا أو ألقى محاضرة أو صعد منبرا و أطال اللحية و قصر الثياب و تكلم بفصيح الكلام فهو عالم رباني
ففي الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا ، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا ، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا ، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا » اللفظ البخاري و عند مسلم ( إِنَّ اللَّه لَا يَقْبِض الْعِلْم اِنْتِزَاعًا يَنْتَزِعهُ مِنْ النَّاس ، وَلَكِنْ يَقْبِض الْعِلْم بِقَبْضِ الْعُلَمَاء حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُك عَالِمًا اِتَّخَذَ النَّاس رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْم فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا )
قال ابن رجب : ( وما دام العلمُ باقياً في الأرض ، فالنَّاس في هُدى ، وبقاءُ العلم بقاءُ حَمَلَتِهِ ، فإذا ذهب حملتُه ومَنْ يقومُ به ، وقع الناسُ في الضَّلال )
قال أبو شامة في الباعث على إنكار البدع والحوادث:
(قال الإمام الطرطوشي رحمه الله تعالى فتدبروا هذا الحديث فإنه يدل على أنه لا يؤتى الناس قط من قبل علمائهم وإنما يؤتون من قبل إذا مات علماؤهم أفتى من ليس بعالم فيؤتى الناس من قبلهم )
وَذكر ابن مفلح : أن رَبِيعَة بَكَى فَقِيلَ مَا يُبْكِيكَ ؟ فَقَالَ : ( اسْتُفْتِيَ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ وَظَهَرَ فِي الْإِسْلَامِ أَمْرٌ عَظِيمٌ )
روى الدارِمي عن ابن مسعودٍ - رضي اللَّه عنه - قال : ( عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ ، وَقَبْضُهُ أَنْ يُذْهَبَ بِأَصْحَابِهِ ، وَعَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِى مَتَى يُفْتَقَرُ إِلَيْهِ أَوْ يُفْتَقَرُ إِلَى مَا عِنْدَهُ ، وَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أَقْوَاماً يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَكُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَقَدْ نَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ، فَعَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّبَدُّعَ ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَطُّعَ ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّعَمُّقَ ، وَعَلَيْكُمْ بِالْعَتِيقِ.) رجاله رجال الصحيح .
و أخرجه عبد الرزاق و الطبراني عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بلفظ:"عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَقَبْضُهُ ذَهَابُ أَهْلِهِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ فَإِنْ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي مَتَى يُفْتَقَرُ إِلَى مَا عِنْدَهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَطُّعَ، وَالتَّعَمُّقَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْعَتِيقِ فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ يَنْبُذُونَهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ".
قال ابن القيم في الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناحية :
( هذا وإني بعد مُمْتَحِنٌ بأر ... بعة وكلهم ذوو أضغان
فظٌّ غليظٌ جاهلٌ مُتَمَعْلِمٌ ... ضخم العمامة واسع الأردان
مُتَفَيْهِقٌ مُتَضَلِّعٌ بالجهل ذو ... ضلع وذو جلح من العرفان
مُزْجَي البضاعة في العلوم وإنه ... زاج من الإيهام والهذيان
يشكو إلى الله الحقوق تَظَلُّمًا ... من جهله كشكاية الأبدان
من جاهل مُتَطَبِّبٍ يُفتي الورى ... ويحيل ذاك على قضا الرحمن )
روى الخطيب في نصيحة أهل الحديث و كذا في الفقيه و المتفقه و البيهقي في المدخل إلى السنن عن عبد الله قال : ( لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم وعن أمنائهم فإذا أخذوا من صغارهم وشرارهم هلكوا )
و أخرج الخطيب عن عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري قال : سئلت عن قوله : لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم يريد : « لا يزال الناس بخير ما كان علماؤهم المشايخ ، ولم يكن علماؤهم الأحداث ، لأن الشيخ قد زالت عنه ميعة الشباب وحدته وعجلته وسفهه و استصحب التجربة والخبرة فلا يدخل عليه في علمه الشبهة ، ولا يغلب عليه الهوى ، ولا يميل به الطمع ، ولا يستزله الشيطان استزلال الحدث ومع السن الوقار ، والجلالة والهيبة ، والحدث قد يدخل عليه هذه الأمور ، التي أمنت على الشيخ ، فإذا دخلت عليه ، وأفتى ، هلك وأهلك »
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في ( بيان فضل علم السلف على الخلف ) :
وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين انه أعلم ممن تقدم. فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله. ومنهم من يقول هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين. )
روي ابن مفلح عن سفيان أنه قال : ( أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْفُتْيَا أَسْكَتُهُمْ عَنْهَا وَأَجْهَلُهُمْ بِهَا أَنْطَقُهُمْ فِيهَا .)
و ذكر ابن مفلح عن ربيعة أنه قال : ( وَلَبَعْضُ مَنْ يُفْتِي هَهُنَا أَحَقُّ بِالسِّجْنِ مِنْ السُّرَّاقِ .)
و ذكر عن ابن مَعِينٍ أنه قال : ( الَّذِي يُحَدِّثُ بِالْبَلْدَةِ وَبِهَا مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْحَدِيثِ فَهُوَ أَحْمَقُ )
وقال أَيْضًا : ( إذَا رَأَيْتَنِي أُحَدِّثُ فِي بَلْدَةٍ فِيهَا مِثْلُ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ فَيَنْبَغِي لِلِحْيَتِي أَنْ تُحْلَقَ وَأَمَرَّ يَدَهُ عَلَى عَارِضَيْهِ )
وقال ابْنُ عُيَيْنَةَ وَسَحْنُونٌ : ( أَجْسَرُ النَّاسِ عَلَى الْفُتْيَا أَقَلُّهُمْ عِلْمًا )
و قد قيل : ( أفسد ما يفسد الدنيا نصف متكلم ونصف متفقه ونصف متطبب ونصف نحوي هذا يفسد الأديان وهذا يفسد الأبدان وهذا يفسد اللسان )
............................................................
قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرح العقيدة الطحاوية :
( فكلمة (الجَمَاعَةَ) جاءت في عدد من الأحاديث نَصَّاً، وجاءت في القرآن مَعْنَىً في قوله تعالى {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}[آل عمران:103]، وفي قوله {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً}يعني جميعاً دون تفريق، و{السِّلْمِ} في الآية يعني الإسلام.
{ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً} يعني ادخلوا في الإسلام كافة. {وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}[البقرة:208]، بأن تُفَرِّقُوا بين أمرٍ وأمرٍ من أمور الإسلام، فيجب الدخول فيه كافة، وألَّا يقول المسلم إذا أسلم (أنا أدخل في بعض الإسلام ولا أدخل في بعض، أو ألتزم ببعضٍ ولا ألتزم ببعض أو أُقِرُّ ببعضٍ ولا أُقِرُّ ببعض)، ونحو ذلك.
و (الجَمَاعَةَ) في هذا الموطن اختلف السلف في تفسيرها على عدة أقوال -يعني الآية والحديث وفي غيرهما أيضاً من كلام السلف-. والذي يجمع كلام السلف كما أوضحته لكم في غير موضع: أَنَّ الجماعة نوعان:
- جماعَةٌ في الدين.
- وجماعَةُ في الأبدان والدنيا.
وأنَّ النصوص تشمل هذا وهذا، وأَنَّ من فَسَّرَ من السلف (الجَمَاعَةَ) بجماعة الدين فإنه -يعني من الصحابة والتابعين - تَفْسيرٌ للشيء ببعض أفراده، كما هو عادة السلف، ومن فَسَّرَهَا بأنها جماعة الأبدان والاجتماع على الإمام وولي الأمر فإنَّهُ يعني بها فرداً أو بعض أفراد الجماعة.
فالجماعة نوعان:
1 - أولاً: جماعةٌ في الدين: وهي الأساس الأعظم لما أنزل الله - عز وجل - به كتبه وأرسل به رسله، فإنَّ الله أرسل الرسل وأنزل الكتب لأجل أن يجتمع الناس في دينهم، وهو توحيد الله - عز وجل -، عبادته وحده دون ما سواه والبراءة من الشرك وأهله، وطاعة رسوله الذي أرسله على الرسل صلوات الله وسلامه.
وهذا هو الذي جاء في نحو قوله - جل جلاله - في سورة الشورى {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}[الشورى:13] يعني واجتمعوا عليه، وهو المذكور في قوله {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}[آل عمران:103].
وهذا الاجتماع في الدين هو أَعْظَمُ أَمْرٍ لأجله بُعِثَت الرسل وأُنْزِلَت الكتب، وهو الذي من أجله يجاهد المجاهد ويدعو الدَّاعِي، وهو الذي من أجله آتى الله - عز وجل - الرسل الآيات والبينات، أن يجتمعوا لأجل تحقيق الدين، لأجل ألا يفترق الناس في الالتزام بما يُرْضِي الله - عز وجل - فيما يستحقه في العبادة والطاعة له ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
فيدخل هنا في الاجتماع: الاجتماع في ملازمة الإسلام، والالتزام به، وألا نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعض، وأن يُدْخَلَ في الإسلام كافَّة دون تفريقٍ ما بين مسألة ومسألة -يعني من حيث الاعتقاد والإقرار والإذعان والالتزام-.
2 - ثانياً: جماعة الأبدان: يعني اجتماع الأبدان والدنيا بملازمة طاعة من وَلَّاهُ الله - عز وجل - الأمر، والسمع والطاعة في غير معصية الله - عز وجل -.
وهذا النوع وسيلة لتحقيق الأوَّلْ، فالأمْرُ به والنهي عن الخروج عن الولاة والأمْرْ بالاجتماع فيما أَحَبَّ الإنسان وكَرِهْ، كما جاء في الحديث «على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره»، هذا به يتحقق الاجتماع في الدين.
والتفريط في الأول أو في بعضه يُعَاقِبُ الله - عز وجل - به بالفرقة في الثاني أو بعضه ، وكذلك التفريط في الثاني وهو: السمع والطاعة لولاة الأمور في غير المعصية والاجتماع وعدم الخروج،
التفريط في الثاني يُنْتِجُ التفريط في الأول أو في بعضه.
ولهذا ما مِنْ فُرْقَةٍ في الأبدان حصلت في الأمة إلا وكان معها وبعدها من الافتراق في العقائد ونفوذ البدع والمُحْدَثَات ما لا يدخل في حُسْبَان.
فالأمران مترابطان، والجماعة مطلوبَةٌ في هذا وهذا ومأمورٌ بها، وجماعة الدِّين واجتماع الناس في دينهم حقٌ وصواب، وإحداث المحدَثَات باطل وغلط وضلال، وكذلك الاجتماع في الأبدان والدنيا حقٌ وصواب وخلافه بالفُرْقَةْ والخروج باطلٌ وزيغٌ وضلال.)
...........................................................
أخرج البزار عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"ما من قوم مشوا إلى سلطان الله ليذلوه إلا أذلهم الله قبل يوم القيامة".
قال الهثيمي : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا كثير بن أبي كثير التيمي وهو ثقة.
و أخرجه عبد الرزاق عن حذيفة موقوفا قال : ( ما مشى قوم إلى سلطان الله في الأرض ليذلوه إلا أذلهم الله قبل أن يموتوا ) رواته ثقات
و أخرجه ابن زنجويه في الأموال عن زيد بن يثيع ، قال : تجهز ناس من بني عبس إلى عثمان ليقاتلوه ، فقال حذيفة : « ما سعى قوم ليذلوا سلطان الله في الأرض إلا أزلهم الله قبل أن يموتوا »
و أخرج ابن سعد عن راشد بن سعد : أن عمر بن الخطاب أتى بمال فجعل يقسمه بين الناس فازدحموا عليه فأقبل سعد بن أبى وقاص يزاحم الناس حتى خلص إليه فعلاه عمر بالدرة وقال : ( إنك أقبلت لا تهاب سلطان الله فى الأرض فأحببت أن أعلمك أن سلطان الله لا يهابك )
و روى الترمذي عن زياد بن كسيب العدوي قال : كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر وهو يخطب وعليه ثياب رقاق فقال أبو بلال : انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفساق . فقال أبو بكرة : اسكت سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :( من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله ) قال الترمذي : هذا حديث غريب و رواه أيضا البزار و حسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة و ظلال السنة و الجامع الصغير
و روي الشهاب القضاعي بسنده عن أبي بكرة ، قال : سمعت ، رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من أهان سلطان الله فى الأرض أهانه الله ومن أكرم سلطان الله فى الأرض أكرمه الله )
قال الهيثمى : رجاله ثقات .
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي :
(قَوْلِهِ : ( مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَهَانَهُ اللَّهُ )
أَيْ مَنْ أَهَانَ مَنْ أَعَزَّهُ اللَّهُ وَأَلْبَسَهُ خِلْعَةَ السَّلْطَنَةِ أَهَانَهُ اللَّهُ . وَفِي الْأَرْضِ مُتَعَلِّقٌ بِسُلْطَانِ اللَّهِ تَعَلُّقَهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى { إِنَّا جَعَلْنَاك خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ } وَالْإِضَافَةُ فِي سُلْطَانِ اللَّهِ ، إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ ، كَبَيْتِ اللَّهِ وَنَاقَةِ اللَّهِ )

قال الملا على القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح :
( ولعل الاعتراض الوارد عليه لكونه نصيحة تتضمن فضيحة يتفرع عليه فتنة صريحة ويحتمل أن لا يكون منهما لكن لما كان لبس ثياب الرقاق من دأب المتنعمين نسبه إلى الفسق وقد قال بعضهم : من رق ثوبه رق دينه . فقال أبو بكرة : اسكت سمعت رسول الله يقول : ( من أهان سلطان الله في الأرض ) أي أذل حاكما بأن آذاه أو عصاه ( أهانه الله ) قال الطيبي : والظاهر هذا الاحتمال لأن أبا بكرة رده بقوله من أهان الخ يعني تفسيقك إياه بسبب لبسه هذه الثياب التي يصون بها عزته ليس بحق لأن المعنى من أهان من أعزه الله وألبسه خلع السلطنة أهانه الله )
...........................................................
هل للفتن من فوائد ؟
سؤال يطرح نفسه هل للفتن من فوائد ؟
نعم . للفتن فائدة جليلة و عظيمة ألا و هي أنها تكشف حقائق الناس مهما زينوها و ستروها فيظهر إيمان المؤمن و يفتضح نفاق المنافق و يميز الخبيث من الطيب
قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ )
قال الطبري :
(فكذلك ابتلينا أتباعك بمخالفيك من أعدائك( فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ) منهم في قيلهم آمنا( وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) منهم في قيلهم ذلك، والله عالم بذلك منهم قبل الاختبار، وفي حال الاختبار، وبعد الاختبار، ولكن معنى ذلك: ولَيُظْهِرَنَّ الله صدق الصادق منهم في قيله آمنا بالله من كذب الكاذب منهم بابتلائه إياه بعدوّه، ليعلم صدقه من كذبه أولياؤه )
و ذكر الطبري عن ابن إسحاق أنه قال : ( "وليمحص الله الذين آمنوا"، أي يختبر الذين آمنوا، حتى يخلِّصهم بالبلاء الذي نزل بهم، وكيف صَبْرهم ويقينُهم.)
و قال أيضا : ( "ويمحق الكافرين"، أي: يبطل من المنافقين قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، حتى يظهر منهم كفرهم الذي يستترون به منكم.)
قال ابن بطة العكبري :
(فإن هذه الفتن والأهواء قد فضحت خلقا كثيرا ، وكشفت أستارهم عن أحوال قبيحة ، )
قال الحسن البصري :
(والناسُ ما داموا في عافيةٍ مستورون، فإذا نزَلَ بهم بلاءٌ صاروا إلى حقائقهم، فصار المؤمن إلى إيمانه، والمنافقُ إلى نِفاقه )
قال ابن القيم :
( فالفتنة كير القلوب ومحك الإيمان وبها يتبين الصادق من الكاذب قال تعالى : ( ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين )
فالفتنة قسمت الناس إلى صادق وكاذب ومؤمن ومنافق وطيب وخبيث فمن صبر عليها كانت رحمة في حقه ونجا بصبره من فتنة أعظم منها ومن لم يصبر عليها وقع في فتنة أشد منها )
الثمرة الوحيدة للفتن أنها تكشف عن بواطن الناس وحقائقهم فهم في العافية يتجملون و يظهرون خلاف ما يبطنون فإذا ظهرت الفتن فكل يظهر على حقيقته الذي على الحق يظل متمسكا به و لا يتلون أما مدعي الحق فإنه يتلون كالحرباء
فلا يثبت في الفتن إلا من كان على الحق حقيقة لا إدعاء و لذا كان من خصائص مذهب الحق الثبات و الاستقرار لا التلون قال حذيفة رضي الله عنه : ( و إياك و التلون فإن دين الله واحد )
و رحم الله الإمام أحمد كيف ثبت على الحق في المحنة أيام المأمون و المعتصم و الواثق و كيف فعل عندما أراد علماء بغداد الخروج على الواثق و جادلهم حتى أقعدهم عن الخروج رحمه الله و لم يحمله ما لقاه على أيديهم من أذى من أن يخالف سنة المختار صلى الله عليه و سلم بل كان من أشد الناس تمسكا بالسنة و التزاما بها
......................................................
كلام مهم لابن القيم في النظر في حقائق الأمور
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
(والحق قد يعتريه سوء تعبير فإذا أردت الاطلاع على كنه المعنى هل هو حق أو باطل فجرده من لباس العبارة وجرد قلبك عن النفرة والميل ثم اعط النظر حقه ناظرا بعين الإنصاف ولا تكن ممن ينظر في مقالة أصحابه ومن يحسن ظنه نظرا تاما بكل قلبه ثم ينظر في مقالة خصومه وممن يسيء ظنه به كنظر الشزر والملاحظة فالناظر بعين العداوة يرى المحاسن مساوئ والناظر بعين المحبة عكسه وما سلم من هذا إلا من أراد الله كرامته وارتضاه لقبول الحق وقد قيل :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدي المساويا
وقال آخر :
نظروا بعين عداوة لو أنها ... عين الرضا لاستحسنوا ما استقبحوا
فإذا كان هذا في نظر العين الذي يدرك المحسوسات ولا يتمكن من المكابرة فيها فما الظن بنظر القلب الذي يدرك المعاني التي هي عرضة المكابرة والله المستعان على معرفة الحق وقبوله ورد الباطل وعدم الاغترار به )
.................................................
لنا عباد الله في الصومال عبرة ( جماعات متناحرة – دولة بلا دولة ) و في العراق عبرة ( شيعة و سنة – إبادة للسنة – تقسيم للدولة ) و في الجزائر عبرة ( دم أريقت بأيدي أبنائه ) و فيما مضى من التاريخ عبرة ( فتنة الحرة – مقتل ابن الزبير و صلبه – إراقة دماء العرب على أيدي الخراسانين ) ( الثورة العرابية بقيادة عرابي و جمعية مصر الفتاة الماسونية ثم احتلال مصر ) و السعيد من وعظ بغيره
أنشد الحارث بن حِلِّزة اليشكري:
لا أَعرِفنّكَ إن أرسلتُ قافيةً ... تُلقِي المَعاذيرَ إن لم تنفع العِذَرُ
إنّ السّعيدَ له في غيره عظَةٌ ... وفي التّجارب تحكيمٌ ومُعْتَبَرُ
قال أبو حيان التوحيدي في الإمتاع والمؤانسة
( وقد قيل: تجارب المتقدمين، مرايا المتأخرين، كما يبصر فيها ما كان، يتبصر بها فيما سيكون، والشاعر قد قال:
والدهر آخره شبهٌ بأوله ... ناسٌ كناسٍ وأيامٌ كأيام
وليس من حادثةٍ ماضيةٍ إلا وهي تعرفك الخطأ والصواب منها لتكون على أهبةٍ في أخذك وتركك، وإقدامك ونكولك، وقبضك وبسطك، وهذا وإن كان لا يقي كل الوقاية، فإنه لا يلقى في التهلكة كل الإلقاء.)
 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 49

قال ابن تيمية :
(وقوله تعالى ( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) قال أكثر المفسرين لا تفسدوا فيها بالمعاصي والداعي إلى غير طاعة الله بعد إصلاح الله إياها ببعث الرسل وبيان الشريعة والدعاء إلى طاعة الله مفسد فإن عبادة غير الله والدعوة إلى غيره والشرك به هو أعظم الفساد في الأرض بل فساد الأرض في الحقيقة إنما هو الشرك بالله ومخالفة أمرة قال الله تعالى ( ظهر الفساد في البر والبحر بم كسبت أيدي الناس ) قال عطية في الآية ولا تعصوا في الأرض فيمسك الله المطر ويهلك الحرث بمعاصيكم وقال غير واحد من السلف إذا قحط المطر فالدواب تلعن عصاة بنى آدم فتقول : اللهم العنهم فبسبهم أجدبت الأرض وقحط المطر
وبالجملة فالشرك والدعوة إلى غير الله وإقامة معبود غيره أو مطاع متبع غير الرسول صلى الله عليه و سلم هو أعظم الفساد
في الأرض ولا صلاح لها ولأهلها إلا أن يكون الله وحده هو المعبود والدعوة له هو لا لغيره والطاعة والإتباع لرسول الله وغيره إنما تجب طاعته إذا أمر بطاعة الرسول فإن أمر بمعصيته فلا سمع ولا طاعة فإن الله أصلح الأرض برسوله ودينه وبالأمر بالتوحيد ونهى عن فسادها بالشرك به ومخالفة رسول الله عليه وسلم
ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك فسببه مخالفة الرسول والدعوة إلى غير الله ومن تدبر هذا حق التدبير وجد هذا الأمر كذلك في خاصة نفسه وفي غيره عموما وخصوصا ولا حول ولا قوة إلا بالله )
........................................................
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى:
( قوله.: "وقال الخليل عليه السلام: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ} الخليل هو إبراهيم عليه السلام، سمي بالخليل لأن الله سبحانه اتخذه خليلاً، كما قال تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} من الخُلَّة، وهي أعلى درجات المحبة، أي: أن الله يحبه أعلى المحبة، وهذه مرتبة لم ينلها إلاَّ إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام.
قوله: "{وَاجْنُبْنِي}" أي أبعدني واجعلني في جانب بعيد "{أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ}" خاف من عبادتها.
مع هذه المنزلة العظيمة التي نالها إبراهيم عليه السلام من ربه، ومع أنه قاوم الشرك وكسر الأصنام بيده، وتعرض لأشد الأذى في سبيل ذلك حتى ألقي في النار، مع ذلك خاف على نفسه من الوقوع في الشرك، لأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، والحي لا تؤمن عليه الفتنة، ولهذا قال بعض السلف: "ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم؟"، فإبراهيم خاف على نفسه الوقوع في الشرك لما رأى كثرة وقوعه في الناس، وقال عن الأصنام: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ}.
وفي هذا أبلغ الرد على هؤلاء الذين يقولون: لا خوف على المسلمين من الوقوع في الشرك بعدما تعلموا وتثقفوا، لأن الشرك بعبادة الأصنام شرك ساذج يترفع عنه المثقف والفاهم، وإنما الخوف على الناس من الشرك في الحاكمية، ويركزون على هذا النوع خاصة، وأما الشرك في الألوهية والعبادة فلا يهتمون بإنكاره، وعلى هذا يكون الخليل عليه السلام وغيره من الرسل إنما ينكرون شركاً ساذجاً!!، ويتركون الشرك الخطير وهو شرك الحاكمية كما يقول هؤلاء.)
..................................................
قال ابن القيم : ( وإنما سميت الشبهة شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها فإنها تلبس ثوب الحق على جسم الباطل وأكثر الناس أصحاب حسن ظاهر فينظر الناظر فيما ألبسته من اللباس فيعتقد صحتها وأما صاحب العلم واليقين فانه لا يغتر بذلك بل يجاوز نظره إلى باطنها وما تحت لباسها فينكشف له حقيقتها ومثال هذا الدرهم الزائف فإنه يغتر به الجاهل بالنقد نظرا إلى ما عليه من لباس الفضة والناقد البصير يجاوز نظره إلى ما وراء ذلك فيطلع على زيفه فاللفظ الحسن الفصيح هو للشبهة بمنزلة اللباس من الفضة على الدرهم الزائف والمعنى كالنحاس الذي تحته وكم قد قتل هذا الاعتذار من خلق لا يحصيهم إلا الله وإذا تأمل العاقل الفطن هذا القدر وتدبره رأى أكثر الناس يقبل المذهب والمقالة بلفظ ويردها بعينها بلفظ آخر وقد رأيت أنا من هذا في كتب الناس ما شاء الله وكم رد من الحق بتشنيعه بلباس من اللفظ قبيح )
قال ابن القيم : ( ففتنة الشبهات من ضعف البصيرة وقلة العلم ولا سيما إذا اقترن بذلك فساد القصد وحصول الهوى فهنالك الفتنة العظمى والمصيبة الكبرى فقل ما شئت في ضلال سيء القصد الحاكم عليه الهوى لا الهدى مع ضعف بصيرته وقلة علمه بما بعث الله به رسوله فهو من الذين قال الله تعالى فيهم : (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ) وقد أخبر الله سبحانه أن اتباع الهوى يضل عن سبيل الله فقال : (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب )
وهذه الفتنة مآلها إلى الكفر والنفاق وهي فتنة المنافقين وفتنة أهل البدع على حسب مراتب بدعهم فجميعهم إنما ابتدعوا من فتنة الشبهات التي اشتبه عليهم فيها الحق بالباطل والهدى بالضلال )
و تنشأ فتن الشبهات من :
1- إتباع الهوى
2- قلة العلم
3- ضعف البصيرة
4- معارضة النص بالرأي
5- فساد القصد
6- الفهم السقيم
قال ابن القيم : (وهذه الفتنة تنشأ تارة من فهم فاسد وتارة من نقل كاذب وتارة من حق ثابت خفى على الرجل فلم يظفر به وتارة من غرض فاسد وهوى متبع فهي من عمى في البصيرة وفساد في الإرادة )
وقال : ( وأصل كل فتنة إنما هو من تقديم الرأي على الشرع والهوى على العقل فالأول: أصل فتنة الشبهة والثاني : أصل فتنة الشهوة )
و هاتان الفتنتان قد تجتمعان على العبد و قد تفترقان فقد يكون العبد واقعا في الشهوات وليست عنده شبهات بل هو مجرد غلبة الشهوات فيكون عاصيا و يكون أمر أهون من الآخر لأن الأول عاص و الثاني مبتدع
 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 50

قال ابن القيم في الإعلام :
( البدع واتباع الهوى جالبة لكل شر والمقصود أنه سبحانه جمع بين الاستمتاع بالخلاق وبين الخوض بالباطل لأن فساد الدين إما أن يقع بالاعتقاد الباطل والتكلم به وهو الخوض أو يقع في العمل بخلاف الحق والصواب وهو الاستمتاع بالخلاق فالأول البدع والثاني اتباع الهوى وهذان هما أصل كل شر وفتنة وبلاء وبهما كذبت الرسل وعصي الرب ودخلت النار وحلت العقوبات فالأول من جهة الشبهات والثاني من جهة الشهوات ولهذا كان السلف يقولون احذروا من الناس صنفين صاحب هوى فتنه هواه وصاحب دنيا أعجبته دنياه )
........................................................
قال ابن الجوزي في صيد الخاطر :
( فصل لا تحم حول الحمى
من قارب الفتنة بعدت عنه السلامة. ومن ادعى الصبر، وكل إلى نفسه.
ورب نظرة لم تناظر !.
وأحق الأشياء بالضبط والقهر، اللسان والعين.
فإياك إياك أن تغتر بعزمك على ترك الهوى، مع مقاربة الفتنة. فإن الهوى مكايد.
وكم من شجاع في صف الحرب اغتيل فأتاه ما لم يحتسب ممن يأنف النظر إليه ! واذكر حمزة مع وحشي.
فتبصّر ولا تشم كلّ برقٍ ... ربّ برقٍ فيه صواعق حين
واغضض الطرف تسترح من غرام ... تكتسي فيه ثوب ذل وشين
فبلاء الفتى موافقة النف ... س وبدء الهوى طموح العين )
..............................................................
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله :
(والناس إنما يتميزون بأعمالهم لا بأقوالهم ، فرب ناطق بالحق وهو لا يحبه ولا يقبل أهله ، بل ربما نطق بالحق وهو لا يعرف حقيقة ما يقوله ، فعلى من نصح نفسه من أئمة المسلمين أن يبذلوا الجهد في إقامة الدين ، ويصرفوا الهمة إلى معرفة التوحيد بالصدق واليقين ، وأن يحملوا الناس على ذلك ويجاهدوهم على ما هنالك ، وأن يحبوا في ربهم ويبغضوا فيه ، ويعادوا لأجله ويوالوا فيه . وليحذروا من أمور ثلاثة توجب الذم والإثم والعقوبة :
الأول : ترك الحق بعد ظهوره وتبينه .
والثاني : التقصير في طلبه ليتبين له .
والثالث : الإعراض عن طلب معرفته لهوى أو كسلا أو نحو ذلك .
وهذه الثلاثة الأشياء هي الآفة العظمى ، ومن أجلها يضيع الدين .
وقد انقسم الناس في هذا الزمان إلى هذه الأقسام ، وكل قسم منهم معجب بنفسه ويظن أنه في رتبة الكمال من العلم والدين . وهذا من خداع الشيطان وغروره فلا حول ولا قوة إلا بالله ، وقد قال الله تعالى : { ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون . إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين } .
فتأمل هذه الآية وما فيها من الامتنان والترغيب في اتباع ما جعله الله عليه مما شرعه له ، وما فيها من التحذير والإنذار ، فما أعظم خطر هذا ، وما أحوج العبد إلى ذلك خصوصاً إن نظر العبد بعين البصيرة إلى ما انتحله أكثر الناس من الشرك بالله في عبادته ، وما جروا عليه من أنواع الظلم والفساد ، فما أكثر المغرورين بالجهل والأهواء وطاعة النفس والشيطان ، وقد حدثت هذه الأمور في هذه الأمة في زمن من سلف من الأئمة وبينوا ذلك وأنكروا وحذروا وأنذروا ، رحمة الله عليهم ، كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى وعفا عنه :
ولقد رأينا من فريق يدعي الـ *** إسلام شركا ظاهر التبيان
جعلوا له شركاء والوهم وسـا ***ووهم به في الحب لا السلطان
والله مـا ساووهـم بالله بل ***زادوا لهم حبا بلا كتمان )
................................................................
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 539 : 547
( لا فرق و لا أحزاب في الإسلام و إنما جماعة و خليفة
2739" قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، و كنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله ! إنا كنا في جاهلية و شر ، فجاءنا الله بهذا الخير [ فنحن فيه ] ، [ و جاء بك ] ، فهل بعد هذا الخير من شر [ كما كان قبله ؟ ] . [ قال : " يا حذيفة تعلم كتاب الله و اتبع ما فيه ، ( ثلاث مرات ) " . قال : قلت : يا رسول الله ! أبعد هذا الشر من خير ؟ ] . قال : " نعم . [ قلت : فما العصمة منه ؟ قال : "السيف " ] . قلت : و هل بعد ذلك الشر من خير ؟ ( و في طريق : قلت : و هل بعد السيف بقية ؟ ) قال : " نعم ، و فيه ( و في طريق : تكون إمارة ( و في لفظ : جماعة ) على أقذاء ، و هدنة على ) دخن " . قلت : و ما دخنه ؟ قال : " قوم ( و
في طريق أخرى : يكون بعدي أئمة [ يستنون بغير سنتي و ] ، يهدون بغير هديي ، تعرف منهم و تنكر ، [ و سيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين ، في جثمان إنس ]" . ( و في أخرى : الهدنة على دخن ما هي ؟ قال : " لا ترجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه " ) . قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : " نعم ، [ فتنة عمياء صماء ، عليها ] دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم إليها قذفوه فيها " . قلت : يا رسول الله ! صفهم لنا . قال : " هم من جلدتنا ، و يتكلمون بألسنتنا " . قلت : [ يا رسول الله ! ] فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال : " تلتزم جماعة المسلمين و إمامهم ، [ تسمع و تطيع الأمير و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك ، فاسمع و أطع ] " . قلت : فإن لم يكن لهم جماعة و لا إمام ؟ قال : " فاعتزل تلك الفرق كلها ، و لو أن تعض بأصل شجرة ، حتى يدركك الموت و أنت على ذلك " . ( و في طريق ) : " فإن تمت يا حذيفة و أنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم "
( و في أخرى ) : " فإن رأيت يومئذ لله عز وجل في الأرض خليفة ، فالزمه و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك ، فإن لم تر خليفة فاهرب [ في الأرض ] حتى يدركك الموت و أنت عاض على جذل شجرة " . [ قال : قلت : ثم ماذا ؟ قال : " ثم يخرج الدجال " . قال : قلت : فبم
يجيء ؟ قال : " بنهر - أو قال : ماء و نار - فمن دخل نهره حط أجره و وجب وزره ، و من دخل ناره وجب أجره و حط وزره " . [ قلت : يا رسول الله : فما بعد الدجال ؟ قال : " عيسى ابن مريم " ] . قال : قلت : ثم ماذا ؟ قال : " لو أنتجت فرسا لم تركب فلوها حتى تقوم الساعة " ] " .
قلت : هذا حديث عظيم الشأن من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم و نصحه لأمته ، ما أحوج المسلمين إليه للخلاص من الفرقة و الحزبية التي فرقت جمعهم ، و شتت شملهم ، و أذهبت شوكتهم ، فكان ذلك من أسباب تمكن العدو منهم ، مصداق قوله تبارك و تعالى : ( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم ) . و قد جاء مطولا و مختصرا من طرق ، جمعت هنا فوائدها ، و ضممت إليه زوائدها في أماكنها المناسبة للسياق )
ثم قال ( غريب الحديث :
1 - " السيف " أي تحصل العصمة باستعمال السيف . قال قتادة : المراد
بهذه الطائفة هم الذين ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في زمن خلافة الصديق رضي الله عنه . ذكره في " المرقاة " ( 5 / 143 ) و قتادة أحد رواة حديث سبيع عند عبد الرزاق و غيره .
2 - " بقية " أي من الشر أو الخير ، يعني هل يبقى الإسلام بعد محاربتنا إياهم ؟
3 - " أقذاء " قال ابن الأثير : جمع قذى و ( القذى ) جمع قذاة ، و هو ما يقع في العين و الماء و الشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك . أراد اجتماعهم يكون على فساد في قلوبهم ، فشبه بقذى العين و الماء و الشراب .
4 - " دخن " أي على ضغائن . قاله قتادة ، و قد جاءت مفسرة في
غير طريقه بلفظ : " لا ترجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه " كما ذكرته في المتن .
5 - " جذل " بكسر الجيم و سكون المعجمة بعدها لام ، عود ينصب لتحتك به الإبل . كذا في " الفتح " ( 13 / 36 ) .
6 - " فلوها " قال ابن الأثير : الفلو : المهر الصغير .
فائدة هامة : قال الحافظ ابن حجر عن الطبري : " و في الحديث أنه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزابا ، فلا يتبع أحدا في الفرقة و يعتزل الجميع إن استطاع ذلك خشية من الوقوع في الشر ، و على ذلك يتنزل ما جاء في سائر الأحاديث ، و به يجمع بين ما ظاهره الاختلاف منها "
.............................................................
أنواع الفتن :
تنقسم الفتنة باعتبارين الاعتبار الأول : المفتون و تنقسم إلى خاصة وعامة
الخاصة : هي ابتلاء المرء في خاصة نفسه بأهله و ماله و ولده و زوجه و جاره وتكون على ضربين الأول تقصير الإنسان تجاه من لهم حقوق عليه أو بظلمهم
قال البخاري حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ - رضى الله عنهما - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ أَعْطَانِى أَبِى عَطِيَّةً ، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لاَ أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى أَعْطَيْتُ ابْنِى مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً ، فَأَمَرَتْنِى أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا » . قَالَ لاَ . قَالَ « فَاتَّقُوا اللَّهَ ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ » . قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ .
و الثاني : شغله بهم عن طاعة الله أو فعله لأجلهم ما لا يحبه الله
أخرج الطبراني عَنْ يَعْلَى بن مُرَّةَ , أَنَّ حَسَنًا وَحُسَيْنًا أَقْبَلا يَمْشِيَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا جَاءَ أَحَدُهُمَا جَعَلَ يَدَهُ فِي عُنُقِهِ ، ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ فَجَعَلَ يَدَهُ الأُخْرَى فِي عُنُقِهِ ، فَقَبَّلَ هَذَا ، ثُمَّ قَبَّلَ هَذَا ، ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا ، أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ ". أخرجه أيضا الحاكم و ابن أبي شيبة و في بعض الروايات ( مجهلة محزنة )
قال المناوي : ( (إن الولد مبخلة مجبنة) بفتح الميم فيهما مفعلة أي يحمل أبويه على البخل ويدعوهما إليه حتى يبخلا بالمال لأجله ويتركا الجهاد بسببه )
و قال : ((إن الولد مبخلة) بالمال عن إنفاقه في وجوه القرب (مجبنة) عن الهجرة والجهاد (مجهلة) لكونه يحمل على ترك الرحلة في طلب العلم والجد في تحصيله لاهتمامه بتحصيل المال له (محزنة) يحمل أبويه على كثرة الحزن لكونه إن مرض حزنا وإن طلب شيئا لا قدرة لهما عليه حزنا فأكثر ما يفوت أبويه من الفلاح والصلاح بسببه فإن شب وعق فذلك الحزن الدائم والهم السرمدي اللازم )
و هذا النوع من الفتن تكفره الصلاة و الصيام
كما أخرج البخاري عن حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ - رضى الله عنه - فَقَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْفِتْنَةِ قُلْتُ أَنَا ، كَمَا قَالَهُ . قَالَ إِنَّكَ عَلَيْهِ - أَوْ عَلَيْهَا - لَجَرِىءٌ . قُلْتُ « فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِى أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ وَالنَّهْىُ »
قال النووي : (وَفِتْنَة الرَّجُل فِي أَهْله ، وَمَاله ، وَوَلَده ضُرُوب مِنْ فَرْط مَحَبَّته لَهُمْ ، وَشُحّه عَلَيْهِمْ ، وَشُغْله بِهِمْ عَنْ كَثِير مِنْ الْخَيْر ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : { إِنَّمَا أَمْوَالكُمْ وَأَوْلَادكُمْ فِتْنَة } أَوْ لِتَفْرِيطِهِ بِمَا يَلْزَم مِنْ الْقِيَام بِحُقُوقِهِمْ وَتَأْدِيبهمْ وَتَعْلِيمهمْ فَإِنَّهُ رَاعٍ لَهُمْ وَمَسْئُول عَنْ رَعِيَّته وَكَذَلِكَ فِتْنَة الرَّجُل فِي جَاره مِنْ هَذَا فَهَذِهِ كُلّهَا فِتَن تَقْتَضِي الْمُحَاسَبَة ، وَمِنْهَا ذُنُوب يُرْجَى تَكْفِيرهَا بِالْحَسَنَاتِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات } .)
قال ابن رجب : ( فظهر بهذا: أن الإنسان يبتلى بماله وولده وأهله وبجاره المجاور له، ويفتتن بذلك، فتارةً يلهيه الاشتغال به عما ينفعه في آخرته، وتارةً تحمله محبته على أن يفعل لأجله بعض ما لا يحبه الله، وتارةً يقصر في حقه الواجب عليه، وتارةً يظلمه ويأتي إليه ما يكرهه الله من قول أو فعل، فيسأل عنه ويطالب به.
فإذا حصل للإنسان شيء من هذه الفتن الخاصة، ثم صلى أو صام أو تصدق أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر كان ذلك كفارةً له، وإذا كان الإنسان تسوؤه سيئته، ويعمل لأجلها عملاً صالحاً كان ذلك دليلاً على إيمانه. وفي " مسند بقي بن مخلد" ، عن رجل سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما الإيمان يا رسول الله ؟ قال: (( أن تؤمن بالله ورسوله))، فأعادها ثلاثا، فقال له في الثالثة: (( أتحب أن أخبرك ما صريح الإيمان؟)) فقال: ذلك الذي أردت. فقال: (( إن صريح الإيمان إذا أسأت أو ظلمت أحداً: عبدك أو أمتك، أو واحداً من الناس، صمت أو تصدقت وإذا أحسنت استبشرت)).
العامة : هي الفتن المعضلة التي تموج موج البحر و تضطرب و يتبع بعضها بعضا كقطع الليل المظلم و هي ما يكون بين المسلمين من شجار عام و اقتتال قال ابن حجر ( و المراد بالفتنة ما ينشأ عن الاختلاف في طلب الملك حيث لا يعلم المحق من المبطل )
و هذا النوع هو الذي أخبر النبي أن الله أراه إياها و كان أولها الفتنة التي حدثت في عصر الخليفة الراشد ذي النورين عثمان رضي الله عنه من امتحانه بالتسلط عليه والمطالبة بخلعه من الإمامة ونسبة القبائح إليه و ما تبع ذلك من قتله والدخول على حرمه وما نشأ عنها من الاختلاف و الاقتتال و التكفير إلى يومنا هذا فلم تجتمع كلمة المسلمين من يومها إلى قيام الساعة إلا في عام الجماعة لما اجتمع الناس على معاوية رضي الله عنه بعد تنازل الحسن بن علي رضي الله عنه له عن الخلافة و لن تنتهي هذه الفتن إلا في خلافة المهدي و المسيح
و معلوم أن الفتن المعضلة إذا حدثت يتبع بعضها بعضا كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم
قال النووي : (وَقَوْله : ( الَّتِي تَمُوج كَمَا يَمُوج الْبَحْر أَيْ تَضْرِب وَيَدْفَع بَعْضهَا بَعْضًا . وَشَبَّهَهَا بِمَوْجِ الْبَحْر لِشِدَّةِ عِظَمِهَا ، وَكَثْرَة شُيُوعهَا .)
أخرج أحمد و ابن حبان عن أبي موسى الأشعري قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُحَدِّثُنَا « أَنَّ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ الْهَرْجَ ». قِيلَ وَمَا الْهَرْجُ قَالَ « الْكَذِبُ وَالْقَتْلُ ». قَالُوا أَكْثَرُ مِمَّا نَقْتُلُ الآنَ قَالَ « إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمُ الْكُفَّارَ وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضاً حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ وَيَقْتُلَ أَخَاهُ وَيَقْتُلَ عَمِّهُ وَيَقْتُلَ ابْنَ عَمِّهِ ». قَالُوا سُبْحَانَ اللَّهِ وَمَعَنَا عُقُولُنَا قَالَ « لاَ إِلاَّ أَنَّهُ يَنْزِعُ عُقُولَ أَهْلِ ذَاكُمُ الزَّمَانِ حَتَّى يَحْسِبُ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ عَلَى شَىْءٍ وَلَيْسَ عَلَى شَىْءٍ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ تُدْرِكَنِى وَإِيَّاكُمْ تِلْكَ الأُمُورُ ». وَمَا أَجِدُ لِى وَلَكُمْ مِنْهَا مَخْرَجاً فِيمَا عَهِدَ إِلَيْنَا نَبِيُّنَا -صلى الله عليه وسلم- إِلاَّ أَنْ نَخْرُجَ مِنْهَا كَمَا دَخَلْنَاهَا لَمْ نُحْدِثْ فِيهَا شَيْئاً. قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح رجاله ثقات قال الألباني : صحيح
هذا التقسمة هي التي ذكرها ابن رجب حيث قال :
(والفتنة نوعان: أحدهما: خاصة، تختص بالرجل في نفسه. والثاني: عامة، تعم الناس.)
...............................................................
ما من زمان إلا و الذي بعده أشر منه :
قال ابن حجر : ( عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِىٍّ قَالَ أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ « اصْبِرُوا ، فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِى عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِى بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ » . سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم
قَالَ اِبْن بَطَّال : هَذَا الْخَبَر مِنْ أَعْلَام النُّبُوَّة لِإِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَسَادِ الْأَحْوَال ، وَذَلِكَ مِنْ الْغَيْب الَّذِي لَا يُعْلَم بِالرَّأْيِ وَإِنَّمَا يُعْلَم بِالْوَحْيِ اِنْتَهَى . وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ هَذَا الْإِطْلَاق مَعَ أَنَّ بَعْض الْأَزْمِنَة تَكُون فِي الشَّرّ دُونَ الَّتِي قَبْلَهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ إِلَّا زَمَن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز وَهُوَ بَعْدَ زَمَن الْحَجَّاج بِيَسِيرٍ ، وَقَدْ اِشْتَهَرَ الْخَبَر الَّذِي كَانَ فِي زَمَن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز ، بَلْ لَوْ قِيلَ أَنَّ الشَّرّ اِضْمَحَلَّ فِي زَمَانه لَمَّا كَانَ بَعِيدًا فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُون شَرًّا مِنْ الزَّمَن الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ حَمَلَهُ الْحَسَن الْبَصْرِيّ عَلَى الْأَكْثَر الْأَغْلَب ، فَسُئِلَ عَنْ وُجُود عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز بَعْدَ الْحَجَّاج فَقَالَ : لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ تَنْفِيس . وَأَجَابَ بَعْضهمْ أَنَّ الْمُرَاد بِالتَّفْضِيلِ تَفْضِيل مَجْمُوع الْعَصْر عَلَى مَجْمُوع الْعَصْر فَإِنَّ عَصْر الْحَجَّاج كَانَ فِيهِ كَثِير مِنْ الصَّحَابَة فِي الْأَحْيَاء وَفِي عَصْر عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز اِنْقَرَضُوا ، وَالزَّمَان الَّذِي فِيهِ الصَّحَابَة خَيْر مِنْ الزَّمَان الَّذِي بَعْدَهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " خَيْر الْقُرُون قَرْنِي " وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، وَقَوْله " أَصْحَابِي أَمَنَة لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ " أَخْرَجَهُ مُسْلِم . ثُمَّ وَجَدْت عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود التَّصْرِيح بِالْمُرَادِ وَهُوَ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ ، فَأَخْرَجَ يَعْقُوب بْن شَيْبَة مِنْ طَرِيق الْحَارِث بْن حَصِيرَة عَنْ زَيْد بْن وَهْب قَالَ " سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود يَقُول : لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ يَوْم إِلَّا وَهُوَ شَرّ مِنْ الْيَوْم الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ حَتَّى تَقُوم السَّاعَة ، لَسْت أَعْنِي رَخَاء مِنْ الْعَيْش يُصِيبهُ وَلَا مَالًا يُفِيدُهُ وَلَكِنْ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ يَوْم وَإِلَّا وَهُوَ أَقَلّ عِلْمًا مِنْ الْيَوْم الَّذِي مَضَى قَبْلَهُ ، فَإِذَا ذَهَبَ الْعُلَمَاء اِسْتَوَى النَّاس فَلَا يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَر فَعِنْدَ ذَلِكَ يَهْلَكُونَ " وَمِنْ طَرِيق أَبِي إِسْحَاق عَنْ أَبِي الْأَحْوَص عَنْ اِبْن مَسْعُود إِلَى قَوْله " شَرّ مِنْهُ " قَالَ " فَأَصَابَتْنَا سَنَة خِصْب فَقَالَ لَيْسَ ذَلِكَ أَعْنِي إِنَّمَا أَعْنِي ذَهَاب الْعُلَمَاء " وَمِنْ طَرِيق الشَّعْبِيّ عَنْ مَسْرُوق عَنْهُ قَالَ " لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَان إِلَّا وَهُوَ أَشَرّ مِمَّا كَانَ قَبْلَهُ أَمَا إِنِّي لَا أَعْنِي أَمِيرًا خَيْرًا مِنْ أَمِير وَلَا عَامًا خَيْرًا مِنْ عَام وَلَكِنْ عُلَمَاؤُكُمْ وَفُقَهَاؤُكُمْ يَذْهَبُونَ ثُمَّ لَا تَجِدُونَ مِنْهُمْ خَلَفًا ، وَيَجِيء قَوْم يُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ " وَفِي لَفْظ عَنْهُ مِنْ هَذَا الْوَجْه " وَمَا ذَاكَ بِكَثْرَةِ الْأَمْطَار وَقِلَّتهَا وَلَكِنْ بِذَهَابِ الْعُلَمَاء ، ثُمَّ يَحْدُث قَوْم يُفْتُونَ فِي الْأُمُور بِرَأْيِهِمْ فَيَثْلِمُونَ الْإِسْلَام وَيَهْدِمُونَهُ " وَأَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ الْأَوَّل مِنْ طَرِيق الشَّعْبِيّ بِلَفْظِ " لَسْت أَعْنِي عَامًا أَخْصَب مِنْ عَام " وَالْبَاقِي مِثْله وَزَادَ " وَخِيَاركُمْ " قَبْلَ قَوْله " وَفُقَهَاؤُكُمْ " وَاسْتَشْكَلُوا أَيْضًا زَمَان عِيسَى بْن مَرْيَم بَعْدَ زَمَان الدَّجَّال ، وَأَجَابَ الْكَرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْمُرَاد الزَّمَان الَّذِي يَكُون بَعْدَ عِيسَى ؟ أَوْ الْمُرَاد جِنْس الزَّمَان الَّذِي فِيهِ الْأُمَرَاء ، وَإِلَّا فَمَعْلُوم مِنْ الدِّين بِالضَّرُورَةِ أَنَّ زَمَان النَّبِيّ الْمَعْصُوم لَا شَرّ فِيهِ . قُلْت : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالْأَزْمِنَةِ مَا قَبْلَ وُجُود الْعَلَامَات الْعِظَام كَالدَّجَّالِ وَمَا بَعْدَهُ وَيَكُون الْمُرَاد بِالْأَزْمِنَةِ الْمُتَفَاضِلَة فِي الشَّرّ مِنْ زَمَن الْحَجَّاج فَمَا بَعْدَهُ إِلَى زَمَن الدَّجَّال ، وَأَمَّا زَمَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَلَهُ حُكْم مُسْتَأْنَف وَاَللَّه أَعْلَم . وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالْأَزْمِنَةِ الْمَذْكُورَة أَزْمِنَة الصَّحَابَة بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ هُمْ الْمُخَاطَبُونَ بِذَلِكَ فَيَخْتَصّ بِهِمْ ، فَأَمَّا مَنْ بَعْدَهُمْ فَلَمْ يُقْصَد فِي الْخَبَر الْمَذْكُور ، لَكِنَّ الصَّحَابِيّ فَهِمَ التَّعْمِيم فَلِذَلِكَ أَجَابَ مَنْ شَكَا إِلَيْهِ الْحَجَّاج بِذَلِكَ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّبْرِ ، وَهُمْ أَوْ جُلّهمْ مِنْ التَّابِعِينَ . وَاسْتَدَلَّ اِبْن حِبَّان فِي صَحِيحه بِأَنَّ حَدِيث أَنَس لَيْسَ عَلَى عُمُومه بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَة فِي الْمَهْدِيّ وَأَنَّهُ يَمْلَأ الْأَرْض عَدْلًا بَعْدَ أَنْ مُلِئَتْ جَوْرًا ، ثُمَّ وَجَدْت عَنْ اِبْن مَسْعُود مَا يَصْلُح أَنْ يُفَسَّر بِهِ الْحَدِيث وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ بِسَنَدٍ حَسَن عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ " لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ عَام إِلَّا وَهُوَ شَرّ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ ، أَمَا إِنِّي لَسْت أَعْنِي عَامًا " .)
............................................................
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى :
(فبين الله سبحانه أن الحسنة من الله ينعم بها عليهم وأن السيئة أنما تصيبهم بذنوبهم ولهذا قال تعالى (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) فأخبر أنه لا يعذب مستغفرا لأن الإستغفار يمحو الذنب الذي هو سبب العذاب فيندفع العذاب كما في سنن أبى داود وابن ماجه عن النبي أنه قال : ( من أكثر الإستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب )
وقد قال تعالى (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ )
فبين أن من وحده واستغفره متعه متاعا حسنا إلى أجل مسمى ومن عمل بعد ذلك خيرا زاده من فضله وفى الحديث ( يقول الشيطان : أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والإستغفار فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء فهم يذنبون ولا يتوبون لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )
ولهذا قال تعالى (فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا) أي فهلا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا فحقهم عند مجيء البأس التضرع وقال تعالى (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76) ) قال عمر بن عبد العزيز : ( ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة ) ولهذا قال تعالى (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175))
فنهي المؤمنين عن خوف أولياء الشيطان وأمرهم بخوفه وخوفه يوجب فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه والإستغفار من الذنوب وحينئذ يندفع البلاء وينتصر على الأعداء فلهذا قال رضي عنه : ( لا يخافن عبد إلا ذنبه وإن سلط عليه مخلوق فما سلط عليه إلا بذنوبه )
فليخف الله وليتب من ذنوبه التي ناله بها ما ناله كما في الأثر يقول الله ( أنا الله مالك الملوك قلوب الملوك ونواصيهم بيدي من أطاعني جعلتهم عليه رحمة ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة فلا تشتغلوا بسب الملوك وأطيعوني أعطف قلوبهم عليكم )
......................................................

النهي عن استشراف الفتنة :
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِى ، وَالْمَاشِى فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِى ، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ ، فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ » رواه مسلم
قال النووي : (أَمَّا ( تَشَرَّفَ ) فَرُوِيَ عَلَى وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ : أَحَدهمَا بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة فَوْق وَالشِّين وَالرَّاء ، وَالثَّانِي يُشْرِف بِضَمِّ الْيَاء وَإِسْكَان الشِّين وَكَسْر الرَّاء ، وَهُوَ مِنْ الْإِشْرَاف لِلشَّيْءِ ، وَهُوَ الِانْتِصَاب وَالتَّطَلُّع إِلَيْهِ وَالتَّعَرُّض لَهُ . وَمَعْنَى ( تَسْتَشْرِفهُ ) تَقْلِبهُ وَتَصْرَعهُ . وَقِيلَ : هُوَ مِنْ الْإِشْرَاف بِمَعْنَى الْإِشْفَاء عَلَى الْهَلَاك ، وَمِنْهُ أَشْفَى الْمَرِيض عَلَى الْمَوْت وَأَشْرَفَ .
وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَنْ وَجَدَ مِنْهَا مَلْجَأ ) أَيْ عَاصِمًا وَمَوْضِعًا يَلْتَجِئ إِلَيْهِ وَيَعْتَزِل ، فَلْيَعُذْ بِهِ أَيْ : فَلْيَعْتَزِلْ فِيهِ .
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْقَاعِد فِيهَا خَيْر مِنْ الْقَائِم ... إِلَى آخِره ) فَمَعْنَاهُ بَيَان عَظِيم خَطَرهَا . وَالْحَثّ عَلَى تَجَنُّبهَا وَالْهَرَب مِنْهَا ، وَمِنْ التَّشَبُّث فِي شَيْء ، وَأَنَّ شَرّهَا وَفِتْنَتهَا يَكُون عَلَى حَسَب التَّعَلُّق بِهَا .)
قال المناوي : ((القاعد فيها) أي القاعد في زمنها عنها (خير من القائم لأن القائم يرى ويسمع ما لا يراه ولا يسمعه القاعد فهو أقرب إلى الفتنة منه (والقائم فيها) يعني القائم بمكانه في تلك الحالة (خير من الماشي) في أسبابها (والماشي فيها خير من الساعي) إليها أي الذي يسعى ويعمل فيها قال النووي : القصد بيان عظم خطرها والحث على تجنبها والهرب منه والتسبب في شئ منها وأن شرها يكون على حسب التعلق بها (من تشرف لها) بفتح المثناة والمعجمة والتشديد تطلع إليها أي الفتنة (تستشرفه) أي تجره لنفسها وتدعوه إلى الوقوع فيها والتشرف التطلع واستعير هنا للإصابة بشرورها (ومن وجد فيها ملجأ) أي عاصما أو موضعا يلتجئ إليه ويعتزل إليه (أو معاذا) بفتح الميم والذال المعجمة شك من الراوي أي محلا يعتصم به منها (فليعذ به) وفي رواية لمسلم فليستعذ أي ليذهب إليه ليعتزل فيه ومن لم يجد فليتخذ سيفا من خشب والمراد أن بعضهم أشد في ذلك من بعض فأعلاهم الساعي لإثارتها فالقائم بأسبابها وهو الماشي فالمباشر لها وهو القائم فمن يكون مع النظارة ولا يقاتل وهو القاعد فمن لم يفعل شيئا لكنه راض وهو القائم وهذا تحذير من الفتنة وحث على تجنبها وأن شرها يكون بحسب التعلق بها والمراد بها الاختلاف في طلب الملك حيث لم يعلم المحق من المبطل )

قال بعض الحكماء: من سد فم الفتنة كفي شرها، ومن أضرم نارها صار طعاماً لها.)
........................................................
 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 51

قال الشيخ الإمام الحافظ ابن بطة العكبري : ( فالفتن على وجوه كثيرة ، وضروب شتى قد مضى منها في صدر هذه الأمة فتن عظيمة ، نجا منها خلق كثير عصمهم الله فيها بالتقوى ، وجميع الفتن المضلة المهلكة المضرة بالدين والدنيا فقد حلت بأهل عصرنا ، واجتمع عليهم مع الفتن التي هم فيها التي أضرموا نارها ، وتقلدوا عارها الفتن الماضية والسابقة في القرون السالفة ، فقد هلك أكثر من ترى بفتن سالفة ، وفتن آنفة ، اتبعوا فيها الهوى ، آثروا فيها الدنيا ، فعلامة من أراد الله به خيرا ، وكان ممن سبقت له من مولاه الكريم عناية أن يفتح له باب الدعاء باللجاء والافتقار إلى الله عز وجل بالسلامة والنجا ، ويهب له الصمت إلا بما لله فيه رضى ولدينه فيه صلاح ، وأن يكون حافظا للسانه ، عارفا بأهل زمانه ، مقبلا على شأنه ، قد ترك الخوض والكلام فيما لا يعنيه ، والمسألة والإخبار بما لعله أن يكون فيه هلاكه ، لا يحب إلا لله ، ولا يبغض إلا لله ، فإن هذه الفتن والأهواء قد فضحت خلقا كثيرا ، وكشفت أستارهم عن أحوال قبيحة ، فإن أصون الناس لنفسه أحفظهم للسانه ، وأشغلهم بدينه ، وأتركهم لما لا يعنيه )
قال أيضا : ( فرحم الله عبدا آثر السلامة ، ولزم الاستقامة ، وسلك الجادة الواضحة ، والسواد الأعظم ، ونبذ الغلط والاستعلاء ، وترك الخوض والمراء والدخول فيما يضر بدينه والدنيا ، ولعله أيضا مع هذا لا يسلم من فتنة الشهوة والهوى)
..............................................
تعريف الفتنة
أصل الفتنة في اللغة الابتلاء و الامتحان و الاختبار و هو مأخوذ من إذابة الذهب و الفضة بالنار ليتميز الرديء من الجيد
قال ابن الأثير : (يقال : فَتَنْتُه أفْتِنُه فَتْناً وفُتُنونا إذا امْتَحَنْتَه . ويقال فيها : أفْتَنْتُه أيضا وهو قليل )
قال ابن سيده : ( وفَتَنْته أَفْتِنه فَتْناً كلُّه سواءٌ والاسم الفِتْنة والجمع فِتَن )
وقال أيضا: (قال سيبويه: إذا قال أفَتْنتُه فقد تعرَّض لفَتِنَ وإذا قال فَتْنته فلم يتعرَّض لفَتِن )
و قال : ( ولذلك قالوا فتنْت الرجلَ وأفْتنته، فمن قال فتَنْته أراد جعلت فيه فِتْنةً، ومن قال أفْتنته أي جعلته فاتنا، يقال فَتَنَ الرَّجل فهو فاتِنٌ )
قال ابن فارس : ((فتن) الفاء والتاء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على ابتلاء واختبار. من ذلك الفِتْنة. يقال: فتَنْتُ أفتِنُ فَتْناً. وفَتَنْتُ الذّهبَ بالنّار، إذا امتحنتَه. وهو مفتونٌ وفَتِين.)
قال الجوهري : ( الفِتْنَةُ: الامتحان والاختبار. تقول: فَتَنْتُ الذهبَ، إذا أدخلتَه النار لتنظر ما جودته.)
قال الأزهري : ( جِمَاعُ معنى الفِتنةِ في كلام العرب الابتلاء والامتحان وأصلها مأخوذ من قولك فَتَنْتُ الفضة والذهب إذا أذبتهما بالنار ليتميز الرديء من الجيد، ومن هذا قول الله جل وعز: )يومَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُون( أي يُحرقون بالنار، ومن هذا قيل للحجارة السود التي كأنها أحرقت بالنار: الفَتينُ. )
قال الفيومي : ( وَأَصْلُ الْفِتْنَةِ مِنْ قَوْلِكَ فَتَنْتُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ إذَا أَحْرَقْتَهُ بِالنَّارِ لِيَبِينَ الْجَيِّدُ مِنْ الرَّدِيءِ )
قال الطبري : (وقد بينت فيما مضى أن أصل"الفتنة" الابتلاءُ والاختبار)
ثم استعملت في معاني أخرى ذكرها أصحاب المعاجم تصل إلى أكثر من ثلاثة عشر وجها
قال ابن الأثير : ( وقد كَثُر استِعمالها فيما أخْرَجه الاخْتِبارُ للْمكْرُوه ثم كَثُر حتى اسْتُعْمِل بمعنى الإثْم والكُفْر والقِتال والإحْرَاق والإزَالة والصَّرف عن الشيء .)
قال ابن منظور : (قال ابن الأَعرابي : الفِتْنة الاختبار والفِتْنة المِحْنة والفِتْنة المال والفِتْنة الأَوْلادُ والفِتْنة الكُفْرُ والفِتْنةُ اختلافُ الناس بالآراء والفِتْنةُ الإِحراق بالنار وقيل الفِتْنة في التأْويل الظُّلْم يقال فلان مَفْتُونٌ بطلب الدنيا قد غَلا في طلبها)
قال الحربي في غريب الحديث :
( باب فتنة ثم ذكر بإسناده عَنْ أُسَامَةَ بنِ زيدٍ قَالَ : أَشْرَفَ النَّبِىَّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ المَدِينَةِ فَقَالَ : إِنَّى لأَرَى الفَتَنَ خَلاَلَ بُيُوتِكُم كَمَواقِعِ القَطْرِ
ثم ذكر بإسناده ِ عَنْ قَيْلَةَ بِنْتِ مَخْرَمَةَ عَنِ النَّبِىَّ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ : المُسْلِمُ أَخْو المُسْلِمِ يِسَعُهُمَا المَاءُ وَالشَّجَرُ وَيَتَعَاوَنَانِ عَلَى الفُتَّانِ قوله : أَرَى الفِتَنَ كَمَواقِعِ القَطْرِ : وَاحِدَتُهَا فِتْنَةٌ وَلَهَا وُجُوهٌ )
ثم ذكر منها أحد عشر وجها و الذي يهمنا الآن استعمالها بمعنى المحن و البلايا و القتل و الحروب و اختلاف الناس في الآراء و اضطراب الأمور
قال الحربي : ( والوَجْهُ الحادي عَشَرَ : الفِتْنَةُ : القَتلُ . فّذَلِكَ قَوْلُهُ : إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) وَفى يُونُسَ ( على خَوْفٍ مِنْ فِرْعَونَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ) يَقْتُلَهُمْ وقوله : أَرَى الفِتَنَ خَلاَلَ بُيُوتِكُمُ تَكُونُ الحُرُوبُ وَالقَتْلُ واَلاخْتِلاَفُ الَّذِى يَكُونُ فِى النَّاسِ )
قال الأزهري : (والفتنة القتل ومنه قول الله جل وعز: (إن خِفْتُم أَنْ يَفْتِنَكُم الَّذِينَ كَفَرُوا) وكذلك قوله في سورة يونس: (على خوف من فرعون وملأهم أن يفتنهم) يفتنهم أي يقتلهم، وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إني أرى الفتن خلال بيوتكم " فإنه يكون القتل والحروب والاختلاف الذي يكون بين فرق المسلمين إذا تحزَّبَوا ويكون ما يُبْلون به من زينة الدنيا وشهواتها فيُفتنون بذلك عن الآخرة، والعمل لها.)
قال المناوي في فيض القدير : (بين يدي الساعة فتن) أي حروب وفساد في الأهواء والاعتقادات والمذاهب والمناصب)
و قال : ((ستكون فتن) بكسر ففتح وفي رواية فتنة بالإفراد والمراد الاختلاف الواقع بين أهل الإسلام بسبب افترائهم على الإمام ولا يكون المحق فيها معلوما بخلاف زمان علي ومعاوية
......................................................
 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 52

وإنما سُمِّيت الشبهة شُبهةً لاشتباه الحقِّ بالباطلِ فيها؛ فإنها تلبِسُ ثوبَ الحقِّ على جسمِ الباطلِ
وأمَّا صاحبُ العلمِ واليقينِ ؛ فإنه لا يغترُّ بذلك، بل يُجاوِزُ نَظرَهُ إلى باطِنها فينكشفُ له حقيقتُها، ومثالُ هذا: الدرهم الزَّائف؛ فإنَّه يغترُّ به الجاهلُ بالنقد نظراً إلى ما عليه من لباسِ الفضَّةِ والنّاقدُ البصيرُ يُجاوزُ نَظَرَهُ إلى ما وراءَ ذلكَ فيطَّلعُ على زيفهِ
.....................................
قال البربهاري : (( و إذا أردت الاستقامة على الحق و طريق أهل السنة فاحذر الكلام و اصحاب الكلام و الجدال و المراء و القياس و المناظرة في الدين فإن استماعك منهم - و إن لم تقبل منهم - يقدح الشك في القلب و كفى به قبولا فتهلك و ما كان زندقة قط و لا بدعة و لاهوى و لا ضلالة الا من الكلام و الجدال و المراء و القياس و هي ابواب البدعة و الشكوك
.....................................
قال الراغب الاصفهاني : (( كره للعامة أن يجالسوا أهل الأهواء و البدع , لئلاَّ يغووهم , فالعامي اذا خلا بذوي البدع كالشاة اذا خلا بها السبع ))
و قال الأوزاعي - رحمه الله - : (( ولا تمكنوا صاحب بدعة من جدال , فيورث قلوبكم من فتنة ارتياباً ))
و قال الحسن البصري : (( لا تمكن أذنيك من صاحب هوى , فيمرض قلبك ))
........................................
قال الإمام البربهاري رحمه الله : و لا يحلّ أن تكتم النصيحة للمسلمين-برهم و فاجرهم- في أمر الدين، فمن كتم فقد غشّ المسلمين، و من غشّ المسلمين فقد غشّ الدين، و من غشّ الدين فقد خان الله و رسوله و المؤمنين
(شرح السنة/ص29-30/دار الآثر)
.............................................
قال أبو العيناء /
من كانَ يملكُ درهمينِ تعلمتْ ... شفتاه أنواعَ الكلامِ فقالا
وَتقَدَّمَ الفصحاءَ فاستمعوا له ... ولرأيتُه بين الورى مُخْتالا
لولا دراهمُهُ التي في كيسِهِ ... لرأيته شَرَّ البريةِ حالا
إِن الغنيَّ إِذا تكلمَ كاذباً ... قالوا : صدقْتَ وما نطقْتَ مُحالا
وإِذا الفقيرُ أصابَ قالوا : لم ... يُصِبْ وكذبْتَ يا هذا وقُلْتَ ضلالا
...........................................
قال أبو العتاهية :
( أرَى الدّنْيَا لمَنْ هيَ في يَدَيْهِ ** عَذاباً ، كُلّما كَثُرَتْ لَدَيْهِ )
( تُهينُ المُكرِمينَ لهَا بصُغْرٍ ** وَتُكرِمُ كلّ مَن هانَتْ علَيهِ )
( إذا استَغنَيتَ عَن شيءٍ ، فدَعهُ ** وخذ ما أنتَ محتاج إليهِ )
.............................................
يمشي الفقير وكل شيء ضده ... والناس تغلق دونه أبوابها
وتراه مبغوضا وليس بمذنب ... ويرى العداوة لا يرى أسبابها
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة ... خضعت لديه وحركت أذنابها
وإذا رأت يوما فقيرا عابرا ... نبحت عليه وكشرت أنيابها
..............................................
العِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـانِ
..............................................
إخوتى ..
رحل الكرى عن مقلتي وجفاني *****وتقرحت لرحيلكم أجفاني
نفسي تتوق إلى اللقاء فإنه*****يزداد عند لقائكم إيماني
قد كنت أطمع باجتماع دائم *****واليوم أقنع باللقاء ثواني
ماقلت زوراً حين قلت أحبكم *****مالحب إلا الحب في الرحمن
...................................................
قال الشيخ السحيمى « فاعلم يا أخي أني لم أر الجدال والمناقضة والخلاف والمماحلة والأهواء المختلفة والآراء المخترعة من شرائع النبلاء ، ولا من أخلاق العقلاء ، ولا من مذاهب أهل المروءة ، ولا مما حكي لنا عن صالحي هذه الأمة ، ولا من سير السلف ، ولا من شيمة المرضيين من الخلف ، وإنما هو لهو يتعلم ، ودراية يتفكه بها ، ولذة يستراح إليها ، ومهارشة العقول ، وتذريب اللسان، وضراوة على التغالب ،واستمتاع بظهور حجة المخاصم ،
...................................................
للحق نور باهر، وجمال ساحر، ولليقين برد وسلام، وطمأنينة وراحة بال.
ولكن النفوس الناشئة في بيئة خاسرة، أو الغارقة في أهواء سافلة يقف أمامها الحق، فتخاله باطلاً، وتتعرض لها الفضيلة، فتحسبها شيئاً منكراً.

والعاقل الذي يحترم نفسه، ويسعى لراحة ضميره، وإبراء ذمته - لا يعدل بالحق شيئاً، ولا يبغي عنه حولاً.
.................................................
العلم دواء الفتن، لأن الفتنة تجيء من جهة الاشتباه، والشبهة يزيلها العلم، أي أن يعرف المرء الفتنة من غيرها، لأنه إذا اشتبه عليه أمرها لم يأمن التورط فيها، وما وقع شبابنا اليوم في دواهي النوازل إلا بسب الجهل والاخذ عن انصاف المتعلمين، وكم ترى فيهم من حماسة لكن بغير علم-نسأل الله السلامة لنا جميعا -
...............................................
علم الأباعر
قال ابن القيم في كتابه مفتاح دار السعادة[ج1/ص115]
زوامل للأسفار لاعلم عندهم -------- يجيدها إلا كعلم الأباعر
لعمرك مايدري البعير إذا غدا ------- بأوساقه أو راح مافي الغرائر
 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 53

الحرية حرية القلب والعبودية عبودية القلب

'كل من علق قلبه بالمخلوقات أن ينصروه، أو يرزقوه، أو أن يهدوه؛ خضع قلبه لهم وصار فيه من العبودية له بقدر ذلك، وإن كان في الظاهر أميراً لهم متصرفاً بهم، فالعاقل ينظر إلى الحقائق لا إلى الظواهر،
فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن، واستعباد القلب أعظم من استعباد البدن، فإن من استعبد بدنه واسترق لا يبالي إذا كان قلبه مستريحاً من ذلك مطمئناً، وأما إذا كان القلب الذي هو الملك رقيقاً مستعبدا بغير الله عز وجل، فهذا هو الذل والأسر الحقيقى

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يقول شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله :
( كلما ازداد القلب لله حباً؛ ازداد له عبودية، وكلما ازداد له عبودية؛ ازداد له حباً وحرية عمن سواه – لا يكون القلب عبداً أسيراً لأحد من المخلوقين لا امرأة ولا أحد من الناس –
ويقول:

( إن في القلب وحشة لا يذهبها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته، وفيه فاقه –يعني: فقر- لا يذهبه إلا صدق اللجوء إليه، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تذهب تلك الفاقة أبداً .. )
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
من مواعظ ابن الجوزى
يا من أجدبت أرض قلبه ، متى تهب ريح المواعظ فتثير سحاباً ، فيه رعود و تخويف
، و بروق و خشية ، فتقع قطرة على صخرة القلب فيتروى و يُنبت ....
.....
كلامك
مكتوب ، و قولك محسوب ، و انت يا هذا مطلوب ، و لك ذنوب و ما تتوب ، و شمس
الحياة قد اخذت في الغروب فما أقسى قلبك من بين القلوب ...
.....
يا مقيمين سترحلون ، يا غافلين عن الرحيل ستظعنون ، يا مستقرين ما تتركون ، أراكم متوطنين تأمنون المنون ......
.....
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
'فالقلب لا يصلح، ولا يفلح، ولا يُسر ولا يطيب، ولا يطمئن ولا يسكن إلا بعبادة ربه وحبه والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن؛ إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه من حيث هو معبوده ومحبوبة ومطلوبة'(الفتاوى 10 /193 - 194]
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
جاء فى ((تهذيب الرياسة)) (ص 94):
(( نظام أمر الدين والدنيا مقصود، ولا يحصل ذلك إلا بإمام موجود.
لو لم نقل بوجوب الإمامة؛ لأدى ذلك إلى دوام الاختلاف والهرج
لو لم يكن للناس إمام مطاع؛ لانثلم شرف الإسلام وضاع.
لو لم يكن للأمة إمام قاهر؛ لتعطلت المحاريب والمنابر، وتعطلت السبل للوارد والصادر.
لو خلا عصر من إمام؛ لتعطلت فيه الأحكام، وضاعت الأيتام، ولم يُحج البيت الحرام. لولا الأئمة والقضاة والسلاطين والولاة؛ لما نكحت الأيامى ولا كفلت اليتامى.
لولا السلطان؛ لكان الناس فوضى، ولأكل بعضهم بعضا )).
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
من روائع الشوكانى فى رده على الزمخشرى ـ كما فتح القدير -
وأما الطعن على صاحب رسول الله ، وحافظ سنته ، وعابد الصحابة ، عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، فإلى أين يا محمود ، أتدري ما صنعت ، وفي أيّ واد وقعت ، وعلى أي جنب سقطت؟ ومن أنت حتى تصعد إلى هذا المكان ، وتتناول نجوم السماء بيديك القصيرة ، ورجلك العرجاء ؟ ، فيالله العجب ما يفعل القصور في علم الرواية ، والبعد عن معرفتها إلى أبعد مكان من الفضيحة لمن لم يعرف قدر نفسه ، ولا أوقفها حيث أوقفها الله سبحانه .
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
قال الشهرستانى معلنا تبرؤه وتوبته من منهج أهل الرأى والفلسفة

لقد طفت في تلك المعاهد كلها *** وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أرَ إلا واضعاً كف حائر *** على ذقن أو قارعاً سن نادم

ورد عليه الإمام الصنعاني ـ رحمه الله ـ فقال :

لعلك أهملت الطواف بمعهد *** الرسول ومن لاقاه من كل عالم
فما حار من يهدي بهدي محمد *** ولست تراه قارعاً سن نادم
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
قال أويس القرني – رحمه الله - :

إن قيام المؤمن بأمر الله لم يُبق له صديقا، والله إنا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيتخذوننا أعداء، ويشتمون أعراضنا، ويجدون على ذلك من الفاسقين أعوانا، حتى والله لقد رموني بالعظائم، والله لا يمنعني ذلك أن أقول بالحق .
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

يقول العلامة البشير الابراهيمي ـ رحمه الله
"إنّ دينكم شوهته الأضاليل، وإنّ سيرة نبيكم غمرتها الأباطيل، وإن كتابكم ضيعته التآويل، فهل لكم يا شباب الإسلام أن تمحوا بأيديكم الطاهرة الزيف والزيغ عنها، وتكتبوه في نفوس الناس جديداً كما نزل، وكما فهمه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" ( الآثار: 4/271).
 
رد: ألف ليلة وليلة

الليلة 54

اعلم أيها السلفى
أنَّ صاحب الباطل لا يمكن أن يأت بباطل محض، لأنَّ ذلك لا يخفى على الناس، ولا يمكن له بذلك أن يصل إلى مآربه، لهذا يحرص صاحب الباطل دوماً إلى إدخال شيء من الحق في باطله، فبما فيه من الحق يلتبس الأمر على الناس، وهذا ما يفعله دعاة التمييع فى هذه الاوقات العصيبة التى تمر بها هذه الامة المرحومة ...فاحذروا فليس كل ما يلمع ذهبا وليس كل مدور خبزا فلا تحسب الشحم فيمن شحمه ورم وليس كل من تعمم ولباس ثياب أهل العلم فهو من أهل العلم فلا يعجبنك زهد زاهد ولا قراءة قارئ حتى تعلم عقيدته ومنهجه
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اعلم أن الزمان لا يثبت على حال [وَتِلْكَ الأيَّامُ ُندَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِِ]
فيوم فرح ويليه حزن ويوم غنى ويليه فقر ..... فالسعيد من لازم أصلا واحداً على كل حال,وهو -تقوى الله عز وجل-
فإنه أن استغنى زانته
وأن افتقر فتحت له أبواب الصبر , وأن
عوفي تمت النعمة عليه,
وأن ابتلى جّملته ,ولا يضره أن نزل به الزمان أو صعد ,أو أعراه أو أشبعه أو أجاعه,
والتقوى أصل السلامة وهى حارس لاينام ,
فالزم لتقوى دوما فإنك لا ترى في الضيق إلا السعة , وفي المرض إلاالعافية, هذا نقدها العاجل.و الآجل معلوم
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

الذين يعارضون الكتاب والسنة بما يسمونه عقليات من الكلاميات والفلسفيات ونحو ذلك إنما يبنون أمرهم في ذلك على أقوال مشتبهة مجملة تحتمل معاني متعددة، ويكون ما فيها من الاشتباه لفظاً ومعنى يوجب تناولها لحق وباطل
وهذا منشأ ضلال مَنْ ضل من الأمم قبلنا، وهو منشأ البدع، فإنَّ البدعة لو كانت باطلاً محضاً لظهرت وبانت وما قبلت، ولو كانت حقاً محضاً لا شوب فيه لكانت موافقة للسنة، فإنَّ السنة لا تناقض حقاً محضاً لا باطل فيه، ولكن البدعة تشتمل على حق وباطل
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : (( واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بينا ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق )) اقتضاء الصراط المستقيم
وقال عبد الله بن المبارك – رحمه الله – : ((نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم )) مدارج السالكين
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
حكم قول بعض الخطباء :
(الحمد لله القائل) .
قال العلامة العثيمين:
(..لي تعليق على هذه الخطبة :
"الحمد لله القائل.." هذه يستعملها كثير من الناس !
و أنا ما رأيتها مستعملةً لا في السُنّة ، ولا في كلام الصحابة ، و لا في كلام الأئمة -فيما نعلم- ؛ فإذا قلت :
" الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره .." ، و حافظت على الوارد ، كان هذا أولى...
فأعِدِ الخطبة على غير الوجه الذي ذكرت .
القارئ: أُغَيّر ؟!
الشيخ : غَيّر غَيّر ، و التغيير إلى الخير خير)اهـ.
(فتاوى الحرم المكي) 1414 هـ شريط (5) الوجه أ.
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
والواجب على المسلم أن لا يغتر بالدنيا ؛ فإن صحيحها يسقم ، وجديدها يبلى ، ونعيمها يفنى ، وشبابها يهرم ، وهو فيها في سير إلى الدار الآخرة ، الآجال منقوصة ، والأعمال محفوظة ، والموت يأتي بغتة ؛ فمن زرع خيراً فيوشك أن يحصد ثوابه وأجره ، ومن زرع شراً فيوشك أن يحصد ندامة وحسرة ، ولكل زارعٍ ما زرع.

اللهم بارك لنا في أوقاتنا وأعمارنا وأعمالنا ، وهيئ لنا من أمرنا رشداً ، ووفِّقنا لاغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات ، وحبب لنا فعل الخيرات وبُغض المنكرات
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إن الإنسان في هدمٍ لعمره منذ خرج من بطن أمه بل هو - كما قال الحسن البصري - أيام مجموعة ؛ فكلما ذهب يوم ذهب بعض الإنسان وجزء منه، اليوم منه يهدم الشهر، والشهر يهدم السنة، والسنة تهدم العمر، وكل ساعة تمضي من العبد فهي مُدْنِيَةٌ له من الأجل ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " ما ندمتُ على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي " وهذا من شدة حرصه على الوقت ، قال الحسن رحمه الله : "أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم "
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

(( ... الصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة ..

فإنها إما أن توجب ألماً وعقوبةً، وإما أن تقطع لذة أكمل منها، وإما تضيع وقتاً إضاعته حسرة وندامة، وإما أن تثلم عرضاً توفيره أنفع للعبد من ثلمه .

وإما أن تذهب مالاً بقاؤه خير له من ذهابه، وإما أن تضع قدراً وجاهاً قيامُه خير من وضعه، وإما أن تسلب نعمة بقاؤها ألذ و أطيب من قضاء الشهوة، وإما أن تطرق لوضيع إليك طريقاً لم يكن يجدها قبل ذلك، وإما أن تجلب هماً، وغماً، وحزناً، وخوفاً لا يقارب لذة الشهوة .
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

قال إبن تيمية رحمه الله تعالى : و قد اتفق أهل العلم بالأحوال، إن أعظم السيوف التي سُلت على أهل القبلة
ممن ينتسب إليها، و أعظم الفساد الذي جرى على المسلمين ممن ينتسب إلى أهل القبلة
إنما هو من الطوائف المنتسبة إليه . (المجموع 28 / 479)
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
قال الشيخ رسلان...
فمن أجودِ ما جادتْ به قرائحُ أهلِ العلمِ والأدبِ في بيانِ صيانةِ أهلِ العلمِ للعلمِ, ورعايتهم جانبَهُ, وركونهم إلى صَرْحِ عِزِّهِ: قصيدةُ القاضي أبي الحسنِ علي بن عبدِ العزيزِ الجُرجانيِّ - رحمه الله تعالى -, وهي قصيدة عصماءُ في وصفِ العالِمِ الأَبِيِّ, والاعتزازِ بالعلمِ, وسُمُوِّ الهمَّةِ. هذه هي :
يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما ** رأوا رجلاً عن موقفِ الذلِّ أحجما... إلى نهاية القصيدة

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يا أهل البدعة ....
لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم =وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا
الله يعلم أنا لا نحبُّكمُ = ولا نلومكمُ إن لم تحبونا
كل له نيةٌ في بغضٍ صاحبه = بنعمةٍ الله نُقليكم وتقلونا
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أيُّ تغيير لا يأخُذُ بزمامِه ورثةُ الأنبياءِ أعنى- العُلماء الرَّبَّانيِّين- فهو عُرضة للفشل ، وقد يستَغرب هذا الكلام مَن لم تلتصق ثقافتُه بالوحي أو مَن صار لُقمةً سائغةً لوسائل الإعلام تصقُل ذهنَه وأفكارَه وتصوُّراتِه ، وأمَّا مَن لازمَ الكتاب والسنة علم يقينًا أنَّه هو التَّغيير المطلوب فليس منَ الحكمَة أن يعيشَ أحدٌ عمرًا طويلاً لا يسأمُ فيه منَ المطالبة باستِبدال حاكم أو تغيير حكومَةٍ ، ولا يلتفتُ يومًا إلى نفسه يعاتبُها ويلومُها ويُصلح ما بينَه وبين ربِّه سبحانه
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
 
أعلى